حتى اليوم لا تزال حكومة الاحتلال منقسمة حيال قرار نتنياهو الذي يرى أن الهجوم على مدينة رفح الفلسطينية التي تأوي نحو 1.3 مليون نازح فلسطيني “مفتاح النصر” وسط تقديرات من الداخل الإسرائيلي تشير إلى أن الهجوم المحتمل على المدينة لا يزال أمرا غير مرجح في ظل الانقسام العاصف بحكومة الكيان وغياب التأييد من الحلفاء الرئيسيين لدولة الكيان.


الثورة / أبو بكر عبدالله

منذ إعلان حكومة الاحتلال الصهيوني نيتها تنفيذ هجوم واسع على مدينة رفح الفلسطينية يعيش الفلسطينيون النازحون والعالم حالة ترقب وقلق من الآثار الإنسانية والسياسية والأمنية الخطيرة لهذا الهجوم الذي سيدمر آخر المعاقل الآمنة لسكان قطاع غزة.
وتواجه خطة الهجوم المحتمل على مدينة رفح معارضة عربية ودولية أممية شديدة بما في ذلك الحلفاء الرئيسيون لدولة الكيان، في ظل تصاعد التحذيرات الدولية والأممية من النتائج الكارثية لهذا الهجوم الذي قد يهدد الأمن في منطقة الشرق الأوسط بصورة عامة.
وتتأرجح التقديرات بشأن إمكان تنفيذ هذه العملية إذ يشير البعض إلى أن العملية تمضي مع إعلان حكومة الكيان استكمال خطة الهجوم واستنفار الجيش واستدعاء قوات الاحتياط بينما يشير آخرون أن العملية تواجه عقبات داخلية وخارجية لم تحسمها بعد حكومة الاحتلال.
لكن الواضح حتى الآن هو مضي حكومة نتنياهو باستعداداتها لاجتياح المدينة متجاهلة التحذيرات الإنسانية والأمنية بعد أن تعهد نتنياهو بمواصلة الحرب متجاهلا الخطة الأمريكية الجارية بشأن إعلان هدنة ممتدة وإكمال مفاوضات إطلاق سراح الرهائن، خصوصا وأنه لم يتبق أمام حكومة الكيان سوى شهر واحد لإكمال عملياتها العسكرية في القطاع.

منطقة رفح
منذ صدور قرار محكمة العدل الدولية الذي ألزم دولة الكيان بوقف فوري لإطلاق النار وفتح الطريق لتدفق المساعدات الإغاثية للنازحين، لم تبد حكومة الكيان أي تراجع أو تغيير في حربها الوحشية بقطاع غزة المستمرة منذ 4 أشهر بل ظهرت مؤخرا بمشروع جديد يستهدف اجتياح مدينة رفح بعد أن صارت الملاذ الأخير للمدنيين النازحين من مدن القطاع.
تقع مدينة رفح جنوب قطاع غزة على الشريط الحدودي الفاصل بينه وشبه جزيرة سيناء المصرية، وهي من أصغر مدن القطاع وأكثرها اكتظاظا حيث نزح إليها خلال الشهور الماضية نحو 1.3 مليون نازح فلسطيني يمثلون نحو نصف سكان قطاع غزة إلى جانب 300 ألف من سكانها الأصليين.
لم توفر هذه المدينة في ظل العدوان الإسرائيل الوحشي على قطاع غزة حياة آمنة تماما للنازحين، الذي يعيشون إما في مراكز إيواء مكتظة كالمدارس أو في الشوارع، أو في خيام جاهزة وأخرى صنعت يدويا على قضبان معدنية أو أغصان الشجر، ومغطاة بالأقمشة أو المواد البلاستيكية وتنتشر في مساحة تصل إلى نحو 3.5 كيلومتر مربع.
وتقارير المنظمات الدولية الإنسانية تؤكد أن جميع سكان المدينة محاصرون ويقضون أيامهم محاطين بالسياجات الحدودية وسواحل البحر الأبيض المتوسط، ويعانون من شبح المجاعة، وأكثرهم لم يتمكنوا من العودة إلى منازلهم بعد أن جيش الاحتلال معظم المنازل والمدارس والمساجد والكنائس والمراكز الصحية ومرافق الخدمات وشبكات المياه.
هذا الوضع جعل من الحديث عن أي عملية عسكرية صغيرة أو كبيرة في منطقة مكتظة بهذا العدد من النازحين أو حتى غارة أو قذيفة أشبه بكابوس مرعب، حيث سيسفر عن عدد هائل من الضحايا المدنيين الذين يعيشون ظروفا إنسانية صعبة للغاية في حين تذهب التقديرات الدولية إلى أن أي اجتياح بري لها سيتسبب في أكبر مأساة إنسانية في التاريخ.

