الأخطر بدأ.. أمراً وطاعة أيها الروبوت؟!
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
في البدء لم يكن الأمر سوى من نسج خيال علمي واحلام بعيدة المنال، إلّا أن الذكاء الاصطناعي تخطّى عتبة الأفلام ليطأ عالمنا الحقيقي محدثاً جدلاً كبيراً حول ما يحمله المستقبل من تحديات جديّة للإنسان. فبعد أن جلنا سينمائياً في عالم حكمته الآلة وسيطرت عليه، ورأينا البشر محكومين ومقيدين بما تصدره الروبوتات من أوامر، أصبح من الواجب التوقف عند قدرة هذا الذكاء ومخاطره على الانسان في القريب العاجل، وسط التطور التكنولوجي الهائل والسريع الذي نشهده والذي يرفع منسوب القلق من تحوّل خطير في تاريخ البشريّة.
دخول الآلة الى حياة الإنسان فرض نفسه منذ القدم، حيث استقدمت الالات لتنفيذ بعض الوظائف المحدودة ومساعدة اليد العاملة في مجالات الزراعة والبناء؛ لكن هل يستبدل الانسان بالروبوتات والأخطر هل تتحق أبشع كوابيسنا ونقع تحت سيطرتها التامة: "أمراً وطاعة أيها الروبوت"؟!
التهديد جدّي.. ما لا تعرفون عن الـ"AGI"
يقول رامز القرا، خبير التحوّل الرقمي في حديثه لـ"لبنان 24" إن استبدال الإنسان بالالة ليس بالجديد، وهذا الموضوع يحدث منذ عشرات ومئات السنين وان كان على مستوى مختلف في البناء والزراعة والصيد وغيرها، حيث تقوم آلات ومكنات بمهمات كانت توكل للإنسان"، مؤكداً أنه "هذا أمر طبيعي".
الخوف والتهديد الجدي الذي يمثّله الذكاء الاصطناعي هو أنه لأول مرة يستبدل الابداع لدى الانسان، بحسب القرا الذي يشير الى اننا "كنا دوماً نقول أن الانسان بخير لأن الآلة لا تستطيع الابداع وهي فقط مقلّد غبي. لكن اليوم مع تطور الذكاء الاصطناعي والطفرة المحدثة وما يسمى بـ"شات جي بي تي" والـ"language model"، اصبح هناك جدية في إمكانية استبدال أعمال كثيرة اضافية وهذا الأمر بدأ مع "القيادة الذاتية" أو ما يعرف بالـ"AI driving".
بدوره، يوضح خبير في الأمن السيبراني والتحول الرقمي، رولان أبي نجم لـ"لبنان 24" أن كل الذكاء الاصطناعي الحالي يندرج ضمن اطار الذكاء التوليدي الذي يُنتج من المعلومات والصور والفيديوهات الموجودة صوراً وفيديوهات وموسيقى آخرى، لافتاً الى أن لهذا الذكاء حدودا او قيود.
ويضيف: "من أخطر ما يحدث هو بدء الذكاء الاصطناعي بأخذ القرارات وهو ما يسمى بالـ"artificial general intelligence" أو الذكاء الاصطناعي العام وهو يختلف عن التوليدي بقدرته على التفكير والتحليل واتخاذ القرار كأي شخص طبيعي. وهنا تمكن الخطورة من اخلاقيات الذكاء الاصطناعي وكيفية اتخاذه للقرارات ووفقاً لأي أساسات ومعايير. فهو يتخذ قراره بالاستناد الى الأشخاص الذين يقومون بتدريبه وتطويره وبرمجته. فمثلا في حال القيادة الذاتية، ان فاجأك شخص مارّ بوسط الطريق قد تمنعك السيارة من الانعطاف وتجبرك على الاصطدام به وفقاً لمعاييرها المرورية"، مشيراً الى أنه "في مرحلة معينة ستصبح الطائرات بعد السيارات من يتخذ القرار بدلاً من الفرد".
