لماذا تراجعت عمليات المقاومة الفلسطينية في جنوب لبنان؟
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
لبنان- في ظل تهديدات قادتها السياسيين والعسكريين وبعد أكثر من 130 يوما من عملية "طوفان الأقصى"، شنّت إسرائيل سلسلة اعتداءات على لبنان مؤخرا، واستهدفت للمرة الأولى مناطق بعيدة عن الحدود، وآخرها مدينة النبطية، الأربعاء، وأدت إلى سقوط نحو 11 شهيدا وعشرات الجرحى بعد قيامها بغارة على مبنى قديم في حي المسلخ.
وفي مواجهة هذا العدوان، ترد المقاومة اللبنانية والفلسطينية بضربات صاروخية على العمق الفلسطيني المحتل، في ظل تغيير موازين القوى والتحديات في المنطقة.
التصعيد والمقاومةيبدو أن التصعيد الإسرائيلي يهدف إلى توسيع رقعة الصراع مع المقاومة، فلم يعد مقتصرا على منطقة الجنوب اللبنانية، بل تجاوزه إلى بلدة جدار إقليم الخروب – في جبل لبنان، التي تبعد نحو 60 كيلومترا عن الحدود اللبنانية الإسرائيلية و30 كيلومترا عن بيروت.
واستهدف فيها القيادي في حركة حماس باسل صالح بغارة من طائرة مسيّرة، لكنه نجا بأعجوبة، في ثاني استهداف لقيادات الحركة بعد اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت في 2 يناير/كانون الثاني الماضي.
ورغم التصعيد، لم يتراجع حزب الله عن مواجهة العدو وفق قواعد الاشتباك المعمول بها عرفا، وطال بصواريخه العمق الإسرائيلي. غير أن اللافت هو تراجع وتيرة العمليات العسكرية الفلسطينية على جبهة الجنوب.
واختلفت الأسباب حول ذلك، فمنهم من يعتبر أنها رغبة في عدم توسيع نطاق المواجهة تجنبا لاستهداف إسرائيل لمخيمات اللاجئين الفلسطينية، ومنهم من يرى أنها استجابة لضغوط وتمنيات لبنانية، ومنهم من ينفي أن تكون هناك عوامل خارجية تؤثر في قرار الفصائل الفلسطينية.
وعلى الرغم من أن مسؤولي حماس لم يعلقوا على الموضوع علانية، أكدت مصادر مقربة من الحركة، التي قدمت نحو 13 شهيدا على جبهة الجنوب، ومن مختلف المخيمات الفلسطينية، للجزيرة نت، أن تنفيذ العمليات يعود إلى الظروف اللوجستية، ويتعلق بأهميتها في التوقيت والزمان والمكان.
وأشارت المصادر إلى أن عملياتها هدفها معنوي وعملياتي، أي إشغال العدو الإسرائيلي ومساندة المقاومة في غزة والتأكيد على شعار "وحدة الساحات من جهة، وإرباك العدو وإلحاق الخسائر البشرية والمادية به قدر المستطاع من جهة أخرى".
مشاركة الفصائل الفلسطينية تراجعت بعد اتساع المواجهة بين إسرائيل وحزب الله (الجزيرة) على كافة الأصعدةومن جانبه، قال رئيس دائرة العلاقات العربية والدولية، عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وممثلها في لبنان إحسان عطايا للجزيرة نت، إن "العمليات العسكرية الفلسطينية في شمال فلسطين انطلاقا من جنوب لبنان تعتمد على الرصد والمراقبة الدقيقة لإيقاع الدوريات العسكرية والآليات والجنود والضباط الصهاينة في مرمى نيران المجموعات التي تقتحم الحدود، وتكمن على الأراضي الفلسطينية المحتلة، لتشتبك بشكل مباشر مع قوات العدو العسكرية".
وأوضح عطايا، أنه "بعد نجاح العملية البطولية الأولى لمجموعة من "سرايا القدس" ضمن معركة طوفان الأقصى التي أودت بأكثر من 10 قتلى وجرحى من جنود جيش العدو وضباطه، شدد العدو من إجراءاته الاحترازية، وزاد احتياطاته على الحدود الشمالية لفلسطين".
ويضيف إلى ذلك ارتفاع وتيرة المواجهات في جبهة الجنوب اللبناني، وتوسّع رقعة القصف المدفعي والصاروخي، مما أدى إلى "إفراغ منطقة شمال فلسطين، لوقوعها في مرمى نيران المقاومة، وندرة التحركات العسكرية الصهيونية وضربها، من خلال كمائن المجموعات العسكرية الفلسطينية المقاتلة".
ومنذ عملية طوفان الأقصى انخرطت حركة الجهاد الإسلامي في العمليات العسكرية انطلاقا من الجنوب، وقد نفذت وحدها ما لا يقل عن 7 عمليات في الأراضي الفلسطينية المحتلة شمال فلسطين، وقدمت 11 شهيدا من مقاتليها في هذه العمليات.
