نبتة الشر الجنجويدية في السودان
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
عثمان محمد صالح
جهنم تفغر فاهها في السودان:
في الخامس عشر من أبريل من العام الماضي أعلن الجنجويد الحرب الشعواء على السودانيين إثر إخفاق خطتهم في الاستيلاء على السلطة في البلاد واغتيال رأس الدولة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان أو اعتقاله
والجنجويد هم جماعة عابرة للحدود قوامها مجرمون مغتصبون نهابون وسفاكون للدماء.
بالأغبرة السوداء المنبعثة من رماد الحرائق وأصوات الصراخ والعويل مختلطاً بأزيز الأعيرة النارية وصليل المدافع الثقيلة وأغبرة السيارات التي تهرب في عجل من الخرطوم حاملة في جوفها أفواج الناجين من مسلسل الرعب المطبق خناقه إلى أي بقعة آمنة في أقاليم السودان الأخرى أو في الدول المجاورة.
خرج الجنجويد على السودانيين بغتة من تلافيف رواية رعب.
، وكما يخرج المارد في ثنايا الحكايات القديمة من اسار القمم انفلتوا، يصولون ويجولون كالأرواح الشريرة منتشرين كالوباء في أحياء العاصمة المذهولة من هول وويلات أفعالهم الجنونية.
متحررين من صندوق باندورا محبس الأشرار انطلق الجنجويد كعصار من اللعنات يهب من كل حدب وصوب، واعملوا في أهل الخرطوم العزل قتلاً ونهباً وترويعاً واغتصاباً وتخريباً وحرقاً وطرداً للسكان من بيوتهم واحتلالها وجعلها أوكاراً للرذيلة ومقاراً عسكرية. ثم تمدّدوا من بعد ذلك في ولايات غرب السودان والجزيرة يرتكبون فيها ذات الفظاعات والانتهاكات الجسيمة التي أصبحت العلامة المسجَّلة التي يميّزهم بها السودانيون. من مكان إلى مكان مدفوعين بشهوة القتل والسلب والاغتصاب لايكتفي الجنجويد من اقتراف الكبائر واستحلال المحرمات، لايوقفهم في ذلك قانون ولايردعهم دين. يفعلون مايشاءون. غايتهم احتلال السودان أو هدمه على رؤوس أهله بالاتفاق مع قوى الحرية والتغيير وهي ثلة من السودانيين يظاهرون الجنجويد ليحكموا السودان ولسان حالهم لأهل السودان يقول : إمّا حكمناكم، أو ليذيقنكم الجنجويد سوء العذاب حتى تستسلموا وتسلموا لمشيئتنا.
أكذوبة الحرب على الفلول والكيزان:
يشنّ الجنجويد حربهم على السودانيين تحت راية مخاتلة هي الحرب على الفلول والكيزان، والأخيرين هم أنصار عمر البشير الرئيس السابق للسودان والذي أطاحت بنظام حكمه ثورة ديسمبر 2018 . يؤازر الجنجويد في نشر أكذوبتهم الفجّة هذه حلفاؤهم في قوى الحرية والتغيير . إذا كان هناك حقاً فلول وكيزان فاعلين في السودان مدججين بسلاح الثورة المضادة فهم الجنجويد انفسهم إذ أنهم صناعة الكيزان انفسهم يدينون بظهورهم في المشهد السياسي لارادة الرئيس السابق عمر البشير في إنشاء قوة مسلحة تحميه وتدفع عنه في وجه الجماعات المسلحة في إقليم دارفور.
