الخليج الجديد:
2025-03-15@08:24:05 GMT

الأوروبيون و«الناتو».. ودونالد ترامب

تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT

الأوروبيون و«الناتو».. ودونالد ترامب

الأوروبيون و«الناتو».. ودونالد ترامب

الخوف من روسيا، والشعور منذ وقت طويل بالانقياد والتبعية تجاه أمريكا هو السائد في أوروبيا إذن.

أعلن ترامب أنه ضاق ذرعاً بعدم إنفاق الدول الأوروبية بما يكفي على دفاعها، مضيفا أنه لن يهبّ لمساعدتها في حال تعرضت لهجوم روسي.

إذا كان دونالد ترامب قد راهن دائماً على فن عقد الصفقات والتفاوض، فإنه يعمد هنا إلى أسلوب الابتزاز لانتزاع المزيد من الدول الأوروبية.

سببت تصريحات ترامب صدمة حقيقة لأوروبيين قلقين أصلاً من مواجهة «الناتو» تهديد حقيقي حال انتخاب ترامب، وجاءت تصريحاته تؤكد أسوأ كوابيسهم.

على الدول الأوروبية أن تختار وتقرر إن كانت الاستقلالية الاستراتيجية الأوروبية خيار أقل خطورة أم إن كانت ستلبي مطالب ترامب وشروطه في سبيل المظلة الأميركية.

تستفيد أمريكا من العلاقة العابرة للأطلسي أكثر كثيرا من تكلفتها، ولو من مبيعات الأسلحة فقط. ذلك أن 63 بالمئة من مشتريات الدول الأوروبية من الأسلحة من خارج إنتاجها أسلحة أمريكية.

* * *

ألقى دونالد ترامب مؤخراً حجراً في بِركة مياه راكدة حين أعلن أنه ضاق ذرعاً بعدم إنفاق الدول الأوروبية بما يكفي على دفاعها، مضيفاً أنه لن يهبّ لمساعدتها في حال تعرضت لهجوم، بل إنه تخيّل حواراً وهمياً دار بينه وبين زعيم أوروبي قال له فيه إنه سيدفع روسيا لمهاجمة الدول الأوروبية التي لا تدفع ما يكفي على دفاعها.

ومعلوم أن ترامب كان أعلن من قبل أنه إذا انتُخب، فإنه سيُنهي الحرب في أوكرانيا في ظرف 24 ساعة عبر وقف كل المساعدات لإجبار الأوكرانيين على التفاوض (من موقف ضعف) مع روسيا.

هذه التصريحات تسببت في صدمة حقيقة للأوروبيين القلقين أصلاً من رؤية «الناتو» يواجه تهديداً حقيقياً في حال انتخاب دونالد ترامب، والذين رأوا أن تصريحاته إنما تؤكد أسوأ كوابيسهم.

لكن ما هي الحقيقة؟ الواقع أنه عندما كان دونالد ترامب رئيساً، شهدت العلاقات العابرة للأطلسي تراجعاً لا تخطئه العين، ولكن دونالد ترامب كان قد ابتعد عن كل من الحلفاء الأوروبيين وحليفي الولايات المتحدة الآسيويين، اليابان وكوريا الجنوبية.

ويخشى الأوروبيون أن تكون ولايته الثانية أسوأ من الأولى، لأنه لن يكون لديه ما يخسره هذه المرة، ويرغب في الانتقام من هذه الدول الأوروبية التي كانت دائماً تفضل جو بايدن عليه.

وبالتالي فهناك أيضاً جانب من الانتقام الشخصي في التهديدات التي يمكن أن يطلقها. وفي الأثناء، يرى ناخبوه أنه ينبغي الإنفاق بالأحرى على مكافحة الهجرة من المكسيك بدلاً من الإنفاق على دعم أوكرانيا.

والحقيقة أن هناك الكثير من محاولة الخداع والمناورة في كلام دونالد ترامب، والواقع مختلف تماماً، ذلك أن الولايات المتحدة ليست موجودة في أوروبا من أجل مصلحة الأوروبيين، وإنما من أجل مصلحتها الخاصة، لأن أمريكا أتت إلى أوروبا في نهاية الحرب العالمية الثانية من أجل الحؤول دون سيطرة الاتحاد السوفياتي على القارة الأوروبية بأكملها.

