الخليج الجديد:
2025-02-07@05:09:48 GMT

الأوروبيون و«الناتو».. ودونالد ترامب

تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT

الأوروبيون و«الناتو».. ودونالد ترامب

الأوروبيون و«الناتو».. ودونالد ترامب

الخوف من روسيا، والشعور منذ وقت طويل بالانقياد والتبعية تجاه أمريكا هو السائد في أوروبيا إذن.

أعلن ترامب أنه ضاق ذرعاً بعدم إنفاق الدول الأوروبية بما يكفي على دفاعها، مضيفا أنه لن يهبّ لمساعدتها في حال تعرضت لهجوم روسي.

إذا كان دونالد ترامب قد راهن دائماً على فن عقد الصفقات والتفاوض، فإنه يعمد هنا إلى أسلوب الابتزاز لانتزاع المزيد من الدول الأوروبية.

سببت تصريحات ترامب صدمة حقيقة لأوروبيين قلقين أصلاً من مواجهة «الناتو» تهديد حقيقي حال انتخاب ترامب، وجاءت تصريحاته تؤكد أسوأ كوابيسهم.

على الدول الأوروبية أن تختار وتقرر إن كانت الاستقلالية الاستراتيجية الأوروبية خيار أقل خطورة أم إن كانت ستلبي مطالب ترامب وشروطه في سبيل المظلة الأميركية.

تستفيد أمريكا من العلاقة العابرة للأطلسي أكثر كثيرا من تكلفتها، ولو من مبيعات الأسلحة فقط. ذلك أن 63 بالمئة من مشتريات الدول الأوروبية من الأسلحة من خارج إنتاجها أسلحة أمريكية.

* * *

ألقى دونالد ترامب مؤخراً حجراً في بِركة مياه راكدة حين أعلن أنه ضاق ذرعاً بعدم إنفاق الدول الأوروبية بما يكفي على دفاعها، مضيفاً أنه لن يهبّ لمساعدتها في حال تعرضت لهجوم، بل إنه تخيّل حواراً وهمياً دار بينه وبين زعيم أوروبي قال له فيه إنه سيدفع روسيا لمهاجمة الدول الأوروبية التي لا تدفع ما يكفي على دفاعها.

ومعلوم أن ترامب كان أعلن من قبل أنه إذا انتُخب، فإنه سيُنهي الحرب في أوكرانيا في ظرف 24 ساعة عبر وقف كل المساعدات لإجبار الأوكرانيين على التفاوض (من موقف ضعف) مع روسيا.

هذه التصريحات تسببت في صدمة حقيقة للأوروبيين القلقين أصلاً من رؤية «الناتو» يواجه تهديداً حقيقياً في حال انتخاب دونالد ترامب، والذين رأوا أن تصريحاته إنما تؤكد أسوأ كوابيسهم.

لكن ما هي الحقيقة؟ الواقع أنه عندما كان دونالد ترامب رئيساً، شهدت العلاقات العابرة للأطلسي تراجعاً لا تخطئه العين، ولكن دونالد ترامب كان قد ابتعد عن كل من الحلفاء الأوروبيين وحليفي الولايات المتحدة الآسيويين، اليابان وكوريا الجنوبية.

ويخشى الأوروبيون أن تكون ولايته الثانية أسوأ من الأولى، لأنه لن يكون لديه ما يخسره هذه المرة، ويرغب في الانتقام من هذه الدول الأوروبية التي كانت دائماً تفضل جو بايدن عليه.

وبالتالي فهناك أيضاً جانب من الانتقام الشخصي في التهديدات التي يمكن أن يطلقها. وفي الأثناء، يرى ناخبوه أنه ينبغي الإنفاق بالأحرى على مكافحة الهجرة من المكسيك بدلاً من الإنفاق على دعم أوكرانيا.

والحقيقة أن هناك الكثير من محاولة الخداع والمناورة في كلام دونالد ترامب، والواقع مختلف تماماً، ذلك أن الولايات المتحدة ليست موجودة في أوروبا من أجل مصلحة الأوروبيين، وإنما من أجل مصلحتها الخاصة، لأن أمريكا أتت إلى أوروبا في نهاية الحرب العالمية الثانية من أجل الحؤول دون سيطرة الاتحاد السوفياتي على القارة الأوروبية بأكملها.

وقد كانت هناك من أجل الدفاع عن مصالحها الجيوسياسية وعن حرية الأوروبيين بالقدر نفسه. فهل تغيّرت هذه المصالح الجيوسياسية كثيراً؟

كلاّ، ولا شك أن التحدي الروسي لا يشبه التحدي السوفييتي، ولكن الوجود الأميركي في أوروبا، وحقيقة أن الولايات المتحدة تضمن أمن الدول الأوروبية ضد التهديد الروسي الذي ازداد بشكل كبير منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، ينسجمان مع مصالح الولايات المتحدة. ذلك أنه في مقابل هذه الحماية، تستفيد الولايات المتحدة من نفوذ كبير في جميع المجالات، السياسية والتجارية والاستراتيجية.

