دراسة حديثة لنائب رئيس مجلس الدولة حول العلاقة بين القانون والاقتصاد لمواجهة الجشع وارتفاع الأسعار
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
يتعرض الاقتصاد العالمى لأزمة كبيرة بعد مروره بعدة تحديات، منها كيوفيد 19 والحرب الروسية الأوكرانية، وحرب الإبادة التى ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة.
فضلًا عن الهيمنة العالمية للدولار، مما ألقى بأثاره على مستوى الدول التى واجهت ارتفاع معدلات التضخم وأعباء الديون المتزايدة، والتوترات الجيوسياسية، وهي القضية الأهم فى منطقة الشرق الأوسط، مما ساهم فى التباطؤ الاقتصادي، وتضررت البلدان النامية بشدة من جراء أزمة الاقتصاد العالمى - ولكل بلد تحديات مختلفة - وكلما زاد ارتباط البلدان النامية بالاقتصاد العالمي، كلما كان التأثير كبيرًا .
وتسعى بعض الدول النامية إلى التعافي وتحقيق الأهداف الإنمائية لتحفيز الاقتصاد وحماية سكانها المحرومين اجتماعيا بنفس القدر الذي تتمتع به البلدان الصناعية للتخفيف من الأعباء، وتظهر الحاجة واضحة بين القانون والاقتصاد للمساهمة فى مواجهة الأزمات الاقتصادية.
وفى سبيل الدور الوطنى المخلص أعد القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة دراسة حديثة بعنوان: "العلاقة بين القانون والاقتصاد لمواجهة الجشع وارتفاع الأسعار، وتجارب الدول للحد من هيمنة الدولار".
ونعرض للجزء الأول من تلك الدراسة المهمة حول العلاقة بين القانون والاقتصاد علاقة وثيقة ،والتركيز على عنصر الكفاءة، ويقترح الغرامة المالية فورية التحصيل (موارد ردعية) فى قضايا السلع الغذائية حماية للمواطنين ولنبدأ بالتجار الكبار حتى يرتدع الصغار لا العكس، لأن السجن فى السلع الغذائية لا ينقل أي ثروة، وأن المهارة هى أن نجعل من القانون أداة اجتماعية تعزز الكفاءة الاقتصادية دون محاباة.
أولًا: العلاقة بين القانون والاقتصاد علاقة وثيقة، ويجب التركيز على عنصر الكفاءة
يقول الدكتور محمد خفاجى، إن العلاقة بين القانون والاقتصاد علاقة وثيقة وهناك نظريتان متميزتان للكفاءة القانونية، ويدعمهما علماء القانون والاقتصاد ولكلٍ منهما حججه المستقلة، ومن الضرورى التركيز على عنصر الكفاءة، إذ تنص النظرية الإيجابية للكفاءة القانونية على أن القانون الذى ينظم السلع – للأشياء التى تفي بالاحتياجات البشرية التى توفر المنفعة لجمهور المستهلكين - يجب أن يتسم بالكفاءة.
كما يجب أن تتوافر الكفاءة لا الثقة فى القائمين على إدارة العملية الاقتصادية فى جميع مراحلها، ليقدمون للدولة بدائل الحلول فيكون القرار السياسى أكثر اتصالًا بمصالحها ومصالح المواطنين.
على حين أن النظرية المعيارية تقضى بأن القانون يجب أن يكون فعالًا وهو يكون كذلك بسيادة قواعده على الكبار قبل الصغار دون استثناء، ويقبل معظم الاقتصاديين كلا الأمرين، والقانون والاقتصاد يؤكدان أن الأسواق يجب ضبطها، فتكون الأسواق بعد ضبطها أكثر كفاءة من المحاكم.
ويضيف أن السمة الثانية للقانون والاقتصاد هي تأكيده على الحوافز واستجابة الناس لهذه الحوافز ،أى ابراز العلاقة بين رضا الناس وأداء الخدمات من خلال قيام كل مسئول بواجبه فى مواجهة جشع التجار من ارتفاع أسعار السلع المختلفة من خلال المعاملات البيع والشراء .
