عربي21:
2025-02-02@07:07:46 GMT

قطار المصالح يتجاوز الضرير والأسير

تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT

لن أخوض كثيرا مع الخائضين في تلك العلاقة الرومانسية التي نسجها مراهقو السياسة ومناضلو "فيسبوك" ممن يعيشون خارج الوطن ورأوا في الثورة فرصة للخروج من الهامش إلى صدارة المشهد، مستغلين صمت أصحاب العقول أو غيبتهم، ولكن عتبي على "المقاومة السلمية" المصرية في الخارج، التي لم تصدق نفسها، وقبلت بأن يسميها الإعلام بـ"المعارضة" فتماهت مع المصطلح؛ وقبلت به حتى تدجنت، وبدلا من أن تصنع لنفسها مشروعا؛ أصبحت هي مشروع من أراد، حتى وصل الحال إلى إصدار بيان ترحيب بالضيف، وهم خارج البيت.



ولأن لقاء أردوغان برأس النظام الحالي في مصر لم يكن مفاجأة، إذ أن الأمور يرتب لها منذ ثلاث سنوات، فقد كتبنا في ذلك مرارا، ولو أردت عزيزي القارئ فلتراجع المقالات ("هل قرر أردوغان رفع المعارضة المصرية من على جهاز التنفس؟- العلاقات التركية المصرية وجهيزة- سيف أردوغان وذهبه.. والتحولات الدولية- موقف المعارضة المصرية من تقارب القاهرة وأنقرة.. الخطأ الاستراتيجي- هل بات على المعارضة المصرية أن تحمل حقائبها وترحل عن تركيا؟!).

النظام في مصر يعاني أزمة اقتصادية حقيقية أوصلت سعر الدولار الحقيقي في السوق إلى سبعين جنيها مصريا، في ظل تضخم يتزايد يوميا ويضغط على الشارع، بالإضافة إلى معدلات البطالة التي تتزايد بنفس نسب التضخم بل وتزيد. يتزامن ذلك مع جفاء واضح من الممولين الخليجيين وتعديل شروط الضخ، وبات لزاما أن يرضخ النظام للشروط الجديدة
في السطور القادمة نقدم بعض الحقائق التي من شأنها أن تضع زيارة الرئيس التركي للقاهرة في نصابها الصحيح، وتخرج الزيارة من مساحة الأغاني العاطفية والبكاء على الأطلال إلى مكانها الصحيح في عالم السياسة، ومن أول هذه الحقائق.. توقيت الزيارة.. فالنظام في مصر يعاني أزمة اقتصادية حقيقية أوصلت سعر الدولار الحقيقي في السوق إلى سبعين جنيها مصريا، في ظل تضخم يتزايد يوميا ويضغط على الشارع، بالإضافة إلى معدلات البطالة التي تتزايد بنفس نسب التضخم بل وتزيد. يتزامن ذلك مع جفاء واضح من الممولين الخليجيين وتعديل شروط الضخ، وبات لزاما أن يرضخ النظام للشروط الجديدة التي وضعوها حتى يتلقى النظام جرعة من الأوكسجين تبقيه على قيد الحياة، يأتي ذلك مع ضغوط أمريكية وغربية في الملف الفلسطيني، ومساومات لم تنجح حتى الآن من الاستفادة من الأزمة لتحصيل المراد من الصفقة المعلقة، مع ذلك فإن تعاطي الاحتلال مع النظام يورط الأخير أمام الشعب المصري والعربي والعالمي، بضخ الاتهامات أمام المحافل الدولية، فيزيد من أزمة النظام.

على الجانب الآخر فإن وضع الضيف ليس أفضل حالا من المضيف، إذ يعاني حالة تضخم كبيرة لم تفلح معها كل العلاجات الموصوفة من قبل بنكه المركزي، ثم إنَّه مقدم على انتخابات بلدية، يراها مسألة حياة أو موت، ويريد أن ينجز في الملف الاقتصادي، من ناحية، ويقطع الطريق على المعارضة التي طالما لامته خلال السنوات العشر الماضية على قطيعة مصر، وهو إن كان موقفه من ذلك مبدئي (عدم التعامل مع الأنظمة الانقلابية)، إلا أن مصالحه المتمثلة في حجم العلاقات الاقتصادية مع مصر، تجارية كانت أو استثمارية أو سياحية، تدفعه بحكم الأمر الواقع إلى التعامل مع النظام القائم في مصر، فالسوق المصري كبير ولا يمكن إغفاله، في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية والتغيرات الجيوسياسية في المنطقة.

