دبلوماسي إيراني يشبّه علاقة طهران مع المقاومة بحلف الناتو
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
طهران- بعد أن دأبت طهران خلال الفترة الماضية على نفي الاتهامات الموجهة إليها بتحريك فصائل المقاومة وفق أجندتها الإقليمية، والتأكيد أنها لا تسيطر على سلوكها، شبّه سفيرها لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني، العلاقة بينهما "بمعاهدة دفاعية مثل الناتو".
وعقب رسالة وجهتها طهران إلى مجلس الأمن الدولي، تنفي خلالها الاتهامات الغربية حول "وقوف إيران خلف الهجمات على القواعد الأميركية بالشرق الأوسط"، تحدث ممثلها الدائم في المنظمة الأممية عن صلة بلاده بفصائل المقاومة و"التنسيق والتعاون والتمويل والتشاور بينهما".
وفي مقابلة مع شبكة "إن بي سي نيوز"، قال إيرواني إن "العلاقة بين إيران وجماعات المقاومة في هذه المنطقة يمكن مقارنتها بمعاهدة الناتو"، مستدركا أن هذه الفصائل "لديها خياراتها الخاصة"، عندما يتعلق الأمر بـ"الأنشطة العسكرية".
إيرواني قال إن فصائل المقاومة لديها خياراتها الخاصة عندما يتعلق الأمر بـ"الأنشطة العسكرية" (غيتي) ردود متباينةوبينما يأتي استدراك السفير الإيراني في نيويورك لتجنيب بلاده مسؤولية سلوك فصائل المقاومة الممتدة من اليمن إلى العراق ثم سوريا ولبنان وقطاع غزة، تساءل مراقبون إيرانيون عن المقصود من حديث إيرواني حول "التحالف الدفاعي بين الجمهورية الإسلامية وفصائل المقاومة".
وتعليقا على تساؤل بعض الأوساط الإيرانية والإقليمية عن طبيعة التحالف الدفاعي بين إيران وفصائل المقاومة، وعما إذا كانت أطرافه مستعدة لخوض حرب حقيقية دفاعا عن أي طرف منها قد يتعرض لهجوم أجنبي، تلتزم السلطات الرسمية الصمت، بيد أن وسائل الإعلام الفارسية أعادت نشر مواقف سابقة لوزارة الخارجية الإيرانية تنفي استخدام طهران الفصائل لتحقيق مصالحها "بالوكالة".
من ناحيته، يعتبر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة طهران، محسن جليلوند، مقاربة إيرواني حول صلة بلاده بحركات المقاومة بأنها "غير دقيقة"، موضحا أن التحالفات الدفاعية لا تعقد سوی بين دول مستقلة معترف بها دوليا وأمميا.
طهران وجهت رسالة إلى مجلس الأمن تنفي فيها مسؤوليتها عن الهجمات على القواعد الأميركية (الجزيرة) طوفان الأقصىوفي حديثه للجزيرة نت، يشير جليلوند إلى أن التحالفات الدولية، ومنها الحلف الأطلسي (الناتو) تتمتع بكيان قانوني شرعي، معتبرا الحديث عن تمويل بلاده لتلك الحركات والتنسيق والتعاون بينهما إنما يفتح الباب على مصراعيه للأطراف الغربية لكيل الاتهامات لطهران وتحميلها مسؤولية سلوك تلك الفصائل.
وتابع، أن معركة طوفان الأقصى والحرب الإسرائيلية المستمرة على حركات المقاومة الفلسطينية في غزة أثبتت أنه "لا وجود لأي تحالف دفاعي حقيقي بين إيران والفصائل المقاوِمة في ظل تجاوز تل أبيب لكل الخطوط الحمراء في حربها على الشعب الفلسطيني في غزة، وفي استهدافها للمقاومة في القطاع".
ولدى إشارته إلى أن حركات المقاومة يمكنها عقد تحالفات بينها كونها كيانات متناظرة، قرأ تحركات الفصائل لنصرة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في إطار "التحالف الدفاعي" بينها أو ما يسمى "بوحدة الجبهات في مواجهة إسرائيل"، مشددا على أن تلك الفصائل تختلف في مدى تمتعها بالشرعية الدولية وفي انخراطها بالعمل السياسي في بلادها.
وختم جليلوند بالقول، إن الجمهورية الإسلامية لا يمكنها تشكيل تحالف دفاعي مع حركات المقاومة، وإنها لا ترى ضرورة في ذلك، لأن ثمنه سيكون باهظا على طهران.
