طهران- بعد أن دأبت طهران خلال الفترة الماضية على نفي الاتهامات الموجهة إليها بتحريك فصائل المقاومة وفق أجندتها الإقليمية، والتأكيد أنها لا تسيطر على سلوكها، شبّه سفيرها لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني، العلاقة بينهما "بمعاهدة دفاعية مثل الناتو".

وعقب رسالة وجهتها طهران إلى مجلس الأمن الدولي، تنفي خلالها الاتهامات الغربية حول "وقوف إيران خلف الهجمات على القواعد الأميركية بالشرق الأوسط"، تحدث ممثلها الدائم في المنظمة الأممية عن صلة بلاده بفصائل المقاومة و"التنسيق والتعاون والتمويل والتشاور بينهما".

وفي مقابلة مع شبكة "إن بي سي نيوز"، قال إيرواني إن "العلاقة بين إيران وجماعات المقاومة في هذه المنطقة يمكن مقارنتها بمعاهدة الناتو"، مستدركا أن هذه الفصائل "لديها خياراتها الخاصة"، عندما يتعلق الأمر بـ"الأنشطة العسكرية".

إيرواني قال إن فصائل المقاومة لديها خياراتها الخاصة عندما يتعلق الأمر بـ"الأنشطة العسكرية" (غيتي) ردود متباينة

وبينما يأتي استدراك السفير الإيراني في نيويورك لتجنيب بلاده مسؤولية سلوك فصائل المقاومة الممتدة من اليمن إلى العراق ثم سوريا ولبنان وقطاع غزة، تساءل مراقبون إيرانيون عن المقصود من حديث إيرواني حول "التحالف الدفاعي بين الجمهورية الإسلامية وفصائل المقاومة".

وتعليقا على تساؤل بعض الأوساط الإيرانية والإقليمية عن طبيعة التحالف الدفاعي بين إيران وفصائل المقاومة، وعما إذا كانت أطرافه مستعدة لخوض حرب حقيقية دفاعا عن أي طرف منها قد يتعرض لهجوم أجنبي، تلتزم السلطات الرسمية الصمت، بيد أن وسائل الإعلام الفارسية أعادت نشر مواقف سابقة لوزارة الخارجية الإيرانية تنفي استخدام طهران الفصائل لتحقيق مصالحها "بالوكالة".

من ناحيته، يعتبر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة طهران، محسن جليلوند، مقاربة إيرواني حول صلة بلاده بحركات المقاومة بأنها "غير دقيقة"، موضحا أن التحالفات الدفاعية لا تعقد سوی بين دول مستقلة معترف بها دوليا وأمميا.

طهران وجهت رسالة إلى مجلس الأمن تنفي فيها مسؤوليتها عن الهجمات على القواعد الأميركية (الجزيرة) طوفان الأقصى

وفي حديثه للجزيرة نت، يشير جليلوند إلى أن التحالفات الدولية، ومنها الحلف الأطلسي (الناتو) تتمتع بكيان قانوني شرعي، معتبرا الحديث عن تمويل بلاده لتلك الحركات والتنسيق والتعاون بينهما إنما يفتح الباب على مصراعيه للأطراف الغربية لكيل الاتهامات لطهران وتحميلها مسؤولية سلوك تلك الفصائل.

وتابع، أن معركة طوفان الأقصى والحرب الإسرائيلية المستمرة على حركات المقاومة الفلسطينية في غزة أثبتت أنه "لا وجود لأي تحالف دفاعي حقيقي بين إيران والفصائل المقاوِمة في ظل تجاوز تل أبيب لكل الخطوط الحمراء في حربها على الشعب الفلسطيني في غزة، وفي استهدافها للمقاومة في القطاع".

ولدى إشارته إلى أن حركات المقاومة يمكنها عقد تحالفات بينها كونها كيانات متناظرة، قرأ تحركات الفصائل لنصرة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في إطار "التحالف الدفاعي" بينها أو ما يسمى "بوحدة الجبهات في مواجهة إسرائيل"، مشددا على أن تلك الفصائل تختلف في مدى تمتعها بالشرعية الدولية وفي انخراطها بالعمل السياسي في بلادها.

وختم جليلوند بالقول، إن الجمهورية الإسلامية لا يمكنها تشكيل تحالف دفاعي مع حركات المقاومة، وإنها لا ترى ضرورة في ذلك، لأن ثمنه سيكون باهظا على طهران.

انضمام "إم 99" إلى ترسانة القنص القسامية يكشف عن وعي المقاومة بطبيعة الحرب غير النظامية ضد جيش الاحتلال (الإعلام العسكري لكتائب القسام) الدستور الإيراني

في المقابل، يقرأ الباحث السياسي رضا صدر الحسيني، صلة بلاده بفصائل المقاومة في إطار "تأكيد الدستور الإيراني على ضرورة دعم الحركات التحررية والمناوئة للاستكبار العالمي والكيان الصهيوني"، مؤكدا أن الثورة الإيرانية لم تفرض يوما أجندتها وتطلعاتها على حلفائها سواء في المنطقة أو خارجها، مستدركا أن أغلب الفصائل المقربة من طهران تشاطر الأخيرة همومها وتطلعاتها في المنطقة الإسلامية.

