الحل للأزمة الاقتصادية في مصر الآن يتجاوز مسألة أساسيات الاقتصاد الكلي ويتعداه إلى "الاقتصاد السياسي" أو "أيدولوجية الاقتصاد" كما ترى رشا حلوة، مدير مبادرة تمكين الشرق الأوسط بمركز رفيق الحريري للشرق الأوسط.

وفي تحليل نشره موقع "المركز الأطلسي - council atlantic" تستعرض الكاتبة مقومات مصر الطبيعية والبشرية وإمكاناتها التي لا تتناسب مع الأزمة الاقتصادية العنيفة التي تعاني منها البلاد حاليا.

مقومات مصر

وتقول رشا إن مصر تقع على مفترق الطرق بين أفريقيا والشرق الأوسط، ويبرز موقع مصر الاستراتيجي من خلال أهمية قناة السويس، الممر البحري العالمي الحيوي ومن ضمن الأكثر ازدحاما عالميا، علاوة على  تراث البلاد الغني ومقوماتها السياحية وانخفاض تكاليف السفر والسياحة بها حاليا بسبب تراجع قيمة الجنيه.

اقرأ أيضاً

تقدير أمريكي: الأزمة المالية تهديد لاستقرار مصر.. وقد تعيد "المتطرفين" للواجهة

وبالإضافة إلى ثروتها الثقافية، تمتلك مصر قاعدة كبيرة من رأس المال البشري، حيث يبلغ عدد سكانها حوالي 115 مليون نسمة، يمثلون حوالي 1.4% من سكان العالم. ومن الجدير بالذكر أن 60% من سكان مصر هم تحت سن الثلاثين، مما يسلط الضوء على وجود قوة عاملة كبيرة تستعد لدخول سوق العمل.

متاعب الاقتصاد المصري

وتقول الكاتبة: على الرغم من كل المزايا الكامنة فيه، ظل الاقتصاد يتصارع مع تحديات مستمرة منذ ما يقرب من خمسة وسبعين عامًا. لا تزال معدلات الفقر المرتفعة تعاني منها البلاد، حيث تشير إحصائيات البنك الدولي إلى ارتفاع معدل الفقر، مع زيادة نسبة السكان تحت خط الفقر من 25.2% في عام 2010 إلى 32.5% في 2017-2018.

وتضيف: كما ظلت إيرادات السياحة في مصر متواضعة، حيث بلغ متوسطها حوالي 8 إلى 9 مليارات دولار سنويًا بين عامي 2014 و2022، على الرغم من إمكانات البلاد كوجهة سياحية رئيسية.

وبالمقارنة، حققت دولة الإمارات باستمرار دخلاً سياحياً أعلى، حيث بلغ متوسطه حوالي 30 مليار دولار سنوياً خلال الفترة نفسها، ومن المتوقع أن يصل إلى 60 مليار دولار بحلول عام 2028.

تراجع الاستثمار المباشر

بالإضافة إلى ذلك، كانت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر متواضعة نسبيًا، حيث بلغت 11 مليار دولار في عام 2020.

ويتضاءل هذا الرقم مقارنة بدول أخرى متوسطة الدخل اجتذبت تدفقات أعلى بكثير من الاستثمار الأجنبي المباشر في نفس العام، مثل الهند. (50 مليار دولار)، أو البرازيل (70 مليار دولار)، أو جنوب أفريقيا (90 مليار دولار).

اقرأ أيضاً

رئيس الوزراء المصري: نحتاج ما لا يقل عن 6 سنوات لتجاوز الأزمة الاقتصادية

كما تعاني مصر من عجز تجاري مزمن سجل 37 مليار دولار بنهاية 2023، انخفاضا من 48 مليار دولار في 2022.

علاوة على ذلك، عانت مصر من عجز مالي بلغ في المتوسط 9.5% من الناتج المحلي الإجمالي على مدى العقد الماضي، وتراكمت الديون لتتجاوز 130 مليار دولار في 2020، معظمها طويل الأمد، والاقتصاد هش بسبب اعتماده على مصادر الإيرادات المتقلبة، بما في ذلك السياحة وقناة السويس والتحويلات الأجنبية، والتي تراجعت بسبب الحروب في العالم والمنطقة.

وتتساءل الكاتبة: ولكن لماذا تواجه مصر، رغم إمكاناتها الكبيرة، مثل هذه العقبات الاقتصادية الملحوظة؟

وتجيب: رغم أن العديد من خبراء الاقتصاد يعزوون الأزمة إلى سوء إدارة الاقتصاد الكلي، ويعترفون بأهمية استقرار الاقتصاد الكلي لتحقيق النمو، فإن هذا التفسير لا يجسد التعقيد الكامل للقضية.

الاقتصاد السياسي

وتضيف: وبدلاً من ذلك، من الممكن أن نفهم التحول الاقتصادي البطيء والمتواضع نسبياً في مصر بشكل أفضل من خلال عدسة "الاقتصاد السياسي للأفكار".