ويوضح عطايا للجزيرة نت، أن تأثير التراجع في العمليات العسكرية على المواقف السياسية للفصائل الفلسطينية المقاتلة، حاضر في المواجهة مع العدو الصهيوني في أكثر من مكان، وليس محصورا قتالها فقط في العمليات العسكرية التي تنفذها "بعض مجموعاتها في شمال فلسطين، فهي تقاتل بأشكال مختلفة في قطاع غزة وفي الضفة الغربية، وأينما تستطيع الوصول إلى العدو".
وردا على سؤال حول هل هناك عوامل داخلية (الدولة اللبنانية) أو خارجية أثرت في قرار الفصائل الفلسطينية بتقليل نشاطها العسكري في شمال فلسطين، يؤكد عطايا أنه "ليس هناك قرار لدى الفصائل الفلسطينية يمنعها من قتال عدوها، وهي جاهزة وعلى أتم الاستعداد لتوجيه الضربات للعدو حينما تصل إلى أي هدف عسكري له، وهي على تنسيق تام مع قوى المقاومة في جنوب لبنان".
عراقيل لوجستية وأمنية
ومن الناحية اللوجستية، يؤكد الخبير العسكري اللبناني ناجي ملاعب، تراجع العمليات العسكرية الفلسطينية في جبهة جنوب لبنان مؤخرا، لكنه يقول لـ"الجزيرة نت" إن ثمة أسبابا كثيرة لذلك، أبرزها ضعف تأثير العمليات ربطا بالسلاح المستخدم ومقارنة بما يملكه "حزب الله" ويطلقه ضد "إسرائيل".
وأشار ملاعب إلى أن جبهة جنوب لبنان واسعة، وينتشر فيها 12 ألف جندي من قوات الطوارئ الدولية "اليونيفيل" و8 آلاف جندي من الجيش اللبناني، وهي منطقة لا توجد فيها ثكنة عسكرية لحزب الله أو لغيره، ولا موقع عسكري ظاهر، ولا حتى آلية عسكرية، والمشاركة الفلسطينية مؤقتة بتنفيذ العمليات العسكرية فقط.
وأوضح العميد المتقاعد ملاعب أن الفصائل الفلسطينية اعتمدت في أغلب الأحيان على زرع كاتيوشا في البساتين القريبة من المخيمات، وتستخدم أيضا صواريخ "الغراد" إذا توفرت، لكن بوجود الأسلحة التي يمتلكها حزب الله مثل "الكورنيت" الروسي و"البركان"، لم يعد هناك أثر كبير لهذه الأسلحة الصاروخية الصغيرة (الغراد) في هذا المجال.
وقال ملاعب "كذلك، لا ننسى أن المخيمات لا تخزن أسلحة ثقيلة، والقيام بأي عملية فلسطينية لا بد من التنسيق مع قيادة حزب الله، أو ممكن أن تقوم بها بتكليف منه، مع تأمين الحماية على الجبهة والرصد والمتابعة وتأمين دفاعات معينة. والفلسطينيون أعلنوا عن عدة عمليات، ولكن ليست لديهم القدرات العسكرية الصاروخية ولا مجال للقتال البري اليوم في هذه الأثناء".
ورأى ملاعب أن سببا آخر قد يكون له تأثير في هذا التراجع هو استهداف قادة المقاومة الفلسطينية، فإسرائيل لديها النفَس الطويل ولديها عملاء، ولديها وجود تقني واستخباري وسيبراني كبير في الأجواء وعلى الأرض.
وقال إنه لا يمكن نسيان أن الجنوب ليست جبهة نظامية، وليس لديه خطوط دفاع ومقاتلون لهم ثكناتهم، والأجواء مسيطر عليها من قبل الطيران المسيّر والمراصد الجوية، وهذا الأمر بالتأكيد يعيق تقدم وتحرك معظم المقاتلين، سواء من حزب الله، أو من المقاومة الفلسطينية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: العسکریة الفلسطینیة الفصائل الفلسطینیة العملیات العسکریة شمال فلسطین جنوب لبنان حزب الله
إقرأ أيضاً:
غرفة عمليات المقاومة الإسلامية تكشف تفاصيل عملية حيفا النوعية والكمين ضدّ “الكتيبة الـ 51” من “غولاني”
الثورة نت/وكالات أصدرت غرفة عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان – حزب الله بياناً بشأن التطورات الميدانية لمعركة “أولي البأس”، تحدثت فيه عن “عملية حيفا النوعية”، والتي استهدفت فيها 5 قواعد عسكرية بصورة متزامنة، وقدّمت فيه الرواية الحقيقية للكمين الذي وقعت فيه “الكتيبة الـ 51” من لواء “غولاني”، عند مثلث عيناتا – مارون الراس – عيترون. وأكدت غرفة عمليات المقاومة، في بيانها، أنّ المجاهدين يواصلون تصديهم للعدوان الإسرائيلي على لبنان، ويكبّدون “جيش” الاحتلال خسائر فادحة، في عدّته وعديده، من ضباط وجنود، على امتداد محاور المواجهة عند الحافة الأمامية، وصولاً إلى أماكن وجوده في عمق فلسطين المحتلة. عملية حيفا النوعية فيما