أوهمنهن بالعمل في السينما.. كواليس استدراج الفتيات لمكتب كاستينج بالجيزة
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
كشفت تحقيقات النيابة العامة بالجيزة تفاصيل استدراج الفتيات لمكتب "كاستينج" بحجة تأهيلهن للعمل في السينما والتليفزيون.
شاهد الفيديو:وتبين من التحقيقات أن نشاط المكتب غير مرخص وتم الكشف عنه بعد ورود معلومات وتحريات للإدارة العامة لمباحث المصنفات وحماية حقوق الملكية الفكرية بقطاع الشرطة المتخصصة بقيام أحد الأشخاص، بإنشاء وإدارة مكتب «كاستينج دون ترخيص» بمحافظة الجيزة واستقطاب الشباب والفتيات وتصوير مقاطع فيديو دون إجازة رقابية، مستخدمًا معدات تصوير وأجهزة حاسب آلى محمل عليها مصنفات سمعية بصرية «بدون ترخيص» بالمخالفة للقانون.
ألقي القبض على المدير المسئول بالمكتب، وبالتفتيش في حضوره تم ضبط استوديو تصوير بداخله هارد ديسك، كاميرا ديجيتال.
شاهد الفيديو:المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
روح السينما ...
سيظل اختراع السينما أعظم النتاجات البشرية.
إنّ قدرة السينما فـي تحويل أفكار الموسيقى والكتابة والدراما والشخصيات والفضاءات إلى صور متحركة ناطقة هي من أجمل الهدايا فـي الحياة التي تجعل لحظات المرء فارقة، وبالغة الروعة. لا أتذكر على وجه الدقة متى ذهبت برفقة عائلتي (أبي وأمي وأخوايّ وأختي) إلى أول دار عرض للسينما فـي صلالة. لكني ما زلت أحتفظ بذكريات جميلة حول الثياب التي ارتديناها كأننا نستعد لالتقاط صورة. وبعد السؤال والبحث عن أول دار عرض للسينما فـي ظفار عثرت على مقالة مهمة تؤشر إلى الزمن والمكان معًا.
يذكر الكاتب (خالد بن سعد الشنفري) فـي مقالة نشرها فـي جريدة الرؤية بعنوان (سينما الأحقاف أولى نوافذنا الثقافـية) إنّ «سينما الأحقاف التي أنشأتها شركة الشنفري فـي أوائل السبعينيات، تعدُّ أولى دور السينما الصيفـية من دون أسقف فـي ظفار، بعد أن أغلقت سينما صغيرة فوق سطح أحد المباني داخل منطقة سور الحصن. وكانت هذه السينما متنفسنا الوحيد آنذاك [...] وتعرض فـيها أفلام هندية... وقبل بدء عرض الفـيلم بفترة طويلة تضج جنبات السينما بأغاني أم كلثوم الشهيرة... وكنا نتعمّد دخول دار العرض قبل بدء عرض الفـيلم بساعة، وكل منّا يحمل معه من المطعم الباكستاني فـي كيس من الورق المقوى السمبوسة، والباكورا، مع زجاجة الكولا...إلخ».
تتأتى أهمية هذه الفقرة كوّنها تشير إلى اسم السينما ومنشئها، وزمكانها، بحيث تشكّل مفتاحا لولوج بوابة تأسيس ثقافة التعامل مع هذا الفن والتعرّف عليه فـي المجتمع المحلي. فهذا الباب الذي دخل منه فنانون كبار شاهدناهم فـي السينما الهندية آنذاك، وتأثرنا بهم وأسقطنا عليهم ألقابا وصفات، تطور بنا الحال، وتعرفنا على غيرهم من شخصيات السينما العالمية، فأعجبتنا أدوارهم المتباينة العجيبة وبطولاتهم الخارقة. من هذا المنطلق يظل تخصيص يوم فـي السنة هو الثامن والعشرون من ديسمبر للاحتفال بالسينما لفتة رائعة.
