الهجوم على رفح.. هل يشكل بداية انهيار العلاقة بين الاحتلال والولايات المتحدة؟
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
قالت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، إن صبر الرئيس الأمريكي جو بايدن على الأعمال العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة بدأ ينفد".
وذكرت الصحيفة في تقريرها، "أن تصريحات بايدن الأخيرة إشارات إلى مصير رفح كنقطة تحوّل محتملة في العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، والصراع في المنطقة".
وبينت الصحيفة البريطانية، "أن تجاهل إسرائيل تحذير بايدن حول شن هجوم عنيف على رفح، من دون الأخذ بالاعتبار أرواح المدنيين، يعد سببا كافيا لإلحاق الضرر بالجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين، علاوة على أنه سيكون عامل انهيار للعلاقات المتوترة أصلاً بين بايدن وتنياهو".
وأضافت، "بعد أيام فقط من وصفه سلوك إسرائيل في الرد على هجوم حماس بأنه تخطى السقف، قدم الرئيس الأمريكي طلبا محددا وإجابة فورية، حتى يوم الاثنين".
وأوضحت الصحيفة، "أن بايدن لم يذكر تفاصيل عواقب الهجوم الإسرائيلي، ولم يدن هجوم رفح المحتمل بعبارات صريحة، كبقية حلفاء الولايات المتحدة، أستراليا وكندا ونيوزيلندا، الذين حذروا من أن العملية ستكون كارثية".
لكنه ذكر، يوم الجمعة، "أن توقعاته هي ألا يقوم الإسرائيليون بأي غزو بري واسع النطاق، في الوقت الذي تستمر فيه المفاوضات لوقف مؤقت لإطلاق سراح المحتجزين لدى حركة حماس".
ورأت الصحيفة، "أن هذه التصريحات الفظة تشير إلى مصير رفح كنقطة تحوّل محتملة في العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، والصراع في الشرق الأوسط".
وقالت، "إن واشنطن ضغطت مؤخرا على إسرائيل للسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة، والعمل مع السلطة الفلسطينية لوضع خطة ما بعد الحرب، وكانت واشنطن تأمل وتتوقع أن تكون إسرائيل قد حوّلت عملياتها الآن إلى استراتيجية أقل كثافة لمكافحة الإرهاب لكن في ما يتعلق برفح، يبدو أنها تخطط لفعل عكس ذلك تماما".
وأردفت الصحيفة، "إذا تجاهلت إسرائيل تحذير بايدن وشنت هجوما قاسيا على رفح، من دون الأخذ بالاعتبار أرواح المدنيين، فإن ذلك سيضر بالجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين، والمحاولات الدبلوماسية للتوسط في تسوية أوسع للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، الذي طال أمده".
وأكدت، "أن ذلك قد يؤدي أيضا إلى وصول العلاقة المتوترة بين بايدن ونتنياهو لنقطة الانهيار ويهدد برد فعل عنيف أوسع من الديمقراطيين في الكونغرس، حيث يأمل الرئيس الأمريكي تعزيز دعم الحزب، قبل محاولة إعادة انتخابه في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل".
وبحسب الصحيفة، "فإن الأسوأ من ذلك، استمرار تحدي إسرائيل، وإحجام الولايات المتحدة عن استخدام نفوذها عليها، سيؤجج الشكوك في مدى تأثير واشنطن حقا في منطقة سعت للسيطرة عليها لعقود، ويشوّه صورتها في العالمين العربي والإسلامي".
ونقلت "فاينانشال تايمز" عن فالي نصر، أستاذ الشؤون الدولية ودراسات الشرق الأوسط في كلية الدراسات الدولية بجامعة جونز هوبكنز قوله، "إن التصور السائد هو أن الولايات المتحدة لا تستطيع ولن تمارس ضغوطا كافية على إسرائيل لتحقيق مرادها، ويمكن لإسرائيل أن تقاوم بسهولة القوة العظمى الأكثر أهمية في العالم والمتبرع الرئيسي لها".
وأضاف، "تبدو الولايات المتحدة ضعيفة أمام العالم، وخصوصاً في الشرق الأوسط. إنها تبدو ضعيفة في بيتها".
