يتعرض الاقتصاد العالمى لأزمة كبيرة بعد مروره بعدة تحديات، منها كيوفيد 19، والحرب الروسية الأوكرانية، وحرب الإبادة التى ترتكبها قوات الإحتلال الإسرائيلى ضد قطاع غزة، فضلاً عن الهيمنة العالمية للدولار، مما ألقى بأثاره على مستوى الدول التى واجهت ارتفاع معدلات التضخم وأعباء الديون المتزايدة، والتوترات الجيوسياسية، وهي القضية الأهم فى منطقة الشرق الأوسط، مما ساهم فى التباطؤ الاقتصادى، وتضررت البلدان النامية بشدة من جراء أزمة الاقتصاد العالمى - ولكل بلد تحديات مختلفة - وكلما زاد ارتباط البلدان النامية بالاقتصاد العالمي، كلما كان التأثير كبيراً.

وتسعى بعض الدول النامية إلى التعافي وتحقيق الأهداف الإنمائية لتحفيز الاقتصاد وحماية سكانها المحرومين اجتماعيا بنفس القدر الذي تتمتع به البلدان الصناعية للتخفيف من الأعباء، وتظهر الحاجة واضحة بين القانون والاقتصاد للمساهمة فى مواجهة الأزمات الاقتصادية. وفى سبيل الدور الوطنى المخلص أعد القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، دراسة حديثة بعنوان: «العلاقة بين القانون والاقتصاد لمواجهة الجشع وارتفاع الأسعار، وتجارب الدول للحد من هيمنة الدولار».

ونعرض للجزء الأول من تلك الدراسة المهمة حول العلاقة بين القانون والاقتصاد، وكيف أنها علاقة وثيقة، مع التركيز على عنصر الكفاءة، ويقترح الغرامة المالية فورية التحصيل (موارد ردعية) فى قضايا السلع الغذائية حماية للمواطنين ولنبدأ بالتجار الكبار حتى يرتدع الصغار لا العكس، لأن السجن فى السلع الغذائية لا ينقل أي ثروة، وأن المهارة هى أن نجعل من القانون أداة اجتماعية تعزز الكفاءة الاقتصادية دون محاباة.

أولاً: العلاقة بين القانون والاقتصاد

يقول الدكتور محمد خفاجى: إن العلاقة بين القانون والاقتصاد علاقة وثيقة، وهناك نظريتان متميزتان للكفاءة القانونية، ويدعمهما علماء القانون والاقتصاد ولكلٍ منهما حججه المستقلة، ومن الضرورى التركيز على عنصر الكفاءة، إذ تنص النظرية الإيجابية للكفاءة القانونية على أن القانون الذى ينظم السلع - للأشياء التى تفي بالاحتياجات البشرية التى توفر المنفعة لجمهور المستهلكين - يجب أن يتسم بالكفاءة، كما يجب أن تتوافر الكفاءة لا الثقة فى القائمين على إدارة العملية الاقتصادية فى جميع مراحلها، ليقدمون للدولة بدائل الحلول فيكون القرار السياسى أكثر اتصالاً بمصالحها ومصالح المواطنين، على حين أن النظرية المعيارية تقضى بأن القانون يجب أن يكون فعالاً وهو يكون كذلك بسيادة قواعده على الكبار قبل الصغار دون استثناء، ويقبل معظم الاقتصاديين كلا الأمرين، والقانون والاقتصاد يؤكدان على أن الأسواق يجب ضبطها، فتكون الأسواق بعد ضبطها أكثر كفاءة من المحاكم.

ويضيف أن السمة الثانية للقانون والاقتصاد هي تأكيده على الحوافز واستجابة الناس لهذه الحوافز، أى ابراز العلاقة بين رضا الناس وأداء الخدمات من خلال قيام كل مسئول بواجبه فى مواجهة جشع التجار من ارتفاع أسعار السلع المختلفة من خلال المعاملات البيع والشراء، ويعد القانون الذي يحكم التبادل أمرًا بالغ الأهمية لاقتصاد السوق، الذى يجب أن يتسق مع الكفاءة الاقتصادية، وبشكل أكثر عمومية فقد أكدت تجارب بعض الدول التى تعافت على أهمية النظام القانوني في تنمية اقتصاد السوق، وبالتالي أظهرت أهمية القانون والاقتصاد في التأثير على السياسات.

ويشير تعني الكفاءة أنه في أي نزاع يتعلق بملكية الحقوق فى مجالات الاستثمار على اختلاف أنواعها، يجب أن يذهب هذا الحق إلى الطرف الذي يقدره أكثر من غيره. لأن الأطراف المتعاقدة يمكنها أن تتاجر بالحقوق، وسوف تنتقل الحقوق لاستخداماتها ذات القيمة الأعلى، لذا يجب أن يكون من يملك الحق ذا أهمية بحيث يكون التخصيص فى محله، فإذا تم تخصيص الحقوق بشكل غير صحيح، فستظهر الحاجة إلى معاملة مكلفة لتصحيح سوء التخصيص الذى تم فى غير محله، ويصبح من المهم تحديد حقوق الملكية بشكل صحيح.