مخططات خفية
خلال 4 أشهر من الحرب الإجرامية في قطاع غزة هاجم جيش الاحتلال معظم أراضي قطاع غزة، تاركا منطقة رفح آمنة مؤقتا كملاذ للمدنيين الذين طلبت منهم سابقا اللجوء إليها للاحتماء قبل أن تتحول المدينة الصغيرة إلى هدف عسكري لجيش الاحتلال الذي بدأ فعليا تحضيراته لاجتياحها.
وترك الاحتلال مدينة رفح آمنة خلال الفترة الماضية لم يكن تصرفا إنسانيا تماما، فهو استهدف في البداية دفع الفلسطينيين الهاربين من مدن القطاع إلى مدينة رفح كورقة ضغط على مصر لإرغامها قبول استيعاب المهرجين من في صحراء سيناء.
لكن مواجهة مصر لهذا المخطط وإسقاطه، دفع دولة الاحتلال للضغط عليها مجددا لتسليمها محور فيلادلفيا الحدودي لإسرائيل وهو شريط حدودي بين مصر وقطاع غزة بطول 14 كيلومتراً تم تحديده بموجب معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979.
هذا الشريط الحدودي ظل هو الآخر لسنوات طويلة منطقة عازلة وكان يخضع لسيطرة إسرائيل قبل أن تنسحب من قطاع غزة عام 2005 فيما عرف بخطة “فك الارتباط” وسلمته إلى مصر، لكن حكومة الكيان عادت حاليا بخطة للسيطرة عليه لإحكام قبضتها على القطاع من جهة ومن جهة ثانية لفتح الطريق لمئات الآلاف من الغزيين للنزوح إلى الأراضي المصرية.
لم تيأس حكومة نتنياهو من إسقاط مصر لهذه الخطوة سابقا، وعاودت الكرة بدفع المزيد من الغزيين إلى رفح التي صارت تستوعب أكثر من ثلثي سكان القطاع، لتكون خطوتها التالية اقتحام المدينة عسكريا بما يقود إلى فتح فجوات في الخط العازل تكفي لهروب الآلاف من الغزيين إلى الأراضي المصرية في أكبر عملية تهجير جماعي للفلسطينيين بدعوى مطاردة آخر معاقل “حماس” وفرض الأمر الواقع على مصر بتحويل سيناء إلى منطقة مخيمات للاجئين وتصفية القضية الفلسطينية.