يتعلق بـ”عملية حيفا النوعية”، التي نفّذها حزب الله في الـ16 من تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، مستهدفاً 5 قواعد عسكرية في مدينة حيفا المحتلة ومنطقة الكرمل (هي “نيشر”، “طيرة الكرمل”، حيفا التقنية، حيفا البحرية و”ستيلا ماريس”)، أكدت غرفة عمليات المقاومة ما يلي: – تأتي هذه العملية الصاروخية النوعية في سياق الوعد الذي أعلنته غرفة عمليات المقاومة الإسلامية، بتزخيم سلسلة عمليات “خيبر” النوعيّة، ورفع وتيرتها. كما تأتي في سياق دحض مزاعم قادة العدو وادعاءاتهم بشأن تدمير القوة الصاروخية للمقاومة. – إنّ المقاومة، من خلال هذه العملية، تؤكد أنّها لا تزال تمتلك القدرة على استهداف قواعد العدو العسكرية، بمختلف أنواعها، في وقت واحد ومتزامن، وبصليات كبيرة من الصواريخ النوعية، التي أمطرت مدينة حيفا المحتلة وحققت أهدافها بدقة. – حققت عملية حيفا النوعية أهدافها، ووصلت صواريخ المقاومة إلى القواعد العسكرية الـ5 التي أُعلنت، وأدخلت العملية أكثر من 300,000 مستوطن للملاجئ. – إنّ المستوطنين يدفعون ثمن انتشار القواعد التابعة لـ”جيش” العدو الإسرائيلي داخل المستوطنات والمدن المحتلة، وقرب المصالح التجارية والاقتصادية. – إنّ المقاومة أعدّت العدّة لضمان قدرتها وجاهزيتها لتنفيذ هذا النوع من العمليات في حيفا، وحتى ما بعد بعد حيفا، ولمدى زمني لا يتوقّعه العدو. “المرحلة الثانية من العملية البرية في جنوبي لبنان” فيما يتعلّق بشأن اعلان العدو بشأن “بدء المرحلة الثانية من العملية البرية” في جنوبي لبنان، أورد بيان غرفة المقاومة الإسلامية التالي: – بعد تراجع العمليات الجوية والبرية لـ”جيش” العدو الإسرائيلي في المنطقة الحدودية، بنسبة 40%، بسبب عدم قدرة وحداته على التثبيت داخل الأراضي اللبنانية، سارع العدو إلى إعلان “المرحلة الثانية من العملية البرية في جنوبي لبنان”. – تؤكد غرفة عمليات المقاومة الإسلامية أنّ العمليات الدفاعية المركّزة والنوعية، والتي نفّذتها خلال “المرحلة الأولى من العملية البرية”، هي التي أجبرت قوات “جيش” العدو على الانسحاب إلى ما وراء الحدود في بعض الأماكن، وسلبتها القدرة على التثبيت في معظم البلدات الحدودية. – لا يزال سلاح الجو، التابع لـ”جيش” العدو الإسرائيلي، يعتدي يومياً على القرى الحدودية – التي يزعم السيطرة عليها – بعشرات الغارات من الطائرات الحربية والمسيّرة، عدا عن الرمايات المدفعية وعمليات التمشيط بالأسلحة الرشاشة، من المواقع الحدودية على عدد من هذه القرى. هذه الاعتداءات تؤكد عدم تمكّن “جيش” العدو الإسرائيلي من التثبيت داخل الأراضي اللبنانية. وما يحدث من محاولة تقدم في اتجاه مناطق جنوبي الخيام، التي حاول “الجيش” دخولها سابقاً وانسحب منها تحت ضربات المجاهدين، هو دليل إضافي على فشل “المرحلة الأولى”. – بلغ مجمل العمليات – المعلنة- التي نفّذها المجاهدون ضد قوات العدو الإسرائيلي منذ بدء “العملية البرية”، حتى تاريخ إصدار هذا البيان، أكثر من 350 عمليةً في الأراضي اللبنانية، وأكثر من 600 عملية نارية على مناطق مسؤولية الفرق العسكرية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تلقى خلالها “جيش” العدو الإسرائيلي خسائر فادحة. – نؤكد لضباط “جيش” العدو الإسرائيلي وجنوده أنّ ما لحق بـ”الكتيبة الـ 51″ من لواء “غولاني”، عند أطراف مثلث عيناثا – مارون الراس – عيترون، ليس إلا البداية. المواجهات البرية أما على صعيد المواجهات البرية، فعرضت غرفة عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان التطورات التالية: القطاع الغربي: – عمدت قوات العدو الإسرائيلي إلى التقدّم في اتجاه بلدة شمع، بهدف السيطرة عليها في إطار الضغط على بلدات النسق الثاني من الجبهة، من أجل تقليص رمايات المقاومة الصاروخيّة على “نهاريا” ومنطقة حيفا المحتلة. – تسللت قوّات العدو من أحراش اللبونة، مروراً بأحراش بلدتي علما الشعب وطير حرفا، في اتجاه شمع.