ثانياً: اقترح عقوبة الغرامة المالية فورية التحصيل لقضايا السلع الغذائية

ويذكر الدكتور محمد خفاجى، أنه يتعين على الدولة - عن طريق أجهزتها المتخصصة - القيام بتطبيق صارم للنصوص الجنائية على التجار الجشعين لحماية ضحايا المواطنين، واقترح إعادة النظر فى كثير من النصوص العقابية باستنهاض تطبيق العقوبات المالية فورية التحصل التى تشكل "موارد ردعية" ضد جشع التجار فى مختلف المهن، ويجب أن يكون التنفيذ فعالاً بما يتطلب القبض على الجزء الأكبر من التجار المجرمين الكبار لا الصغار، لأنه إذا تم القبض على الصغار فلن يرتدع الكبار، وإذا تم القبض على الكبار فسوف يرتدع الصغار، ويجب مضاعفة عقوبة الجزاء المالى فورى التحصيل عند العود لذات الفعل المتعلق بالاستغلال التجارى للمواطنين من أجل توفير الردع الكافي.

ويضيف الرأى عندى أنه ينبغى إعادة النظر باستنهاض عقوبة الغرامة المالية فورية التحصيل فى قضايا السلع الغذائية، والنظر إلى جرائم استغلال المواطنين لسائر السلع خاصة الغذائية اللازمة لحياة الأسر، لأن أحد الآثار المترتبة على القانون والاقتصاد هو أن الغرامات يجب أن تستخدم كعقوبة عندما يتمكن التاجر المجرم من الدفع، فالغرامات عبارة عن "تحويلات نقدية" من جيوب كبار التجار الجشعين من شأنها أن تضبط أسعار السوق من ناحية، وتعود بالنفع على المجتمع فى صورة تحسين الخدمات من ناحية أخرى، ونفضل عقوبة الغرامة الفورية عن عقوبة السجن، لأن السجن فى جرائم السلع الغذائية لا ينقل أي ثروة من التاجر المجرم، وإنما يتسبب في شكلين من أشكال الخسارة القصوى للدولة هما: خسارة التاجر المجرم لقدرته على الكسب في وظيفة مشروعة، والتكلفة التي يتحملها دافعو الضرائب لتوفير متطلبات ولوازم وتكلفة السجن والحراس.

ثالثاً: كيفية جعل القانون أداة اجتماعية تعزز الكفاءة الاقتصادية دون محاباة

ويختتم الدكتور محمد خفاجى، أن المهارة الحقيقية هى أن نجعل من القانون أداة اجتماعية تعزز الكفاءة الاقتصادية دون محاباة، وأن التحليل الاقتصادي والكفاءة يمكن أن يوجهان الممارسة القانونية السليمة. فيجب النظر إلى كيفية استخدام التشريعات وتطويعها لتحسين ظروف السوق، حيث يقدم القانون والاقتصاد إطارًا يمكن من خلاله صياغة النتائج القانونية السليمة في مجالات الاقتصاد السلوكي، ودراسة كيف تؤثر العقلانية على سلوك الناس ضمن السيناريوهات القانونية، وإعطاء الأهمية لسلوك الناس للنظر فى كيفية أن يكون للسلوك الجماعي تأثير على التشريعات، وبعبارة أخرى يجب انتهاج العمل الاستراتيجي في سياق قانونى، ومن المهم أن نصنع من القانون أداة اجتماعية تشجع الكفاءة الاقتصادية وتحمى جمهور المواطنين، وتلك مهارة لا يملكها إلا أهل الكفاءة لا الثقة.

وسوف نعرض فيما بعد للأجزاء الأخرى من هذه الدراسة المهمة فى الملف الوطنى المصرى.

اقرأ أيضاًإصابة 8 أشخاص إثر سقوط سيارة داخل ترعة في الصف

أول تحرك من دونالد ترامب بشأن حكم صدر بحقه في قضية احتيال

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الاقتصاد العالمى حماية للمواطنين السلع الغذائیة الدکتور محمد أن یکون یجب أن

إقرأ أيضاً:

احذر مخالفة مرورية.. تعرف على كيفية تجنب سحب رخص المركبة بالطرق

يرتكب السائق مجموعة من الإخطاء التي يحاسب عليها قانون المرور حال ارتكاب قائدى السيارات مخالفة لقواعد وآداب المرور منعا لوقوع حوادث الطرق، ويحق لضابط المرور أن يقوم بسحب رخص التسيير للسيارات وفقا لقانون المرور الحالى، ونرصد حالات سحب رخص السيارات حال المخالفة كالتالى:

- إذا ضبطت السيارة بدون لوحات أو تحمل لوحات غير المنصرفة إليها من قسم المرور، ولو كانت هذه اللوحات المستعملة صادرة من قسم المرور إلى مركبة أخرى أو إذا ضبطت وقد أبدلت اللوحات المنصرفة إليها بأخرى، ولو كانت تحمل نفس بياناتها أو قد أجرى أى تغيير على بيانات اللوحات.