تاريخياً، التزمت الأيديولوجية الاقتصادية في مصر لفترة طويلة بنهج الانغلاق على الذات واستبدال الواردات في ظل نظام جمال عبدالناصر (1950-1970)، وهو اتجاه شائع بين الاقتصادات النامية خلال عصر إنهاء الاستعمار.

اقرأ أيضاً

مركز حكومي مصري يرصد تداعيات الأزمة الاقتصادية على شح فرص العمل

وتضمنت السمات الرئيسية لنظام عبدالناصر تأميم الأصول الخاصة، وإدارة مؤسسات الدولة، واستبدال الواردات، والقيود على الصادرات.

وفي وقت لاحق، سعى نظام أنور السادات (1970-1981) إلى عكس هذا الاتجاه من خلال تقديم تشريع جديد للاستثمار مؤيد للسوق يُعرف باسم سياسة "الباب المفتوح".

ومع ذلك، فقد تم رفض أيدولوجيته على نطاق واسع، كما يتضح من أعمال شغب الخبز عام 1977.

وفي عام 1981، وصل حسني مبارك إلى السلطة في أعقاب أعمال الشغب هذه، مما منعه من البدء في إصلاحات جوهرية مماثلة.

وبدلاً من ذلك، استخدمت حكومته نهجاً مختلطاً، فنفذت سياسات جزئية ومجزأة مؤيدة للسوق في حين اعتمدت على بقايا قوية من عصر عبدالناصر.

وتقول الكاتبة إن هذا النهج مستمر حتى يومنا هذا، حيث تجلت هذه الأيدولوجية المختلطة، على سبيل المثال، في التقدم البطيء لبرنامج إدارة الأصول العامة (الخصخصة)، والحجم الكبير نسبياً للقطاع العام في الاقتصاد.

اقرأ أيضاً

تصريحات السيسي حول الأزمة الاقتصادية والكهرباء تثير غضب المصريين.. ماذا قال؟

لا استراتيجية طويلة المدى

وتشير إلى أن مصر لم تتبن قط أيدولوجية طويلة المدى وموجهة نحو تحقيق الأهداف ومؤيدة للسوق، كما فعلت كوريا الجنوبية التي اعتمدت برنامجا للتصنيع قائم على التصدير مسترشدا برؤية طويلة المدى، وكذلك تركيا التي مثلت تطلعاتها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي سبباً في دفع إصلاحاتها الاقتصادية الداعمة للسوق والتقدم الاقتصادي الشامل في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين.

وتؤكد الكاتبة أن الاقتصاد المصري استمر في العمل باستخدام إصلاحات اقتصادية مجزأة، والتي تعوقها بقايا حقبة عبد الناصر القوية، مما أدى إلى نمط بطيء وغير متسق في التنفيذ.

وقد أدى هذا النهج المختلط إلى زيادة حالة عدم اليقين الاقتصادي، مما يشكل تحديات أمام المستثمرين المحليين والعالميين على حد سواء.

وتختتم الكاتبة تحليلها بالقول: "لمعالجة التحديات الأساسية التي تواجه الاقتصاد المصري، لا بد من تقييم ومعالجة متطلبات الاقتصاد السياسي، وليس فقط التركيز على أساسيات الاقتصاد الكلي".

وتردف: "ومن دون تعزيز إيدولوجية أكثر قوة مؤيدة للسوق، سواء داخل الحكومة أو بين عامة الناس، فإن الإصلاحات الاقتصادية في مصر ستظل حبيسة دائرة من الركود لسنوات قادمة".

المصدر | رشا حلوة / المركز الأطلسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أزمة مصر الاقتصاد المصري معضلة استراتيجية الاقتصاد الاقتصاد السياسي الأزمة الاقتصادیة الاقتصاد السیاسی الاقتصاد الکلی ملیار دولار اقرأ أیضا فی مصر

إقرأ أيضاً:

المملكة تواصل الاستحواذ على المركز الأول عالميًا في تصدير وإنتاج التمور بقيمة تتخطى 1.4 مليار ريال

المناطق_واس

واصلت المملكة , تصدّرها المركز الأول عالميًا في تصدير وإنتاج التمور للعام 2023، وفقًا للتقرير الصادر من المركز الوطني للنخيل والتمور، حيث بلغت قيمة الصادرات أكثر من 1.463 مليار ريال , استنادًا لبيانات مركز التجارة العالمي (Comtrade)، بينما تجاوز حجم الإنتاج 1.9 مليون طن مستندًا على بيانات الهيئة العامة للإحصاء.

 

أخبار قد تهمك أمير منطقة الباحة يستقبل الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي 4 نوفمبر 2024 - 6:50 مساءً أمير منطقة المدينة المنورة يستقبل سفير دولة قطر لدى المملكة 4 نوفمبر 2024 - 6:40 مساءً

 

وحققت التمور السعودية، انتشارًا واسعًا في الأسواق الدولية، إذ وصلت إلى 119 دولة حول العالم بنهاية العام 2023، وتضاعفت قيمة صادرات التمور بنسبة 152.5% منذ عام 2016، مُحققة نموًا تراكميًا سنويًا بلغ 12.3%.

