صحيفة الاتحاد:
2025-02-23@08:47:39 GMT

هدى الحمد: الرواية خط فاصل بين الواقع والمتخيل

تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT

عبد الله أبوضيف (القاهرة)

أخبار ذات صلة حوار مع صاحب «السارد وتوأم الروح».. النقد الأدبي و«حياة المعنى» «عطلة في حي النور».. سردية شاهدة على التاريخ

تمزج الكاتبة العُمانية هدى الحمد الخيال بالواقع في روايتها «لا يذكرون في مجاز» المرشحة لنيل جائزة الشيخ زايد للكتاب، وتبدأ الرواية بالحلم الذي يزور البطلة، وينبعث من قراءتها لكتاب قديم يعود لجدة إحدى الشخصيات في زمن بعيد.


وتتسارع الأحداث لتفضي إلى كشف سر مدفون لمئات السنين، مما يؤدي إلى تسليط الضوء على أحداث غامضة ومليئة بالتشويق. وتحاول الرواية تقديم نص سردي متكامل يجمع بين العناصر المختلفة ببراعة، وتدور أحداثه ضمن إطار اجتماعي مليء بالغموض والتساؤلات.

الخيال والواقع
وفي حديث لـ«الاتحاد» قالت هدى الحمد: «إنّها المرة الأولى التي أُخرج فيها اشتغالي الروائي من الدفقة الشعورية الخالصة إلى فكرة المشروع القائم على البحث والتقصّي، فبقدر ما أبطنتُ رغبتي في تفكيك الموروث الثقافي والاجتماعي، بقدر ما تجلى نزوعي الشخصي إلى الخيال العارم والمحلق لخلق اشتباكات مغايرة مع الواقع، وبقدر ما كنتُ أبحث وأتقصّى بقدر ما كنتُ أحاول جاهدة إبقاء الجهد مُختبئاً في طيات النصّ، متوارياً وراء السلاسة والخفة السردية».
وتضيف: «في طفولتي البعيدة سردت لي جداتي الثلاث قصصاً مليئة بالجاذبية والغرائبية، وقد انتابتني قشعريرة، إذ لم أكن آنذاك أدركُ الخط الفاصل بين الواقع والمتخيل، ولكن منذ ذلك الحين أردتُ أن أخوض بكتابتي غمار تجربة كتابية مماثلة، كتلك التي نقرؤها في أدب أميركا اللاتينية. قلتُ في نفسي: نحن أيضاً نملكُ قصصاً تستحق الالتفات». وأضافت: «خلال سنتيْ كوفيد عملتُ على رصد كم هائل من الحكايات الموغلة في الذاكرة، اصطحبتُ أوراقي ومسجلتي وتحدثتُ إلى كبار السن، فالقصص الشعبية لا تعدو في الغالب أن تكون التماعة صغيرة تُحدث ذهولاً سريعاً ثم تمضي للاختفاء».
وأضافت: «ثم ظهر لي السؤال الكبير كيف يُمكنني صهر كل هذه القصص الغرائبية في حكاية جديدة، قصص سمعتها من جداتي وأخرى قرأتها في الكتب الشحيحة وثالثة استفدتُ منها من اللقاءات التي أجريتها مع الناس، وهنا تجلت المهمة الأصعب.. فقد توجب عليّ دخول معمل الاشتغال لتغذية هذه الشخصيات لإعطائها أسباباً كافية لدخول متن الحكاية، ولإيجاد روابط مقنعة بينها وبين الشخصيات الأخرى، حسب حديث الكاتبة».