انضمام "إم 99" إلى ترسانة القنص القسامية يكشف عن وعي المقاومة بطبيعة الحرب غير النظامية ضد جيش الاحتلال (الإعلام العسكري لكتائب القسام) الدستور الإيرانيفي المقابل، يقرأ الباحث السياسي رضا صدر الحسيني، صلة بلاده بفصائل المقاومة في إطار "تأكيد الدستور الإيراني على ضرورة دعم الحركات التحررية والمناوئة للاستكبار العالمي والكيان الصهيوني"، مؤكدا أن الثورة الإيرانية لم تفرض يوما أجندتها وتطلعاتها على حلفائها سواء في المنطقة أو خارجها، مستدركا أن أغلب الفصائل المقربة من طهران تشاطر الأخيرة همومها وتطلعاتها في المنطقة الإسلامية.
وفي حديث للجزيرة نت، يستذكر الحسيني التباين الطارئ في سياسات طهران وحركة حماس حيال التطورات السورية عام 2011، مضيفا أن الحركة الفلسطينية لا تزال تحظى بدعم إيران بخصوص مقارعة الاحتلال الإسرائيلي مما يؤكد عدم فرض طهران أجندتها على حلفائها وإطلاق يدي الفصائل في اتخاذ قرارها بما يناسب ظروفها.
وتابع، أن طهران تعلن بوضوح أنها ستدعم جميع الجهات التي تأخذ مهمة مواجهة الكيان الإسرائيلي على عاتقها، مؤكدا أن هذا الدعم لا يشمل الكيانات التي تتحرك ضد مصالح الدول الأخرى التي تعترف بها إيران.
وخلص الباحث الإيراني إلى أن علاقة بلاده مع فصائل المقاومة قد بلغت مستوى التحالف في القضايا الإستراتيجية دون أن يشمل ذلك التكتيكات التي ترى أن فصائل المقاومة أولى باتخاذها بسبب قربها للميدان.
رضا الحسيني: الدستور الإيراني يؤكد دعم الحركات المناهضة للكيان الصهيوني (الصحافة الإيرانية) القانون الدوليوعما إذا كان القانون الدولي يسمح بعقد تحالفات دفاعية بين الدول المستقلة والحركات التحررية، يذكر أستاذ القانون الدولي بجامعة طهران يوسف مولائي، أن القانون الدولي لا يتطرق سوى إلى علاقات الدول، وأنه لا يتضمن مواد شفافة بشأن صلة الدول مع الحركات التحررية.
وفي حديثه للجزيرة نت، يشير مولائي إلى أن طهران ترى علاقتها بفصائل المقاومة قانونية، نظرا إلى نصوص دستورها الوطني، مضيفا أن أغلب الدول اليوم تلتزم بقوانينها الداخلية أكثر من القانون الدولي عندما يتعارضان.
وخلص الخبير القانوني الإيراني إلى أن سلوك الدول وفقا لقوانينها الداخلية -بغض النظر عن الأعراف الدولية- يبرر للدول والقوى الأخرى مواجهة تلك التحركات وفقا لقوانينها الداخلية، بما يهدد بنشوب صراعات إقليمية ودولية ليس العالم اليوم بحاجة إليها أصلا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فصائل المقاومة القانون الدولی إلى أن
إقرأ أيضاً:
"النفوذ الإيراني في القرن الإفريقي والبحر الأحمر" يرصد سياقات وتداعيات توغل طهران بشرق القارة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
باتت منطقة القرن الأفريقي محط أنظار الكثيرين في الآونة الأخيرة، في ظل الأحداث التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، واتصالها المباشر بشرق أفريقيا التي تطل على البحر الأحمر ومضيق باب المندب، لذا كانت المنطقة هدفا لعدد من القوى الإقليمية والدولية لبسط نفوذها هناك وتوطيد علاقتها مع دول القرن الأفريقي.
وفي هذا السياق، أصدرت الدكتورة نجلاء مرعى أستاذ مساعد العلوم السياسية وخبيرة الشئون الإفريقية، كتاب "النفوذ الإيراني في القرن الإفريقي والبحر الأحمر: السياقات والتداعيات"، عن دار العربى للنشر والتوزيع.