متى يتفوّق الذكاء الاصطناعي على البشر؟
الذكاء الاصطناعي أصبح مبدعاً بأعمال محددة وفقاً للقرا، الذي يذكر أن "هناك توقعات بالوصول لمرحلة "التفرّد" بالقرار أو الـ"singularity" في الـ2050 وبعدها تحدي الولوج الى العالم الحقيقي من خلال الروبوتات وهذا ما سيشكّل خطراً بشكل جدي على التأثير على القرار واستبال القرار البشري.
ويفسّر القرا لـ"لبنان 24" أن "هناك ارتباطا وثيقا بين الروبوتات والذكاء الاصطناعي، فمن غير هذا الذكاء ليست الروبوتات سوى الات تتحرك ضمن أوامر. لكن إضفاء الذكاء الاصطناعي يمنح الروبوتات استقلالية معيّنة". ويكمل: "الانسان عندما يدرّب الذكاء الاصطناعي لا يستطيع التنبؤ 100% بالنتائج فهي تختلف عمّا هو تقليدي، حيث توجد قواعد واضحة تتصرّف الآلة على أساسها. فبالذكاء الاصطناعي نعتمد أكثر على تعليم وتدريب الـ"ai" وتركه يستنبط قراراته مما يحصل عليه من معلومات.
هذا ويؤكّد القرا أن مجالات استخدام الذكاء الاصطناعي ستساعد الانسان على الحفاظ على دوره وسترفع مستوى الرفاهية لديه، مشيراً الى أنه "يجدر بالإنسان التركيز على أمور تطلب الابداع لان الذكاء الاصطناعي لا يزال يعتمد في ابداعه عما يتعلّمه من الـ"data" البشرية، لذا فإن قدرة الانسان في الابداع هي ما سيحدد التفوق البشري من عدمه في المستقبل".
ماذا عن تزوير التاريخ والأحداث؟
من الآن، لا تصدقوا كل ما تسمعونه وترونه! في الآونة الأخيرة، بدأنا نلحظ انتشار صور واخبار مفبركة، مقابلات لأشخاص لم يجرونها في الحقيقة وبثّا مباشراً "live" لأشخاص من دون أن يكونوا موجودين في البث أصلاً! من منكم لم يعلم بتزوير صوت الرئيس الأميركي جو بايدن وما أحدثه هذا العمل من جدل في الولايات المتحدة والعالم؟
لحسن الحظ، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في مواجهة الذكاء الاصطناعي. وبحسب القرا، هناك نوع من الذكاءات الاصطناعية تستطيع اكتشاف التزييف أو الـ"deep fake" لان انتاجه وتصنيعه يعتمد على طرق معينة يمكن للذكاء الاصطناعي ان يكتشفها.
أمّا بشأن تغيير التاريخ وتزويره، فيقول أبي نجم إننا "لا نستطيع الاتفاق على ما نعيشه ونشهده صوتاً وصورة، فكيف نتفق على ما يرويه الذكاء الاصطناعي؟". ويشرح الخبير السيبراني أن "الذكاء الاصطناعي هو 5000 برنامج تعود لـ5000 شركة مختلفة، لذا يختلف الجواب على نفس السؤال من برنامج الى آخر بحسب المعلومات التي أدخلت الى البرنامج"، مؤكداً أنه "لا يمكننا القول ان الذكاء الاصطناعي غير منحاز ولا مشاعر له، فهو لتزويدنا بالمعلومات قام أحد الأشخاص بشحنه بها".
أسوأ سيناريو.. هل "تنقلب" الروبوتات علينا؟
مؤتمر أوّل تاريخي، أطلت الروبوتات من خلاله مؤكدة حبّها لصانعها الانسان ومطمئنة من عدم إقدامها على إيذائه؛ لكن من برمج هذه الآلات على قول ما صرّحت به أمام الملايين، يستطيع إعطاءها أوامر معاكسة وأن يطلب منها القيام بما هو مغاير. هذا ما يلفت إليه أبي نجم في حديثه الى "لبنان 24"، موضحاً أن "زرّ الإيقاف الأحمر" غير موجود في الحقيقة.