وضع الضيف ليس أفضل حالا من المضيف، إذ يعاني حالة تضخم كبيرة لم تفلح معها كل العلاجات الموصوفة من قبل بنكه المركزي، ثم إنَّه مقدم على انتخابات بلدية، يراها مسألة حياة أو موت، ويريد أن ينجز في الملف الاقتصادي، من ناحية، ويقطع الطريق على المعارضة التي طالما لامته خلال السنوات العشر الماضية على قطيعة مصر
تواجه العلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا العديد من التحديات، لكنها تجد من الفرص ما يجعل متخذ القرار في البلدين يسعون لتخطيها من أجل تحقيق الفرص التي تمنحها علاقات أكثر تقاربا. من أهم التحديات التي تواجه هذه العلاقات؛ هي التوترات السياسية، فكان لزاما على البلدين تخطي هذه التوترات، لا سيما وأن هناك أطرافا كانت فاعلة في تأجيج هذه التوترات، تراجع زخم فاعليتها بعد قمة العلا في السعودية في 2021 مع التفاهمات التي خرجت القمة بها، وكان من بينها ولو بطريق غير مباشر العلاقات المصرية- التركية، ومن ناحية أخرى موقف تل أبيب الممعن في إحراج النظام في مصر، وهو ما سينعكس على قضايا معلقة بين أنقرة والقاهرة؛ أهمها غاز شرق المتوسط وترسيم الحدود البحرية في البحر الأزرق، ومن ثم مواقف البلدين من الوضع في ليبيا، ولأن تركيا لها ثقل لا يُتجاوز في القرن الأفريقي فإن من مصلحة القاهرة تنسيق الملفات الأمنية، على الأقل في هذه المرحلة، مع تركيا في بقعة تحسب ضمن فضاءات الأمن القومي المصري.

وتسعى أنقرة والقاهرة إلى تعزيز التعاون والمصالح المشتركة، على المستويات السياسية والاقتصادية، والأخيرة تعد الأهم في هذه المرحلة، فإن خلق بيئة استثمارية جاذبة للشراكات من الجانبين يعزز الوجود الاقتصادي المتبادل، لا سيما مع احتدام الأزمة الاقتصادية العالمية، والتغير الجيواقتصادي الذي قد يُفقد البلدين مكانتهما الجغرافية كدول ربط بين قارات العالم.

ولعلنا كتبنا في ذلك مقالا بعنوان "الممر الاقتصادي الهندي وتغيير الخريطة الجيواقتصادية للمنطقة" يمكن الرجوع له، وهي الخريطة التي ستؤثر سلبا في كافة الأسواق الناشئة في هذا المحيط الجغرافي. ومن ثم فإن الفرصة مواتية لكلا البلدين لتجاوز التحديات الحالية والتعاون على مستوى أوسع لتعزيز الاستقرار الاقتصادي لمستويات أوسع وأكبر، تحت مزلة تصفير المشكلات التي تنتهجها تركيا مع الولاية الأخيرة للرئيس أردوغان. الفرصة لم تُعدم، كما يريد البعض تصويرها ببكائياته، طالما السياسة متحركة فإنه لا مستحيل، كل ما علينا فقط هو تحديد خياراتنا، وأول هذه الخيارات لمّ شمل الفرقاء وتوحيد الكلمة، ووضع رؤية على أسس علمية مبنية على المعلومات، ولن يكون ذلك إلا بانفتاح أكبر على الدوائر التي تحتويها، مع التذكير بأن الثورات قد تذبل لكنها لا تموت؛ طالما نهتم بها ونرعاها حتى تثمرومن جملة هذه السياسة، فإن الحديث عن ملف ضيوف تركيا من المصريين لم يكن على طاولة نقاش أردوغان ولا مضيفه، حيث تجاوز الطرفان هذه القضية بعد تفاهمات حدد فيها الجانب التركي حدودا تتوافق مع القيم وحدود السياسة التركية التي لا ترد مستجيرا، ولا تسلم مظلوما.