تتجلّى أكذوبة حرب الجنجويد على الكيزان والفلول في وقائع الحرب نفسها إذ أنه مامن سوداني يحسب اليوم أنه في مأمن من بطش الجنجويد في أيّ بقعة تطأوها أقدامهم الثقيلة. فالجنجويد لايفرّقون بين الناس عندما يجتاحون منطقة من المناطق، أنهم لايوفّرون أحداً حتى أولئك الذين ينكسرون لهم، بل وحتى الخونة والعملاء من السودانيين لايسلمون من أذاهم بعد اتفاعهم من الخدمات التي يقدمونها لهم. لايستثني الجنجويد إذاً كائناً من كان من عقابهم الجماعي الذي يذلّون به كافة السودانيين بهدف تفريغ السودان من سكانه بالطرد أو الترهيب والاغتصاب والتقتيل. وإنها لخيانة للوطن ماتقوم به قوى الحرية والتغيير، كيفما تلوّنت باسمها المستحدث "تقدم"
بتحالفها مع الجنجويد ضد الجيش السوداني تسوقها إلى هذا الموقف كراهيتها للكيزان الذين انكسرت شوكتهم وتبدّدت قوّتهم وانطوت صفحتهم وذهبت دولتهم في ثورة ديسمبر 2018، وصاروا من أشباح الماضي. إن عدّو السودانيين اليوم هم الجنجويد وأعوانهم، أمّا قوى الحرية والتغيير بمسمّاها المستحدث "تقدم" فإن عدّوها ليس الجنجويد بل أشباح الماضى الذي ولّى . عدو السودانيين هم قتلة ومغتصبون ونهَّابة من لحم ودم يسعون في الأرض فساداً، أمّا قوى الحرية والتغيير"تقدم" فهي ماتزال حبيسة ماضٍ تولّى ودفعت بها هلاويس ذلك الماضي إلى التحالف مع الجنجويد الذين كانوا حراساً مخلصين لدولة الكيزان.
عثمان محمد صالح،
الخامس عشر من فبراير 2024
osmanmsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوى الحریة والتغییر
إقرأ أيضاً:
عادل الباز يكتب: الخطة (ط): التطويق (2)
1 في الحلقة الأولى من هذا المقال، أوضحنا لماذا لجأت الإمارات إلى خطة التطويق، وقلنا إن السبب هو فشل خطط الاستيلاء على الدولة السودانية عشية 15 أبريل 2023. وبعدها بدأ التخبط والانتقال من خطة فاشلة إلى أخرى أكثر فشلًا، إلى أن وصلنا إلى خطة التطويق الشامل. ما هي تلك الخطة؟ وماذا فعلت الإمارات مع دول الطوق؟ وكيف جرى استقطابها؟
2
تقضي خطة التطويق بأن يُحاط السودان بدول معادية تسهل تجنيد المرتزقة فيها أو تيسر تنقلهم عبرها، كما حدث في ليبيا حيث عبر الكولومبيون إلى السودان من ليبيا حفتر. وتتمثل مهمة الدول المستخدمة في تطويق السودان في أن تكون ممرًا لعبور الأسلحة إلى المليشيا في الداخل، وتوفير الإمدادات للقوات بكل ما تحتاجه. كما تعد هذه الدول ميدانًا خلفيًا لإخلاء الجرحى، وقد شهد بعضها إقامة مستشفيات (أم جرس/ أويل)، إضافة إلى إنشاء معسكرات للتدريب وقواعد لإطلاق المسيرات. فالمسيرات بعيدة المدى تُطلق الآن من داخل تشاد، وتحديدًا من أم جرس.!
كل ذلك يتم لدعم المجهود الحربي للمليشيا. ولإحكام الحصار على السودان، سارعت الإمارات إلى تمتين علاقاتها القائمة أصلًا مع دول الجوار (ليبيا حفتر، وإثيوبيا آبي أحمد)، ثم الإسراع في تأسيس علاقات جديدة مع الدول الحدودية أو القريبة من السودان مثل تشاد، وجنوب السودان، افريقيا الوسطى وكينيا، وأوغندا. لنرَى ماذا فعلت وتفعل الإمارات مع دول الطوق هذه.
3
إثيوبيا:
بدأت العلاقات الإماراتية الإثيوبية قبل سنوات كعلاقات تجارية، وتُعتبر إثيوبيا من أبرز الدول التي تستثمر فيها الإمارات، حيث بلغ إجمالي الاستثمارات الإماراتية فيها 2.9 مليار دولار حتى نهاية عام 2022. وتم تأسيس 113 مشروعًا استثماريًا إماراتيًا في إثيوبيا في مجالات مختلفة.