لذا، عند التطرق الى انقلاب الروبوتات على الانسان، استشهد أبي نجم بجواب لسام ألتمان، مؤسس شركة "أوبن إيه آي" ومطلق منصة الذكاء الاصطناعي التوليدي "شات جي بي تي" لدى سؤاله هذا الأمر، وقال إن "هناك من يعتقد بوجود زر وقف التشغيل الأحمر وهذا امر خاطئ فالروبوتات تستمد الطاقة من حيث تريد وهي موصولة بشبكة الانترنت ولا يمكن فصلها كما يظن البعض". وتابع أبي نجم: "اذا شعرت هذه الآلات ان الانسان قد يشكل خطراً عليها يمكن ان تنقلب عليه".
وعن أسوأ سيناريو، يقول أبي نجم: "يحكى عن تصنيع أكثر من مليار روبوت بعد مدةّ والناس ستعتبر هذه الآلات "قربية" منها، وبدل المربية ستلجا الأسر الى الروبوتات"، مشيرا الى ان معظم المنازل أصبحت "ذكية" تعتمد على الآلة وان لم تكن على شكل روبوت. ويضيف: "ان طلبنا من الذكاء الاصطناعي حمايتنا ونشب حريق في المبنى الذي نسكن فيه، قد يمنعنا هذا "الذكاء" من مغادرة المنزل ظنا منه انه يحمينا في الوقت الذي قد يتسبب به بقتلنا خنقاً داخل المنزل! في هذه الحالة من يستطيع برمجته؟ وقد يكون أقوى من الأنسان لتعطيله".
كذلك، يشير أبي نجم الى أنه "أصبح لدينا أسلحة قادرة على اتخاذ قرارات ذاتية من دون ان يتمّ التحكم بها، مثلما حصل في الحرب بين روسيا وأوكرانيا حيث نفّذت مسيرة "ذكية" مهمتها بالرغم من فقدان الاتصال بها بسبب التشويش". الأمر الذي استدعى اجتماعاً طارئاً لمجلس الامن الدولي لمناقشة مخاطر الذكاء الاصطناعي ومن ضمنها استخدام الذكاء الاصطناعي بالأسلحة والحروب وترك اتخاذ القرار لهذه الأسلحة الذكية في ساحة المعركة.
جموح الـ"AI" من يكبحه؟
ان أعطي الخيار لكم بقتل 10 أشخاص لإنقاذ مليون شخص، ماذا تقررون؟ الجواب يختلف من شخص لآخر، تبعاً لما لديه من معطيات ومن خلفيته وأخلاقياته. هذا هو الحال مع الروبوتات أيضاً! ستتخذ القرار وفقاً للـ"data" التي برمجت على أساسها. فمن يحدّد الضوابط والقوانين؟
يرى الخبير الرقمي، القرا، أن "أسوأ مخاطر الذكاء الاصطناعي يكمن في القوننة لها وكيفية استخدامها، خصوصا ان إعطاء السلطة لهذا الذكاء يسمح له باتخاذ القرارات بشكل مستقلّ"، مشدداً على أن "عدم وجود تشريعات تمنع من تعليم الذكاء الاصطناعي على العنصرية مثلاَ يشكل خطراً".
وفي هذا السياق، يقول أبي نجم أن "ايلون ماسك، مالك منصة "اكس" والمؤسس المشارك والرئيس التنفيذي في شركة "تسلا"، وقّع مع 600 مستثمر عريضة لوقف تطوير الذكاء الاصطناعي لمدة 6 أشهر من أجل وضع قوانين وضوابط"، لافتاً الى ان "هؤلاء ومن بينهم ماسك أسسوا شركاتهم وطوروا الذكاء الاصطناعي بلا ضوابط".
ويكمل أبي نجم أن "الاستثمار بهذا القطاع يستقطب العديدين لكسب الأموال، لذا للأسف لا يمكن القيام بأي شيء لحماية الانسان من هذا التطور فهو يدار من شركات كبرى ودول، بلا ضوابط"، مشيراً الى أنه "لا يمكن وضعها لأن في الفضاء العالمي لا حدود جغرافية للضوابط، بمعنى انه يمكن للشركات ان تفتح فروعاً في بلدان كفيتنام وماليزيا لا تخضع للقوانين الدولية".
