متحف آرثر رامبو في فرنسا يكشف عن مخطوطات شاعر القرن الـ19
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
رفع متحف آرثر رامبو في شارلفيل ميزيير (شمال شرق فرنسا) النقاب عن مخطوطات للشاعر اشتراها أخيرا صناعيّ محلّي لقاء أكثر من 240 ألف يورو، بهدف التبرع بها للمتحف.
وفي وقت يحتفل فيه مسقط رأس رامبو بالذكرى الـ170 لميلاد الشاعر في أكتوبر/تشرين الأول، سُلّمت هذه المخطوطات رسميا إلى المتحف خلال احتفال أقيم مساء الجمعة، قبل إتاحتها للعامة اعتبارا من اليوم السبت وحتى يناير/كانون الثاني 2025.
والمخطوطات عبارة عن رسالتين وقصيدتين، اشتراها الصناعي خلال مزاد أقيم في فندق دروو بباريس في ديسمبر/كانون الأول.
وخلال هذا المزاد، حصلت بلدية المدينة لقاء 78 ألف يورو على رسالة ثالثة من رامبو يروي فيها بداية مرضه.
لكنها لم تتمكن من الحصول على مخطوطة قصيدة "الخلود"، لأن سعرها وصل إلى 700 ألف يورو.
وقال راعي المزاد باسكال أورانو لوكالة الصحافة الفرنسية "إنّ إحدى الرسالتين موجهة إلى والدته والثانية إلى أخته، فيما كتب واحدة من مرسيليا عندما كان في المستشفى، والأخرى من أفريقيا".
وتتضمن المخطوطات قصيدة "ما يُبقي نينا" لرامبو المؤرخة في 15 أغسطس/آب 1870، لكنّ بول فيرلين أعاد نسخها عام 1880.
وقالت مديرة المتحف كارول ماركيه موريل لوكالة الصحافة الفرنسية "كان فيرلين يحب رامبو بجنون، ويذهب إلى حد تقليد كتاباته لضمان عدم اختفاء النصوص".
أما الرسائل الـ3 الموجهة كلها إلى عائلته، فـ"تتعلق بمرحلتين مختلفتين في حياته".
وتشير الأولى والمؤرخة في 15 يناير/كانون الثاني 1883، إلى "رامبو الذي يعمل لدى ألفريد باردي في أفريقيا"، لكنّها تظهر أيضا "رامبو الشغوف بالتصوير والجغرافيا".
وتتناول الرسالتان الأخريان مرضه. وكتب في 20 فبراير/شباط 1891 "ساقي مصابة بدوالي"، وهو "لم يكن على علم بعد أنه مصاب بالسرطان"، على قول موريل.
شاعر فرنسا وتاجر اليمنوإلى جانب سيرته كشاعر، فقد عاش رامبو حياة قصيرة مضطربة، وقاد عام 1886 قافلة تجارية عبر بلاد الحبشة المعروفة الآن بإثيوبيا، ورغم أن عمره كان 32 عامًا فقط، فإن اللون الرمادي كسا شعره الأشقر وأصبحت ملامحه مألوفة في المنطقة بعد سنوات من الفقر والمعاناة وسوء التغذية، في حين ظلت عيناه الزرقاوان كما هما دليلا على فرنسيته المختفية خلف الثياب الرثة، بحسب تقرير سابق للجزيرة نت.
وحاكت قصائد رامبو المبكرة مدرسة بارناس الفرنسية الأدبية (تيار أدبي ظهر في النصف الثاني من القرن الـ19) التي تزامن صعودها مع حياته القصيرة، وشددت على أن الأدب غاية في حد ذاته، ورفضت اعتباره وسيلة لعلاج هموم وقضايا المجتمع.
وفي كتابه "رسائل الرائي" كتب رامبو في مايو/أيار 1871 (أي عندما كان يبلغ من العمر 16 عاما فقط) رسالتين شرح فيهما فلسفته الشعرية، وقال إن تجربة كتابة الشعر تنطوي على معاناة هائلة، إذ يعمل الشاعر على تحويل نفسه إلى راءٍ أو مُشاهد، ويحاول الوصول للمجهول عبر تشويش جميع الحواس والبحث عن نفسه في كل شكل من أشكال الحب والمعاناة والجنون.