الموقف المصري
من الوهلة الأولى بدت الحكومة المصرية مدركة للمخطط الإسرائيلي بما يشكله من تهديد كبير لأمنها القومي وقد هددت لذلك برد عسكري وبدأت فعليا بحشد قواتها العسكرية على الحدود بصورة لم يحدث منذ توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل قبل أربعة عقود كما أعادت خلال الأيام الأخيرة نشر العشرات من دبابات القتال الرئيسية ومركبات المشاة القتالية قرب “معبر رفح الحدودي.
ورغم نفي السلطات المصرية التصريحات التي تحدثت عن إمكانية تعليق معاهدة السلام مع إسرائيل إلا أن هذا الخيار صار مطروحا على الطاولة خصوصا وأن أي تحرك عسكري إسرائيلي في مدينة رفح سيرغم مئات الآلاف من الفلسطينيين على عبور الحدود نحو شبه جزيرة سيناء ما سيمثل تهديدا حقيقيا للأمن القومي المصري، ناهيك بما ستمثله هذه الخطوة من تصفية للقضية الفلسطينية التي تعهدت مصر بالتصدي لها.
هذا الأمر عبرت عنه السلطات المصرية مؤخرا بتأكيدها أن استمرار انتهاج السلطات الإسرائيلية سياسة عرقلة دخول المساعدات الإنسانية “بمثابة إسهام فعلي في تنفيذ سياسة تهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته.
والموقف الدولي والأممي لم يختلف كثيرا عن الموقف المصري، بما فرضه من عزلة على حكومة الكيان، فخلال الساعات الأولى لإعلان حكومة نتنياهو استعدادات لاجتياح مدينة رفح، خسرت أكبر حلفائها الغربيين الذين أعلنوا بوضوح رفضها الهجوم وقلقهم من تبعاته الأمنية والإنسانية.
بالمقابل وضعت حكومة الكيان نفسها في موقف لا يحسد عليه من الأمم المتحدة التي حذرت على لسان أمينها العام أنطونيو غوتيريش، من “كابوس إنساني وتداعيات إقليمية لا تحصى” مجددا دعوته إلى “وقف إنساني فوري لإطلاق النار والإفراج عن جميع الرهائن”.
هذا الموقف عبر عنه أيضا مسؤولو منظمات إنسانية عدة أكدوا أن أي تقدم عسكري إسرائيلي في منطقة رفح قد يتسبب في وفيات جماعية، مع خطورة انهيار نظام المساعدات الإنسانية داعين إلى عدم السماح بأي حرب في مخيم ضخم للاجئين” قد يفضي إلى “حمام دم”.

الموقف الدولي
ورغم أن الموقف الأوروبي كان شديد الوضوح في رفض أي هجوم عسكري على مدينة رفح المكتظة بالنازحين، بدا الموقف الأمريكي متأرجحا، بعد أن عادت واشنطن للتخفيف من موقفها الرافض للاجتياح العسكري لرفح، بالقول إنها تعارض فقط شن هجوم واسع النطاق دون خطة لحماية المدنيين ناهيك عن تأكيدها أن “حماس” لا تزال تمثل خطرا على إسرائيل وأن هناك أهدافا عسكرية مشروعة للإسرائيليين في رفح”.
الموقف الأمريكي المتأرجح بدا أكثر وضوحا في إعلان البيت الأبيض مؤخرا أن واشنطن لا تدعم في الوقت الراهن وقفا عاما لإطلاق النار في غزة، وهو موقف بدا متعارضا مع توجهاتها المعلنة في جهود الوساطة الداعية إلى هدنة ممتدة تضمن إطلاق سراح الرهائن تمهيدا لوقف شامل لإطلاق النار.
هذا الموقف كشف عما اعتبره البعض “ضوء أخضر” للعملية العسكرية الإسرائيلية في رفح، بعد أن اشترطت واشنطن وجود تخطيط مناسب للهجوم يضع في اعتباره حماية المدنيين”.
زاد من ذلك أن الإعلان الأمريكي تزامن مع إعلان حكومة الكيان عن خطة لحماية المدنيين، وتقديمها المزيد من الذرائع لتبرير اجتياحها لمدينة رفح، بعد أن نفذت عملية حررت فيها رهينتين كانا محتجزين في المدينة، بهدف دعم مزاعمها بوجود عدد كبير من مقاتلي المقاومة في هذه المدينة.
وعلى أن الموقف الأمريكي صار واضحا ولا يمكن التعويل عليه في كبح الهجوم الإسرائيلي على المدينة المكتظة، ثمة مواقف دولية يمكن التعويل عليها في كبح دولة الاحتلال عن مشروعها في مدينة رفح، فحتى الآن لا يزال الاتحاد الأوروبي عند موقفه المناهض لخطة الحرب الإسرائيلية باعتبار أن الهجوم الإسرائيلي المحتمل على رفح سيؤدي إلى كارثة إنسانية في قطاع غزة كما سيقود إلى توترات خطيرة مع مصر.
يساند ذلك الموقف البريطاني الذي خرج عن السرب الأمريكي هذه المرة بتشديد وزير خارجيتها ديفيد كاميرون على ضرورة وقف القتال على الفور حتى يكون بالإمكان إدخال المساعدات وتحرير الرهائن، يليه “التقدم نحو وقف دائم ومستدام لإطلاق النار”.
يضاف إلى ذلك موقف الصين التي أعلنت بوضوح معارضتها للعملية الإسرائيلي في رفح ودعت إسرائيل إلى وقف عمليتها العسكرية في هذه المدينة بأقرب وقت ممكن وبذل “كل ما هو ممكن” لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين ولمنع وقوع كارثة إنسانية أكبر في رفح.