من جهته، يعتبر القرا ان "التحدي الأكبر هو بإلزام الشركات باتباع القوانين لدى وضعها، لأن التطور في هذا المجال ممكن أن يحصل في مرآب او غرفة طالب جامعي"، مضيفاً أن "الجهات التي ستضع أي تشريع عليها أن تتأكد بشكل أساسي أن أي طفرة وأي تطوّر تكنولوجي معيّن لن يكون لديه تأثير سلبي على البشرية وان يكون استخدام القدرات العالية للذكاء الاصطناعي بالطريقة والمكان الصح". لذا، هذه التشريعات، وفقاً للقرا، يجب أن تكون على مستوى تجمّع للشركات الضخمة ومن أهمها التأكد من أن عمليات التدريب تتم بطريقة محايدة غير منحازة. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی هذا الذکاء لا یمکن لبنان 24 الى أنه الى ان الى أن
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء.. هل يتخطّى التفاعل البشري؟
تعتبر التجارة جزءا أساسيا من تاريخ الإنسانية، وقصة تمتد جذورها عبر العصور، إذ يعود أول ظهور للتجارة لمسافات طويلة إلى حوالي 3 آلاف سنة قبل الميلاد، وهو ما مهّد الطريق لظهور مفهوم العميل وتقديم الخدمات له. لكن لم تكتب البداية الرسمية لـ"خدمة العملاء" بشكلها الحالي إلا في وقت لاحق.
في الواقع، شهدت ستينيات القرن الـ18، بعد الثورة الصناعية، ولادة أول فرق دعم العملاء، لتبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة في تطور الخدمة التي نعرفها اليوم.
إن العودة إلى هذه الحقبة التاريخية تكشف لنا كيف تطورت هذه الصناعة بمرور الزمن، وأثرها الكبير على الطريقة التي نتعامل بها مع العملاء في عصرنا الحاضر.
شهدت هذه الخدمة تطورا ملحوظا منذ ظهور فرق الدعم الأولى في الثورة الصناعية، مرورا بابتكار الهاتف ومراكز الاتصال، ووصولا إلى الإنترنت والذكاء الاصطناعي الذي يعيد تشكيل هذا المجال اليوم.
ما تجربة عملاء الذكاء الاصطناعي؟تشير منصة "سرفي سبارو" (SurveySparrow) لإنشاء الدراسات الاستقصائية واستطلاعات الرأي والاستمارات، والمتخصصة في تحسين خدمة العملاء، إلى أن تجربة العملاء للذكاء الاصطناعي تتضمن تسخير قوة تقنيات الذكاء الاصطناعي لزيادة تفاعلات العملاء، وتبسيط العمليات التجارية، وتعزيز رضا العميل بشكل عام.
تتراوح التقنيات المستخدمة في هذا النهج من خوارزميات التعلم الآلي إلى معالجة اللغة الطبيعية "إن إل بي" (NLP)، والتحليلات التنبؤية، وحتى أتمتة العمليات الروبوتية.
وفي دراسة حديثة لها، قالت شركة "ماكنزي" (Mckinsey)، وهي شركة استشارات إستراتيجية دوليّة في نيويورك، إن الذكاء الاصطناعي يستخدم للمشاركة الاستباقية والفعالة، والتعرف على النيات التنبؤية، وتحسين قنوات الخدمة الذاتية على مستويات أعلى.
وتشير الدراسة إلى أن الشركات الأكثر تقدما، خاصة في القطاعات الرقمية المحليّة، تتجه نحو هذه المستويات الأعلى من تكامل الذكاء الاصطناعي.
في سياق متصل، يناقش العامل البشري في الخدمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مؤكدا أن تشغيلها لا يعني الأتمتة فقط، ويسلط الضوء على كيف يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الموظفين في الوقت الفعلي لتقديم نتائج عالية الجودة، وتوقع احتياجات العملاء حتى قبل الاتصال بهم.
الذكاء الاصطناعي يمكنه مساعدة الموظفين في الوقت الفعلي لتقديم نتائج عالية الجودة (بيكسلز) التحديات التي واجهتها خدمة العملاء التقليدية قبل ثورة الذكاء الاصطناعيهل تساءلت يوما عما يحدث بعد أن يسمع العميل هذا الطلب: "على مقياس من صفر إلى 10، ما مدى رضاك عن تجربة خدمة العملاء الخاصة بك؟".
