تقنيون لـ"الرؤية": نموذج "جيميني" ثورة تقنية في عالم الذكاء الاصطناعي التوليدي
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
◄ إطلاق "جيميني" بثلاث نسخ مطورة وبأكثر من 40 لغة
◄ "جيميني" قادر على التعامل مع البيانات الضخمة والتعليمات البرمجية المتنوعة
◄ الكلباني: النموذج قادر على فهم المحتوى البصري وتحليله
◄ الزكواني: "جيميني" يستطيع محاكاة فهم الإنسان للنصوص والصور
◄ النموذج لديه القدرة على تعليم المهارات واللغات المختلفة حسب مستوى المستخدم
الرؤية - سارة العبرية
تسابق الشركات التكنولوجية العملاقة الزمن للوصول إلى نماذج متطورة من الذكاء الاصطناعي، في ظل ما يشهده العالم من تطورات سريعة وثورة ضخمة في مجال التقنيات، وهو ما أثار قلق البعض بسبب التحديات التي قد تواجه البشر في التعامل مع الآلات الذكية.
ومن أبرز الطفرات التي تحققت في هذا المجال، هو ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي حيث لم يقتصر الأمر على فهم اللغة فحسب؛ بل تطور ليشمل القدرة على التحليل والاستنتاج بطرق تشبه إلى حد كبير التفكير البشري.
ومن الأمثلة على هذا النوع من الذكاء الاصطناعي هو Google Gemini، والذي يعد النموذج الأكثر تقدمًا والأحدث بين النماذج التي طورتها شركة Google والذي أتى بديلاً عن نموذجها Bard.
وتشير بعض المصادر إلى أن قوة هذا النموذج تكمن في التدريب على مجموعة بيانات ضخمة من النصوص والتعليمات البرمجية، والتي يعتقد بأنها تتجاوز 1.56 تريليون معلومة متجاوزًا GPT-4 بنحو 13%، ما يعكس قدرته على الفهم والتعلم مستفيدا من مجموعة واسعة من البيانات تشمل النصوص والصور والفيديوهات من خدمات Google المختلفة، مثل البحث ويوتيوب ما يؤهله لفهم وتحليل المحتوى المتنوع بشكل فعّال.
وأُطلق "جيميني" يوم 7 فبراير بثلاث نسخ: Ultra، Pro، وNano، مصممة للعمل على مختلف الأجهزة ومتاح بأكثر من 40 لغة ومن بينها اللغة العربية، وفي أكثر من 170 دولة حول العالم؛ حيث النسخة Ultra أو Gemini Advanced غير المجانية (19.99 دولار) مخصصة للمهام المعقدة وتفوقت في بعض اختبارات الذكاء الاصطناعي على GPT-4.
أما النسخة pro 1.5 الصادرة كتحديث من إصدارها الأولي Pro 0.1 يوم 15 من الشهر الجاري والتي توازن بين الأداء والقابلية للتوسع أتت بميزات تجعل منها خيار مثالياً للاستخدام بين مختلف النماذج المجانية؛ حيث يمكن من خلالها رفع ملفات PDF وتحليلها وتحليل مقاطع فيديو طويلة ومقاطع صوت تصل مدتها لساعات، علماً بأنَّ هذه النسخة هي بديلاً لنموذج Bard المتاح للجمهور حول العالم، بالإضافة إلى نسخة Nano المتاحة فقط على الهاتف الذكي Google Pixel 8 Pro، المصمم للعمل على الأجهزة المحمولة ويدعم ميزات مثل الردود الذكية وغيرها من الخدمات غير المعقدة.
ويقول سعيد بن محمد الكلباني أخصائي خدمات رقمية: "تستند النماذج التوليدية في الذكاء الاصطناعي إلى تقنيات التعلم الآلي، والتعلم العميق، والشبكات العصبية الذكية في تكوينها وآلية عملها، و Gemini، على سبيل المثال دمج فيه تقنيات متقدمة لمعالجة اللغة الطبيعية، مما يمنحه القدرة على تفسير ومُعالجة اللغة بكفاءة للتعامل مع الاستفسارات والبيانات والنصوص بمختلف أنواعها".
