ما وراء الأرقام.. كيف نفهم استطلاعات الرأي الأميركيَّة حول العدوان على غزة
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
تسهم النّزاعات والحروب بصورة عامة في تنشيط استطلاعات الرأي، وفي الحرب الأخيرة على غزّة- كانت الحال كما هو متوقع وشأنها في ذلك شأن معظم الصراعات- انضمت استطلاعات الرأي العام الأميركيّة إلى الجدال الدائر حول العدوان الإسرائيلي على القطاع، وطرأت تحولات بارزة على الرأي العام الأميركي، مع محاولة استخدام هذه الأداة من قبل كل طرف لصالحه، وربما بشكل لم يسبق له مثيل!
تناولت الموضوع قبل سنوات في كتابي: " الصراع العربي – الإسرائيلي في استطلاعات الرأي الأميركية" الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، حيث تعرضت لأبرز قضايا الصراع العربي- الإسرائيلي في استطلاعات الرأي العام الأميركية، وما شملته من مواضيع، كأهمية النزاع ومبادرات تسويته وآثاره وأبرز مراحله، وعمليات السلام ودور الأطراف الدولية لحل النزاع، واهتمام السياسة الخارجية الأميركية، والدعم الأميركي لإسرائيل، وصورة أطراف النزاع واتجاهات التعاطف نحو كل طرف وأبرز القضايا المطروحة فيه.
آراء ونتائج، أظهرتها دراسة هذه الفترة الممتدة، للرأي العام، بما يساعدنا على فهم توجهات الأميركيين للصراع ماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا! إضافة لخلاصات منهجية لكيفية التعامل مع هذا الموضوع الشائك، وصولًا إلى هذه الأوقات التي تحتل فيها استطلاعات الرأي موقعًا مهمًا، في الساحة الإعلامية وشبكات التواصل وقوى الضغط والسياسيين، كما سنعرضه في هذا المقال.
ثمة أساسيات لفهم الرأي العام الأميركي، وعند تناولها فإن الأمر أعمق من مجرد التركيز على نتيجة يستخدمها كل طرف لصالحه، أو دون مراعاة الخلفية ولا السياق العام ولا حتى صياغة الأسئلة وترتيبها وطريقة تفسيرها مما أفسح المجال- كما نرى مع كل نتيجة – لتنوع استخدامها بدرجات متفاوتة من الصحة أو الخطأ وفق مقولة: " استطلاع واحد وتفسيرات متعددة"!
كانت نتائج بعض الاستطلاعات في مصلحة الطرف الفلسطيني، حتى لو كان في بعضها انقسام بالرأي العام في عدة قضايا، مثل: القدس، تأسيس دولة فلسطينية، رفض بناء المستوطنات الإسرائيلية، واعتبار إسرائيل المعيق الأكبر لتحقيق السلام
إذا رجعنا للنظرة العامة لمسار استطلاعات الرأي الأميركية في الصراع العربي- الإسرائيلي فسنجد – سواء بقصد أو بدون قصد – غياب قضايا هامة وجوهرية في الصراع لم تتناولها هذه الاستطلاعات رغم أهميتها، مثل: اللاجئين، الجدار العازل، وامتلاك إسرائيل الأسلحة النووية، واغتيالها القادة الفلسطينيين، ومجزرة مخيم جنين، ولعل أهمها – بما نتحدث عنه هنا – ما يرتبط بقطاع غزة من حصار ومعاناة، ولا يتم السؤال عن القطاع إلا عند اندلاع الصراع العسكري الذي تكرَّر ست مرات منذ عام 2008، حيث شهدت بداية تحولات جذرية في الرأي العام الأميركي، أو فئات منه حتى نكون أكثر دقة، كما سنرى بعد قليل!