خيارات الكيان
حتى الآن على الأقل تبدو تهديدات إسرائيل بالهجوم العسكري الواسع النطاق على مدينة رفح مجرد تهديدات من أجل تحسين شروط المفاوضات، فالانقسام لا يزال يعصف بحكومة الحرب الإسرائيلية بشأن خطة الاجتياح ومآلاتها المتوقعة.
والتقديرات الموضوعية تؤكد صعوبة إقدام حكومة الكيان على اتخاذ أي خطوة عسكرية دون أن تحظى بإسناد عملاني أميركي وهو أمر قد يجعل حكومة الكيان تعيد التفكير في خطتها لاجتياح المدينة.
والتجاهل الإسرائيلي لجهود الوساطة التي تقودها واشنطن مع بعض دول المنطقة لضمان وتأمين وإطلاق سراح الرهائن وإعلان هدنة ممتدة تقود إلى وقف كامل لإطلاق النار، لا يبدو طبيعيا حتى الآن إذ يصعب على حكومة الكيان عدم التعاطي الإيجابي مع هذه الجهود كونه سيفضي إلى خسارة حليفها الرئيسي والتورط في حرب تعرف أنها قد تشعل عليها النار من كل الاتجاهات.
ومن غير المستبعد أن الخطوات التي شرعت فيها خلال الأيام الماضية بدفع النازحين الفلسطينيين من مدن القطاع إلى مدينة رفح ثم إعلانها عن هجوم واسع الناطق على المدينة المكتظة استهدفت بالمقام الأول ابتزاز مصر وحملها على مواصلة الضغط على الفلسطينيين بالتخلي عن شروط التهدئة، كما استهدفت بالمقابل ابتزاز الولايات المتحدة لحملها على ممارسة الضغط على مصر وإرغامها على قبول الخطة التي قدمتها حكومة الاحتلال إلى مصر بشأن استقبال النازحين في مخيمات مؤقتة لحين الانتهاء من عمليتها العسكرية في رفح.
والخطة الإسرائيلية المسلمة للحكومة المصرية تضمنت ترتيبات لإجلاء جميع السكان إلى مدن مخيمات تحتوي 15 مخيما كل واحد منها يضم 25 ألف خيمة بالجزء الجنوبي الغربي من رفح على أن تكون مصر مسؤولة عن هذه المخيمات مع إقامة مستشفيات ميدانية فيها وذلك قبل تنفيذ أي هجوم عسكري على المدينة.
ورغم أن هذه الخطة تحظى بدعم من واشنطن إلا أن مصر لا تبدو في وارد قبولها، فالسماح بها سيفتح بلا شك أبواب الجحيم على مصر التي ستواجه وحدها مخاطر دولة مخيمات يصعب السيطرة عليها.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

حكومة موازية في السودان… ما الموقف المصري؟

تشهد الساحة السودانية تصعيداً جديداً، يفاقم من أزمة الانقسام السياسي الداخلي، مع تحركات من قوى سياسية ومدنية وحركات مسلحة لإعلان تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع»، وذلك على وقع الحرب الداخلية الممتدة منذ نحو 22 شهراً.