استطاعت السينما وخطابها البصري إحداث قولبة فـي حياتنا الثقافـية وكونت حساسية عابرة مع أشكال التلقي التي ألفناها. إننا اليوم نشاهد أفلاما عربية وأمريكية وآسيوية، تستطيع إثارة الجدل سواء قبل عرضها، أو بعد العرض. تحتل عناوين أفلام السينما حيزا كبيرا فـي مخزوننا المعرفـي ومساحة مستقرة، فأنا على سبيل المثال لا أنسى أحداث الفـيلم العربي (المجهول) المقتبس عن مسرحية ألبير كامي (سوء تفاهم) الذي أدى أدواره الفنانون سناء جميل، وعادل أدهم، ونجلاء فتحي، وعزت العلايلي، لدرجة أنني حرصت على اقتناء صورة بالأبيض والأسود لنجلاء وإلصاقها فـي ألبوم خاص أحتفظ به إلى اليوم. ومن الأفلام التي ما زلت أشعر فـيها بروح السينما فـيلم (العطر: قصة قاتل) المقتبس من رواية ألفها (باتريك زوسكيند) بالعنوان نفسه.
(2)
مجلة (الفن السابع) كانت أول مجلة اشتريتها فـي صلالة مخصصة للسينما. كانت المجلة شهرية مستقلة. صدر عددها الأول فـي القاهرة عام 1997م. لا أعرف كيف وصلت أعدادها إلى مكتبة العائلة، ولم تكن الأعداد أيضا تصل منتظمة أسوة بمجلة الناقد التي كانت تصدر فـي لندن. وجدت فـي خزانتي عددا فقط، يحمل الرقم (44- يوليو 2001م) وافتتاحية المجلة مقالة عنوانها «حول مفهوم المتعة والاستمتاع) كتبها رئيس مجلس الإدارة الفنان (محمود حميدة). توقفت المجلة عن الصدور فـي عام 2001م لظروف قلة التمويل والدعم.
(3)
تمر صناعة الأفلام الروائية الطويلة فـي منطقتنا العربية بتحديات كبيرة. تبدأ مع العنوان والمضمون الديني والاجتماعي والسياسي والجرأة فـي التمثيل، أتذكر مثلا الأفلام (الرسالة - 1976م)، و (عمارة يعقوبيان- 2006م)، و(بيروت الغربية - 1998م)، و(مولانا - 2016م) ومؤخرا لاقى الفـيلم (ريش - 2021م) رواجا، للمخرج المصري الشاب عمر الزهيري، إنتاج مشترك مصري - فرنسي، مثّل فـيه ممثلون غير معروفـين، ولم يسبق لأحدهم التمثيل، مما يرفع من قيمة السينما المستقلة الجديدة فـي عالمنا العربي، وهي سينما فـي الظاهر تبدو من النوع القليلة الدسم التي تستند فـي الدرجة الأولى إلى جدية فـي الفكرة والمعالجة الدرامية والحرية الإبداعية مبتعدة عن الاستعانة بالنجوم الكبار، وغالبا ما يجري إنتاجها فـي خارج الأستوديوهات الكبرى التي تأخذ مبالغ عالية التكلفة للتصوير. لاقى فـيلم (ريش) النجاح الدولي، وأشاد به النقاد، حاصدا جائزة أسبوع النقاد الدولي بمهرجان كان السينمائي. يحكي الفـيلم قصة «عائلة فقيرة تعيش ظروفا صعبة فـي إحدى المناطق العشوائية، وتنقلب حياتهم رأسا على عقب عندما يتحول الأب إلى دجاجة بعد خطأ فـي عرض سحري، فتضطر الأم لتحمّل مسؤولية الأسرة ومحاولة التكيّف مع الوضع الغريب». يتميز الفـيلم بقدرته المُدهشة للتعبير عن فحوى عنوان هذه المقالة؛ روح السينما. فأنا لا أخفـي إعجابي الآسر بمفهوم الواقعية السحرية، وقدرتها على خلق التداخل ما بين الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافـي، مع واقع فني يجعلنا نشعر بأننا أمام لقطة فـي الفـيلم مكتنزة بالدلالات والتأويلات. لا شيء منطقي، وكل شيء ينجو بقوة الخيال والطاقة الخفـية التي تمتلكها عناصر الكون، وغالبا ما يكتنف الواقعية السحرية الشعور بالعالم الماورائي والانتقالات الغامضة فـي الزاوية نفسها، إنه عالم الأساطير غير القابلة للتصديق أو التحقق، لكنها بفعل الكاميرا واللقطات ومفاجآتها يستطيع المتلقي الاستمتاع بتفاصيل اللقطات جميعها.