من جانبه شكك جيسون كرو، عضو الكونغرس الديمقراطي من كولورادو في النهج الأمريكي قائلا، "لقد أذهلني بصراحة هذا النهج. لا أعرف ما الذي يحاولون تحقيقه".
وبين كرو، "أن بايدن بحاجة إلى أن يكون أكثر حزما مع نتنياهو، كما أن الوقت قد حان لنكون واضحين للغاية، فنقول إن الولايات المتحدة لن تدعم هجوما بريا في رفح. إذ سيؤدي ذلك إلى عرقلة فرص السلام وسيعرقل فرصنا في تأمين صفقة الأسرى وسيكون الأمر صعباً للغاية بالنسبة إلى الأمن القومي الأمريكي في المنطقة".
وترى الصحيفة، "أن الجواب في الكونغرس، حيث يظل دعم إسرائيل الحجر الأساس الذي لا يتزعزع للسياسة الخارجية الأمريكية، فقد صوّت نحو 70 عضوا من أصل 100 عضو في مجلس الشيوخ لصالح مشروع قانون بايدن لتمويل الأمن القومي بقيمة 95 مليار دولار، هذا الأسبوع، والذي تضمن أموالاً لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان".
وتابعت، "من غير الواضح ما إذا كان التشريع سيمرر من مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون، لكن عدم اليقين هذا يرجع أساسا إلى رد الفعل العنيف على المساعدات الأوكرانية، وليس المساعدات الإسرائيلية، والتعنت على سياسات الهجرة على الحدود مع المكسيك".
وأشارت، "إلى أن البيت الأبيض اتخذ بعض الخطوات النادرة بفرض عقوبات مالية على أربعة مستوطنين إسرائيليين بسبب العنف المتطرف في الضفة الغربية المحتلة".
كما صدرت الأسبوع الماضي "مذكرة أمن قومي" تشترط استخدام أي مساعدات عسكرية أمريكية وفقا للقانون الإنساني الدولي، ملمحة إلى تطبيق أكثر صرامة للقوانين الأميركية التي يمكن أن تفرض شروطاً على مبيعات الأسلحة لإسرائيل.
وأكدت الصحيفة، "أن إدارة بايدن لم تكن مستعدة للذهاب إلى أبعد من ذلك بكثير، ولم تهدد بوقف المساعدات العسكرية، وتواصل الضغط على الكونغرس للموافقة على أكثر من 14 مليار دولار كمساعدات لإسرائيل، كذلك لم تتحرك للاعتراف رسميا بدولة فلسطينية، الأمر الذي من شأنه أن يعزز التزام الولايات المتحدة حلَّ الدولتين، الذي تعارضه إسرائيل".
بدوره قال دينيس روس، مفاوض السلام السابق في الشرق الأوسط، "يميل بايدن إلى أن يكون مباشرا جدا، خصوصا على انفراد، لذلك لا أعتقد أنه يترك الكثير للخيال".
وعلى الرغم من إحباطهم المتزايد فإن مسؤولي إدارة بايدن لم يجدوا بحسب الصحيفة، بديلا فوريا للعمل مع نتنياهو، ويفهمون أنه قد يكون محاورهم الوحيد إذا أرادوا إنهاء الحرب، عاجلا وليس آجلا.
وأوضحت الصحيفة، أن "السؤال أمام بايدن هو: ما التكلفة السياسية التي قد تكون للحفاظ على الوضع الراهن مع إسرائيل، حيث يتجه إلى معركة صعبة لإعادة انتخابه هذا الخريف، ربما ضد دونالد ترامب؟".
وذكرت أن مزاج الرأي العام من دعم بايدن "لإسرائيل"، قد تغير كما تشير استطلاعات الرأي.
واستدركت، "أن ما يزيد الأمور تعقيدا بالنسبة لبايدن، أن المجتمعات العربية الأمريكية، التي تصوت تقليديا للديمقراطيين في الولايات المتأرجحة الرئيسية، مثل ميشيغن، قد تعاني من إقبال منخفض أو تشهد حصة أكبر من الأصوات لمرشحي الطرف الثالث، حيث يحتج السكان على السياسة الأمريكية".