ويتماشى هذا التجاهل لقضايا مهمة- تدين الجانب الإسرائيلي أو تثير التعاطف مع الجانب الفلسطيني- مع التغطية المنحازة لوسائل الإعلام الأميركية المختلفة لمجريات الصراع العربي- الإسرائيلي، كان نصير عاروري قد ذكر بعضها في كتابه المهم: " أميركا …الخصم والحكم"، مثل: تسليط الضوء الساطع على العمليات الاستشهادية التي تقتل إسرائيليين مدنيين أو عسكريين، في مقابل التعتيم الكامل على ما تفعله إسرائيل من تدمير البنى التحتية والفوقية والحجر على السكان وحظر التجول والاعتقالات الإدارية والتعذيب ومصادرة الأراضي الفلسطينية!
سمة عامة مهمة أخرى، هي أن تعاطف الأميركيين كان باستمرار أكثر مع إسرائيل، وميلهم إلى تحميل اللوم بشكل أكبر على الطرف الفلسطيني في بدء العنف وتجدد القتال، وإدانتهم للعمليات الفلسطينية ووصفها بالإرهاب، مع أغلبية ترى أهمية الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي للسياسية الخارجية الأميركية.
وفي مقابل هذه النتائج المزعجة، كانت نتائج بعض الاستطلاعات في مصلحة الطرف الفلسطيني، حتى لو كان في بعضها انقسام بالرأي العام في عدة قضايا، مثل: القدس، تأسيس دولة فلسطينية، رفض بناء المستوطنات الإسرائيلية، واعتبار إسرائيل المعيق الأكبر لتحقيق السلام. مع تساوي نظرة الفرقاء الأميركيين للصراع العربي- الإسرائيلي في عدة قضايا، مثل: مدى نجاح الضغوط الأميركية لتحقيق السلام.
وفيما يتعلق بمنهجية الأسئلة، فقد وجدت علاقة طردية بين تضمين خيار "ليس لدي معلومات كافية"، "وارتفاع نسبة من يختارون هذا الخيار"، مثل: تأسيس دولة فلسطينية، وهو أمر ذو دلالة إيجابية تجاه الفلسطينيين، ويبقى أفضل من الإجابات التي تدينهم، كما يزداد موقف الأميركيين الإيجابي حين يشار في السؤال لمسألة الانتخاب، مثل: التعامل مع حكومة حماس المنتخبة، كذلك، ثمة علاقة طردية بين تأييد الأميركيين والنص في السؤال على أن هذا هو رأي وموقف دولتهم المعلن، مثل: تأييد الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية.
وفيما يتعلق بغزة ما قبل الأزمة الحالية، ومثلما ذكرت في مقالات سابقة: " غزة.. بين خجل الأميركيين وظلم حكومتهم"، و" قراءة في النتائج والمنهجية..غزة في استطلاعات الرأي الأميركية"، فقد بدت إرهاصات تحول في الرأي العام منذ عام 2014، أظهرتها استطلاعات الرأي، مثل استطلاع Pew، حيث تبين أن الفئات الأقل عمرًا من الأميركيين – خلافًا لمن يكبرونهم في السن- يميلون إلى التعاطف بشكل أكبر مع الفلسطينيين، واستطلاع غالوب Gallup في نفس العام، حين اعتبر 51% من الشباب ما بين 18-29 سنة تصرفات «إسرائيل» في الصراع في الشرق الأوسط غير مبررة! أبرزت النتائج وجود صراع واضح، بين ثبات الاتجاهات التي سبق ذكرها، وبروز أخرى جديدة.
جاء هجوم حماس في عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول ليستنفر العديد من المؤسسات الأميركية لتنفيذ موجة من استطلاعات الرأي العام، لكنها انحسرت، مع كل أسف، رغم ما تلا ذلك من عدوان إسرائيلي مستمر على غزة منذ 133 يومًا حتى كتابة هذه السطور، ومن هذه الجهات جامعة ميريلاند ووكالة رويترز.
