قبل يومين، أعلنت قبرص انها تتفاوض مع لبنان من أجل اعادة 116 مهاجراً سورياً تم انقاذهم قبالة سواحلها، وذلك بعدما رفضت السلطات اللبنانية استعادتهم، كما اعلن وزير الداخلية القبرصي كونستانتيونس يوانو الذي أعرب عن اسفه لعدم قبول السلطات اللبنانية بعودة هؤلاء، كاشفاً انه لا يعرف سبب عدم السماح للمهاجرين بدخول الأراضي اللبنانية.


لم يصدر عن الحكومة اللبنانية أي تعليق على هذا الكلام، علماً ان المعلومات تشير إلى ان المسألة بدأت قبل اسبوع وتحديداً يوم الاحد الماضي، ولكن الجانب القبرصي تأخر في إثارتها في انتظار ما ستسفر عنه المفاوضات مع الجانب اللبناني. وهي لم تصل بالفعل إلى نتيجة. 
وفي هذا السياق كتبت سابين عويس في"النهار": ليست المرة الاولى التي يرفض لبنان اعادة استقبال السوريين الذين هاجروا من الأراضي اللبنانية بصورة غير شرعية، ولن تكون المرة الاخيرة، على ما تقول مصادر حكومية. فقد واجه لبنان موقفاً مماثلاً في منتصف آب الماضي، وتعامل معه في شكل رسمي، اذ صدر بيان في حينه عن وزارة الخارجية والمغتربين، اشارت فيه إلى ان الوزارة "تبلغت انطلاق قارب هجرة غير شرعي من مياه لبنان في اتجاه قبرص، وهي اذ تدين الهجرة غير الشرعية، تؤكد التزام لبنان استقبال حاملي الاوراق الثبوتية اللبنانية من المهاجرين الموجودين على متنه". وأضافت الوزارة ان لبنان "يرفض استقبال اي مهاجر غير لبناني هاجر بطريقة غير شرعية أياً تكن نقطة انطلاق القارب الذي كان على متنه". وتكشف المصادر ان الموقف اللبناني لم يتغير، وهو كان أُبلغ في حينه إلى السلطات القبرصية ومفاده ان لبنان غير معني بأي حركة هجرة غير شرعية تحصل ولو من أراضيه او شواطئه، باستثناء ما يتعلق بحاملي الجنسية اللبنانية. اما بالنسبة إلى السوريين، فمرجعيتهم هي الدولة السورية وليس لبنان، وبالتالي، يعود إلى السلطات القبرصية التواصل والتفاوض مع السلطات السورية لتقرير مصيرهم. وهذا الموضوع كان موضع بحث أمس بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والمديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة إيمي بوب التي التقاها على هامش مشاركته في مؤتمر ميونيخ للأمن المنعقد في دورته الـ60 في ألمانيا. وحضر الاجتماع إلى جانب ميقاتي وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب، حيث تناول البحث سبل التعاون بين لبنان والمنظمة في مجال الحد من الهجرة غير الشرعية من لبنان واليه. وقد جدد ميقاتي موقف لبنان الرافض لاسترجاع أي نازح يهاجر عبر القنوات غير الشرعية إلى لبنان. 
وفي حين ينفي لبنان ان يكون الزورق الذي أقلّ المهاجرين قد انطلق من الشواطىء اللبنانية على ما تزعم قبرص، تحديداً من طرابلس، تؤكد المصادر ان الحكومة حسمت امرها في شأن التعامل مع هذا الملف، وهي توجه رسالة إلى دول الغرب التي تشكل وجهة للمهاجرين، كما إلى الدول التي ترفض السير بالمقاربة اللبنانية في التعامل مع مسألة اللجوء السوري في لبنان وتسعى إلى تكريس وجودهم فيه، انه ليس في وارد التساهل في هذا الموضوع ولن يقبل بأن يكون ممراً للهجرة غير الشرعية، وان الترجمة العملية لهذا الموقف تكمن في التشدد في التعامل مع المهاجرين غير الشرعيين ورفض اعادة استقبالهم، على نحو يضع الدول التي يصلون اليها امام واقع البحث عن حل. وتشكل قبرص انطلاقاً من موقعها على المتوسط وقربها من الشواطئ اللبنانية الوجهة الاولى للهجرة. ولعل هذا ما دفع الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليس والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى اعادة النظر في الوضع الامني في سوريا، والبحث في كيفية توفير مناطق آمنة فيها بهدف اعادة المهاجرين غير الشرعيين الوافدين الى الشواطئ الأوروبية اليها، بعدما بات واضحاً ان لبنان الذي يشكل الممر الآمن لهؤلاء لم يعد يقبل بإعادتهم، بما يطرح اشكالية حول مصير هؤلاء، الذي ولغاية اليوم لم يُحدد بعد، وما إذا كانوا قد نُقلوا إلى مخيمات اللاجئين في قبرص ام لا. ويثير هذا الموضوع قلقاً كبيراً لدى سلطات الجزيرة التي تشكل واجهة الهجرة، حيث تشير إحصاءاتها ان الهجرة زادت بواقع 60 في المئة في 2023، وغالبيتها قادمة من الشواطئ السورية، ولا سيما طرطوس، إضافة الى الشواطئ اللبنانية وتحديداً طرابلس. 
تعتبر المصادر ان مؤشر التشدد الذي تمارسه السلطات اللبنانية في هذا الشأن يجب ان يشكل رسالة واضحة ان لا عودة إلى الوراء، وان على المجتمع الاوروبي حسم امره في اعتماد مقاربة جديدة حيال الهجرة غير الشرعية تأخذ في الاعتبار مصالح الدول المعنية وأوضاعها، وليس فقط مصالح الدول الأوروبية.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: غیر الشرعیة