مع ذلك فإن قطار المصالح تجاوز الضرير الذي لا يرى الأخطاء الكارثية للنظام وينساق وراء سياساته المنكفئة أمام رغبات دول إقليمية؛ يسعى لإرضائها على حساب البنية الاستراتيجية للدولة المصرية، ما أفقد مصر المزيد من أوراقها ومكانتها الفاعلة في المنطقة، كما تجاوز قطار المصالح الأسير رهين الخيارات الإقليمية، ومصالح الدولة التي اختار التحرك منها، فتباطأ حراكه وتقلصت خياراته في عالم دائم الحركة ويتفاعل مع معطيات؛ تُلزم الجميع بمزيد من المرونة وسرعة في اتخاذ القرارات والتنقل بين المربعات المتاحة. مع ذلك فإن الفرصة لم تُعدم، كما يريد البعض تصويرها ببكائياته، طالما السياسة متحركة فإنه لا مستحيل، كل ما علينا فقط هو تحديد خياراتنا، وأول هذه الخيارات لمّ شمل الفرقاء وتوحيد الكلمة، ووضع رؤية على أسس علمية مبنية على المعلومات، ولن يكون ذلك إلا بانفتاح أكبر على الدوائر التي تحتويها، مع التذكير بأن الثورات قد تذبل لكنها لا تموت؛ طالما نهتم بها ونرعاها حتى تثمر.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصرية أردوغان العلاقات تركيا مصر السيسي تركيا أردوغان علاقات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی مصر

إقرأ أيضاً:

السيد بدر: الحوار نهج دبلوماسي تقوم عليه السياسة الخارجية العمانية

العمانية: أكد معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية على أن الحوار نهج دبلوماسي وهو الأساس الراسخ الذي تقوم عليه السياسة الخارجية العمانية، والمتجذر في التاريخ العماني وقيمه.

جاء ذلك في كلمة معاليه خلال الجلسة الافتتاحية لملتقى منظمة الرؤساء الشباب 2025 في المتحف الوطني بمسقط بمشاركة وفد من الرؤساء التنفيذيين الشباب بالمنظمة في إطار زيارتهم الحالية لسلطنة عُمان ضمن جولة تستهدف تعزيز الحوار وتبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية.

وقال معاليه: إن سلطنة عمان تؤمن بمساحات للحوار، حيث يمكن حل النزاعات بواقعية، وتعمل المصالح المشتركة على توحيد وجهات النظر المختلفة، بدلا من أن تُستخدم كأداة للفرقة والعداء.

واستعرض معاليه الرؤية والمبادئ التي تقوم عليها السياسة الخارجية العُمانية المرتكزة على الانفتاح، والحياد، والاحترام المتبادل، مبيّنا أن هذه القيم أساسية لضمان تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

وأكد معاليه أن الدبلوماسية العمانية ليست مجرد أداة للسياسة الخارجية، بل هي انعكاس لهُوية سلطنة عمان ونهجها الراسخ في التعامل مع العالم، وعلى مر التاريخ، كانت ولا تزال حلقة وصل بين القارات والثقافات والأفكار، حيث استقبلت شواطئها المستكشفين والتجار والمفكرين من مختلف أنحاء العالم، مما أسهم في تشكيل هُويتها الوطنية ونهجها القائم على الحوار والانفتاح.

وأشار معاليه إلى أن الضيافة في سلطنة عُمان ليست مجرد عمل من أعمال الكرم، بل هي أسلوب حياة يعكس رؤيتنا للعلاقات الدولية، فأن نرحّب بشخص ما في منازلنا ومجتمعاتنا ووطننا يعني أننا نؤمن بقدرتنا على إثراء حياة بعضنا البعض وبهذا المعنى، فإن الضيافة هي دبلوماسية عملية، وهي الخطوة الأولى نحو بناء علاقات قائمة على التفاهم والانفتاح.

وقال معاليه: إن الدبلوماسية، في جوهرها، هي "فن التوازن"، مشيرا إلى أن سلطنة عُمان لطالما قامت بدور محوري في تعزيز الحوار والتفاهم بين الأطراف المختلفة، كما أن الدبلوماسية في سلطنة عُمان ليست مجرد ممارسة سياسية، بل هي انعكاس لقيمها المتجذرة في تاريخها وثقافتها، وهي بالنسبة لنا ليست مجرد أداة للسياسة الخارجية، بل هي جزء من نسيج هويتنا.