تكثفت استطلاعات هذه الجهات في الفترة من 10-24 أكتوبر/ تشرين الأول، وتركزت أسئلتها حول الطرف الملام بشكل أكبر في اندلاع الحرب، والطرف الذي يحظى بالتعاطف بدرجة أكبر، ومدى إيجابية أو سلبية النظرة إلى طرفي الصراع، وتقييم دور الولايات المتحدة في الصراع، وما الذي يمكن أن تقوم به، وحجم دعمها إسرائيل، ونهج الرئيس بايدن في التعامل مع الصراع، وتقييم رد إسرائيل على هجوم حماس، ومدى الموافقة على الإجراءات الإسرائيلية تجاه المدنيين الفلسطينيين.
بعض النتائج قد تكون مدعاة للشك والريبة، وإن كانت متسقة مع الخط العام في انحياز الرأي العام الأميركي لصالح إسرائيل، مثلما ورد في استطلاع Fox News، الذي تم خلال اليومين اللذين أعقبا الهجوم، من أن 68% يؤيدون الإسرائيليين، مقابل 18% يؤيدون الفلسطينيين، فهذه القناة معروفة بتبنيها مواقف المحافظين الجدد في الولايات المتحدة، وتصرح بدعمها إسرائيل وعدائها للعرب، ومتهمة بالتحيز من قبل أكاديميين وسياسيين ومتابعين للإعلام الأميركي!
برز تعاطف غالبية الأميركيين بشكل أكبر مع إسرائيل في الاستطلاعات التي أجريت بعد هجوم حماس، فمثلًا في استطلاع جامعة Quinnipiac، قال 61% إنهم يتعاطفون أكثر مع الإسرائيليين، مقابل 13% ممن يتعاطفون أكثر مع الفلسطينيين، ثم في استطلاع YouGov/The Economist، حين قال 48% إنهم يتعاطفون مع الإسرائيليين، و10% يتعاطفون مع الفلسطينيين، و23% مع كلا الجانبين.
ولاحقًا في استطلاع YouGov، حيث تبين أن 36% يتعاطفون أكثر مع الشعب الإسرائيلي، 11% يتعاطفون أكثر مع الشعب الفلسطيني، و35% يتعاطفون مع الطرفين بشكل متساوٍ. واستطلاع Economist/YouGov، يتعاطف 41% أكثر مع الإسرائيليين، مقارنة بـ 13% يتعاطفون أكثر مع الفلسطينيين و28% يتعاطفون مع الجانبين بالتساوي تقريبًا.
استطلاع جامعة ميرلاند – Ipsos، الذي أظهرت نتائجه انخفاض الدعم لإسرائيل من 30.9% في أكتوبر/ تشرين الأول إلى 20.5% في نوفمبر/ تشرين الثاني، بينما ارتفع الدعم للفلسطينيين من 9.2% إلى 12.9%.
وفي نظرة على منهجية الاستطلاعات، يبدو أن صياغة الأسئلة قد ساهمت إلى حد كبير في خروج بعض النتائج التي تتفق مع الخط العام في الانحياز الأميركي لإسرائيل، مثل السؤال عن وصف حماس بأنها جماعة إرهابية، في استطلاع YouGov، بـ 64% واستطلاع Reuters/Ipsos ، بـ80% أو وصف هجومها بالإرهابي في استطلاع Quinnipiac University عند السؤال عن مدى الموافقة على ردة فعل إسرائيل على الهجوم 50%!
مقابل ذلك، كانت هناك نتائج تعكس تغيرًا واضحًا في الرأي العام، مثل انخفاض معدل الموافقة على أداء بايدن كرئيس للولايات المتحدة، في استطلاع Gallup، إلى أدنى حد منذ تسلمه الرئاسة، ليصبح 37% فقط على مستوى إجمالي الناخبين، والتغير في آراء الشباب، مثل ارتفاع نسبة الشباب الديمقراطيين، في استطلاع جامعة ميرلاند، الذين يريدون أن تقف الولايات المتحدة إلى جانب الفلسطينيين من 16.2% في أكتوبر/ تشرين الأول إلى 23.2% في نوفمبر/ تشرين الثاني، وتأييد 58% من الشباب الأميركيين من عمر 18-24 لما فعلته حماس، واعتباره مبررًا بسبب المظالم التي تقع على الفلسطينيين.
