ليس إيران أو أمريكا.. تحليل يورد السبب الحقيقي لرغبة السعودية للتطبيع مع إسرائيل
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
لماذا تريد السعودية تطبيع علاقاتها مع إسرائيل؟.. يرى تحليل نشره موقع "مودرن دبلوماسي" أن الأمر في حد ذاته ليس غاية للمملكة، كما يزعم البعض، لكنه مجرد وسيلة، والسبب أكبر من مجرد امتيازات أمنية أمريكية وحشد دعم واشنطن وتل أبيب في مواجهة طهران.
الأمر أكبر من ذلك بكثير، كما يقول التحليل، حيث أصبح من المفهوم أن النخبة الحاكمة في السعودية باتت تسعى الآن بشكل أكثر قوة إلى حل نهائي للأزمة الفلسطينية لإغلاق الباب نهائياً أمام جميع اللاعبين الإقليميين، وخاصة إيران وحلفائها في المنطقة، الذين تنظر إليهم الرياض، باعتبارها تستخدم الخطاب الفلسطيني لكسب النفوذ في المجتمعات العربية وإضفاء الشرعية على سياساتها التوسعية الخارجية في المنطقة.
اقرأ أيضاً
عبر متاهة تطبيع إسرائيل والسعودية.. أمريكا تستهدف دولتين
زعامة المنطقةهذه المعادلة تعني أن القضية الفلسطينية تحولت إلى محور أساسي ورئيسي في استراتيجية السعودية لزعامة المنطقة، وهي استراتيجية متجذرة في الرياض منذ وقت طويل، ولأجلها دخلت المملكة في تنافس محموم مع النظام الناصري في مصر، والذي استخدم القضية الفلسطينية كرافعة لخلق نفوذ وزعامة للقاهرة، وكذلك النظام الإيراني الذي حول القضية الفلسطينية من عربية إلى إسلامية، وهو نفس ما فعلته السعودية قديما، للمفارقة.
باختصار، كان الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يشكل دائمًا تحديًا للاستقرار الداخلي للمملكة العربية السعودية وموقعها الإقليمي. ومن مصر عبد الناصر إلى إيران الثورية، تم استخدام خطاب التحرير الفلسطيني بشكل فعال من قبل منافسي المملكة العربية السعودية لإضفاء الشرعية على سياساتهم في المنطقة.
استراتيجية السعوديةيدرك ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الزعيم الفعلي للسعودية، أنه إذا قامت المملكة، باعتبارها خادمة الحرمين الشريفين في الإسلام والزعيم الفعلي الحالي للدول العربية، بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، وسوف تحذو حذوها غالبية الدول العربية والإسلامية.
ومن هنا، فإن السعودية هي الدولة الوحيدة التي يمكنها أن تزود إسرائيل بشرعية لا تقبل التحدي في نظام الشرق الأوسط، بحسب التحليل.
اقرأ أيضاً
واشنطن بوست: تطبيع السعودية يدفع أمريكا للضغط على حماس وإسرائيل للتهدئة بغزة
لذلك، فمن المنطقي أن ترفع النخب السعودية المعايير العالية وتطلب من الولايات المتحدة ضمانات أمنية ومساعدة في تطوير برنامج نووي مدني كتنازلات أمريكية، لكن لا ينبغي أن يُنظر إلى هذا على أنه العامل الوحيد أو حتى الأكثر أهمية وراء السعودية.
وبشكل عام، لم تنظر السعودية قط إلى إسرائيل باعتبارها تهديدًا وجوديًا لبقائها، وبدلاً من ذلك، كان الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو الشغل الشاغل للنخب السعودية بسبب استخدامه من القوى الإقليمية المنافسة لكسب النفوذ وفرض الهيمنة، كما يقول التحليل.
وفي هذا السياق، سعت النخب السعودية جاهدة لإيجاد حل دبلوماسي وسلمي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بهدف التقليل من جهود الأنظمة الشرق أوسطية التعديلية في المنطقة، وخاصة إيران منذ التسعينيات، لاستغلال القضية الفلسطينية للتسلل إلى الدول العربية.