الأسماء والدلالات
دلالات رمزية أرادتها الكاتبة عبر الرواية، وعن ذلك قالت: «منذ فترة ليست بالقصيرة تأسرني فكرة الأسماء ودلالاتها، إذ نجد في الموروث الشعبي العُماني وربما في ثقافات عربية أخرى، أنّ الأسماء قد تتجاوز مهمتها الأساسية بتسمية الأشخاص لتصبح بصمة وجود، وقد تغدو جالبة للحظ والنحس وسوء الطالع».
وتؤكد هدى الحمد، أن القراءة والوعي مرتبطان في عوالم هذه الرواية: «قد يتبدى للبعض ظاهرياً أنّ من يقرأ ربما تأخذه الحظوظ إلى مصائر صعبة، فالكُتب التي تجلب النحس وقلّة المطر وضمور أضرع الماشية أو نفوقها قد تُعطي دلالة مختلفة في المتن، فهي تمنح القُراء أسباباً أجدر للعيش، الكتب هي المُخلص الذي يجعل لحياتهم معنى ضمن نسيج القرية المتآلف، حتى في اللحظة التي قد يُصيبهم فيها المصير الأكثر صعوبة، عند ذهابهم إلى جبل الغائب دون معرفة كافية لما ينتظرهم من مصير، فإنّهم يرغبون باصطحاب كتبهم معهم كزادٍ أخير للحياة الأخرى».
وهكذا في رواية «لا يذكرون في مجاز» وُضعت شخوص السرد في ظرف يستوجب منها أن تتخذ موقفاً، وتوضح: «أكاد أجزم بأنّنا لا يمكن أن نفهم مواقف هذه الشخصيات في سياق الاجتزاء وإنّما في سياق الحكاية الكاملة، فالموقف هنا هو الديناميكية التي تُعيد رسم سيناريو حياة الإنسان ومآربه وحاجاته وفلسفته تجاه الوجود».

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: جائزة الشيخ زايد للكتاب الروايات العربية

إقرأ أيضاً:

تحديات المنهج التعليمي العُماني.. ما بين الواقع والتطلعات!

 

 

د. سالم بن محمد عمر العجيلي **

لا يخفى على أحد إنجازات التعليم في سلطنة عُمان، والتي ما تزال في تطوُّر وتقدم تصاعدي، وينبغي أن نشير أنه منذ نعومة أظفارنا ونحن نرى التطور الهائل في هذا المجال؛ فمن تحت ظل الشجرة إلى حيث المدارس الفارهة الحديثة الحالية على مستوى السلطنة بشكل عام، ونحن نشهد ونشيد بهذا التسارع المستمر وفق رؤى وثوابت نموذجية.

ومع هذه الطفرة والتسارع كان لا بد أن تكون هناك خطوات يجب مراعاتها ومراجعتها متى ما دعت الحاجة إلى ذلك، وهنا يجب أن نسلط الضوء إلى جانب واحد من هذا التطور وهو المنهج الدراسي التعليمي لدينا. ورغم الارتقاء الكبير في هذا المجال وتوسع وتعاظم قدرات هذا المنهج الدراسي، إلّا أن الواقع الدراسي الحالي على الأغلب لم يراع العوامل النفسية والبيئية والحياتية المحيطة بنا، والظروف المتقلبة وإمكانات الزمان والمكان في وقتنا هذا؛ حيث إن قدرات الطالب العُماني يجب دراستها والنظر فيها بتمعن، فلربما أن الطالب يملك مقومات كبيرة للتطور والاستيعاب كون أن البيئة العُمانية مساعدة على ذلك، ولكننا نعلم كذلك أن البيئة المحيطة بالفرد تؤثر فيه ويؤثر هو فيها، وهذا مربط الفرس.

