إيران المنهكة اقتصاديا تقلق القوى الكبرى
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
آخر تحديث: 17 فبراير 2024 - 9:42 صبقلم:علي قاسم حتى الآن تبدو الجهود المبذولة من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا عاجزة عن إيقاف هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، وهناك مخاوف أكبر من أن يحاول وكلاء إيران في اليمن تخريب 16 كابلا تمر تحت الماء وتعبر مضيق باب المندب، هي شريان الاتصال بين دول العالم.
على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، تابع العالم بقلق الحصار الذي يفرضه الحوثيون على البحر الأحمر ومضيق باب المندب الذي يشكل ممرًا حيويًا لحوالي 12 في المئة من حركة التجارة العالمية، وأجبرت الهجمات أكثر من 500 سفينة نقل حاويات على تلافي المرور عبر البحر الأحمر وقناة السويس باتجاه دول أوروبا.وإذا كان الحوثيون يقولون إنهم يستهدفون سفنا إسرائيلية تضامنا مع الفلسطينيين، فإن أرقام الخسائر تشير إلى غير ذلك؛ المتضرر الأكبر هو الاقتصاد العالمي والدول العربية خاصة بما فيها اليمن نفسه. عربيا تأتي مصر التي شهدت انخفاضا في عائدات قناة السويس بنسبة 40 في المئة والأردن ولبنان في مقدمة الدول المتضررة، مع تراجع في التجارة العالمية وارتفاع أسعار تكلفة الشحن الوارد عبر مضيق باب المندب بنسب وصلت إلى 200 في المئة بعد أن اضطرت سفن شحن الحاويات تعليق رحلاتها عبر البحر الأحمر حتى إشعار آخر. وهو ما دفع الصين، أكبر مصدر في العالم، إلى مطالبة الحوثي بوقف الهجمات على السفن المدنية، وحثت جميع الأطراف المعنية على ضمان السلامة والأمن في هذا الممر الحيوي. الولايات المتحدة تعلم حتما ما يعلمه البسطاء منا بأن الأفعى لا تموت إلا إذا تلقت ضربة على رأسها، فلماذا تصر على توجيه ضرباتها للذيل يبدو للمحللين والخبراء أن الحوثيين قد “أطلقوا رصاصة في الاتجاه الخاطئ”، فالرصاصة لم تصب عدوهم، وهو إسرائيل، بخسائر كبيرة بل أصابت اليمن ودولا عربية بأزمات نقص في العملة وارتفاع أسعار وسط تضخم كبير عالمي يلوح في الأفق. إذا كان هدف الحوثيين إلحاق الضرر بإسرائيل، عليهم مراجعة مخططاتهم.في الحقيقة لم يخطئ الحوثيون في التصويب، الهدف كان منذ اللحظة الأولى تأمين حائط صد لإيران يتيح لها تنفيذ إستراتيجيتها وتثبيت تموضعها بالمنطقة وتوسيع انتشارها.استمرار الهجمات رغم معرفة الحوثيين بهذه الحقائق، ومعرفتهم أيضا أن اليمن في طليعة الدول المتضررة، يكفي ليؤكد أن دورهم المرسوم لهم لا يختلف عن الدور المرسوم لميليشيات حزب الله في لبنان وسوريا والحشد الشعبي في العراق. الهجمات التي يشنها الحوثيون في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، والتي توسعت مؤخرا إلى خليج عدن وبحر العرب، ليست مجرد تصعيد فقط، بل هي حرب مدروسة بعناية تشنها ميليشيات الحوثي ومن خلفها خبراء الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني.هدف إيران من شن الهجمات ليس إلحاق الضرر بالاقتصاد الإسرائيلي أو الاقتصاد العالمي، الأضرار التي لحقت بالاقتصاد هي جزء من أضرار جانبية لحرب هدفها الأول أيديولوجي وطائفي يرسخ من هيمنة إيران على المنطقة.كان بإمكان إيران أن تتحول إلى قوة اقتصادية كبرى، إلا أنها اختارت أن تتحول إلى قوة أيديولوجية طائفية مسيطرة. ولكن إذا كان لدينا ما نفسر به وقوف إيران إلى جانب حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والحشد الشعبي في العراق، كيف نفسر وقوف إيران ممثلة الإسلام السياسي الشيعي، إلى جانب حماس وهي فصيل من الإسلام السياسي السني.