الإجابة هي أنه عندما يحصل العملاء على رسالة نصية أو بريد إلكتروني، فإن الرقم الذي يضغطون عليه يوفر البيانات، ولكن هذه البيانات ربما لا تمنح صانعي القرار أي سياق لما جعل التجربة مذهلة أو مروّعة.
هل كان "صفر" بسبب تجربة سلبيّة مع ممثل مركز الاتصال، أو مجرد إحباط عام من شخص لديه كثير من الأمور الإدارية المزعجة في قائمته؟ هل كانت "10" استجابة مهذبة بشكل انعكاسي، أم حدث سيئ في أثناء تجربة خدمة العملاء؟
أحيانا، يمكن أن يضيف مربع التعليقات بعض القيمة، ولكن فقط إذا تمت إدارته بذكاء وتم تنفيذ التعليقات. وحتى في أفضل السيناريوهات، توفر الاستطلاعات فقط عينة صغيرة لا تمثل جميع التجارب، وهو ما يجعل من المستحيل الحصول على منظور شامل لرضا العملاء بشكل عام.
في السياق نفسه، تتضمن خدمة العملاء التقليدية عادة تواصل العملاء مع الدعم بعد مواجهة مشكلة، وغالبا ما ينتظرون على الخط، أو ينتقلون عبر أنظمة آلية معقدة قبل أن يتحدثوا أخيرا مع وكيل.
وهذه أحد القيود التي تجعل هذه الطريقة التقليدية مليئة بعدم الكفاءة، وتثير إحباط كل من العملاء والشركات. وتتمثل أبرز المشاكل التي يواجهها العملاء بشكل متكرر في:
أوقات الانتظار الطويلة، سواء عند الانتظار على الهاتف، أو عند التنقل في أنظمة الرد الآلي. طلبات المعلومات المتكررة، حيث يتعين على العميل تقديم التفاصيل نفسها عدة مرات. نقلات متعددة بين الوكلاء أو الأقسام قبل الوصول إلى حلّ. نقص في تناسق الخدمة، الأمر الذي يؤدي إلى نتائج متباينة اعتمادا على الوكيل أو النظام المعني. كيف يحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في خدمة العملاء؟ أفضل 10 إستراتيجياتعلى الرغم من أن اعتماد الذكاء الاصطناعي في مجال خدمة العملاء لا يزال في مراحله الأولى، فإنه بات من الواضح أنه يشكل ملامح مستقبل هذه الصناعة بشكل ملموس.
ويشير تقرير شركة ماكنزي إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساهم بمبلغ ملحوظ قدره 25.6 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي.
وقد رفعت وتيرة الابتكار التكنولوجي توقعات العملاء بشكل كبير، ويطالب الناس اليوم بخدمة سلسة، ومخصصة، وفعالة.
وقال أنوراغ دينغرا نائب الرئيس الأول ومدير عام قسم التعاون في شركة سيسكو الأميركية المتخصصة في مجال تكنولوجيا المعلومات لموقع فوربس: "يتيح لنا الذكاء الاصطناعي الانتقال من الخدمة التفاعلية إلى تقديم حلول أكثر استباقية، مما يساعد العملاء على حل المشكلات البسيطة تلقائيا، ويمكّن الوكلاء البشريين من التركيز على التفاعلات ذات القيمة العالية حيث يكون التعاطف وحل المشكلات أمرين أساسيين".