ويعد القانون الذي يحكم التبادل أمرًا بالغ الأهمية لاقتصاد السوق، الذى يجب أن يتسق مع الكفاءة الاقتصادية، وبشكل أكثر عمومية فقد أكدت تجارب بعض الدول التى تعافت على أهمية النظام القانوني في تنمية اقتصاد السوق، وبالتالي أظهرت أهمية القانون والاقتصاد في التأثير على السياسات.
ويشير تعني الكفاءة إلى أنه في أي نزاع يتعلق بملكية الحقوق فى مجالات الاستثمار على اختلاف أنواعها، يجب أن يذهب هذا الحق إلى الطرف الذي يقدره أكثر من غيره. لأن الأطراف المتعاقدة يمكنها أن تتاجر بالحقوق، وسوف تنتقل الحقوق لاستخداماتها ذات القيمة الأعلى، لذا يجب أن يكون من يملك الحق ذا أهمية بحيث يكون التخصيص فى محله فإذا تم تخصيص الحقوق بشكل غير صحيح، فستظهر الحاجة إلى معاملة مكلفة لتصحيح سوء التخصيص الذى تم فى غير محله ويصبح من المهم تحديد حقوق الملكية بشكل صحيح.
ثانيًا: اقترح عقوبة الغرامة المالية فورية التحصيل (موارد ردعية ) لقضايا السلع الغذائية حماية للمواطنين ولنبدأ بالتجار الكبار حتى يرتدع الصغار لا العكس، لأن السجن للسلع الغذائية لا ينقل أي ثروة
ويذكر الدكتور محمد خفاجى أنه يتعين على الدولة – عن طريق أجهزتها المتخصصة - القيام بتطبيق صارم للنصوص الجنائية على التجار الجشعين لحماية ضحايا المواطنين، واقترح إعادة النظر فى كثير من النصوص العقابية باستنهاض تطبيق العقوبات المالية فورية التحصل التى تشكل "موارد ردعية" ضد جشع التجار فى مختلف المهن، ويجب أن يكون التنفيذ فعالًا بما يتطلب القبض على الجزء الأكبر من التجار المجرمين الكبار لا الصغار، لأنه إذا تم القبض على الصغار فلن يرتدع الكبار.
وإذا تم القبض على الكبار فسوف يرتدع الصغار، ويجب مضاعفة عقوبة الجزاء المالى فورى التحصيل عند العود لذات الفعل المتعلق بالاستغلال التجارى للمواطنين من أجل توفير الردع الكافي.
ويضيف الرأى عندى أنه ينبغى إعادة النظر باستنهاض عقوبة الغرامة المالية فورية التحصيل فى قضايا السلع الغذائية، والنظر إلى جرائم استغلال المواطنين لسائر السلع خاصة الغذائية اللازمة لحياة الأسر، لأن أحد الآثار المترتبة على القانون والاقتصاد هو أن الغرامات يجب أن تستخدم كعقوبة عندما يتمكن التاجر المجرم من الدفع.
فالغرامات عبارة عن "تحويلات نقدية" من جيوب كبار التجار الجشعين من شأنها أن تضبط أسعار السوق من ناحية، وتعود بالنفع على المجتمع فى صورة تحسين الخدمات من ناحية أخرى ،ونفضل عقوبة الغرامة الفورية عن عقوبة السجن، لأن السجن فى جرائم السلع الغذائية لا ينقل أي ثروة من التاجر المجرم، وإنما يتسبب في شكلين من أشكال الخسارة القصوى للدولة هما: خسارة التاجر المجرم لقدرته على الكسب في وظيفة مشروعة، والتكلفة التي يتحملها دافعو الضرائب لتوفير متطلبات ولوازم وتكلفة السجن والحراس.
ثالثًا: المهارة هى أن نجعل من القانون أداة اجتماعية تعزز الكفاءة الاقتصادية دون محاباة.
