مع دعمه لحرب غزة.. حديث بايدن عن دولة فلسطينية بين الجد والهزل
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
واشنطن- زاد الحديث في أروقة واشنطن عن "الاعتراف الأميركي بدولة فلسطينية" عقب إشارات خرجت من الرئيس جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، تصب في هذه الاتجاه خلال الأيام الأخيرة.
ولم يغير بايدن موقفه الداعم بشكل كامل للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة حتى الآن، ولم يطالب بوقف إطلاق النار.
كما أن عقودا من محاولات واشنطن المخفقة في الدفع نحو التوصل إلى حل الدولتين جعلت بعض المحللين يشكك في جدية التزام إدارة بايدن بهذا الطرح، خاصة في عام انتخابات رئاسية صعبة.
وعلى النقيض يرى آخرون أن بايدن قد يُقدِم على هذه الخطوة في سعي منه لتأمين حصوله على أصوات الناخبين المسلمين والعرب، والشباب والأقليات، الذين صدمهم موقفه المؤيد والداعم للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وقال بايدن "أعتقد أننا سنكون قادرين على العمل على شيء ما.. أعتقد أن هناك طرقا يمكن أن ينجح بها هذا"، في إشارة إلى اتفاق محتمل بعد الحرب يمكن أن يقيم دولة فلسطينية منزوعة السلاح.
وتشير تقارير إلى تكليف بايدن وزارة الخارجية بالفعل بالنظر في الشكل الذي ستبدو عليه فلسطين منزوعة السلاح، "بناء على نماذج أخرى من جميع أنحاء العالم".
وفي الوقت ذاته، يرتبط حديث الاعتراف الأميركي بدولة فلسطينية، بإطار أشمل يتضمن سعي بايدن لرعاية تطبيع سعودي إسرائيلي يسبقه إبرام اتفاقية دفاعية أميركية سعودية، مع موافقة جميع الأطراف على صياغة خطوات لا رجعة فيها نحو إقامة دولة فلسطينية.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الخميس، إلى أن مسؤولين أميركيين وعرب يعملون على وضع خطة شاملة لإحلال سلام دائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين، في وقت تجدد فيه الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو رفضها أي حديث عن قيام دولة فلسطينية.
متظاهر يحمل العلم الفلسطيني مكتوب عليه فلسطين حرة في مدينة ديربورن بولاية ميشيغان الأميركية (رويترز) اعتراف أحادي محتملوتوقع مايكل دوران، مدير "مركز السلام والأمن في الشرق الأوسط" في معهد هدسون، الذي سبق له العمل في البيت الأبيض ووزارة الخارجية والبنتاغون في ظل إدارات جمهورية عدة، أن يقدم بايدن على الاعتراف بدولة فلسطينية هذا الصيف.
وكتب دوران في موقع المعهد أن "الاعتراف بدولة فلسطينية سيكون حيلة انتخابية، بقدر ما هو إستراتيجية للسياسة الخارجية، سيسعى فريق بايدن إلى الإعلان عنها بحلول أوائل الصيف، في الوقت المناسب تماما لبدء حملة الانتخابات الرئاسية اعتمادا على إنجازه التاريخي".
وأشار دوران إلى تأكيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر، الذي قال، في 31 يناير/كانون الثاني الماضي، "ندعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ونقوم بكثير من العمل داخل الحكومة للتفكير في كيفية تحقيق ذلك".
وطبقا لدوران، فقد دفع ذلك إلى فزع المسؤولين الإسرائيليين بسبب "وقوع إدارة بايدن في حب فكرة إقامة دولة فلسطينية، والاعتراف الأحادي الجانب وسيلة للضغط على إسرائيل".
واتفق جوناثان شاشتر، الباحث بمعهد هادسون والمستشار السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والخبير في العلاقات الأميركية الإسرائيلية، على جدية تفكير إدارة بايدن في الاعتراف بدولة فلسطينية.
وأشار شاشتر إلى أن "جولة الاعتذار التي قامت بها إدارة بايدن في ولاية ميشيغان، تؤكد أن الاعتبارات السياسية المحلية ستؤثر بشكل متزايد في سياسة واشنطن تجاه إسرائيل".
وأبرز شاشتر ما عدّه "التزام بايدن الصمت بشكل ملحوظ تجاه المؤيدين الأميركيين لحماس، حتى عندما دعوا إلى القتل الجماعي لليهود، ومزقوا العلم الأميركي، وحاولوا تسلق سياج البيت الأبيض. والآن، مع تهديد قادة العرب والمسلمين الأميركيين بعدم دعم بايدن في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، تحول البيت الأبيض من الصمت إلى محاولة استغلال الموقف".
التطبيع هو الهدف
وفي حديث مع الجزيرة نت، قال السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأوسط، والخبير حاليا في المعهد الأطلسي بواشنطن، إن الحديث حول دراسة إدارة بايدن لبعض الخيارات لإجراء تغييرات في سياسة الولايات المتحدة، حول ما يتعلق بالاعتراف بدولة فلسطينية "معقول تماما".