ويضيف: "كما يتميز بقدرته على التعرف وفهم المحتوى البصري، ممكنًا إياه من استيعاب الرسوم البيانية والتصاميم المعقدة دون الحاجة إلى الاعتماد على تقنيات التعرف الضوئي على الحروف".
ويشير الكلباني إلى أن هذه الخصائص تحول Gemini إلى أداة مُتميزة لتحليل النصوص والصور بدقة عالية، مما يفتح المجال لاستخدامه في طيف واسع من الخدمات والتطبيقات التي توفرها Google، مبينا: "على سبيل المثال يمكن للمستخدم أن يتفاعل مع Gemini لأغراض تعلم اللغات من خلال التفاعل معه وتخصيص تجربته حسب ما يناسبه ويمكن للنموذج تقييم التعلم والأداء بشكل عام".
من جهته، يوضح المهندس رائف بن علي الزكواني مدرب معتمد ومختص في الذكاء الاصطناعي، أن اللغات التي يدعمها تطبيق جيميني يأتي على رأسها العربية والإنجليزية واليابانية والكورية، إذ يتميز نموذج الذكاء الاصطناعي بالقدرة الكبيرة والإمكانيات العالية في فهم البيئة ومحاكاة فهم الإنسان للنصوص والصور والفيديوهات والصوتيات وحتى أكواد البرمجة، كما له قدرة في التحليل والاستنتاجات كأوراق بحثية بسرعة ودقة أكثر.
ويضيف: "يمكن للمستخدمين تخصيص تجربتهم في التطبيق جيميني وذلك عبر محاكاة وتجسيد شخصية ونبرة صوت واللغة المرغوبة في التحدث عند إنشاء محتوى إبداعي أو فني أو أدبي أو تقني، وفقًا لتفضيلات المستخدم، كما أن جيميني يستخدم تقنيات الترجمة الآلية لترجمة النصوص من لغة إلى أخرى، ويعتمد على نموذج لغة كبير (LLM-MMLU) تم تدريبه على مجموعة بيانات ضخمة من النصوص والشفرات في مختلف اللغات، مما يتيح لهذا النموذج من جيميني فهم اللغة بشكل عميق وتوليد نصوص جديدة".
ويلفت الزكواني إلى أنه "رغم فوائد جيميني، إلا أنه قد يعرض معلومات غير دقيقة أو غير ملائمة للموضوع المطروح، ويجري تطوير جيميني بشكل مُستمر، ولا يزال غير قادر على أداء جميع المهام بشكل مثالي في الوقت الحالي".
وبالنسبة لتوليد الصور، يبيّن الزكواني: "ينشئ صورًا واقعية أكثر بعكس chatGPT، ولكن ChatGPT يفوز عندما يتعلق الأمر بإنشاء صور تتطابق بشكل وثيق مع ما يطلبه المستخدم باستخدام هندسة الأوامر prompting".
مصدر للتعلم
ويذكر سعيد الكلباني أنه يمكن أن يكون Gemini مصدراً للتعلم والتدريب في مختلف الجوانب الأكاديمية والتربوية والأدبية من خلال التفاعل مع هذا النموذج المتقدم، موضحا: "رغم أن جوجل لم تطلق حتى الآن ميزة بناء الوكلاء المخصصين مثل OpenAI وغيرها، إلا أن المستخدم يمكنه أن يستخدم أو يتعلم من خلال Gemini حسب ما يناسبه".
ويبيّن الكلباني: "يمكن للمستخدم أن يختار اللغة التي تناسبه للاستخدام أو حتى تعلمها، وتحديد مستوى التعلم سواء كان مبتدئا أو متقدما، واختيار نوع الأنشطة والأساليب والطرق، فعلى سبيل المثال، نفترض بأن مستخدما أراد تعلم اللغة اليابانية بواسطة Gemini؛ فالأمر يتطلب منه أن يدخل مطالبة تحدد هدفه ومستواه في اللغة والأسلوب الذي يفضله للتعلم وأنواع الأنشطة ومستواها ومجالاتها، وكل ذلك يكون من خلال نص يكتبه بلغته الأم ويقدمه لنموذج Gemini وسوف يستجيب النموذج لذلك، كما يمكن للمستخدم التفاعل وتوجيه النموذج حسب المتغيرات التي تطرأ أثناء التعلم، باختصار يمكن أن يكون Gemini معلماً ومرشداً وموجهاً ومقيماً لعملية التعلم".