وقد كانت هناك من أجل الدفاع عن مصالحها الجيوسياسية وعن حرية الأوروبيين بالقدر نفسه. فهل تغيّرت هذه المصالح الجيوسياسية كثيراً؟

كلاّ، ولا شك أن التحدي الروسي لا يشبه التحدي السوفييتي، ولكن الوجود الأميركي في أوروبا، وحقيقة أن الولايات المتحدة تضمن أمن الدول الأوروبية ضد التهديد الروسي الذي ازداد بشكل كبير منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، ينسجمان مع مصالح الولايات المتحدة. ذلك أنه في مقابل هذه الحماية، تستفيد الولايات المتحدة من نفوذ كبير في جميع المجالات، السياسية والتجارية والاستراتيجية.

وقد لاحظنا منذ بداية الحرب في أوكرانيا أن نفوذها في أوروبا ازداد وتعزز بشكل كبير، في حين أنه ضعف وتراجع في بقية العالم، ثم إنه لو كانت لدى دونالد ترامب أي رغبة حقيقية في قطع هذه الروابط، فإن البنتاغون ووزارة الخارجية ووكالة المخابرات المركزية، وكل الأجهزة الأمنية في الولايات المتحدة لن تتردد في تذكيره بهذا الواقع:

أن الولايات المتحدة تستفيد من هذه العلاقة العابرة للأطلسي أكثر بكثير من التكلفة التي تكلّفها، وإن بخصوص مبيعات الأسلحة فقط. ذلك أن 63 في المئة من مشتريات الدول الأوروبية من الأسلحة من خارج إنتاجها الوطني كانت من الولايات المتحدة.

ولا شك أن ضمان أمن الأوروبيين يمثّل أداة هائلة في حوزة الولايات المتحدة. وفي هذا الصدد، فإن دونالد ترامب سيعمد بكل تأكيد إلى ابتزاز الدول الأوروبية من أجل حملها على الإنفاق أكثر، عبر شراء المعدات العسكرية الأميركية، وكذلك عبر تقليص العجز التجاري الأميركي، تحت تهديد بتعليق الالتزام الأميركي.

وأمام هذا التهديد، سيكون أمام الدول الأوروبية الاختيار لتأكيد رغبتها في تحقيق الاستقلالية، وبالتالي الاستغناء عن الدعم الأميركي. غير أن مناخ التوتر والخوف من روسيا بالنسبة لعدد معين منها، ولا سيما دول الشرق، يدفعانها إلى محاولة القيام بأي شيء حتى تبقي الولايات المتحدة على رابطها الاستراتيجي مع أوروبا.

وعلينا أن نتذكر هنا أنه خلال رئاسة دونالد ترامب كانت بولندا مستعدة لدفع ملياري دولار للولايات المتحدة من أجل إنشاء قاعدة عسكرية كان سيطلق عليها اسم «قاعدة ترامب». الخوف من روسيا، والشعور منذ وقت طويل بالانقياد ونوع من التبعية تجاه الولايات المتحدة هو السائد إذن.

وإذا كان دونالد ترامب قد راهن دائماً على فن عقد الصفقات والتفاوض، فإنه يعمد هنا إلى أسلوب الابتزاز لانتزاع المزيد من الدول الأوروبية. وعليه، على هذه الدول أن تختار وتقرر ما إن كانت الاستقلالية الاستراتيجية الأوروبية تمثّل خياراً أقل خطورة، أم ما إن كانت ستلبي مطالب دونالد ترامب وشروطه في سبيل المظلة الأميركية.

*د. باسكال بونيفاس مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس.

المصدر | الاتحاد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أمريكا روسيا أوروبا الناتو ترامب الدول الأوروبية الولایات المتحدة الدول الأوروبیة دونالد ترامب إن کانت ذلک أن من أجل

إقرأ أيضاً:

ترامب يعترف: حلف الناتو يخوض حربا ضد روسيا في أوكرانيا

أقر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الأربعاء، بأن القتال الدائر في أوكرانيا يمثل في الواقع مواجهة مباشرة بين حلف شمال الأطلسي "الناتو" وروسيا. 

وأوضح أن الحلف، الذي شهد زيادة كبيرة في الإنفاق العسكري من قبل أعضائه خلال فترة ولايته الأولى بين عامي 2017 و2021، أنفق جزءًا كبيرًا من تلك الأموال على هذه الحرب، معتبراً ذلك "أمرًا مؤسفًا".

