كيف يحكم السودان لا من يحكم السودان: أمال عاوزين ديمقراطية وانتخابات ليه؟
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
عبد الله علي إبراهيم
أجد بين اوراقي رسائل قصيرة أعلق فيها على مكتوب ممن أحسن الظن بي وطلب رأياً مني حول فكرته. وهذه تعليق على رسالة من عرض عليّ مشروعاً للخلاص مما نحن فيه من بلاء اشرككم فيه. وربما غمض جزء أو آخر منه.
شكرا واثق على اطلاعي على شاغلك المؤرق. وأنت البركة. أرجو أن تقبل مني هذه الملاحظات على سلبيتها الإيجابية:
وددت لو أحطنا بالظاهرة الانقلابية من شقيها المدني والعسكري لأنه، متى احتججنا على الجيش، صار الانقلاب عسكرياً ومتى احتججنا على الأحزاب صار مدنياً.
هناك مقارنة تنعقد دائماً بين أوضاعنا من حيث منزلة الجيش وأوضاع سوريا واليمن وليبيا. واختلفت مع هذه المقارنة لأننا ما زلنا نملك جيشاً مهما يكن حاله في حين أن أياً من تلك الدولة لم تملك جيشاً مهنياً موحداً حين نشأ النزاع.
مع تعزيزي للموقف في الورقة من أن الجيش هو من يحتكر السلاح ولكن تخلصتم في مذكرتكم من الدعم السريع كمؤسسة اقتصادية وكيان عسكري معاً بصمت كأن هذا ممكناً للوهلة الأولى. فليس للدعم السريع ذكر في المجلس الأعلى المقترح من طرفكم.
عبارة "كيف يحكم السودان لا من يحكمه" تخفي سقماً في الصفوة حيال الصراع conflict . فنحن نطابق بين الصراع والفشل. فالصراع عندنا ليس لتحليل قواه ومشروعاته، بل لإطلاق صفارات الإنذار وإعلان القيامة السياسة. فالديمقراطية، بعد استباب إطارها، أكبر منشأة للصراع حول من يحكم لينهض بكيف يحكم. هذه هي الديمقراطية الليبرالية. وقد ساءت سمعتها عندنا لمجرد أنها تقوم به بما تقوم به كل ديمقراطية.
وكذلك الصراع في الفترة الانتقالية. كل ما كان ينقصنا هو الاعتراف بأن ما واجهنا في انتقالية ديسمبر (وكذلك في أكتوبر وأبريل) ثورة مضادة مما اصطدمت بمثلها كل ثورة. ليس المصطلح مما شاع فينا وجنحنا لمصطلح الدولة العميقة باستحياء. وبدلاً من مواجهة هذه الثورة المضادة في تكتيكاتها وتطويقها نلجأ للشكوى المرة منها بما يجعل منها "مؤامرة" لا مشروعاً سياسياً لقوى تتربص بالثورة لأنها سيدة مشروع مناوئ ومنافس.
لو سألتني لربما كنا بحاجة، بجانب هذه المشروعات للم الشمل، إلى مؤتمر أكاديمي يصفي تركة التفكير الذي تراكم خلال العقود الماضية منذ الاستقلال تراكماً صار حاجباً دون أن نرى عوجة رقبتنا. مثلا: وجدت نفسي أجادل نظرية صارت لها منزلة العقيدة من أن الانقلابات هي ما يوحي به المدني للعسكري الغشيم أو طيش حنتوب. ووظيفة هذه العقيدة التي لا غيرها أن تتغايظ بها جماعات الصفوة: انتو عملتو انقلاب ما أنتو عملتو قبلنا. والأمر أيسر من هذا. نريد بمثل هذا المؤتمر أن نصفي تركة الفكر الخطأ الذي لا نريد أن نلج به فضاءنا الجديد وننتظر نتيجة أفضل.
نستكمل ما تبقى بالكلام.
IbrahimA@missouri.edu
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
بين التفاؤل والتشاؤم.. اليمنيون يستقبلون عامهم الجديد 2025 (تقرير)
مع انتهاء العام 2024 دخل الصراع في اليمن مرحلة فارقة على المستويين الاقتصادي والمعيشي خاصة مع شن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية استهدفت منشآت حيوية في مينائي الحديدة والعاصمة صنعاء، إلى جانب ارتفاع الأسعار بفعل استمرار تدهور قيمة العملة مما يدفع ملايين اليمنيين لخطر الانزلاق إلى مستويات مخيفة من نقص الغذاء إذا استمرت الأوضاع الاقتصادية في الانهيار خلال العام الجديد.