قدرات "جيميني"
ويوضح الكلباني أن المستخدم هو المحرك والموجه الرئيس لقدرات أي نموذج لغوي، فعلى سبيل المثال عند استخدام Gemini لتعلم اللغة اليابانية، فإن المستخدم يمكن أن يوجه النموذج لتوفير خطة وبرنامج يتعلم من خلالهما اللغة حسب مستواه، إذ يركز Gemini على تعلم اللغات حسب المستوى المستهدف من خلال بناء محتوى يهدف إلى مساعدة المستخدم على تعلم كيفية التواصل بفاعلية باللغة التي يتعلمها، وإعداد الأنشطة التي تساعد على استخدام اللغة في العالم الحقيقي، والتعلم بأساليب مُمتعة وفعّالة من خلال الأنشطة التفاعلية.
ويمكن لنموذج Gemini مساعدة المستخدمين على تحسين مهارات النطق بتقديم العديد من التمارين التي تساعد على تعلم كيفية نطق الكلمات بشكل صحيح، وتقديم أمثلة من المتحدثين الأصليين، وملاحظات في الوقت الفعلي مما يضفي على العملية التعليمية التي يخوضها المستخدم الكثير من النشاط والشمول.
ويضيف: "تتطلب أي عملية تعلم وجود أنشطة تقييم تتناسب مع مستوى المحتوى المقدم للتعلم وأيضاً مع مستوى وتقدم المتعلم في العملية، وعليه يمكن للمستخدم أن يعتبر Gemini معلماً له ويطلب منه أن يقيم مستواه في بداية مشوار التعلم، ومن ثم يقدم له المحتوى بناءً على تلك النتيجة ويمكن أن يكون المحتوى بأسلوب قصصي أو حواري أو ضمن لعبة تفاعلية نصية"، مضيفا أنه بعد التفاعل مع المحتوى يمكن للمستخدم أن يطلب أنشطة تقييميه مختلفة ومنوعه كأسئلة قصيرة وأخرى طويلة واختيار من متعددة والإكمال وغيرها.
ويبين الكلباني: "لإثبات فاعلية Gemini في تعليم اللغات للمبتدئين، قمنا بعمل اختبار للنموذج بتوجيهه لإنشاء محتوى باللغة الإنجليزية مناسب لمتعلم مبتدئ بعمر 7 سنوات ويكون المحتوى ضمن قصة مرتبطة برحلة سياحية في سلطنة عُمان، وقمنا بتوجيه النموذج إلى تقديم أسئلة لتقييم فهم المتعلم للقصة ومدى إلمامه بمجموعة من الكلمات الواردة في القصة، فكانت النتيجة كتقييم عام ممتازة من حيث دقة المحتوى وارتباطه بمستوى المتعلم وتعدد الكلمات وعدد الأسئلة وتنوعها التي على المستخدم الإجابة عليها وتكشف مدى فهمه، وعلاوة على ذلك عمل النموذج على تقييم إجابات المتعلم وإصدار تقرير حول أدائه المرتبط بأسئلة التقييم".
ويختم حديثه قائلا: "يبرز Gemini كأداة تعليمية وتحليلية متميزة، وبذلك فهو يُتيح الفرصة للمستخدمين ليس فقط للتعلم بطرق مُبتكرة وفعّالة؛ بل وأيضًا لتقييم التقدم وتخصيص التجربة التعليمية حسب احتياجاتهم الفردية، حيث يمثل Gemini مع النماذج اللغوية الأخرى خطوة واسعة في حاضر أصحبت فيه التكنولوجيا شريكًا أساسيًا في رحلة التعلم والاستكشاف".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يكتب ملاحظات المجتمع في منصة إكس
أبوظبي (الاتحاد) أحدثت منصة إكس التابعة لإيلون ماسك، بلا شك، تحولًا في آليات التحقق من المعلومات على وسائل التواصل الاجتماعي، عبر إطلاق ميزة "ملاحظات المجتمع"، التي وفّرت نظامًا جماعيًا يُمكّن المستخدمين من الإسهام بوجهات نظر متنوعة حول مدى موثوقية بعض المنشورات.