كما أظهر استطلاع Harvard CAPS-Harris الأول في نوفمبر/ تشرين الثاني، لترتفع النسبة إلى 60% في الاستطلاع الثاني في ديسمبر/ كانون الأول، والذي قال خلاله 51% من نفس الشريحة؛ إنهم يعتقدون أن الحل طويل المدى للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني هو "إنهاء إسرائيل وتسليمها لحماس والفلسطينيين"!
يبدو التحول في الرأي العام أكثر وضوحًا في الاستطلاع الذي أجراه مركز John Zogby Strategies لصالح المعهد العربي الأميركي Arab American Institute ، في 4-5 يناير/ كانون الثاني 2024، والذي عرض تناول مواقف الأميركيين تجاه: الفلسطينيين والإسرائيليين، سياسة الولايات المتحدة في هذا الصراع، المساعدة العسكرية الأميركية لإسرائيل، ووقف إطلاق النار.
فقد قال 37%؛ إنهم يعبرون عن تعاطف متساوٍ مع الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، ورغم أن 30% قد أعربوا عن تعاطفهم أكثر مع الإسرائيليين، فإن الفلسطينيين يحظون بدعم أكبر بين الناخبين الشبان 18-29 عامًا، 34% مقابل 16%، وبين الملونين 21% مقابل 17%، ومع استمرار الحرب زاد التعاطف مع الفلسطينيين بين فئات معينة؛ بين الديمقراطيين 23% مقابل 17% تجاه الإسرائيليين، وبين الأميركيين الشبان 37% مقابل 27% تجاه الإسرائيليين، وبين الملونين 29% مقابل 13% تجاه الإسرائيليين!
وقيّم 50% سياسة بايدن مع الصراع بأنها تفضل إسرائيل، ولكن عندما سئلوا عن السياسة التي ينبغي لإدارة بايدن اتخاذها، قال 42%؛ إن السياسة الأميركية يجب أن تكون متوازنة بين الاحتياجات الإسرائيلية والفلسطينية، وأنه برأي 57% ينبغي على الولايات المتحدة أن تعمل كوسيط عادل وغير متحيز بين الإسرائيليين والفلسطينيين، في مقابل 26% ممن قالوا؛ إن على الولايات المتحدة أن تقف دائمًا مع إسرائيل!
وانعكست هذه الآراء على مواقف المستجيبين حول المساعدة العسكرية الأميركية لإسرائيل، إذا قال 51% مقابل 26%؛ إنه على الولايات المتحدة ألا تقدم مساعدات مالية وعسكرية غير مقيدة للحكومة الإسرائيلية إذا استمرت في حربها بطريقة تعرض حياة المدنيين في غزة للخطر.
واتفق 51% مع أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين الذين عارضوا، في ديسمبر / كانون الأول الماضي، موافقة إدارة بايدن على مبيعات أسلحة بقيمة 147.5 مليون دولار لإسرائيل دون موافقة الكونغرس للمرة الثانية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، ووافق 41% على أنه قد حان الوقت لفرض شروط على المساعدات العسكرية لإسرائيل، البالغة 3.8 مليارات دولار سنويًا، عقب عمليتها العسكرية في غزة التي أسفرت عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص!
ومال المستجيبون بنسبة 51% إلى تأييد أعضاء الكونغرس الذين يدعمون وقف إطلاق النار، في مقابل 24% ممن يؤيدون أعضاء الكونغرس الذين يعارضون الدعوات لوقف إطلاق النار!
وإزاء فيض النتائج، التي قد تبدو متضاربة، فإن الأطراف المختلفة تعمد إلى انتقاء ما يدعم قناعاتها والترويج له، سواء كانت أطرافًا داعمة للفلسطينيين أو لإسرائيل.