وقد لاحظنا منذ بداية الحرب في أوكرانيا أن نفوذها في أوروبا ازداد وتعزز بشكل كبير، في حين أنه ضعف وتراجع في بقية العالم، ثم إنه لو كانت لدى دونالد ترامب أي رغبة حقيقية في قطع هذه الروابط، فإن البنتاغون ووزارة الخارجية ووكالة المخابرات المركزية، وكل الأجهزة الأمنية في الولايات المتحدة لن تتردد في تذكيره بهذا الواقع:

أن الولايات المتحدة تستفيد من هذه العلاقة العابرة للأطلسي أكثر بكثير من التكلفة التي تكلّفها، وإن بخصوص مبيعات الأسلحة فقط. ذلك أن 63 في المئة من مشتريات الدول الأوروبية من الأسلحة من خارج إنتاجها الوطني كانت من الولايات المتحدة.

ولا شك أن ضمان أمن الأوروبيين يمثّل أداة هائلة في حوزة الولايات المتحدة. وفي هذا الصدد، فإن دونالد ترامب سيعمد بكل تأكيد إلى ابتزاز الدول الأوروبية من أجل حملها على الإنفاق أكثر، عبر شراء المعدات العسكرية الأميركية، وكذلك عبر تقليص العجز التجاري الأميركي، تحت تهديد بتعليق الالتزام الأميركي.

وأمام هذا التهديد، سيكون أمام الدول الأوروبية الاختيار لتأكيد رغبتها في تحقيق الاستقلالية، وبالتالي الاستغناء عن الدعم الأميركي. غير أن مناخ التوتر والخوف من روسيا بالنسبة لعدد معين منها، ولا سيما دول الشرق، يدفعانها إلى محاولة القيام بأي شيء حتى تبقي الولايات المتحدة على رابطها الاستراتيجي مع أوروبا.

وعلينا أن نتذكر هنا أنه خلال رئاسة دونالد ترامب كانت بولندا مستعدة لدفع ملياري دولار للولايات المتحدة من أجل إنشاء قاعدة عسكرية كان سيطلق عليها اسم «قاعدة ترامب». الخوف من روسيا، والشعور منذ وقت طويل بالانقياد ونوع من التبعية تجاه الولايات المتحدة هو السائد إذن.

وإذا كان دونالد ترامب قد راهن دائماً على فن عقد الصفقات والتفاوض، فإنه يعمد هنا إلى أسلوب الابتزاز لانتزاع المزيد من الدول الأوروبية. وعليه، على هذه الدول أن تختار وتقرر ما إن كانت الاستقلالية الاستراتيجية الأوروبية تمثّل خياراً أقل خطورة، أم ما إن كانت ستلبي مطالب دونالد ترامب وشروطه في سبيل المظلة الأميركية.

*د. باسكال بونيفاس مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس.

المصدر | الاتحاد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أمريكا روسيا أوروبا الناتو ترامب الدول الأوروبية الولایات المتحدة الدول الأوروبیة دونالد ترامب إن کانت ذلک أن من أجل

إقرأ أيضاً:

ترامب: الولايات المتحدة ستسيطر على قطاع غزة

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ركز على كيفية القضاء على حماس في قطاع غزة، وأن الولايات المتحدة ستسيطر على قطاع غزة.

دونالد ترامب: سأزور غزة ترامب: سأزور السعودية ودولا أخرى في الشرق الأوسط

وبحسب روسيا اليوم، قال ترامب في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن "الولايات المتحدة ستتولى السيطرة على قطاع غزة".

وتابع "ستتولى الولايات المتحدة السيطرة على قطاع غزة وسنقوم بالعمل هناك، وسنكون مسؤولين عن إزالة جميع القنابل غير المنفجرة والأسلحة الأخرى، وتسوية المنطقة، والتخلص من المباني المدمرة، وتسوية الأرض. وسنخلق فرص عمل للشباب، وسنقوم بإصلاحات اقتصادية في غزة".

مقالات مشابهة

  • ترامب: إسرائيل ستسلم قطاع غزة إلى الولايات المتحدة في نهاية القتال
  • كيف تفاعلت الدول الأوروبية مع مقترح ترامب بشأن تحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"؟
  • الدول الأوروبية ترفض بشدة مقترح استيلاء أمريكا على غزة
  • ما هي الدول الأوروبية التي تعاني أكثر من غيرها من مشاكل التركيز والذاكرة؟
  • ترامب : الولايات المتحدة ستسيطر على غزة
  • ترامب: الولايات المتحدة تريد السيطرة على قطاع غزة
  • ترامب: الولايات المتحدة ستسيطر على قطاع غزة
  • كيف يصمد الأوروبيون أمام عاصفة ترامب؟
  • رئيسة المفوضية الأوروبية تقول إن الاتحاد الأوروبي مستعد لـ”مفاوضات صعبة” مع ترامب وسط مخاوف من فرض الرسوم الجمركية
  • الصفدي: جاهزون للعمل مع الولايات المتحدة لتحقيق السلام العادل الدائم على أساس حل الدولتين