ومع تنديد الحكومة السودانية التي تتخذ من بورتسودان مقراً لها، بتلك الخطوة، والتحذيرات الأممية من تأثيرها على «تفاقم الأزمة الداخلية»، قال خبير ودبلوماسي سابق مصريان إن «القاهرة تتعامل مع (مجلس السيادة) السوداني باعتباره السلطة الرسمية المعترف بها دولياً، ومن المستبعد اعترافها بأي (حكومة موازية)»، في حين «لم تعلق مصر رسمياً على هذه التحركات».

وتسببت الحرب الداخلية في السودان التي اندلعت منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، في نزوح آلاف السودانيين داخل البلاد وخارجها، بينهم نحو مليون و200 ألف إلى مصر، حسب إحصاءات رسمية.

واستعاد الجيش السوداني، أخيراً، عدداً من المدن الرئيسية التي كانت تسيطر عليها «قوات الدعم السريع»، خصوصاً في العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة، غير أن هذا التقدم تزامن مع تحركات تشكيل «حكومة موازية» جديدة.

وبدأت قوى سودانية في مشاورات التوقيع على «وثيقة إعلان سياسي، ودستور مؤقت للحكومة الموازية»، في العاصمة الكينية نيروبي، الثلاثاء، بمشاركة ممثلين لـ«الدعم السريع»، وأحزاب مثل «الأمة، والاتحادي الديمقراطي (الأصل)»، وشخصيات سودانية، بينهم قائد «الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال» عبد العزيز الحلو، وعضوا «مجلس السيادة» السابقان الهادي إدريس، والطاهر حجر.

واستدعت «الخارجية السودانية» سفيرها لدى كينيا للتشاور، رداً على استضافة اجتماعات تشكيل «حكومة موازية»، ووعدت في إفادة، الخميس، باتخاذ «إجراءات لصون أمن السودان، وحماية سيادته ووحدة أراضيه». وسبق ذلك، إعلان «مجلس السيادة» السوداني، الأربعاء، «تشكيل حكومة انتقالية، يرأسها شخصية تكنوقراط، لا تنتمي لأي جهة سياسية».

وسعت «الشرق الأوسط» إلى الحصول على تعليقات رسمية من الجهات المصرية المعنية، على تحركات تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، لكن لم يتسنَّ ذلك. في حين جاء أحدث مواقف القاهرة الداعمة للسودان، في بيان مصري - إسباني، الخميس، خلال ختام زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لمدريد، أكد «ضرورة احترام وحدة وسلامة أراضي السودان، والحفاظ على مؤسساته الوطنية». وشدد البيان على «أهمية العمل على إطلاق عملية سياسية شاملة بملكية وقيادة القوى السياسية والمدنية السودانية، دون إملاءات خارجية».

وبحسب عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، فإن «مصر تتعامل مع (مجلس السيادة) السوداني باعتباره النظام الرسمي الذي يمثل السودان دولياً»، مشيراً إلى أن «القاهرة تعترف بالحكومة السودانية، وتستقبل رئيس (مجلس السيادة) وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، باعتباره رئيس السلطة الحالية في السودان».

وترأس البرهان وفد السودان في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويستبعد حليمة «اعتراف مصر بخطوة تشكيل (حكومة موازية)»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «رغم عدم اكتمال تشكيل القوى والأطراف لتلك الحكومة، فإنه لا يوجد اعتراف دولي بها، سوى من بعض الأطراف الإقليمية، منها كينيا التي تستضيف اجتماعات صياغة الإعلان السياسي لها»، لافتاً إلى أن «القاهرة تدعم مؤسسات السودان الوطنية».

الدعم المصري للحكومة السودانية، أكده وزير الخارجية، بدر عبد العاطي، مجدداً خلال محادثات مع نظيره السوداني، علي يوسف الشريف، على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن في 14 فبراير (شباط) الجاري، وشدد على «موقف بلاده الداعم للسودان، ومؤسساته الوطنية، وبذلها كافة الجهود لتعزيز سيادته ووحدته وسلامة أراضيه»، حسب «الخارجية المصرية».