تدرك إيران الأهمية التي تحتلها القضية الفلسطينية في قلوب العرب بمختلف طوائفهم، وهي تريد استخدامها غطاء تبعد به الأنظار عن هدفها الحقيقي. يمكن أن نقول دون أن نخشى المبالغة إن إيران منشغلة بالماضي بينما العالم منشغل بالمستقبل.إيران تدرك الأهمية التي تحتلها القضية الفلسطينية في قلوب العرب بمختلف طوائفهم، وهي تريد استخدامها غطاء تبعد به الأنظار عن هدفها الحقيقي إذا كان العالم اليوم تشغله قضايا مثل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة والأوبئة والبحث عن بدائل للطاقة وحل أزمات الغذاء العالمية والتشغيل والتسابق لامتلاك التكنولوجيا الذكية، فإن ما يشغل إيران هو توسيع خارطة هيمنتها الأيديولوجية ليس فقط في دول الجوار بل أيضا في مصر وعلى امتداد شمال أفريقيا وفي العمق الأفريقي.دعونا لا نتحدث عن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات اللتين ناصبتهما إيران العداء، ما هي الإضافات التي قدمتها إيران للبنان وسوريا والعراق واليمن، لقد دمرت اقتصاديات تلك الدول وحولتها إلى كيانات ترتع فيها الميليشيات المذهبية الطائفية تحت رعاية الحرس الثوري الإيراني.إيران دولة تعيش بالماضي، الحاضر بالنسبة إليها والمستقبل، إن وجدا، هما فقط لامتلاك خبرات تصنيع أسلحة تسهل مهمة حكام طهران لنشر أفكارهم الأيديولوجية. ورغم أن إيران لم تخف يوما عداءها للولايات المتحدة “الشيطان الأكبر” إلا أن الإدارات الأميركية اكتفت باتخاذ بعض الإجراءات العقابية، وهي إجراءات استطاعت إيران الالتفاف عليها، ولم تثبت فاعليتها يوما في كبح جماح حكام طهران. اليوم باتت إيران تشكل مصدر قلق وتحديا كبيرا لدول الجوار ودول العالم، رغم الأزمات الاقتصادية الداخلية التي تعاني منها، ورغم محدودية قدراتها العسكرية مقارنة بدولة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، لتثبت بذلك أن الأيديولوجيا أكثر فاعلية من القوة الاقتصادية والعسكرية.خلال نصف قرن تقريبا مهدت الولايات المتحدة، عن وعي أو دون وعي، الطريق أمام إيران للسيطرة على العراق وسوريا ولبنان واليمن. وهي اليوم بدل الإشارة بوضوح إلى مركز المشكلة تتعامل مع أطرافها وتنفذ ضربات متفرقة ومحدودة على أهداف في سوريا والعراق واليمن وتتلافى إيران.الولايات المتحدة تعلم حتما ما يعلمه البسطاء منا بأن الأفعى لا تموت إلا إذا تلقت ضربة على رأسها، فلماذا تصر على توجيه ضرباتها للذيل.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: الولایات المتحدة البحر الأحمر باب المندب إذا کان
إقرأ أيضاً:
فرنسا تستضيف قمة أوروبية لدعم أوكرانيا وروسيا تواصل الهجمات
واكبت القمة الأمنية الأوروبية التي بدأت اليوم الخميس في العاصمة الفرنسية باريس لدعم أوكرانيا هجمات روسية بالصواريخ والطائرات المسيرة على الأراضي الأوكرانية.
واستضاف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم قادة أوروبيين -من بينهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي– في قمة تهدف إلى تعزيز الأمن الأوكراني قبل أي وقف محتمل لإطلاق النار مع روسيا لإنهاء الحرب الدائرة منذ أكثر من 3 سنوات.
ويسعى الاجتماع إلى تحديد الضمانات الأمنية التي يمكن أن تقدمها أوروبا لأوكرانيا بمجرد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، بما في ذلك النشر المحتمل لقوات عسكرية من قبل ما يسمى "تحالف الراغبين".
ويشارك 27 رئيس دولة وحكومة في قمة باريس التي انطلقت بوصولهم إلى قصر الإليزيه، حيث استقبلهم ماكرون شخصيا.
واستبق ماكرون بدء أعمال الاجتماع وصرح أمس الأربعاء بأن قوة أوروبية مسلحة مقترحة قد يتم نشرها في أوكرانيا بالتزامن مع اتفاق سلام محتمل يمكنها "الرد" إذا شنت موسكو هجوما جديدا.