كما شهدت مرحلة حكم آبي أحمد محاولة من أبو ظبي لتحويل البلاد إلى منصة سياسية لنفوذها في القرن الإفريقي، فبعد رعاية اتفاق السلام بين أديس أبابا وأسمرة، وعدت الامارات بتخصيص 3 مليارات دولار للاستثمار والمساعدات، منها مليار دولار وُضع في بنك إثيوبيا الوطني، إلى جانب العديد من المشروعات الاستراتيجية، كإنشاء خط أنابيب نفط يربط ميناء عصب الإريتري بإثيوبيا.
4
شهد التحالف الإثيوبي – الإماراتي تطورًا استراتيجيًا بعد اندلاع الحرب بين الحكومة الإثيوبية مع جبهة التقراي، حيث كان تدخل الإمارات فيها حاسمًا، إذ حُسمت الحرب لصالح الحكومة الإثيوبية بفضل مسيرات “بيرقدار” التركية التي تكفلت بها الإمارات لدعم الجيش الإثيوبي. اضافة إلى مسيرات صينية. فقد أكد خبر منشور على موقع Military Africa، استنادًا إلى صور أقمار صناعية ملتقطة في أغسطس/آب 2018، وجود طائرة مسيرة صينية من طراز Wing Loong 2 في القاعدة، مضيفًا أن أبو ظبي اشترت عددًا غير معلوم من هذا الطراز من الشركة الصينية المصنعة عام 2022.
5
تحاول الإمارات الآن تزويد المليشيا بطائرات مسيرة طويلة المدى من طراز “بيرقدار” عبر شرائها من تركيا وتسليمها للمليشيا، حيث يتم تشغيلها من تشاد، بالإضافة إلى المسيرات الصينية Wing Loong 2 الموجودة بحوزة الإمارات. وقد استُخدمت هذه الطائرات في قصف معسكر “سركاب” بأم درمان قبل ثلاثة أشهر. أي أنه يتم استخدام نفس الأسلحة التي ساهمت في هزيمة التقراي، لعلها وعسى أن تنقذ المليشيا، رغم أنها تدرك أن انتصار المليشيا على الجيش السوداني مستحيل ولو حشدت كل أسلحة الأرض. لو كان السلاح يقاتل ويحقق الانتصارات لانتصرت إسرائيل التي توفرت لها مخازن أسلحة أمريكية وغربية مفتوحة على غزة وهى 365 كيلو مترا فقط.!!
6
نتج عن تلك العلاقات التجارية والدعم العسكري توسع النفوذ الإماراتي في إثيوبيا. ونتيجة لذلك، منذ اندلاع الحرب في السودان، تبنّت إثيوبيا الموقف الإماراتي الداعم للمليشيا، وأعلنت عدم شرعية الحكومة، ودعت إلى وقف الحرب وإيقاف سلاح الطيران. كما فتحت أراضيها لكل المعارضين السياسيين للحكومة السودانية لدعم المليشيا، واستضافت مؤتمرات المليشيا وكل أعداء السودان على أراضيها.
إضافة إلى ذلك، بدأت إثيوبيا في الاستجابة لطلبات الإمارات بإنشاء قاعدة عسكرية على أراضيها مع بداية الحرب، لولا التحذير الشديد اللهجة من السودان، خاصة أن الخرطوم كانت قد غضت الطرف عن شحنات سلاح عبرت من إثيوبيا إلى جنوب السودان، حيث تم تسليمها للمليشيا في الأشهر الأولى للحرب.
7
هكذا، تم تجيير الموقف الإثيوبي لصالح المليشيا، وكانت إثيوبيا هي المدماك الأول في الطوق الأول حول السودان، الذي بدأ يعمل بفعالية لإنفاذ خطة التطويق الشامل، ثم استمر بناء الطوق كما سنرى.
نواصل…
عادل الباز
إنضم لقناة النيلين على واتساب