ويرى حليمة افتقاد «الحكومة الموازية» للتأثير والدعم السياسي والشعبي بالمقارنة بتفاعل السودانيين داخلياً وخارجياً مع انتصارات الجيش الأخيرة، وأكد أن «هناك إدانات ورفضاً من أحزاب وقوى سياسية سودانية لهذه الحكومة»، لكنه لم يقلل من خطورتها حال اكتمالها، قائلاً إن «إعلان سلطة موازية سيضر بوحدة السودان، ويزيد من حالة الانقسام الداخلي، ويفاقم من صراع السلطة والنفوذ بين الأطراف السياسية».

و«تتابع القاهرة مساعي تشكيل حكومة سودانية موازية، لحين بحث الموقف مع أقرب محادثات مع مسؤولي الحكومة الشرعية في السودان»، وفق قنصل مصر السابق لدى السودان، اللواء حاتم باشات، الذي أشار إلى أن «مصر لا تستطيع أن تعلن موقفاً بشأن هذه التحركات؛ لكونها شأناً سودانياً داخلياً»، كما أن «موقفها ثابت بشأن دعم المؤسسات السودانية».

ويربط باشات بين خطوة الإعلان عن تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة «الدعم السريع»، وانتصارات الجيش السوداني الأخيرة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «تأثير الجيش بات أقوى ميدانياً، وفي طريقه للسيطرة الكاملة على الأراضي السودانية»، وعدّ ذلك التقدم «يدفع معارضين للبحث عن دور في السلطة، ما بعد انتهاء الحرب».

وحذرت الأمم المتحدة من إعلان «قوات الدعم السريع» تشكيل «حكومة موازية»، وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، الأربعاء، إن تلك الخطوة «تزيد الانقسام وتفاقم الأزمة في السودان».

وتتعارض خطوة تشكيل «حكومة موازية» مع مبادئ أساسية وثابتة في سياسة مصر الخارجية تجاه السودان، وفق الباحث السياسي السوداني المقيم في القاهرة، صلاح خليل، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «القاهرة تدفع نحو تدشين عملية سياسية شاملة، تشارك فيها الأطراف السودانية كافة، دون إملاءات خارجية».

ويرى خليل أن «تشكيل حكومة موازية يتعارض مع التحركات المصرية لحل الأزمة في السودان، ومنها استضافة مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية، العام الماضي، لتوحيد جهودها، ووضع خريطة طريق لإنهاء الأزمة في البلاد ووقف الحرب الداخلية».

وجمعت القاهرة في يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، خلال مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاثة ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

القاهرة : الشرق الأوسط: أحمد إمبابي  

مقالات مشابهة

  • حماس: تجاوبنا مع جهود الوسطاء لإنجاح عملية التبادل.. لكن نتنياهو يواصل المماطلة
  • مؤشر خطير.. السلطة الفلسطينية تدين اقتحام نتنياهو مخيم طولكرم
  • حظك اليوم برج الجوزاء السبت 22 فبراير.. تفتح لك أبواب جديدة
  • حكومة موازية في السودان… ما الموقف المصري؟
  • إعلام إسرائيلي: أسبوعان حاسمان لمصير صفقة التبادل وتهديدات بـفتح أبواب جهنم
  • أزمة تلوح في الأفق بسبب رفات المحتجزة شيري بيباس .. وإسرائيل تهدد
  • أزمة تلوح في الأفق بسبب رفات المحتجزة شيري بيباس.. وإسرائيل تهدد
  • نتنياهو يوجه بإطلاق عملية عسكرية إضافية في الضفة الغربية
  • «نتنياهو» يأمر يتنفذ عملية قوية في الضفة الغربية ردا على «انفجارات تل أبيب»
  • قناة السويس تفتح باب الحجز بالطرح الأول للوحدات السكنية في مدينة الإسماعيلية الجديدة