ويختتم الدكتور محمد خفاجى أن المهارة الحقيقية هى أن نجعل من القانون أداة اجتماعية تعزز الكفاءة الاقتصادية دون محاباة، وأن التحليل الاقتصادي والكفاءة يمكن أن يوجهان الممارسة القانونية السليمة. فيجب النظر إلى كيفية استخدام التشريعات وتطويعها لتحسين ظروف السوق، حيث يقدم القانون والاقتصاد إطارًا يمكن من خلاله صياغة النتائج القانونية السليمة في مجالات الاقتصاد السلوكي، ودراسة كيف تؤثر العقلانية على سلوك الناس ضمن السيناريوهات القانونية؛ وإعطاء الأهمية لسلوك الناس للنظر فى كيفية أن يكون للسلوك الجماعي تأثير على التشريعات؛ وبعبارة أخرى يجب انتهاج العمل الاستراتيجي في سياق قانونى، ومن المهم أن نصنع من القانون أداة اجتماعية تشجع الكفاءة الاقتصادية وتحمى جمهور المواطنين، وتلك مهارة لا يملكها إلا أهل الكفاءة لا الثقة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: ارتفاع معدلات التضخم نائب رئيس مجلس الدولة الکفاءة الاقتصادیة السلع الغذائیة الدکتور محمد أن یکون یجب أن
إقرأ أيضاً:
بعد توجيهات رئيس مجلس الوزراء.. تعرف على عقوبة التلاعب في الأسعار
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
استعرض الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مساء اليوم، خلال اجتماع لجنة مخرجات ضبط الأسواق وأسعار السلع، إجراءات ضبط أسعار 7 سلع استراتيجية، وأشار إلى الأهمية القصوى لمواصلة العمل على توفير مخزون كافٍ من مختلف أنواع السلع الأساسية.
وشدد على ضرورة القيام بالمتابعة المستمرة للأسواق وضبط الأسعار، مع تشديد الرقابة من خلال التنسيق بين الجهات وأجهزة الدولة المعنية، لتحقيق الانضباط في الأسواق ومنع احتكار أي سلعة، موجها بأن تكون أسواق اليوم الواحد لمدة يومين، في إطار الحرص على توفير السلع للمواطنين بشكل دائم بأسعار مناسبة.
وواجه القانون كافة أشكال الممارسات الاحتكارية والغش والتلاعب في الأسعار، فنصت المادة (345) من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 على أن الأشخاص الذين تسببوا فى علو أو انحطاط أسعار غلال أو بضائع أو بونات أو سندات مالية معدة للتداول عن القيمة المقررة لها في المعاملات التجارية بنشرهم عمداً بين الناس أخباراً أو إعلانات مزورة أو مفتراة أو بإعطائهم للبائع ثمناً أزيد مما طلبه أو بتواطؤهم مع مشاهير التجار الحائزين لصنف واحد من بضاعة أو غلال على عدم بيعه أصلاً أو على منع بيعهأصلاً أو على منع بيعه بثمن أقل من الثمن المتفق عليه فيما بينهم أو بأي طريقة احتيالية أخرى يعاقبون بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.
ونصت المادة (346) بأن يضاعف الحد الأقصى المقرر لعقوبة الحبس المنصوص عنها في المادة السابقة إذا حصلت تلك الحيلة فيما يتعلق بسعر اللحوم أو الخبز أو حطب الوقود والفحم أو نحو ذلك من الحاجات الضرورية".
كما نصت المادة السادسة من قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية رقم 3 لسنة 2005، على حظر الاتفاق أو التعاقد بين أشخاص متنافسين فى سوق معين.
ونستعرض حالات يعاقب عليها التاجر بغرامات مالية عند ارتكابها:
بيع منتجات بسعر يقل عن تكلفتها أو تكلفتها المتوسطة.اقتسام الأسواق أو تخصيصها على أساس من المناطق الجغرافية أو نوعية المنتجات أو المواسم أو الحصص السوقية.رفع أو خفض أو تثبيت أسعار المنتجات محل التعامل.الامتناع عن إتاحة أو إنتاج منتج شحيح متى كان إنتاجه أو إتاحته ممكنة اقتصاديًا.ويعاقب القانون كل من يخالف المادة 6 من قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بغرامة لا تقل عن 2% ولا تتجاوز 12% من إجمالي إيرادات المنتج محل المخالفة، خلال فترة المخالفة وفى حالة تعذر حساب إجمالي الإيرادات تكون العقوبة غرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه ولا تتجاوز 500 مليون جنيه.