وجاءت تصريحات ماكرون بعد محادثاته مع نظيره زيلينسكي، لمناقشة القوة المقترحة التي اقترح ماكرون نشرها في "مدن مهمة" وأماكن أخرى بأوكرانيا.
وأضاف ماكرون "إذا كان هناك عدوان عام جديد على الأراضي الأوكرانية فستكون هذه الجيوش في الواقع تحت الهجوم، وبالتالي ستخضع للأطر المعتادة للاشتباك".
إعلانوتابع "عندما يتم نشر جنودنا فإنهم يكونون مستعدين للتحرك والرد وفقا لقرارات القائد العام، وإذا وجدوا أنفسهم في موقف قتالي فسيكون عليهم التعامل معه والرد عليه".
ويقود ماكرون إلى جانب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر جهودا لحشد تحالف من الدول المستعدة لدعم نشر قوة عسكرية في أوكرانيا بهدف تأمين سلام دائم ومنع روسيا من شن هجوم جديد على البلاد.
وبينما لم يحدد ماكرون طبيعة الرد الذي قد يتم اتخاذه في حال وقوع هجوم روسي أعرب زيلينسكي عن أمله في أن تملك الولايات المتحدة القوة الكافية للضغط على روسيا لوقف إطلاق نار غير مشروط، بعد أن طرحت موسكو شروطا لوقف الهجمات في البحر الأسود بوساطة واشنطن.
وأكد زيلينسكي في مؤتمر صحفي مشترك مع ماكرون أمس على ضرورة إبقاء العقوبات المفروضة على روسيا وتعزيزها.
من جهته، أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أمس أن بلاده ستنظر في طلبات روسيا بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع أوكرانيا في البحر الأسود، منبها إلى أن التوصل لاتفاق سلام بين الطرفين سيستغرق وقتا.
وقال روبيو خلال مؤتمر صحفي في جامايكا "لن يكون الأمر بسيطا، سيستغرق وقتا، ولكن على الأقل نحن على هذا المسار ونتحدث عن هذه الأمور".
ووافقت روسيا وأوكرانيا في محادثات منفصلة مع موفدين أميركيين في السعودية على تعليق الضربات في البحر الأسود، وسط جهود يبذلها الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أجل وضع حد للحرب.
وقال روبيو إن الاتفاقين اللذين أُبرما مع أوكرانيا وروسيا أمس كانا مبدئيين، وإن واشنطن ستقيّم الشروط التي طرحتها موسكو وتقرر مسارها.
بدوره، أشاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالاتفاق المعلن من الولايات المتحدة بشأن هدنة في البحر الأسود بين أوكرانيا وروسيا، بحسب الناطق باسمه ستيفان دوجاريك.
إعلانوقال دوجاريك إن "التوصل إلى اتفاق بشأن حرية الملاحة في البحر الأسود لضمان حماية السفن المدنية ومنشآت المرافئ سيشكل إسهاما حاسما في الأمن الغذائي العالمي وسلاسل الإمدادات".
لكن الخارجية الروسية قالت ظهر اليوم الخميس إن اتفاق سلامة الملاحة في البحر الأسود سيدخل حيز التنفيذ بعد رفع القيود عن صادرات موسكو الزراعية.
وعلى الصعيد الميداني، قالت القوات الجوية الأوكرانية اليوم الخميس إن روسيا أطلقت 86 طائرة مسيرة وصاروخا باليستيا واحدا من طراز "إسكندر-إم" خلال هجمات نفذتها الليلة الماضية.
وذكر بيان على تطبيق تليغرام أن القوات الجوية أسقطت 42 طائرة مسيرة، في حين لم تصل 26 طائرة أخرى إلى أهدافها بسبب التشويش الإلكتروني على الأرجح، ولم يوضح البيان مصير الطائرات المسيرة المتبقية وعددها 18.
وأفادت أجهزة طوارئ ومسؤولون بأن القوات الروسية شنت هجوما كبيرا بطائرات مسيرة على خاركيف (ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا) في وقت متأخر أمس الأربعاء، مما أسفر عن إصابة 9 أشخاص وأضرار مادية كبيرة.
وقالت الطوارئ في بيان على تليغرام إن الهجمات تسببت في 4 حرائق بوسط المدينة، ونشرت صورا لرجال إطفاء يكافحون النيران بجانب أنقاض.
وقال رئيس بلدية خاركيف إن المدينة -التي تستهدفها القوات الروسية بشكل متكرر وتقع على بعد نحو 30 كيلومترا من الحدود- تعرضت لما لا يقل عن 12 هجوما بطائرات مسيرة.