وأشار ترامب خلال لقائه برئيس الوزراء الأيرلندي مايكل مارتن في البيت الأبيض، إلى أن الأموال بدأت تتدفق بمليارات الدولارات إلى الحلف تحت ضغطه، مما جعله أقوى بكثير. لكنه أضاف أن معظم تلك الموارد المالية استُخدمت الآن في الصراع الأوكراني، قائلاً: "من العار أنهم فعلوا ذلك".

ورداً على سؤال حول مستقبل الولايات المتحدة داخل حلف "الناتو"، شدد ترامب على ضرورة أن يتم التعامل مع بلاده "بإنصاف". وأضاف: "إذا دفعوا فواتيرهم وقاموا بما يفترض بهم القيام به، فسيكون الأمر على ما يرام". 

بريطانيا تطرد دبلوماسيا روسيا وزوجته.. تفاصيلاول رد من واشنطن علي موقف روسيا من المقترح الأمريكي بشأن أوكرانياروسيا تعلنها رسميا : أي حل للأزمة مع أوكرانيا بشروط موسكو وليس واشنطنروسيا تطالب أمريكا باطلاعها على فحوى محادثاتها مع أوكرانيا بشأن الهدنةروسيا تنفي وجود مواطنين لها على متن السفينتين المتصادمتين في بحر الشماللافروف: أمريكا تريد علاقات طبيعية مع روسيا و أوروبا تريد التصعيدزيلينسكي: المقترح الأمريكي للهدنة مع روسيا لا يقتصر على وقف العمليات في الجو والبحر فقطلافروف: روسيا قلقة إزاء ما يحدث في سورياالانفاق الدفاعي

وأكد أنه سبق أن حذر من أن الولايات المتحدة لن تقدم المساعدة للدول التي لا تلتزم بمستوى الإنفاق الدفاعي المطلوب، قائلاً: "إذا لم يدفعوا الفواتير، فلن نساعدهم".

وكان ترامب قد أعرب في مناسبات سابقة عن استيائه من أداء الحلف، مهددًا بانسحاب الولايات المتحدة منه، إذا لم تتحمل الدول الأوروبية مسؤولية مالية أكبر تجاه أمنها. وقد أثارت هذه التصريحات قلقًا واسعًا داخل الحلف، حيث قال القائد السابق للقوات المشتركة لحلف "الناتو" في أوروبا، الأميرال المتقاعد جيمس ستافريديس، إن انسحاب الولايات المتحدة من "الناتو" سيؤدي إلى انهياره بالكامل.

من جانبها، أكدت موسكو مرارًا أن الغرب الجماعي قد أطلق "حربًا غير معلنة" ضد روسيا في أوكرانيا، مشددة على أنها لا تشكل تهديدًا لأي طرف، لكنها سترد بحزم على أي خطوات تستهدف أمنها القومي. وأعربت روسيا عن قلقها المتزايد من توسع حلف "الناتو" وزيادة وجوده العسكري بالقرب من حدودها، مؤكدة أنها ما زالت منفتحة على الحوار مع الحلف، لكنها دعت في الوقت ذاته إلى التخلي عن سياسات التوسع ونهج عسكرة أوروبا.

مقالات مشابهة

  • في إنتظار السفير الجزائري…ترامب يطرد سفير جنوب أفريقيا من الولايات المتحدة الأمريكية
  • ماكرون يستعيد القيادة الأوروبية في مواجهة ترامب
  • بعد بنما.. ترامب يلمح إلى استخدام القوة للسيطرة على جرينلاند
  • بحجة الأمن الدولي..ترامب يحاول جرّ الناتو إلى معركة غرينلاند
  • ترامب: حلف الناتو بدأ ينهض بمساهمات الدول الأعضاء
  • دونالد ترامب يقول إنه يعتقد أن الولايات المتحدة ستضم جرينلاند عسكرياً
  • ترامب يعترف بأن حلف “الناتو” يخوض حربا ضد روسيا في أوكرانيا
  • ترامب يعترف: حلف الناتو يخوض حربا ضد روسيا في أوكرانيا
  • كندا: لن نصبح أبداً جزءاً من الولايات المتحدة
  • تحكم أمريكي غير مسبوق.. طائرات‎ F-35 ‎الأوروبية لا تطير بدون إذن من واشنطن