ويطوي اليمنيون عاما لا يختلف عن سابقيه منذ بدء الحرب في عام 2015، وسط توسع فجوة الفقر والجوع والبطالة وتمدد الأزمة الإنسانية لتشمل معظم السكان في البلاد.
وشهد اليمن العام الماضي تصاعدا في الحرب الاقتصادية بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا من ناحية، وجماعة الحوثي من ناحية أخرى، إلى جانب الصراع الإقليمي المتمثل بحرب إسرائيل على قطاع غزة ومحور إيران.
وإلى جانب الوضع الذي يعيشه اليمنيون نتيجة الصراع التي تشهده البلاد منذ عقد من الزمان، يأتي العام الجديد في ظل تصعيد مختلف تعيشه المنطقة ككل على خلفية حرب غزة، حيث شنت إسرائيل حربا واسعة ضد من سمتهم وكلاء إيران في المنطقة بينها جماعة الحوثي في اليمن وحزب الله في لبنان واسقاط نظام بشار الأسد في سوريا.
وشنت إسرائيل على مدى الأشهر الخمسة الأخيرة أربع هجمات واسعة -كان آخرها في 26 من ديسمبر الماضي- استهدفت منشآت حيوية في العاصمة صنعاء وميناء الحديدة، ردا على الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي على إسرائيل بالصواريخ الباليتسية المتطورة والطائرات المسيرة، منذ مطلع العام الماضي، بعضها سقطت في أحياء وسط تل أبيب دون التمكن من اعتراضها.
توسع الصراع
وقابل الهجوم الإسرائيلي تصعيد مماثل من قبل جماعة الحوثي، في الوقت الذي لا يزال الطرفان يتبادلان التهديدات ورفع سقف التصعيد فيما تتحدث تقارير دولية أن إسرائيل تحظر لمعارك برية في اليمن، على غرار لبنان وتصفية قيادات حزب الله.
وقال برنامج الغذاء العالمي -في تقرير حديث- إن الضربات الإسرائيلية التي استهدفت ثلاثة موانئ يديرها الحوثيون في غرب اليمن أدت إلى تراجع واردات الوقود إلى مناطق سيطرتهم بنسبة 73 في المائة.
وتشير تقارير غربية أن ملف اليمن على رأس ما وصفتها بـ"الهزات الارتدادية" المقبلة في الشرق الأوسط، في وقت ستجد فيه إدارة ترامب صعوبة بالغة في الانسحاب من منطقة لا تزال في طور إعادة تشكيلها بفعل تأثيرات السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
تباين أجندات السعودية والإمارات
وذكرت تقارير دولية أن التباين والاختلاف في الأجندات بين السعودية والإمارات اللتان قادتا الحرب، كان وراء إطالة أمد الصراع في اليمن.
وقال معهد الأمريكي "المركز العربي واشنطن دي سي" إن اليمن بعد عقد من الصراع يجد نفسه مجزأ بشدة، ومتورط في صراع طويل الأمد يتميز بهدنات هشة، وتوترات متصاعدة، وأزمة إنسانية متفاقمة، بفعل التدخلات الإقليمية وتباين أجندات بعض الدول في المنطقة.
وأضاف المعهد في تحليل حديث أن "ما بدأ كصراع داخلي على السلطة تطور إلى شبكة معقدة من المنافسات الإقليمية والحروب بالوكالة". متابعا "لقد دعمت السعودية حكومة هادي المعترف بها دوليا، في حين بدأت الإمارات، التي تعد ظاهريا جزءا من التحالف الذي تقوده السعودية، في ملاحقة مصالحها الاستراتيجية من خلال دعم الانفصاليين الجنوبيين والسيطرة على البنية التحتية الحيوية.
في حين أكد تحليل إسرائيلي أن الاختلاف في الأهداف الاستراتيجية بين الرياض وأبو ظبي والنزاعات الداخلية داخل الجيش الوطني، وضعفها المتأصل، وانعدام الثقة العامة في حكومة اليمن، والتدخل التكتيكي للولايات المتحدة - التي تفتقر إلى أهداف استراتيجية واضحة، خاصة خلال فترة الانتقال بين الرئيسين بايدن وترامب – عقدت المشهد في اليمن لصالح جماعة الحوثي".