والأسبوع الماضي، سافر العديد من كبار مساعدي بايدن، بمن فيهم نائب مستشار الأمن القومي جون فاينر، إلى ميشيغن لمعالجة مخاوفهم. وفي تسجيل مسرب، قال فاينر إنّ إدارة بايدن خلّفت "انطباعا ضارا" حول كيفية تقدير الولايات المتحدة لحياة الفلسطينيين، وأعرب عن أسفه إزاء "الخطوات الخاطئة" للإدارة في التعامل مع الصراع.
ومت وجهة نظر التقرير، "فإن مثل هذا الندم قد يكون بلا معنى إذا كانت إدارة بايدن عاجزة عن منع عملية رفح. وقد يتمدد اليأس داخل ائتلاف بايدن، خصوصاً بين الشباب الذين يميلون إلى التعاطف مع الفلسطينيين".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة رفح الولايات المتحدة الولايات المتحدة غزة الاحتلال رفح عملية عسكرية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الشرق الأوسط إدارة بایدن
إقرأ أيضاً:
ماذا تأثير إقالة غالانت على العلاقة بين حكومة نتنياهو وإدارة بايدن؟
نشر موقع "موندويس" تقريرًا يسلط الضوء على تداعيات قرار بنيامين نتنياهو بإقالة وزير الحرب يوآف غالانت على الصراع في غزة والعلاقات الإسرائيلية الأمريكية، موضحًا أن غالانت قيّد توسيع الحرب الإقليمية ضد إيران، وأن تعيين يسرائيل كاتز بدلاً منه يعزز سيطرة نتنياهو على وزارة الحرب ويزيد من احتمالية تصاعد العنف في المنطقة.
وقال الموقع في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن غالانت كان على "قائمة أهداف" نتنياهو منذ فترة طويلة، لكنه كان مترددًا في إقالته في وقت تخوض فيه "إسرائيل" صراعا عسكريا على عدة جبهات. فما الذي دفعه لإقالته الآن؟
الاعتبارات الداخلية
اعتبر الموقع أن قرار نتنياهو لا يتعلق بالاعتبارات العسكرية، بل بالسياسة الداخلية؛ حيث يشهد ائتلافه خلافًا حادًا حول مشروع قانون مدعوم بقوة من حزب التوراة اليهودية الموحد، والذي من شأنه أن يسمح لرجال المتدينين المتشددين (الحريديم) بالاستمرار في الحصول على إعانات رعاية الأطفال.
والغرض الأساسي من مشروع القانون هو الالتفاف على القوانين الجديدة التي تقضي بأن يخدم الحريديم، الذين طالما تم إعفاؤهم من الخدمة العسكرية الإلزامية، في الجيش مثلهم مثل غيرهم من المواطنين.
لم يكن غالانت العضو الوحيد الذي يعارض مشروع القانون في الائتلاف الحاكم، لكنه كان المعارض الأبرز، وهذا تذكير واضح بأن غالانت من القلائل في دائرة الحكم الذين لا يتملقون لنتنياهو، وقد عارض نتنياهو علنًا في السابق، ويرى نتنياهو هذه المرة أن هناك حاجة ملحة لإقالته قبل تولي الإدارة الأمريكية القادمة السلطة، حسب الموقع.
أما يسرائيل كاتس فهو مخلص لنتنياهو إلى حد كبير، لكنه لا يتمتع بخبرة عسكرية كبيرة، وهو ما سيكون مصدر قلق في "إسرائيل"، إذ لم يعمل في الجيش منذ أكثر من 45 سنة ولم يخدم في وزارة الحرب حتى ولو بصفة مدنية.
وأضاف الموقع أن من الواضح أن تعيين كاتس يهدف إلى فرض سيطرة نتنياهو الكاملة على وزارة الحرب، كما أن إقالة غالانت كانت انتقامًا وتحذيرًا شديد اللهجة لأي عضو من ائتلافه الحاكم قد يفكر في معارضته في التشريعات الحاسمة.
المخاوف الأمنية
أكد الموقع أن المخاوف الأمنية كانت هي المحرك الأساسي الذي دفع غالانت لارتكاب الإبادة الجماعية في غزة والعمليات في لبنان وسوريا واليمن وإيران، ورغم أنه يعلم أنه سيُحاسب على الإخفاقات الإسرائيلية الهائلة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، لكن الاعتبارات الشخصية لا تحركه مثل نتنياهو.