ويهدف الكتاب ليس فقط لمعالجة مظاهر وحجم النفوذ الإيراني الناعم في دول شرق إفريقيا والبحر الأحمر، مع استشراف آفاق هذا النفوذ في ظل وصول الرئيس مسعود بيزشكيان في 6 يوليو 2024 بعد رحيل الرئيس إبراهيم رئيسي في 20 مايو 2024.
وأبدت إيران اهتمامًا كبيرًا بمنطقة شرق إفريقيا، لا سيما القرن الإفريقي والبحر الأحمر، وتحديدًا بعد وصول الرئيس أحمدي نجاد إلى سدة الحكم في عام 2005.
وتهدف من ذلك التوجه إلى تحقيق العديد من الأهداف المتداخلة والمتشابكة، مستخدما في ذلك الآليات المتكاملة لتحقيق هذه الأهداف، وفي مقدمتها ما يسمى بـ"القوة الناعمة"، في محاولة لامتلاك أوراق جديدة لكسب المزيد من التأييد الدولي لمواقفها، لاسيما أحقيتها في امتلاك تكنولوجيا نووية سلمية، وإرسال رسالة إلى الدوائر الغربية تحديدًا، مفادها أن لديها القدرة على الانفتاح لتغيير الصورة النمطية عنها، والتي تصفها دائما بالتشدد.
وقد أضحت منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر ساحة كبيرة للتنافس بين إيران والقوى الإقليمية، لا سيما إسرائيل وتركيا، وهو ما دفع العديد من المراقبين والخبراء إلى الجزم بأن البحر الأحمر مرشح في المرحلة المقبلة ليكون حلبة جديدة لمواجهات مسلحة إقليمية دولية، على خلفية الحراك الإيراني غير المسبوق لفتح جبهات جديدة في القرن الإفريقي، بدعم الجماعات الأصولية المتطرفة في الصومال، وعبر دعمها للحوثيين في اليمن، وشن هجمات باتجاه إسرائيل واستهداف السفن التجارية والعسكرية منذ أكتوبر 2023 ردًا على الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي الخليجي خاصة والعربي عامة.
ويشكل التنافس بين القوى الإقليمية تهديدًا مباشرًا لأمن واستقرار منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر، وربما تزداد – في تقديري - وتيرتها في المستقبل المنظور وأبرزها، ارتفاع مستوى التهديدات الأمنية في بيئة البحر الأحمر، والتي تبلورت في ثلاث ظواهر، هي: العسكرة، وتصاعد هجمات الحوثيين، والقرصنة البحرية؛ خاصة في ظل الحرب الإسرائيلية في غزة منذ أكتوبر 2023، فضلا عن تراجع تدفقات التجارة البحرية وتأثيرها على اقتصادات دول شرق إفريقيا والقرن الإفريقي، وتهديد حركة المساعدات الإنسانية تجاه دول شرق إفريقيا والقرن الإفريقي عبر ميناء السودان، والتأثير في الحسابات الاستراتيجية للمصالح الإقليمية والعالمية في منطقة البحر الأحمر والقرن الإفريقي.
لذا، يهدف الكتاب ليس فقط لمعالجة مظاهر وحجم النفوذ الإيراني الناعم في دول شرق إفريقيا والبحر الأحمر، مع استشراف آفاق هذا النفوذ في ظل وصول الرئيس مسعود بيزشكيان في 6 يوليو 2024 بعد رحيل الرئيس إبراهيم رئيسي في 20 مايو 2024، فضلا عن أبراز التوجه العربي والخليجي بقيادة مصر والسعودية بالاهتمام بمنظومة الأمن في البحر الأحمر، لما تمثله من أهمية استراتيجية للأمن القومي العربي، بل أيضا لرصد وتحليل تداعيات التهديدات والتنافس الإقليمي على الأمن الجيوسياسي للقرن الإفريقي والبحر الأحمر.
الدكتورة نجلاء مرعى، هى أستاذ مساعد العلوم السياسية وخبيرة الشئون الإفريقية، صدر لها العديد من الكتب والتقارير الإستراتيجية السنوية والدراسات والمقالات المنشورة، أبرزها، كتاب "سَدّ النهضة الإثيوبي".. الصراع المائي بين مصر ودول حوض النيل، وكتاب العلاقات الأمريكية السودانية: النفط والتكالب الأمريكي علي السودان، وكتاب النفط والدماء: الإستراتيجية الأمريكية تجاه إفريقيا "السودان نموذجا".