 

وسجلت الصادرات السعودية، نموًا بارزًا في أسواق عدة، مما يعكس هذا الإنجاز الكبير الدعم المستمر من القيادة الرشيدة – أيدها الله – لقطاع النخيل والتمور، بوصفه قيمة ثقافية تعكس الهوية التراثية والحضارية للمملكة، إلى جانب الجهود المشهودة بين منتجي ومصدري التمور السعودية والقطاعات الحكومية لتسهيل الإجراءات الخاصة بتصديرها وتسويقها عالميًا وذلك بالعمل والشراكة مع القطاع الخاص، مما يُحقق استراتيجية المركز الوطني للنخيل والتمور بزيادة قدرة التمور السعودية على التنافس عالميًا.

 

وأسهمت خطط وجهود المركز الوطني للنخيل والتمور، في ترسيخ مكانة التمور السعودية، كمنتج متميز وعالي الجودة ، بما يتماشى مع الأولويات الوطنية في رؤية المملكة 2030، لجعل قطاع النخيل والتمور أحد الروافد الرئيسية لتعزيز الإيرادات غير النفطية، ضمن القطاعات المستهدفة لتنويع الاقتصاد الوطني.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط 4 نوفمبر 2024 - 6:53 مساءً شاركها فيسبوك ‫X لينكدإن ماسنجر ماسنجر أقرأ التالي أبرز المواد4 نوفمبر 2024 - 6:36 مساءًالمديرية العامة للجوازات تصدر 22,732 قرارًا إداريًا بحق مخالفين لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود أبرز المواد4 نوفمبر 2024 - 6:02 مساءًوزير الصحة يستقبل سفير قرغيزستان لدى المملكة أبرز المواد4 نوفمبر 2024 - 6:00 مساءًمكافحة المخدرات تقبض على مقيم بمنطقة المدينة المنورة لترويجه مادة (الشبو) المخدر أبرز المواد4 نوفمبر 2024 - 5:57 مساءًمكافحة المخدرات تقبض على مقيم بمنطقة جازان لترويجه 56,585 قرصًا من مادة الإمفيتامين المخدر أبرز المواد4 نوفمبر 2024 - 5:45 مساءًأمير منطقة الرياض يستقبل سفير إيران لدى المملكة4 نوفمبر 2024 - 6:36 مساءًالمديرية العامة للجوازات تصدر 22,732 قرارًا إداريًا بحق مخالفين لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود4 نوفمبر 2024 - 6:02 مساءًوزير الصحة يستقبل سفير قرغيزستان لدى المملكة4 نوفمبر 2024 - 6:00 مساءًمكافحة المخدرات تقبض على مقيم بمنطقة المدينة المنورة لترويجه مادة (الشبو) المخدر4 نوفمبر 2024 - 5:57 مساءًمكافحة المخدرات تقبض على مقيم بمنطقة جازان لترويجه 56,585 قرصًا من مادة الإمفيتامين المخدر4 نوفمبر 2024 - 5:45 مساءًأمير منطقة الرياض يستقبل سفير إيران لدى المملكة أمير منطقة الباحة يستقبل الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي أمير منطقة الباحة يستقبل الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك تابعنا على فيسبوكالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً اليوم.. “حساب المواطن” يبدأ في صرف مستحقات المستفيدين من الدعم لدفعة يناير الجاري 10 يناير 2023 - 8:12 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2024   |   تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستفيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق البحث عن: فيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب إغلاق بحث عن إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • بين ترامب وهاريس.. كيف تؤثر أميركا على اقتصاد إسرائيل؟
  • المملكة تواصل الاستحواذ على المركز الأول عالميًا في تصدير وإنتاج التمور بقيمة تتخطى 1.4 مليار ريال
  • حقل أورهود.. 1.3 مليار برميل احتياطيات ثاني أكبر مكمن نفطي في الجزائر
  • أيمن محسب: برامج الحماية المجتمعية عملت على تخفيف آثار المشكلة الاقتصادية
  • عضو بـ«النواب»: رفع التصنيف الائتماني لمصر يدعم التنمية الاقتصادية
  • مفيش تعويم للجنيه.. اقتصاد مصر بخير وهدية منتظرة من صندوق النقد الدولي
  • خلال أيلول الماضي.. العراق يستورد بضائع تركية بأكثر من مليار دولار
  • أستاذ اقتصاد: إشادة صندوق النقد الدولي دليل على تحسن الأداء المالي لمصر
  • أستاذ اقتصاد: نعيش مرحلة تحدي ولابد من التركيز على الموارد البشرية|فيديو
  • اقتصاديون: توقعات صندوق النقد تعكس قوة اقتصاد الإمارات