وفي هذا الإطار، يشار إلى بروز بعض الجهات اليهودية المتعاطفة مع إسرائيل، مثل: المكتبة اليهودية الافتراضية The Jewish Virtual Library أو مشروع إسرائيل The Israel Project، التي تميزت في أرشفة ونشر نتائج الاستطلاعات بما يظهر دعم وتعاطف أغلبية الأميركيين مع إسرائيل، كما فعلت المكتبة الافتراضية مؤخرًا بإبراز نسبة الـ 37% في ديسمبر/ كانون الأول، المرتفعة عن نظيرتها في الشهرين السابقين، من الموافقين على نهج بايدن في التعامل مع الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي!
في المقابل، لم تفطن جهات عربية وإسلامية إلى تأثير استطلاعات الرأي العام، سواء بإبرازها أو الاستدلال بها، في حال كانت النتائج لصالح الفلسطينيين، أو نقدها في حال كانت غير علمية أو في غير مصلحتهم، باستثناء ما فعلته منظمة "مسلمون أميركيون لأجل فلسطين" American Muslims for Palestine AMP حين نشرت على حسابها على الفيسبوك نسبة الـ 61% من الأميركيين الذين يطالبون بوقف إطلاق النار في استطلاع Data for Progress، والـ 74% الذين يطالبون الولايات المتحدة بتقديم العون الإنساني للفلسطينيين في استطلاع Gallup!
في المجمل، تكشف هذه النتائج ضرورة عدم الوقوع في فخ الصورة النمطية، عن المجتمع الأميركي، بالنظر إليه كوحدة متجانسة متوحدة في تأييدها وانحيازها لإسرائيل، فرغم أن الأخيرة قد كسبت رصيدًا كبيرًا من الدعم الشعبي الأميركي خلال الأسبوع الأول من عدوانها، فإن كثيرًا من هذا الرصيد قد تآكل بسبب وحشية إسرائيل وهمجيتها في عدوانها على القطاع، والتي ساهم الإعلام الجديد غير الغربي في نقل صورها إلى الجمهور الأميركي، لتستفز نزعته الإنسانية ورغبته في السلام، وعلى الأخص فئة الشباب الذين بدت مواقفهم مفارقة إلى حد بعيد لتلك ممن يكبرونهم سنًا!
لقد أظهرت هذه الحرب بوضوح التأثير الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي في تحول توجهات الشباب الأميركي إزاء الحرب الأخيرة وحتى الصراع العربي- الإسرائيلي برمته، وأطلعته على الجانب الآخر من سردية الأحداث الذي طالما أمعنت وسائل الإعلام في إخفائه.
وهو الأمر الذي ينبغي للجهات الإعلامية والبحثية العربية والإسلامية، خاصة داخل الولايات المتحدة، ألا تغفله وتحسن توظيفه، لاستثمار هذا التحول في توعية قطاعات وشرائح أخرى في المجتمع الأميركي، أو على الأقل بتحييدهم، على أمل أن يحدث ذلك على المدى البعيد تحولًا مهما كان طفيفًا في السياسة الأميركية تجاه فلسطين وشعبها وقضيتها!
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة مع الإسرائیلیین مع الفلسطینیین فی الرأی العام الصراع العربی مع الإسرائیلی مع الفلسطینی یتعاطفون مع إطلاق النار تشرین الأول فی استطلاع التعامل مع مع إسرائیل بشکل أکبر فی الصراع فی مقابل العام فی فی هذا
إقرأ أيضاً:
إسرائيل النازية تبيد الفلسطينيين بـ«الفيتو» الأمريكى
مئات الشهداء والمصابين فى محارق مروعة ببيت لاهيا شمال غزة
تطاير أشلاء الضحايا.. وعجز فى انتشال المفقودين تحت الأنقاض
صرخات الأطفال ونحيب النساء يشق ليل غزة الحالك والغارق فى حمامات الدم بأطنان الفسفور الأبيض والأسلحة الأمريكية المحرمة دوليا تصهر أجساد البراءة وتمزق أرواحهم جثثا ملقاة على الأرض، وأحياء تحت الأنقاض، وسط عجز الأهالى عن انتشالهم.