وحسب التحليل العبري فإن عيدروس الزبيدي يحظى بدعم الإمارات، التي لديها أجندة مختلفة عن السعودية فيما يتعلق بمستقبل اليمن. ففي حين تتصور الرياض يمنًا موحدًا، تطمح أبو ظبي علنًا إلى إعادة تأسيس جنوب اليمن تحت نفوذها الحصري.
الأمنيات ذاتها للأعوام السابقة
لا تزال الأمنيات التي ينتظرها اليمنيون من العام 2025 هي نفسها التي كان يأمل أن تتحقق في كل الأعوام الماضية منذ بدء الحرب، المتمثلة بوقف الحرب وعودة الأمن والاستقرار، وتحسن الوضع المعيشي، وإنهاء الوضع المليشياوي سواء شمال البلاد أو جنوبه.
في هذا السياق، استطلع "الموقع بوست"، آراء عدد من المواطنين اليمنيين، وكان تعقيد المشهد وانعدام سبل العيش وتلاشي السيولة في مقدمة الأزمات التي أكدوا أنهم يعانون منها، دون اكتراث أطراف الصراع لأوضاع الناس.
لا يزال اليأس والإحباط، مخيم على وجدان اليمنيين، دون أي بارقة أمل، وفقا للمعلم والتربوي، محمد حسين، الذي فقد الآمل في وجود حل للأزمة اليمنية، مشيرا إلى أن العام الماضي 2024 كان الأصعب والأقسى على كافة المستويات منذ بدء الحرب والنزاع في البلاد العام 2015.
في حديثه لـ "الموقع بوست" يقول حسين الذي يعمل في القطاع التربوي في مدينة إب (وسط اليمن) ويعاني وضعا معيشيا سيئا كغيره من مئات الآلاف من اليمنيين نتيجة توقف رواتبهم وانقطاع الأعمال منذ عقد من الزمان إن "أطراف الصراع في اليمن لا تريد إنهاء الأزمة فمصالحها قائمة على هكذا وضع، سواء الحكومة التي يقيم أعضاءها في عواصم المنفى ويستلمون رواتب بالدولار وإعاشات، أو مليشيات الحوثي والانتقالي في الداخل التي ترى أن مصالحها ومشاريعها قائم على الصراع والأزمات".
ساحة معركة لحرب إقليمية
المواطن الأربعيني صدام الشراعي، هو الآخر غير متفائل بالعام الجديد، سواء على مستوى إنهاء أو تحسين أوضاع اليمنيين، مشيرا إلى أن الأحداث والتطورات التي تشهدها المنطقة لا تبشر بخير.
في حديث لـ "الموقع بوست" يرى الشراعي أن اليمن ستكون ساحة معركة لحرب إقليمية بين دولة الاحتلال إسرائيل وإيران ووكلائها في المنطقة بينها جماعة الحوثي الذي رفضت الانصياع لأي مبادرة سلام في ظل الإبادة التي تمارسها دولة الاحتلال بحق المدنيين في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023م.
يضيف "كان اليمنيون على أمل أن تتوقف الحرب وينهي حالة التشظي، لكن اللاعبين الدوليين ممثلة بـ (أمريكا وبريطانيا وإسرائيل) يرفضون ذلك".
وقال الشراعي "بعد هجمات الحوثيين على سفن الشحن في البحر الأحمر وهجماتهم ضد إسرائيل، كان اليمنيين يأملون أن دول الغرب ستوجه لهم ضربة مميتة على غرار ما حصل لحزب الله اللبناني ونظام بشار الأسد في سوريا، ضمن القضاء على محور إيران في المنطقة".
واستعبد الشراعي أي انفراج للأزمة في اليمن، وقال إن "دول الغرب لن توجه ضربة للحوثيين فمصالحها تقتضي بقاءهم ليكونوا ورقة ضغط سواء في اليمن أو المنطقة ودول الخليج خاصة، فأمريكا التي دعمتهم أثناء إسقاطهم صنعاء في 21 سبتمبر 2014 ومنعت أي معركة للتحالف العربي بقيادة السعودية والشرعية من تصفيتهم، لن تجازف بالقضاء عليهم، فهم فزاعتها لابتزاز دول الخليج"، حد قوله.