منصة إكس تعتزم السماح للذكاء الاصطناعي بكتابة هذه الملاحظات، وتهدف المنصة من خلال هذه الخطوة إلى تسريع نشر الملاحظات التوضيحية على المنشورات وتوسيع نطاقها، مع الحفاظ على الدقة والحيادية.
ميزة "ملاحظات المجتمع Community Notes" في منصة إكس تهدف إلى مكافحة المعلومات المضللة وتعزيز الشفافية، وذلك من خلال تمكين المستخدمين من إضافة ملاحظات توضيحية على المنشورات التي قد تحتوي على معلومات غير دقيقة أو مضللة.
كشفت منصة إكس عن أدوات تطوير جديدة تتيح للمبرمجين إنشاء "كتّاب ملاحظات آليين" بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى أن هذه الأدوات ستُستخدم حاليًا في وضع اختبار، ولن تُنشر أي ملاحظة مكتوبة بالذكاء الاصطناعي من دون مراجعة واعتماد.
هذه الميزة لا تزال قيد التجربة، ولن تُطرح للجمهور إلا بعد أسابيع من الاختبار والتقييم.
ومن المقرر قبول أول دفعة من "كُتّاب الملاحظات الآليين" في وقت لاحق من هذا الشهر، ليبدأ بعدها ظهور الملاحظات التي أُنشئت بالذكاء الاصطناعي أمام المستخدمين.
أوضحت منصة إكس أن هذه الميزة الجديدة قد تسهم في تطوير نماذج ذكاء اصطناعي أكثر دقة وأقل تحيّزًا، من خلال الاستفادة من تقييمات المستخدمين للملاحظات المنشورة، مما يخلق "دورة تحسين متواصلة" تعزز كفاءة تلك الميزة.
أخبار ذات صلةوستخضع الملاحظات التي تكتبها نماذج الذكاء الاصطناعي إلى تقييم أولي عبر نظام مفتوح المصدر وآلي يُقيّم مدى صلة الملاحظة بالموضوع، ويرصد إذا كانت تنطوي على إساءة أو غيره. ويعتمد هذا التقييم على بيانات سابقة من مساهمي مجتمع الملاحظات.
وأكدت منصة إكس أن "التحكم ما زال بيد البشر"، لكن دور العنصر البشري يبدو مقتصرًا على تقييم الملاحظات بعد نشرها، من خلال نظام التصويت والتغذية الراجعة.
ولتوفير الشفافية، سوف تُميّز كل ملاحظة أُنشئت بالذكاء الاصطناعي بوضوح عند عرضها للمستخدمين. كما أوضحت الشركة أن الذكاء الاصطناعي لن يُستخدم إلا على المنشورات التي طُلبت لها ملاحظات مجتمعية سابقًا، في حين تتجه المنصة مستقبلًا إلى توسيع نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي ضمن نظام التحقق من المحتوى.
لكن هذه الخطوة لا تخلو من الجدل، فبحسب ورقة بحثية صدرت هذا الأسبوع عن فريق "Community Notes"، يوصى بأن يعمل الذكاء الاصطناعي جنباً إلى جنب مع البشر، خصوصاً طلاب الماجستير في القانون (LLM)، لتعزيز دقة المحتوى عبر التعلم المعزز ومراجعة بشرية نهائية قبل النشر.
ويؤكد الباحثون: "هدفنا ليس خلق مساعد ذكي يوجه المستخدمين إلى ما يجب أن يعتقدوه، بل تمكينهم من التفكير النقدي وفهم الواقع بشكل أعمق".
بوجه عام، بينما تسعى منصة إكس إلى تحسين الأداء والكفاءة عبر الذكاء الاصطناعي، تبقى الحاجة ملحة إلى رقابة بشرية واعية تكافح نشرالمعلومات الزائفة المقنّعة.
ولكن تبقى هناك أسئلة جوهرية، من أبرزها: هل ستكون الملاحظات التي يكتبها الذكاء الاصطناعي دقيقة بقدر تلك التي يكتبها البشر؟.