ولم تمض ساعات قليلة على الفيتو الأمريكى فى مجلس الأمن رفضا لوقف التطهير العرقى للشعب الفلسطينى صاحب الأرض إلا واستقبلت تل أبيب الضوء الاخضر الأمريكى لتواصل القضاء على ما تبقى من حياة فى سلسلة مجازر فى القطاع تركز معظمها فى بيت لاهيا شمالا.
ويتم نقل الحالات الخطيرة على الأكتاف إلى داخل مستشفى كمال عدوان فى بيت لاهيا للتعامل معها، فى ظل واقع صحى صعب ومترد؛ جراء استهداف الاحتلال الإسرائيلى المتكرر والحصار المطبق بينما تسارع الكوادر العاملة، وعلى رأسها الطواقم الطبية، فى انتشال جثث الشهداء من مكان المجزرة وتعالج الجرحى ميدانيا، فى ظل عدم وجود مركبات إسعاف لنقلهم.
وقصفت مدفعية إسرائيلية البلدة تزامنا مع سماع أصوات إطلاق نار كثيف، وتدخل الحرب على قطاع غزة يومها الـ412، فى وقت يتجه فيه الاحتلال الإسرائيلى لتعزيز سيطرته العسكرية على قطاع غزة المحاصر وسط مؤشرات ملموسة إلى بدء تطبيقه الحكم العسكرى، فضلاً عن التأسيس لتطلعات المستوطنين وخططهم للاستيطان فى القطاع.
وأعلنت وزارة الصحة فى غزة أن الاحتلال الإسرائيلى ارتكب 5 مجازر ضد العائلات وصل منها للمستشفيات 88 شهيداً و176 مصاباً على الأقل حتى الآن.
وظهرت المبانى وهى مدمرة بالكامل، وتحول بعضها إلى أكوام من ركام وحطام يملأ الشوارع، بينما تعرضت مبان أخرى لتصدعات وتشققات كبيرة جراء القصف الإسرائيلى، ما يجعلها غير صالحة للسكن.
أكد شهود عيان لـ«الوفد» أن عشرات المنازل فى محيط مستشفى كمال عدوان سويت بالأرض وعشرات المنازل الأخرى تضررت بشكل كبير جدا بفعل القصف الإسرائيلى المدمر. وأضافوا أن هذه المنازل تعود لعائلات المدهون، وخضر، وأبو وادى، وشقورة، ونصار.
وأوضح الشهود أن عشرات الشهداء والمفقودين ما زالوا تحت الأنقاض، وتقوم مجموعات من الأهالى بانتشالهم بأيديهم العارية وبمعدات بسيطة جدا، فى ظل غياب منظومة الدفاع المدنى قسرا.
وقصف طيران الاحتلال الإسرائيلى خيمة نازحين فى منطقة البصة بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة. وشن غارة على مدينة غزة شمالى القطاع. ونسف عدداً من المبانى السكنية غرب مدينة رفح جنوبى قطاع غزة.
وأعلنت كتائب القسام الجناح العسكرى لحركة حماس أنها استهدفت دبابة إسرائيلية من نوع «ميركافاه» بقذيفة «تاندوم» بالقرب من منطقة الصفطاوى غرب معسكر جباليا شمال القطاع.
وأعلن الاحتلال الإسرائيلى أنه اعترض قذيفة صاروخية واحدة أطلقت من جنوب قطاع غزة، وذلك فى أعقاب دوى صفارات الإنذار فى منطقة كرم أبو سالم المحاذية لقطاع غزة.
وأكدت سرايا القدس أنها قصفت بالاشتراك مع كتائب الشهيد أبو على مصطفى عناصر الاحتلال الإسرائيلى وموقع «أبو عريبان» فى محور «نتساريم» بوابل من قذائف الهاون الثقيلة.
وأكدت حركة المقاومة حماس فى بيان، إن مجزرة بيت لاهيا تأكيد لاستمرار حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطينى ونتيجة للفيتو الأمريكى الوقح، وإفشال قرار مجلس الأمن بوقف العدوان.