إقرأ أيضاً:

هذه هي توصيات هيومن رايتس للحكومة اللبنانية المقبلة

دعت منظمة هيومن رايتس ووتش رئيس الحكومة اللبنانية المُكلَّف نواف سلام إلى العمل على إنهاء الإفلات من العقاب، وضمان المحاسبة والشفافية وسيادة القانون في لبنان.

وحثت المنظمة الحكومة اللبنانية الجديدة على أن تعطي الأولوية لحماية وتعزيز حقوق الإنسان وتنفيذ إصلاحات تضمن إحقاق حقوق الجميع في لبنان، والمحاسبة على الانتهاكات والتجاوزات السابقة، واستقلالية القضاء، وتحسين الخدمات العامة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أمنستي تطالب سلطات تونس بالإفراج "فورا" عن صحفيlist 2 of 2بينهم متهم بالتخطيط لاغتيال بن غفير.. من أسرى القدس المتوقع تحررهم اليوم؟end of list

وفي 13 يناير/كانون الثاني 2025، كلف الرئيس اللبناني جوزيف عون الرئيس السابق لمحكمة العدل الدولية وسفير لبنان السابق في الأمم المتحدة، نواف سلام، برئاسة الحكومة الجديدة بعد الاستشارات النيابية. وجاء التكليف بعد انتخاب مجلس النواب عون رئيسا في 9 يناير/كانون الثاني.

وقالت المنظمة إنه "بعد حرب مدمرة وأزمة سياسية استمرت أكثر من عامين، وأكثر من 5 سنوات على انهيار الاقتصاد اللبناني، هناك بارقة أمل بأن يتمكن لبنان من التغلب على الكم الهائل من التحديات التي تواجه الحكومة، والقضاء، والمؤسسات، والناس. لكن أداء الحكومة الجديدة سيتحدد في النهاية بقدرتها على تطبيق الإصلاحات".

رفعت هيومن رايتس ووتش في رسالتها توصيات في 10 مجالات أساسية من شأنها أن تُرشد سياسات الحكومة المقبلة وممارساتها في مجال حقوق الإنسان، وإعادة الإعمار، والقضاء، والإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية.

إعلان

وتضمنت التوصيات -التي غطت 10 مجالات رئيسية- الالتزام الملموس بالمحاسبة على جرائم الحرب المرتكَبة على الأراضي اللبنانية، وانفجار مرفأ بيروت في أغسطس/آب 2020، والانهيار الاقتصادي في البلاد، وإنشاء قضاء مستقل، وتنفيذ إصلاحات اجتماعية واقتصادية متماشية مع الحقوق.

كما شملت الدعوة لتنفيذ تدابير لحماية حرية التعبير، وقضايا التمييز ضد المرأة، وحماية حقوق المهاجرين واللاجئين والسجناء والموقوفين.

وقالت هيومن رايتس ووتش في رسالتها إلى نواف سلام إن على الحكومة القادمة أن تصادق على "نظام روما الأساسي" المُنشئ لـ"المحكمة الجنائية الدولية"، وأن تودع إعلانا لدى قلم المحكمة يمنح هذه الأخيرة ولاية قضائية بأثر رجعي على الجرائم الخطيرة المرتكبة على الأراضي اللبنانية.

 

مقالات مشابهة

  • مُسيّرة لحزب الله تجتاز الحدود اللبنانية للمرّة الأولى منذ وقف النار
  • هذه هي توصيات هيومن رايتس للحكومة اللبنانية المقبلة
  • بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
  • قرية لبنانية تخيف إسرائيليين: حزب الله راقبنا منها!
  • عضو «الشيوخ»: تصريحات الرئيس السيسي بشأن التهجير رسالة حاسمة بالرفض أمام العالم
  • أشرف أبو النصر: تصريحات الرئيس بشأن تهجير الفلسطينيين رسالة حاسمة للعالم
  • رسالة حاسمة من السيسي عن تهجير الشعب الفلسطيني
  • قناة لبنانية: الجيش يتسلم منشأة عسكرية تحت الأرض من حزب الله (شاهد)
  • الصحة اللبنانية تكشف حصيلة ضحايا الاعتداءات الإسرائيلية أمس
  • حقوق الإنسان: يجب السماح للمدنيين اللبنانيين بالعودة إلى قراهم