محاولات سابقةمنذ عام 1981، كانت النخب السعودية حريصة على متابعة مبادرة السلام للقضية الفلسطينية. وأعلن ولي العهد آنذاك الأمير فهد مبادرة سلام من ثماني نقاط، لكن لم يعيرها الإسرائيليون الكثير من الاهتمام، ولا كان زعيم "فتح"، ياسر عرفات متعاوناً مع السعوديين.
وقد سئمت النخب السعودية حرص اللاعبين الذين لا يتمتعون بالوضع الراهن في المنطقة على استغلال المظالم الفلسطينية لملاحقة مصالحهم. السياسات الرجعية.
وبالفعل، وصف الملك فهد، في محادثة مع وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، جيمس بيكر، الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بأنه جوهر كل المشاكل في المنطقة ووعد بأن السعودية سوف تقوم بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل إذا أعطت الأخيرة الفلسطينيين وطن.
وفي ظل هذه الظروف، مارست السعودية ضغوطاً كبيرة على إدارة بوش الأب وإدارة كلينتون للتوسط في حل سلمي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
اقرأ أيضاً
غزة تعيق تطبيع السعودية.. فهل تحرم إسرائيل من الممر الاقتصادي؟
مبادرة السلام 2002وبعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، تبنت النخب السعودية، التي خابت آمالها من إدارة بوش والفلسطينيين، استراتيجية جديدة.
وفي عام 2002، عندما أدركت السعودية عدم رغبة بوش و/أو عدم قدرته على تحقيق انفراجة، أعلنت خطة السلام السعودية وضغطت على الدول العربية للتصديق على الخطة في جامعة الدول العربية، والتي أطلق عليها اسم خطة السلام العربية.
ويقول التحليل إن ولي العهد السعودي، آنذاك، والزعيم الفعلي للمملكة، عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، أراد أن يجعل الدول العربية تقدم جزرة لإسرائيل من خلال الوعد بأن تلك الدول العربية ستقوم بتطبيع علاقاتها مع الإسرائيليين إذا أعطت الأخيرة الفلسطينيين حقوقهم في دولة مستقلة.
التعامل الأكثر مباشرةومع مجيء الملك سلمان وابنه، الزعيم الفعلي محمد بن سلمان، تنتهج المملكة العربية السعودية استراتيجية مختلفة أخرى، يقول التحليل، حيث أصبحت الرياض أكثر استعدادًا للتعامل مباشرة مع إسرائيل إذا قدمت الأخيرة تنازلات للفلسطينيين وأنهت الصراع المستمر منذ عقود بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
ويرى التحليل أن تطبيع الإمارات والبحرين كانا في الواقع رافعة لمحاولة التطبيع السعودي، والذي كان في طريقه للتخلي – نسبيا – عن ربط التطبيع بحدوث تقدم كبير في القضية الفلسطينية، وبدأ الحراك السعودي نحو تل أبيب ينتقل إلى العلن.
اقرأ أيضاً
من رحم حل فلسطيني ميت.. هل يولد تطبيع سعودي إسرائيلي؟
هجوم "حماس" بعثر الأوراقلكن هجوم "حماس" على مستوطنات غلاف غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 خلط كل الأوراق، يقول التحليل، لذلك كان مفهوما أن تنتقد السعودية "حماس" بشدة بسبب ما حدث.
وهاجم الأمير تركي الفيصل، الرئيس السابق للاستخبارات السعودية لأكثر من ثلاثة عقود، "حماس" في 23 أكتوبر/تشرين الأول، وقال إنه عندما كانت المملكة العربية السعودية على وشك إيجاد حل دبلوماسي للأزمة الفلسطينية، أرادت "حماس" ببساطة إجهاضه.
لكن المذبحة الإسرائيلية بحق أهل غزة جعلت النخب السعودية غير قادرة على المضي قدما نحو التطبيع مع تل أبيب.