وأضافت الحركة «العدو الصهيونى المجرم يواصل ارتكاب جرائمه، إمعاناً فى حرب الإبادة الوحشية ضد شعبنا الفلسطينى، مستنداً إلى غطاء أمريكى إجرامى، ودعم عسكرى وسياسى لا محدود، وآخره الفيتو الذى أفشل به أمس قراراً فى مجلس الأمن لوقف إطلاق النار فى غزة».
وحمّلت المجتمع الدولى والمؤسسات الأممية المسئولية عن استمرار هذه المجازر بحق أهل شمال قطاع غزة، وذلك نتيجةً للصمت والعجز عن تفعيل آليات الحماية من الإبادة والتطهير، والقيام بالدور القانونى والأخلاقى فى حماية شعبنا أمام هذه الانتهاكات غير المسبوقة.
ودعت حماس لحراك عالمى من كافة الأطراف، والضغط لوقف الإبادة الصهيونية بحق شعبنا، واتخاذ الإجراءات الكفيلة التى تردع الكيان عن مواصلة جرائمه، وخططه الممنهجة لتهجير الفلسطينيين.
وناشدت حماس وسائل الإعلام للاستمرار فى تركيز التغطية الإعلامية على ما يحدث فى شمال قطاع غزة، وتكثيف نقل المأساة الإنسانية المتصاعدة، والمجازر المروّعة، وحرب التجويع اللا إنسانية، التى يتعرّض لها المدنيون الأبرياء العزل على يد قوات الاحتلال الإسرائيلى.
وأعلن المستشار الإعلامى لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، «عدنان أبو حسنة» أن 7 مخابز فقط من أصل 19 مخبزا تدعمها المنظمات الإنسانية تعمل فى القطاع اعتبارا من 20 نوفمبر الجارى. وتتوزع المخابز فى دير البلح وخان يونس ومدينة غزة.
وحذر «أبو حسنة» من عدم اتخاذ إجراءات فورية لتحسين إدخال الوقود ومادة الطحين وتسهيل عمليات النقل ومنع العصابات من سرقة ما يدخل كفيل بأن يدفع القطاع إلى مجاعة حقيقية.
وأضاف: «تعمل المخابز الثلاثة فى جنوب وسط غزة بكامل طاقتها بينما تعمل المخابز الأربعة فى مدينة غزة بمستوى إنتاج 50% بسبب تحديات السلامة والأمن المتمثلة فى رفع الوقود عند معبر كرم أبو سالم وبعد تأخيرات فى تسليم الوقود من الجنوب».
فشل مساعى وقف بيع أسلحة «الإبادة الجماعية» لتل أبيب
فشلت جميع التحركات الرامية إلى دفع ثلاثة قرارات، والتى كانت ستوقف عملية بيع أسلحة أميركية لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار مؤخراً نتيجة معارضة من الحزبين الجمهورى والديمقراطى ولم يكن من المتوقع أن يتم تمريرها. حيث صوت مجلس الشيوخ الأمريكى بأغلبية ساحقة على رفض ثلاثة جهود قادها السيناتور التقدمى بيرنى ساندرز، حيث حصلت على نحو 20 صوتًا فقط من أصل 100 من أعضاء المجلس، حيث انضم معظم الديمقراطيين إلى كل الجمهوريين ضد التدابير. وتشمل قرارات بيع الأسلحة قذائف الدبابات، وقذائف الهاون، ونوع من معدات التوجيه الخاصة بالقنابل التى تُلقى فى غزة.
وفى تصريح سبق الجلسة أكد ساندرز إن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو «انتهك القانون الدولى والأمريكى، وانتهك حقوق الإنسان وعرقل المساعدات الإنسانية»، فيما لفت إلى أن القرارات لن تؤثر على أى من الأنظمة التى تستخدمها إسرائيل للدفاع عن نفسها من الهجمات الواردة، وركز بدلاً من ذلك على الأسلحة الهجومية. وأكد أمام مجلس الشيوخ أن حكومة رئيس الوزراء نتنياهو المتطرفة لم تشن حرباً ضد حماس فحسب. بل إنها شنت حرباً شاملة ضد الشعب الفلسطينى.