- قيادة السيارة قبل الإبلاغ عن التغييرات وفقا للمادة 17 من القانون وقبل إتمام الفحص الفنى ويلغى الترخيص من تاريخ وقوع المخالفة.

- عدم الإبلاغ عن نقل الملكية وإتمام استيفاء إجراءات نقل القيد خلال 30 يوما من اليوم التالى لتاريخ صدوره السند الناقل للملكية مقبول فى حكم المادة 10 من القانون، وتعتبر الرخصة ملغاة من اليوم التالى لانتهاء المدة وفقا للمادة 19 من القانون.

- عدم الإبلاغ عن تغيير المسئول عن المركبة طبقا للمادة 20 من القانون فى الميعاد المبين فيها أو عن تغيير الملكية نتيجة الوفاة فى الميعاد المبين فى المادة 21 من القانون.

- مخالفة شروط منح الرخصة التجارية أو المؤقتة أو استعمالها فى غير الأغراض المحددة فى المادتين 25، 26 من القانون والمواد 231، 233 من اللائحة وتعتبر المركبة المخالفة مسيرة بدون ترخيص.

- تسيير سيارة أجرة فى المحافظات التى صدر فيها قرار باستعمال العداد غير مجهزة بعداد معتمد من قسم المرور المختص وفقا للمادة 28 من القانون.

- عدم أداء ضرائب ورسوم مركبات النقل البطئ المرخص بها لمدة أكثر من ثلاث سنوات بعد انقضاء ثلاثين يوما على انتهاء المدة المدفوع عنها الضريبة أثناء صلاحية الترخيص.

- تسرى أحكام البنود 1 ، 2 ، 3 ، 4 على مركبات النقل البطئ فى حالة رصد مخالفة مرورية لها.

- فى الأحوال الواردة فى المادة 366 من هذه اللائحة تلغى فيها رخصة قيادة قائد المركبة بالنسبة للمركبات تلغى بالنسبة لدراجات الركوب وعربات اليد رخصة تسييرها لنفس المدة المقررة.

- تكرار مخالفة سيارات الأجرة التى تعمل بنظام نقل الركاب بأجر عن الراكب فى حدود دائرة سير معينة بالسير خارج المحافظة المرخصة بها بالسير بدون تصريح من قسم المرور المختص خلال ستة أشهر من المخالفة الأولى.

- عدم إخطار المرخص له بتسيير المركبة عن تغيير محل إقامته الدائم المثبت فى الرخصة خلال ثلاثين يوما من اليوم التالى لتاريخ التغيير وعدم استيفائه إجراءات نقل القيد إذا كان التغيير إلى محافظة أخرى خلال الميعاد المذكور.

- عند ضبط مركبة تستخدم فى غير الغرض المبين برخصتها ولا يجوز إعادة ترخيصها قبل مضى ثلاثين يوما وفى حالة العود إلى الفعل ذاته خلال ستة أشهر من تاريخ ارتكابه الفعل السابق يكون إلغاء ترخيص المركبة لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر، وفى حالة العود إلى ذات الفعل مرة أخرى خلال سنة من تاريخ ارتكاب الفعل يلغى ترخيص المركبة لمدة لا تزيد على ستة أشهر، ولا يسرى ذلك على مالك إلا إذا كان قد وافق على تسييرها مع علمه باستخدامها فى غير الغرض المبين برخصتها.

- فى حالة تكرار ضبط قائد أى مركبة مرتكبا فعلا مخالفا للآداب فى المركبة أو سمح بارتكابه فيها خلال سنة من تاريخ ارتكاب الفعل السابق ولا يجوز إعادة ترخيصها إلا بعد مضى ستة أشهر.

- لا يكون إلغاء ترخيص تسيير المركبة إذا كان مالك المركبة حسن النية ولمالك المركبة استرداد رخصة المركبة ما لم يثبت علمه بالواقعة.

- إلغاء التراخيص من تاريخ ضبط السيارة بدون لوحات ولا يجوز إعادة التراخيص بها قبل مضى ثلاثة أشهر على إلغاء التراخيص وفقا للمادة 14 من القانون.


 







مشاركة

مقالات مشابهة

  • احذر مخالفة مرورية.. تعرف على كيفية تجنب سحب رخص المركبة بالطرق
  • رئيس الوزراء يلتقي محافظ البنك المركزي لمتابعة عدد من الملفات
  • رئيس الوزراء يبحث مع محافظ البنك المركزي تدبير الاحتياجات الدولارية
  • رئيس مجلس النواب: المادة 128 تكفل حقوق العاملين في الإجازات الدينية
  • اعتقال نائب رئيس مجلس بلدية بعد مشادة مع عضوة بالحزب الحاكم
  • إرتفاع أسعار الموز.. إتحاد التجار يفضح المتسببين 
  • رئيس الدولة يعزي في وفاة والدة ناصر النعيمي
  • حسني بي: اتهام التجار بتضيخم الأسعار ليس سوى شعارات 
  • 4 قرارات هامة لمجلس نقابة المحامين لرفض زيادة الرسوم القضائية
  • التجار والباعة في مرمى الاتهامات باستغلال رمضان لرفع الأسعار