إليكم أفضل 10 طرق من منصة سرفي سبارو يمكن للذكاء الاصطناعي من خلالها إعادة تشكيل خدمة العملاء:
التوصيات الشخصية: يستخدم الذكاء الاصطناعي خوارزميات التعلّم الآلي، لتحليل سلوكيات العملاء واهتماماتهم، وتفضيلاتهم السابقة، حيث يمكنه تحديد الأنماط، مثل تفضيل المنتج، أو سلوك الشراء، واستخدام هذه المعلومات للتوصية بالمنتجات أو الخدمات.على سبيل المثال، إذا اشترى العميل بشكل متكرر أنواعا معيّنة من الكتب، يمكن لنظام الذكاء الاصطناعي أن يوصي بكتبٍ مماثلة قد يرغب فيها. هذا لا يحسّن تجربة التسوّق للعميل فحسب، بل يزيد أيضا من عمليّات تحويل المبيعات. روبوتات الدّردشة والمساعدة الافتراضية: أصبحت أتمتة خدمة العملاء بالذكاء الاصطناعي شائعة بشكل متزايد. مثلا تستضيف منصة "سرفي سبارو" روبوتات دردشة مذهلة للذكاء الاصطناعي، واستطلاعات مدعومة به، مما يساعد الشركات على جمع تجربة العملاء وتعليقاتهم بسلاسة، إذ تستطيع هذه الدردشات المدعومة بالذكاء الاصطناعي الإجابة عن استفسارات العملاء، وحلّ المشكلات البسيطة، وتقديم المعلومات على الفور في أي وقت من اليوم، ويمكن برمجتها للإجابة على الأسئلة المتكررة، ومعالجة الطلبات، وحتى تقديم توصيات مخصصة للمنتجات.
من جهة أخرى، يمكن لروبوتات الدردشة التعامل مع كميّات كبيرة من الاستفسارات دون تدخل بشريّ، مما يضمن التعامل مع استفسارات العملاء بسرعة وكفاءة. خدمة العملاء التقليدية تتضمن عادة تواصل العملاء مع الدعم بعد مواجهة مشكلة (شترستوك) هذا هو السبب في أنه يعتبر أحد أهم الأمثلة على تجربة عملاء الذكاء الاصطناعي. مساعدات الصوت ومعالجة اللغة الطبيعية: تزداد شعبيّة المساعدات الصوتيّة مثل "سيري" (Siri)، و"ألكسا" (Alexa)، ومساعدة "غوغل" (Google Assistant) المدعومة بأصوات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
إذ تستفيد من قدرات معالجة اللغة الطبيعية "إن إل بي" للذكاء الاصطناعي لفهم الأوامر المنطوقة والاستجابة لها، إذ يمكن لمساعدي الصوت الإجابة عن الأسئلة، وإجراء الطلبات، والتحكم في الأجهزة الأخرى، وتقديم المساعدة الشخصيّة بناءً على تاريخ المستخدم وتفضيلاته. خدمة العملاء التنبؤية: بفضل قدرته على تحليل كميات كبيرة من البيانات، يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بسلوك العملاء في المستقبل.
على سبيل المثال، قد يتنبأ بأن العميل من المحتمل أن يواجه مشكلة بناء على أنماط استخدامه. ويمكن للشركة بعد ذلك التواصل بشكل استباقي مع العميل باستخدام حلّ، أو تقديم دعم إضافي، وهو ما يعزز تجربة العميل مع العلامة التجاريّة. تحليلات النص المتقدمة: يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي فرز كميات هائلة من بيانات العملاء، واكتشاف الأنماط والرؤى التي قد يفوتها البشر.
ولكن على الرغم من أن هذه الخوارزميات تسهل توقع الاحتياجات المستقبلية، وتعزيز تجارب العملاء، فإن هناك قلقا بشأن المخاطر المحتملة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي المولد.
إذ تشمل هذه المخاطر قضايا مثل التحيّزات غير المقصودة في البيانات، وانتهاكات الخصوصيّة، وإمكانية الحصول على مخرجات مضللة أو تلاعبيّة قد تؤثر على عمليّات اتخاذ القرار.
من أجل هذا، فإن المراقبة الدقيقة والاعتبارات الأخلاقية ضرورية لاستغلال فوائد تحليلات الذكاء الاصطناعي مع التخفيف من هذه المخاطر. تحليل المشاعر: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل النصوص من مراجعات العملاء، والبريد الإلكتروني، ومنشورات الوسائط الاجتماعية، ومصادر أخرى لتحديد المشاعر وراء الكلمات.
وهو ما يساعد الشركات في فهم كيفيّة شعور العملاء تجاه منتجاتها، أو خدماتها، وتحديد مجالات التحسين. التخصيص في الوقت الفعلي: يمكن للذكاء الاصطناعي تعديل تجربة المستخدم في الوقت الفعلي، وفقا لإجراءات العميل.