بالنسبة لغالانت، كانت الإبادة الجماعية هي الرد المناسب على أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وقد كان هو من أصدر القرار بمنع دخول المواد الغذائية والماء والكهرباء والدواء وجميع الضروريات لأولئك الذين وصفهم بـ"الحيوانات البشرية" في غزة.
لكنه أيضًا أراد إنهاء العمليات عندما شعر أنه تم تحييد حماس فعليًا، ولم يكن ذلك من منطلق حرصه على حياة الفلسطينيين، بل لأنه فهم أن ذلك يصب في مصلحة "إسرائيل".
أما كاتس فإنه لن يعارض على الأرجح قرارات نتنياهو -وفقا للموقع-، كما أن التغييرات المرتقبة في القيادة العسكرية الإسرائيلية لعبت دورًا في هذا القرار وتوقيته.
وتفيد بعض المصادر أن رئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي قد يتنحى قريبًا من منصبه، ومن المرجح أن يستبدله نتنياهو بالجنرال إيال زامير، الذي كان مقربًا من نتنياهو لسنوات عديدة، وعمل كسكرتير عسكري له، ويشغل حاليًا منصب نائب رئيس هيئة الأركان.
ماذا يعني ذلك بالنسبة للمنطقة؟
أوضح الموقع أنه مع خروج غالانت من المشهد، أصبح الضغط الدولي الكبير أكثر إلحاحا، إذا أن وزير الحرب المُقال الذي لا مشكلة لديه في ذبح عشرات الآلاف من الفلسطينيين الأبرياء، كان يرى الأمور من منظور أمني، وإن كان منظورًا وحشيًا.
أما نتنياهو فلديه هواجس أخرى، فهو يريد إطالة أمد الحرب لتأجيل محاكمته في قضايا الفساد، كما أنه يمضي قدمًا في ما يسمى بالـ"الانقلاب القضائي"، ويريد شركاؤه في الائتلاف اليميني أن تحقق "إسرائيل" نصرًا عسكريًا إقليميًا وتهزم إيران وتصبح قوة مهيمنة في المنطقة بلا منازع.
وتابع الموقع أن "إسرائيل" اتخذت بالفعل خطوات لتعزيز الإبادة الجماعية في غزة، وزيادة العنف في الضفة الغربية، وتدمير لبنان، ومحاولة فرض الهيمنة على إيران، وكان غالانت يطرح أسئلة حول هذه الاستراتيجية طويلة الأمد قبل أن يتخلص منه نتنياهو.
وهذا لا يعني -حسب الموقع- الاتجاه نحو التصعيد بالضرورة، لكنه يجعل التهدئة أقل احتمالًا، إذ يرى نتنياهو أن الوقت في صالحه وأن انتهاء الحرب تهديد أكبر من استمرارها بالنسبة له، ومع وجود شخصيات مثل كاتس وزامير، وبعد إزاحة "المتمرد" غالانت، سيواجه معارضة أقل من السابق في تنفيذ أجندته.
ماذا يعني ذلك في واشنطن؟
أشار الموقع إلى أن يوآف غالانت كان نقطة التواصل الرئيسية بين إدارة جو بايدن وحكومة نتنياهو، وكان يحظى بالقبول في واشنطن، وقد عمل على تطوير العلاقة إلى درجة أن الأمريكيين كانوا يلجؤون إليه أحيانًا للضغط على نتنياهو.
خلال الفترة المتبقية من ولايته، سيتعامل بايدن مع شخص مقرب من نتنياهو، ومن المرجح أن يلعب رون ديرمر، وهو أحد المقربين لنتنياهو، دور الوسيط بين الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية.
واعتبر الموقع أن ذلك قد يؤدي إلى بعض التوترات العلنية والفتور في العلاقة، لكنه لن يُترجم إلى تغييرات في السياسة الأمريكية.
ومن المتوقع بعد رحيل غالانت أن يصبح نتنياهو أقل اكتراثا بإدارة بايدن الضعيفة، ولكن الأهم من ذلك هو أن الأمر يتعلق بالإدارة المقبلة، حيث يمكن لرئيس الوزراء الإسرائيلي أن يوطد علاقته الشخصية مع ترامب، ويتعامل معه مباشرة، ولا يضع في الحسبان أي أطراف أخرى.