وأكد معالي السيد وزير الخارجية، أن الخطط الدولية المتعلقة بمستقبل فلسطين غالبا ما تُبنى على أسس غير عادلة وغير مستدامة، مشيرا إلى أن هذه الخطط تستند في كثير من الأحيان إلى سياسات قائمة على العداء، مما يحرم الشعب الفلسطيني من حقه في اختيار قيادته وتقرير مصيره.

وأعرب معاليه عن قلقه المتزايد إزاء تصاعد العداء في المشهد العالمي، مؤكدا أن هذه الظاهرة لا تشكّل مصدر قلق فحسب، بل إنها أيضا غير مجدية، وتسهم في إطالة أمد النزاعات وتعقيد مسارات الحلول السّلمية.

وقال معاليه: إن الخطط الخارجية الخاصة بمستقبل الحكم في فلسطين غالبا ما تستند إلى العداء، وهذا ما يجعلها غير مستدامة وغير عادلة، لأنها تُحرم الفلسطينيين من حقّهم الأساسي في اختيار قياداتهم وتقرير مستقبلهم.

وعن تأثير السياسات القائمة على العداء في حل النزاعات، أشار معاليه إلى أن العديد من الجهات الدولية ترفض الانخراط في الحوار مع خصومها، مما يؤدي إلى تعميق الخلافات وتأجيج النزاعات بدلا من حلها.

وقال معاليه: الكثيرون يصرّون على عدم التحدث إلى خصومهم كمسألة مبدأ، ويرون في الحوار مكافأة يجب حجبُها عن الأطراف التي يختلفون معها، لكن في الواقع، هذا النهج لا يؤدي إلا إلى تفاقم المشكلات ويجعل الحلول السلمية أكثر صعوبة.

وفي سياق حديثه عن القضية الفلسطينية، أوضح معاليه أن العديد من الحكومات ترى أن تحقيق السلام في فلسطين يجب أن يتم عبر حل الدولتين، لكنها في الوقت ذاته تمتنع عن الاعتراف بدولة فلسطين بسبب موقفها من بعض الفصائل السياسية، مثل حركة حماس، وأكد معاليه أن هذا الموقف يعمي هذه الجهات عن إدراك المطالب المشروعة لتلك الفصائل التي تتقاطع في كثير من الأحيان مع تطلعات الشعب الفلسطيني في تحقيق الأمن والاستقلال، وهي حقوق مكفولة بموجب القانون الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وأضاف معاليه: إذا كنا نسعى لإيجاد حلول دائمة، فعلينا أن نكون مستعدين للحوار مع من نختلف معهم، والأهم من ذلك، أن نصغي إليهم ونحاول فهم وجهات نظرهم.

يُذكر أن منظمة الرؤساء الشباب (YPO) هي مجتمع عالمي يضم أكثر من 35 ألفا من كبار الرؤساء التنفيذيين في مختلف القطاعات من 142 دولة.

مقالات مشابهة

  • خاص.. تشكيل لجان داخلية لرسم السياسة المالية باتحاد الكرة العراقي
  • وزير الخارجية: العلاقات المصرية - الأمريكية قائمة على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل
  • السياسة الأمريكية الجديدة
  • مشروع الإضراب ينال مصادقة اللجنة الإجتماعية بالمستشارين بعد جلسة ماراتونية
  • أهالي حماة يحيون الذكرى السنوية الـ 43 لمجزرة حماة الكبرى التي ارتكبها النظام البائد عام 1982.
  • السكوري أول وزير للشغل في تاريخ الحكومات المغربية ينجح في وضع تعريف للإضراب
  • السيد بدر: الحوار نهج دبلوماسي تقوم عليه السياسة الخارجية العمانية
  • خبير سياسي يكشف عن تأثير الدعم البريطاني لسوريا على المصالح التركية
  • فعالية في حلب إحياءً للذكرى الثانية عشر لمجزرة نهر قويق التي ارتكبها النظام البائد
  • بالأسماء.. الفصائل المسلحة التي «حلّت نفسها» وشاركت بـ«مؤتمر النصر» في سوريا