على سبيل المثال، إذا كان العميل يتصفّح أنواعا معيّنة من المنتجات على موقع ويب، يمكن للذكاء الاصطناعي تعديل محتوى الموقع لتسليط الضوء على منتجات مماثلة، مما يخلق تجربة تسوّق مخصصة للغاية. تجربة سلسة عبر القنوات المتعددة: يمكن للذكاء الاصطناعي دمج البيانات من مصادر متنوعة، بما في ذلك القنوات الإلكترونية، والمتاجر، والهواتف المحمولة، ووسائل التواصل الاجتماعي.
هذه الميزة تضمن تجربة سلسة للعملاء، الذين يمكنهم الانتقال بين القنوات ومتابعة رحلتهم دون انقطاع. تجزئة العملاء: يحلل الذكاء الاصطناعي بيانات العملاء لإنشاء شرائح مفصلة بناء على التركيبة السكانية، والسلوكيات، والتفضيلات، الأمر الذي يساعد الشركات على تقديم تجارب مخصصة وتحسين النتائج، ويمكنها من تقديم حملات تسويقية موجهة للغاية وتحسين أهمية رسائلها. إدارة علاقات العملاء "سي آر إم" (CRM) التي تعمل بالذكاء الاصطناعي: يمكن للذكاء الاصطناعي في تجربة خدمة العملاء أن يعزز بشكل كبير أنظمة إدارة علاقات العملاء من خلال أتمتة مهام مثل إدخال البيانات، وتصنيف العملاء المحتملين، وتذكيرات المتابعة. أيضا يمكنه أن يوفر رؤى ذكيّة، مثل التنبؤ بأكثر العملاء المحتملين الذين من المرجح أن يتحولوا إلى عملاء فعليين، ممّا يُمكِّن فِرقَ المبيعات من تركيز جهودها بشكل أكثر فعالية. أمثلة على تجربة العملاء في الذكاء الاصطناعي
بعد أن فهمنا تجربة العملاء بالذكاء الاصطناعي، نلقي نظرة على كيفية استفادة بعض العلامات التجارية الشهيرة من الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة العملاء:
نظام توصيات المنتج من "أمازون": أحدثت شركة "أمازون" ثورة في التسوق في التجارة الإلكترونية من خلال نظام توصيات المنتج المدفوع بالذكاء الاصطناعي.إذ يقدم توصيات خاصة بالمنتج من خلال تحليل سلوك العملاء الفردي، وسجل الشراء، والعناصر الموجودة في عربة التسوق، وما يشتريه العملاء الآخرون. هذا التخصيص يحسن تجربة التسوق للعميل، ويزيد من مبيعات أمازون. التحليلات التنبؤية من "ستاربكس": تستخدم شركة "ستاربكس" الذكاء الاصطناعي لتعزيز تجربة عملائها عن طريق أداة تسمّى "ديب برو" (Deep Brew)، حيث يستخدم التعلم الآلي والتحليلات التنبؤية لتخصيص الرسائل التسويقية، وزيادة الولاء، وإدارة المخزون على مستوى المتجر.
على سبيل المثال، يمكن لنظام "ديب برو" اقتراح عناصر القائمة بناء على طلبات العميل السابقة، والموقع، والطقس، والوقت من اليوم، من بين عوامل أخرى. تطبيق "سيفورا" (Sephora) للفنان الافتراضي: تستخدم "سيفورا" وهي شركة تجزئة رائدة في مجال مستحضرات التجميل، الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة عملائها من خلال تطبيق "فيرتشوال آرتيست آب" (Virtual Artist App).
ويستخدم هذا التطبيق الواقع المعزز "إيه آر" (AR) للسماح للعملاء بتجربة منتجات تجميل مختلفة، حيث يقوم بمسح وجه العميل، ويتيح له كيف تبدو المنتجات المختلفة على بشرته.
ويساعد هذا التطبيق العملاء على اتخاذ قرارات شراء أكثر استنارة، ويضيف عنصرا ممتعا وتفاعليّا للتسوق عبر الإنترنت.