وأشار السفير ماك إلى أنه "من الجدير بالذكر أن هذا الحديث يأتي في أعقاب بيان صادر عن وزير خارجية المملكة المتحدة يدعم الفكرة نفسها. والأهم من ذلك، أن حكومة نتنياهو لم تكن مفيدة للغاية برفضها التفاوض على إقامة دولة فلسطينية مع السلطة الفلسطينية".
وأضاف "أعتقد -أيضا- أن الإدارة الأميركية متشجعة بالتقارير التي تفيد بأن محمود عباس يجري مناقشات جادة مع مصر والأردن والسعودية، حول إصلاح إدارته من خلال القيام بدور أكثر رمزية، وجلب رئيس تنفيذي أصغر سنا للدولة الفلسطينية".
ويرى أن الرئيس عباس يمكن أن يلعب دورا مشابها للرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، تاركا الحكم الحقيقي لشخص يحظى بثقة الدول العربية الرئيسة والأمم المتحدة والولايات المتحدة. وأضاف "يمكن لرئيس وزراء السلطة الفلسطينية أن يجتذب المزيد من الدعم السياسي والمالي، لتلبية احتياجات الفلسطينيين في الضفة الغربية وفي غزة على حد سواء".
في الوقت ذاته، يرى عدد من المعلّقين أن جهود البيت الأبيض تنصب بالأساس على السعي لتحقيق تطبيع بين إسرائيل والسعودية.
ويعدّ هؤلاء أن ما يفعله بريت ماكغورك، مستشار الرئيس بايدن بمجلس الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط، من جهود بهدف تمرير اقتراح إعادة بناء السلطة الفلسطينية، من خلال التركيز على صفقة بين إسرائيل والسعودية، سيبوء بالإخفاق.
"Just talking about statehood is a distraction. … It’s all smoke and mirrors. Unless they talk about ending Israel’s occupation it doesn’t matter." https://t.co/LHv6pWwYlX
— Khaled Elgindy (@elgindy_) February 15, 2024
في الوقت ذاته، قال أكبر أحمد، الكاتب بموقع هاف بوست، في تدوينة على موقع "إكس"، "سمعت من مسؤول أميركي طلب منه في وقت سابق من هذا الأسبوع استكشاف جعل فلسطين عضوا في المؤسسات الدولية كدولة". وقال إنهم يدركون أن هذا الجهد هو "خطوات مزيفة هزلية"، وأكد أنه "من المستحيل، بالنظر لتاريخ بايدن، أن يأخذ بجدية هذه الخطوات".
ويتفق خالد الجندي، مدير برنامج فلسطين والشؤون الفلسطينية الإسرائيلية في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، مع الطرح السابق، وقال في تدوينة على موقع "إكس"، إن "مجرد الحديث عن الدولة هو إلهاء.. هذا حديث بلا معنى، ما لم يتحدثوا عن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، كل ذلك لا يهم".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الاعتراف بدولة فلسطینیة إقامة دولة فلسطینیة الشرق الأوسط البیت الأبیض إدارة بایدن بایدن فی فی الوقت
إقرأ أيضاً:
«القدس للدراسات»: لا نريد دولة فلسطينية الآن ولكن نسعى لإنهاء الاحتلال أولًا
أكد الدكتور أحمد رفيق عوض، رئيس مركز القدس للدراسات، أن إسرائيل بحكومتها اليمينية المتطرفة وجمهورها الحالي تتجاوز فكرة إقامة الدولة الفلسطينية، منوهًا بأن اليمين المتطرف الديني والقومي هو الذي يحكم إسرائيل منذ 30 عاما، متابعًا: «الحكومة الإسرائيلية ألقت بفكرة إقامة الدولة الفلسطينية خلف ظهرها، والآن يتحدثون عن تسوية أمنية مع فلسطين يتم فيها فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة ويتم فيها خفض السقف السياسي».
السلام مقابل السلاموأشار «عوض»، خلال مداخلة عبر الإنترنت مع الإعلامي أسامة كمال، ببرنامج «مساء دي أم سي»، عبر شاشة «دي أم سي»، إلى أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عندما تحدث أمس عن الدولة الفلسطينية حملت تصريحاته الكثير من الغموض، مشيرًا إلى أن الغرب الاستعماري والاحتلال تجاوز طرح فكرة إقامة الدولة الفلسطينية، منوهًا بأن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب يتحدث الآن عن السلام مقابل السلام، وليس السلام مقابل الأرض، وهو ما يعني إبقاء الاحتلال وأن أفضل ما يمكن تقديمه للفلسطينيين هو حقوق اقتصادية فردية وليست جماعية.
نزع فتيل العدوانوأوضح أن الضامن للسلام هو نزع فتيل العدوان والعنف والتطرف الديني والقومي، والضامن هو التغيير الحقيقي في المجتمع الإسرائيلي، قائلًا: «نحن لا نريد دولة فلسطينية الآن ولكن نريد إزالة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي أولًا.. أهم شئ إزالة الاحتلال».