وفي حديث للجزيرة نت، يستذكر الحسيني التباين الطارئ في سياسات طهران وحركة حماس حيال التطورات السورية عام 2011، مضيفا أن الحركة الفلسطينية لا تزال تحظى بدعم إيران بخصوص مقارعة الاحتلال الإسرائيلي مما يؤكد عدم فرض طهران أجندتها على حلفائها وإطلاق يدي الفصائل في اتخاذ قرارها بما يناسب ظروفها.

وتابع، أن طهران تعلن بوضوح أنها ستدعم جميع الجهات التي تأخذ مهمة مواجهة الكيان الإسرائيلي على عاتقها، مؤكدا أن هذا الدعم لا يشمل الكيانات التي تتحرك ضد مصالح الدول الأخرى التي تعترف بها إيران.

وخلص الباحث الإيراني إلى أن علاقة بلاده مع فصائل المقاومة قد بلغت مستوى التحالف في القضايا الإستراتيجية دون أن يشمل ذلك التكتيكات التي ترى أن فصائل المقاومة أولى باتخاذها بسبب قربها للميدان.

رضا الحسيني: الدستور الإيراني يؤكد دعم الحركات المناهضة للكيان الصهيوني (الصحافة الإيرانية) القانون الدولي

وعما إذا كان القانون الدولي يسمح بعقد تحالفات دفاعية بين الدول المستقلة والحركات التحررية، يذكر أستاذ القانون الدولي بجامعة طهران يوسف مولائي، أن القانون الدولي لا يتطرق سوى إلى علاقات الدول، وأنه لا يتضمن مواد شفافة بشأن صلة الدول مع الحركات التحررية.

وفي حديثه للجزيرة نت، يشير مولائي إلى أن طهران ترى علاقتها بفصائل المقاومة قانونية، نظرا إلى نصوص دستورها الوطني، مضيفا أن أغلب الدول اليوم تلتزم بقوانينها الداخلية أكثر من القانون الدولي عندما يتعارضان.

وخلص الخبير القانوني الإيراني إلى أن سلوك الدول وفقا لقوانينها الداخلية -بغض النظر عن الأعراف الدولية- يبرر للدول والقوى الأخرى مواجهة تلك التحركات وفقا لقوانينها الداخلية، بما يهدد بنشوب صراعات إقليمية ودولية ليس العالم اليوم بحاجة إليها أصلا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فصائل المقاومة القانون الدولی إلى أن

إقرأ أيضاً:

إيران رداً ترامب: نتحرك وفق المصلحة والحكمة

قالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني، اليوم الأربعاء، إن السياسة الخارجية لطهران تحركها مبادئ الكرامة والحكمة والمصلحة.

وجاء ذلك رداً على تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن واشنطن ستتواصل مع طهران.

وقالت المتحدثة خلال مؤتمر صحافي لدى سؤالها عن رد الفعل على استعداد ترامب عقد محادثات مع نظيره الإيراني: "ما يحرك سياستنا الخارجية على الدوام هو المبادئ التالية: الكرامة لبلادنا وشعبنا والحكمة... والمصلحة".

وتابعت قائلة "الحكمة تعني النظر لما خلف الكواليس وفهم الأمور بشكل سليم".

Iran says its foreign policy driven by interests after Trump voices readiness to talk https://t.co/NIhV6VilGW

— The Straits Times (@straits_times) February 5, 2025

واستأنف ترامب أمس الثلاثاء حملة لممارسة "أقصى الضغوط" على إيران بما في ذلك إجراءات تؤدي لخفض صادراتها النفطية حتى تتوقف تماما لمنع طهران من حيازة أسلحة نووية.

ولدى توقيعه على المذكرة الرئاسية، وصفها ترامب بأنها قاسية وقال إنه كان متردداً.

ترامب وإيران.. معركة المصالح والضغوط - موقع 24قال تشارلي غاميل، مؤرخ ودبلوماسي بريطاني سابق عمل في مكتب إيران بوزارة الخارجية، إن ثمة جدلاً ساخناً بين السياسيين في إيران – سواء كانوا من المتشددين أو الإصلاحيين – يدور حول سؤال مصيري مفاده: هل يجب على طهران أن تدخل في مفاوضات مع دونالد ترامب؟

وأضاف أنه منفتح على التوصل لاتفاق مع إيران وعبر عن استعداده للتحدث مع الرئيس مسعود بزشكيان.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية الإيراني يكشف موقف بلاده الرافض لتهجير أهل غزة
  • انخفاض قياسي في سعر الريال الإيراني بعد قرار ترامب تصعيد سياسة الضغط على طهران
  • رد ناري من إيران على ترامب: هل تنجح المفاوضات حول السلاح النووي؟
  • إيران رداً ترامب: نتحرك وفق المصلحة والحكمة
  • وزير الخارجية الإيراني: سياسة الضغوط الأمريكية «تجربة فاشلة»
  • إيران توجه رسالة طمأنة إلى ترامب
  • مأزق إيران مع دونالد ترامب
  • ترامب: مستعد للقاء الرئيس الإيراني وإذا حاولت طهران قتلي سنقضي عليها
  • بوادر خلاف في إيران حول المسوؤل عن إدارة الملف النووي.. ما علاقة شمخاني؟
  • لماذا يخشون الربط السككي مع إيران ولا يخشون الارتهان للآخرين؟