تظهر هذه الأمثلة أنه سواء كانت التجارة الإلكترونية، أو الأطعمة والمشروبات، أو صناعة مستحضرات التجميل، يمكن للذكاء الاصطناعي تعزيز تجربة العملاء بشكل كبير عبر مختلف القطاعات.
من المقرر أن يلعب الذكاء الاصطناعي دورا أكبر في تجربة العملاء مع اقترابنا من المستقبل (شترستوك) مستقبل الذكاء الاصطناعي.. ماذا ينتظر خدمة العملاء؟حسب ما أشارت له منصة سرفي سبارو، من المقرر أن يلعب الذكاء الاصطناعي دورا أكبر في تجربة العملاء مع اقترابنا من المستقبل. ومع تطور التكنولوجيا يمكننا أن نتوقع تشكل عديد من الاتجاهات الرئيسية.
في ما يلي، نعرض لكم بعض الآفاق المثيرة للذكاء الاصطناعي في إحداث ثورة في خدمة العملاء:
الذكاء الاصطناعي العاطفي: يستعد الذكاء الاصطناعي لتجاوز مجرد التعرف على النص والصوت، إذ يبدو أن المستقبل يحمل وعدا للذكاء الاصطناعي العاطفي، الذي يمكنه أن يفهم ويستجيب للمشاعر الإنسانية التي يتم التعبير عنها عبر إشارات الوجه، أو نبرات الصوت.تخيل خدمة عملاء تفهم ما تقوله وكيف تشعر! سيمهد هذا الطريق لتجارب العملاء المتعاطفة حقا. تجارب الذكاء الاصطناعي الغامرة: مع التقدم في تقنيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي، يمكن للذكاء الاصطناعي توفير تجارب عملاء غامرة.
تخيل تجربة الملابس على الصورة الرمزية الرقمية الخاصة بك في بيئة واقع افتراضي قبل الشراء، أو استخدام الواقع المعزز لمعرفة كيف ستبدو قطعة أثاث في غرفتك.
إن دمج الذكاء الاصطناعي مع تقنيات الواقع المعزز والافتراضي سيعيد طريقة تعريف تفاعل العملاء مع الأعمال التجارية. الشبكات العصبيّة والتعلم العميق: ستمكن الأنظمة المتقدمة للذكاء الاصطناعي من تقديم تجارب عملاء فائقة الذكاء، حيث ستتمكن من فهم البيانات غير المهيكلة مثل نشاط العميل على مواقع التواصل الاجتماعي، لتقديم تجارب على مستوى آخر من التخصيص. أخلاقيات وشفافية الذكاء الاصطناعي: عندما يصبح الذكاء الاصطناعي أكثر تعقيدا ، سيكون التركيز المتزايد على جعله أخلاقيا وشفافا.
إذ يجب أن يفهم العملاء بشكل أفضل كيفية معالجة الذكاء الاصطناعي لبياناتهم لاتخاذ القرار، وهو ما يؤدي إلى زيادة الثقة في تجارب العملاء المدعومة بالذكاء الاصطناعي. الذكاء الاصطناعي المستقل: سيتولى الذكاء الاصطناعي دورا أكثر استقلالية في إدارة تجربة العملاء، حيث سيقوم بدعم الوكلاء البشريين، والعمل كوكيل مستقل، مما يتيح له اتخاذ القرارات وتنفيذ الإجراءات التي تحسن رحلة العميل.
بشكل عام، مستقبل الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء لا يقتصر على جعل العمليّات أسرع وأكثر كفاءة، بل يتعلق بخلق تفاعلات فريدة، وغامرة، وذكية عاطفيا، تحترم فردية العميل واستقلاليته.
بمعنى أدق، يتعلق المستقبل بجعل الذكاء الاصطناعي جزءا لا يتجزأ من النظام البيئي للأعمال، حيث يفهم ويستبق احتياجات العملاء وقيمهم، ويحترمهم ويتعاطف معهم.
أمام هذه التطورات المثيرة، هل تعتقد أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يتفوق بالفعل على التفاعل البشري في تقديم تجربة عملاء مثالية؟ أم أن لمسة الإنسان، خاصة العاطفية، ستظل العنصر الذي لا غنى عنه؟