وفي قصيدته الشهيرة "القارب المخمور" يصف انجراف وغرق قارب فقد في البحر في قصة مجزأة مشبعة بالصور والرموز الحية، واستوحى فكرتها من رواية الروائي الفرنسي جول فيرن (1828- 1905) "20 ألف فرسخ تحت البحر".
واستقر رامبو في عدن اليمنية منذ عام 1880، ونجح في الحصول على فرصة عمل موظفا رئيسيا في شركة باردي لتجارة القهوة، وانتقل إلى هرار الإثيوبية ليستمر في العمل وكيلا للشركة فيها.
وتوفي رامبو في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 1991 في مرسيليا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رامبو فی
إقرأ أيضاً:
أعجوبة القرن الحديث
قبل إصلاحات عام 1978، كان ما يقرب من أربعة من كل خمسة صينيين يعملون في الزراعة. وبحلول عام 1994، لم يعد يعمل سوى واحد من كل اثنين. وسّعت الإصلاحات نطاق حقوق الملكية في الريف، وأطلقت شرارة سباق لتشكيل شركات صغيرة غير زراعية في المناطق الريفية.
كما أدى إلغاء نظام المزارع الجماعية وارتفاع أسعار المنتجات الزراعية إلى زيادة إنتاجية المزارع (العائلية) وزيادة كفاءة استخدام العمالة.
دفعت هذه العوامل مجتمعةً العديد من العمال إلى ترك الزراعة. وقد أدى النمو السريع الناتج عن ذلك في المشاريع القروية إلى استقطاب عشرات الملايين من الناس من الزراعة التقليدية إلى الصناعات التحويلية ذات القيمة المضافة الأعلى.
منذ سلسلة الإصلاحات التي جرت في أواخر سبعينيات القرن الماضي، وبعد سنوات من سيطرة الدولة على جميع الأصول الإنتاجية، شرعت الحكومة الصينية في برنامج إصلاح اقتصادي شامل. وفي محاولة لإيقاظ عملاق اقتصادي خامد، شجعت على تأسيس الشركات الريفية والشركات الخاصة، وحررت التجارة والاستثمار الأجنبيين، وخففت من سيطرة الدولة على بعض الأسعار، واستثمرت في الإنتاج الصناعي وتدريب القوى العاملة.
على سبيل المثال، إعطاء استقلالية أكبر لمديري المشاريع. أصبحوا أكثر حرية في تحديد أهدافهم الإنتاجية، وبيع بعض المنتجات في السوق الخاصة بأسعار تنافسية، ومنح مكافآت للموظفين الجيدين وفصل غير الجيدين، والاحتفاظ بجزء من أرباح الشركة للاستثمار المستقبلي.
كما أتاحت الإصلاحات مساحةً أكبر للملكية الخاصة للإنتاج، ووفرت هذه الشركات الخاصة فرص عمل، وطوّرت منتجات استهلاكية مطلوبة بشدة، وكسبت عملات صعبة مهمة من خلال التجارة الخارجية، ودفعت ضرائب الدولة، ومنحت الاقتصاد الوطني مرونةً وقدرةً على الصمود لم تكن متوفرة من قبل.
سجلت الصين نمواً ملحوظاً لعقود. من عام 1978 إلى عام 2010، تراوح متوسط النمو حول 10%، مما وضع الصين ضمن نسبة 1% المئوية للدول التي تنتقل من 1,000 إلى 10,000 دولار أمريكي للفرد. هذا إلى جانب انتشال أكثر من 800 مليون شخص من براثن الفقر، يبرر بوضوح تعبير “المعجزة الاقتصادية الصينية”. وحتى اليوم، لا تزال الصين بمثابة المحرك الأهم للنمو العالمي، حيث ساهمت بنحو ثلث إجمالي النمو العالمي على مدى العقود الثلاثة الماضية.