لكن ما حدث مثل فرصة أخرى للرياض نحو تجديد عرضها للتطبيع مقابل وقف إطلاق نار في غزة ودولة فلسطينية.
المصدر | أحمد خلفا / مودرن دبلوماسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: تطبيع السعودية القضية الفلسطينية العلاقات السعودية الإيرانية نفوذ إيران العلاقات السعودية الأمريكية حماس القضیة الفلسطینیة العربیة السعودیة الدول العربیة مع إسرائیل فی المنطقة اقرأ أیضا
إقرأ أيضاً:
العراق يتفوق على السعودية في صادرات النفط إلى أمريكا: بداية تغيير موازين القوى؟
ديسمبر 22, 2024آخر تحديث: ديسمبر 22, 2024
المستقلة/- في تحول غير متوقع، أعلنت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن العراق قد تجاوز السعودية في معدل صادرات النفط إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وهو تطور يثير العديد من التساؤلات حول ديناميكيات سوق الطاقة العالمي ومكانة العراق كقوة نفطية.
البيانات التي أعلنت عنها الإدارة الأمريكية كشفت عن تراجع الصادرات السعودية إلى أمريكا بشكل حاد، حيث وصلت إلى 81 ألف برميل يومياً فقط، مقارنة بـ 209 آلاف برميل يومياً من العراق. هذا التغير يعكس تنافساً غير مسبوق بين أكبر منتجي النفط في المنطقة. فما الذي يعنيه هذا التراجع؟ هل هو بداية النهاية لهيمنة السعودية على أسواق النفط العالمية، أم أن العراق فعلاً نجح في تغيير موازين القوة في سوق الطاقة؟
العراق: مستفيد من التوترات الجيوسياسية أم تراجع في استراتيجيات السعودية؟بينما قد يبدو أن العراق قد استفاد من تراجع صادرات السعودية بسبب التوترات الجيوسياسية أو تغيير استراتيجيات الإنتاج، هناك من يعتقد أن هذا التفوق هو فرصة غير متوقعة للعراق لفرض نفسه كمنتج نفطي رئيسي، خاصة مع التقلبات المستمرة في أسواق النفط بسبب السياسات الاقتصادية العالمية والتغيرات المناخية.
تحول خارطة الطاقة: هل يتسبب هذا في تغييرات استراتيجية؟إن تجاوز العراق للسعودية في صادرات النفط إلى أمريكا قد يكون بداية لتحولات استراتيجية في سوق الطاقة العالمي. فعلى الرغم من الهيمنة التقليدية للسعودية على السوق، إلا أن العراق قد أظهر قدرته على التأثير بشكل أكبر في أسواق النفط الغربية. مع هذه التطورات، تزداد الضغوط على السعودية لإعادة تقييم استراتيجياتها في ظل منافسة غير متوقعة.
تأثيرات سياسية واقتصادية: ماذا يعني هذا لأوبك؟مع تصاعد حجم صادرات العراق إلى الولايات المتحدة، يتساءل البعض عن تأثير ذلك على منظمة أوبك. فهل العراق سيصبح أكثر استقلالية في سياسته النفطية ويبدأ في تحدي القيادة السعودية داخل المنظمة؟ وهل سيؤدي ذلك إلى المزيد من التوترات داخل أوبك حول حصص الإنتاج والسياسات النفطية؟
الدروس المستفادة من هذا التغير: قوة جديدة في الشرق الأوسط؟إن هذا التغيير في صادرات النفط يعكس بشكل كبير التغيرات في موازين القوى العالمية، ويؤكد أن أسواق الطاقة لم تعد تحت سيطرة عدد محدود من الدول. من المتوقع أن يشهد العالم تحولاً في علاقات الطاقة بين الولايات المتحدة والدول المنتجة للنفط، وأن العراق قد يكون في وضع مثالي للاستفادة من هذه التحولات الجيوسياسية والاقتصادية.
هل يكون هذا التحول في صادرات النفط نقطة تحول للعراق في سياسته النفطية أو مجرد نقطة عابرة؟ الزمن وحده كفيل بالإجابة على هذا السؤال المعقد.