وتابع ساندرز: «الكثير مما يحدث هناك تم بأسلحة أمريكية ودعم دافعى الضرائب الأميركيين»، مضيفا أن الولايات المتحدة قدمت أكثر من 18 مليار دولار من المساعدات العسكرية لإسرائيل وسلمت أكثر من 50 ألف طن من الأسلحة والمعدات العسكرية، وأضاف «الولايات المتحدة الأمريكية متواطئة فى هذه الفظائع، ولابد أن ينتهى هذا التواطؤ».
وصوّت السيناتور إد ماركى، ديمقراطى من ولاية ماساتشوستس، لصالح القرارات، وقال فى بيان له إن «استراتيجية الولايات المتحدة المتمثلة فى منح حكومة نتنياهو شيكًا مفتوحًا للأسلحة الهجومية لا يمكن أن تستمر». وأضاف «لا يحق لأى دولة، حتى لو كانت حليفة مقربة مثل إسرائيل، الحصول على مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة دون الالتزام بالقانون الأميركى والدولى».
وصوت السيناتور مارتن هاينريش، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ماساتشوستس، لصالح القرارات أيضًا، وقال فى بيان إن خفض التصعيد فى الحرب «لا يمكن أن يحدث إذا نظرنا إلى الاتجاه الآخر عندما يتعلق الأمر بكيفية استخدام أسلحة محددة وثمنها الاستثنائى».
وأعلن ديمقراطيون آخرون عن تصويتهم ضد القرارات. وفى ذلك أكد السيناتور كاثرين كورتيز ماستو، ديمقراطية من نيفادا إنها «ستقف دائمًا بفخر لدعم أقوى حلفائنا». وعلى نحو مماثل، قال السيناتور جاكى روزن، ديمقراطى من نيفادا إن «إسرائيل حليفتنا فى الشرق الأوسط، ويجب علينا أن نفعل كل ما فى وسعنا لمساعدتها فى الدفاع عن نفسها». كما صوّت جميع الجمهوريين الحاضرين ضد القرارات مبررين الأمر بأن الحد من قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها يساعد أعداءها بحسب معتقداتهم.
وخلال الحملة الرئاسية، انتقد التقدميون المناهضون للحرب بشكل ممنهج تعامل إدارة بايدن مع الحرب، ودفعوا إلى إنهاء الصراع وانتقدوا تحالف البيت الأبيض مع إسرائيل ونتنياهو.
وكان ساندرز قد قدم هذه الإجراءات فى سبتمبر الماضى بينما واصلت إسرائيل هجومها على غزة، والذى أسفر عن استشهاد 43 ألف شخص على الأقل. وبموجب القانون الأمريكى، لا يجوز تقديم المساعدة العسكرية لقوات الأمن الأجنبية التى ارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان. ومع ذلك، رفضت إدارة بايدن إلى حد كبير وقف نقل الأسلحة إلى إسرائيل، على الرغم من الاتهامات المستمرة بارتكاب جرائم حرب من قبل خبراء حقوق الإنسان.
وهذه ليست المرة الأولى التى يقود فيها ساندرز مثل هذا الجهد، ولم يكن من المتوقع أن يتم تمريره. لكن المؤيدين كانوا يأملون أن يشجع الدعم الكبير فى مجلس الشيوخ حكومة إسرائيل، وإدارة جو بايدن على بذل المزيد من الجهود لحماية المدنيين فى غزة.
وبحسب بيانات الأمم المتحدة، دمر الجيش الإسرائيلى أكثر من 65% من المساكن والمدارس والمرافق الصحية. كما دُمرت جميع الجامعات الـ12 فى القطاع، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية وفا. وتقدر الأمم المتحدة أيضًا أن حوالى 90% من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون فلسطينى قد نزحوا. كما أكد خبراء الأمن الغذائى العالمى أن المجاعة فى شمال غزة وشيكة.