مع “الإصلاح والانفتاح” كشعار رئيسي منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي لتحويل الصين من اقتصاد مخطط إلى اقتصاد سوق، تشابكت البلاد بشكل متزايد مع بقية الاقتصاد العالمي من خلال التجارة والاستثمار والمشاركة المتزايدة في سلسلة القيمة العالمية.
يُعزى ذلك إلى اقتصادات الحجم الواضحة في الصين، والأجور المنخفضة نسبياً، والبنية التحتية اللوجستية الداعمة للتصنيع. كما يُعد انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001، ودعم الشركات الغربية التي تستثمر فيها، إلى جانب نقل التكنولوجيا على نطاق واسع، عوامل خارجية مهمة وراء نجاح الصين.
فأنا أعتقد أن مفهوم الأعجوبة تتحقق بغياب المصادر الرئيسة لتحقيق الأهداف، والانفراد بالنمو القياسي. لم يستيقظ التنين الصيني فجأة في عام 2003، بل استغرق 33 عاماً من التحضير. لذا، بفضل تلك الأعوام من العمل الشاق والصبر، انطلقت الصين بسرعة الصاروخ من عام 2003 إلى عام 2023 لأنها كانت تتمتع بأساس متين بفضل أبناء ستينيات وسبعينيات القرن الماضي ومراحل التخطيط السليم.
كان بالسابق نشاهد المنتجات الغربية خاصة الأمريكية والاوربية تغزو السوق الخليجي على مدار عقود من الزمن، اما الآن احتل التنين العملاق الأسواق المحلية والعالمية بشكل كاسح. وذهبت المنتجات الغربية في الصفوف الخلفية وبعضها اختفت عن الوجود.
فهو مؤشر قوي على صلابة السوق الصيني، وينقلنا لدراسة وفهم أعمق لثقافة الصينية والاستفادة منها.
قبل أيام قليلة، حفزت المملكة العربية السعودية دراسة اللغة الصينية في مراحل دراسية معينة، وابتعاث عدد كبير من طلابها، وهذه خطوة استراتيجية في بالغ الأهمية لفهم أكثر المجتمع والثقافة الصينية والتعرف عن قرب التأثيرات والفرص الذهبية للوطن. أعتقد أنها خطوة رائعة جداً.
استراتيجيات الصين الناجحة تم ترجمتها إلى مشاريع ضخمة بوتيرة غير مسبوقة، وستُكمل خلال عقود مرحلة البنية التحتية التي ستُنافس ما بنته الولايات المتحدة في تاريخها. على سبيل المثال:
* 143,000 كيلومتر مجموع أبعاد الخطوط السريعة للمركبات، المصنف الأضخم على الأطلاق بالعالم
* 30,000 كيلومتر، واحدة من أسرع القطارات التشغيلية بالعالم، وهي تملك 02:03 من مجموع ابعاد العالم
* 100 مليار كيلووات بالساعة، أكبر محطات الطاقة الكهرومائية من حيث إنتاج الكهرباء بالعالم. Three Georges Dam with 100 Billion Kilowatt-Hours
* 25,526 مليار متر مكعب، مشروع تحويل المياه من الجنوب إلى الشمال. أكبر مشروع نقل مياه بالعالم، والذي يخدم على الأقل 100,000,000 فرد
* 8,704 كيلومتر، مشروع غرب الى شرق انابيب الغاز، أطول مشروع خط انابيب بالعالم
* 55 كيلومتر، Hong Kong – Zhuhai – Macao Bridge أطول جسر مائي للمركبات، وأطول نفق تحت البحر يمتد الى 6.7 كيلومتر
نعم، التنين العملاق الذي كرس قوته وعمل على مدار الساعات والعقود لبناء ترسانة مهيبة بعيدة عن التوترات والصراعات العالمية، قاعدة تعليمية، وعقول متعلمة قوية، ومواطنون يتمتعون بأفضل أخلاقيات العالم، واستعداد دائم للتعلم والتكيف، وعدم الاختباء أمام التحديات، واتباع أوامر من هو أحقّ وأكثر جدارة. هذه هي الصين العظيمة “أعجوبة القرن الحديث”.