ومن التحديات التي تضعف صناعة السينما، عدّها شكلا من أشكال الثقافة الاجتماعية النخبوية بحيث يقتصر تقديمها للهواة والأكاديميين، دون أن تتغلغل بنيويا فـي المجتمع، وهذا ما يجعلها ومصطلح المسرح فـي الشارع فـي كفة واحدة فـي بلدان الخليج بوجه خاص. فهذه الصناعة الثقيلة كما نعلم تحتاج إلى دعم مادي ولوجستي ومجتمعات تقتطع من معاشها التقاعدي وراتبها الوظيفـي ثمن التذكرة. يمكن أن يضاف إلى التحديات السابقة الدور الرقابي، وغياب حرية التعبير الفنية، إلى جانب الاعتقاد بأن ثلاثة أرباع الفـيلم هي دعاية وإعلان عن السياحة، والربع المتبقي هو الدراما.
فـي ظل الذكاء الاصطناعي، لا يضطرب السؤال أو النقاش حول الاستفادة من هذا الاختراع المذهل واستفادة السينما منه، كما هو الحال مع المسرح مثلا. فالفـيلم يستفـيد من تطبيق الذكاء الاصطناعي (AI) ضمن مستويات تتعلق بتحسين جودة التصوير «والمؤثرات البصرية وكتابة النصوص، والتفاعل مع الجمهور». ففـيلم (Gemini Man- 2019م) يؤدي فـيه الممثل (ويل سميث) دورًا مزدوجًا بتقنية الذكاء الاصطناعي. سيضاف إلى التحديات السابقة، المادية واللوجستية والأخلاقية التي تواجه صناعة الفـيلم الطويل فـي عالمنا، تحديا جديدا يتدخل فـي توجيه مسارات الكون، وينتصب أمامنا شاهدا على تحول معرفـيّ ضاغط، نحو حداثة لا نملك فـيها إلى التوسل بالأدعية.
(4)
وقياسًا على هذا تنتصب اليوم المنصات الفضائية للقيام بمهمة موازية فـي عرضها الأعمال الأدبية العالمية الخالدة؛ كرواية (مئة عام من العزلة) لمؤلفها غابرييل ماركيز، حيث يجري عرضها فـي سلسلة فصول. بالطبع، لا تستطيع منصة إزاحة فعل السينما وتأثيرها الناعم، لأن للسينما تقاليد موروثة ترفع من قيمتها، وتعزز من مكانتها عبر العصور. فالدخول إلى السينما أشبه بفعل السحر والخيال معًا. لكن الميزة التي لا احتجاج عليها أجدها تتمثل فـي تجلي روح السينما فـي (مئة عام من العزلة - 1967م)؛ هذه الرواية التي حصل بفضلها مؤلفها على جائزة نوبل عام 1982م، استطاعت بسردها المُحكم، وتعدد شخصياتها وتعددية الأصوات أن تجعل كل من يقرأها يرغب فـي وجود قرية (ماكوندو)، يهرب إليها، وهي تقدم خلاصة بشرية مأساوية تؤكد أن التاريخ يكرر نفسه، وأننا كبشر سنعيد الوقوع فـي أخطاء الماضي التي جاهدنا زمنا طويلا لمحاربتها، وأننا بالرغم من ذلك كله، سنحتاج إلى الفن والخيال لنواجه أشكال الانتقالات جميعها. ستظل رواية (مئة عام من العزلة)، أقرب تجسيدًا إلى فـيلم (ريش)، أكثر قربا من (المجهول)، ولكنها روح السينما فـي عيدها أجمل وجود كرائحة (العطر)!