هل نحن بحاجه لطالب يحفظ ويلزم بواجبات يومية مضاعفة؟ أم نحن بحاجة إلى الفهم وترسيخ المعلومة؟ الحفظ جيد، لكنه مع مرور الأيام يفقد الإنسان الكم الكثير من هذه المعلومات وتطوى إلى طي النسيان، عدا كتاب الله المنزل القرآن الكريم الذي قد تكفل الله به وحفظه جلت قدرته، بينما بالفهم والفطنة تثبت المعلومة بلا شك. والوضع الحالي يقول إن الطالب يجب أن يحفظ ويتم تزويده أحيانًا كذلك بواجبات يومية مكثفة ومعقدة تفوق وتتعدى قدراته ومستواه، لتعقد المنهج الواقعي للطلاب بالسلطنة الذي تطور ولكنه لم يراع المستوى النفسي الملموس لهذا الطالب وإمكانياته؛ فالمستوى تطور، لكنه في مستوى متقدم وأعلى من الإمكانيات والقدرات الحقيقية لهذا الطالب في كل مرحلة دراسية، وهذا ما جعل أغلب الأسر مضطرة ما بين خيارين، أن الوالدين وخصوصا الأم هي من تقوم بحل هذه الواجبات بدلًا عنه، أو من كان مُقتدرًا فبإمكانه تلقي دروس خصوصية مراعاة لوضعه الذي يواجهه.

وقد كان لنا في تجربة فترة جائحة كورونا البائسة عِبرة في كيفية تطوير التعليم وآلياته والاستفادة من التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد؛ حيث كان الأجدر بنا أن نستثمر ونستمر على هذا المنوال في خط متصاعد مراعاةً للظروف الراهنة وللتقدم الحديث والاستدامة ودمج التعليم الحديث بالتعليم الحالي، وعن الحفظ والفهم كان يجب أن نتوجه لأسلوب الفهم الذي يتعاظم بقدرة ومستوى الذكاء للطالب؛ فالقراءة التصويرية التي تقوم على المشاهدة بالعين المجردة بمشاهد أو بصور قد تثبت المعلومة بصورة كبيره، فالكائن البشري يتطور أسرع كلما شاهد ورأى بأم عينه وخصوصًا مع التكنولوجيا الحديثة وتقنيات التواصل الاجتماعي الجديدة، بعكس الحفظ الذي قد يندثر بتوالي الأيام ولا يدوم.

ففي الدول المتطورة في التعليم مثل المملكة المتحدة، نرى في معظم مناهجهم التعليمية بما فيها تعلم اللغة الإنجليزية، يعتمدون كثيرًا على المشاهدة المرئية عبر التلفاز أو الفيديوهات أو غيرها من تقنيات ووسائل حديثة، والاستعانة أحيانًا بالاستماع والقراءة والإنصات؛ ما يعمل على تطور هذا الطالب بسرعة فائقة والارتقاء به إلى مراتب ومستويات أخرى؛ كونها تعتمد على المشاهدة والفهم والاستيعاب.

وهناك أفضل الدول المتقدمة في ممارسة التعليم المتطور وعلى رأسها فنلندا، التي لم تتبع الكثير من المبادئ العالمية لإصلاح التعليم، فلا توجد اختبارات قياسية مُوحَّدة أو عمليات تفتيش على المدارس؛ فنظام التعليم يعتمد على المساءلة الذكية، وتتميز بتوفير تعليم شامل ومتكامل يُركِّز على تطوير مهارات التفكير النقدي والإبداع لدى الطلاب. وتُستخدم الممارسات والتقنيات الحديثة في التعليم التي منها الشاشات الذكية في مدارسها بدلًا من التقليدية، ويستخدم الطلاب الأجهزة اللوحية الإلكترونية بها والتقليل من كم الواجبات المنزلية عليهم، وغير ذلك من أسلوب تعليمي حديث مشوق جعلها تتربع في صفوة الدول المتقدمة في هذا المجال في العالم.

وهناك أيضًا سنغافورة التي تقدمت وأصبحت من الدول الرائدة في مجال التعليم، ومثالًا يحتذى به؛ حيث تتميز بنظام تعليم متطور يُركِّز على تطوير مهارات العلوم والتكنولوجيا والرياضيات وجودة المدارس والمعلمين والمناهج.

ونحن هنا في عُمان بحاجة إلى مثل هذه الآليات والممارسات والإمكانيات المتطورة للنهوض بالتعليم لدينا؛ فنحن وطن النهضة ونحن مدرسة للأجيال ونحن نهضة متجددة، نسعى بكل قوة للتصدر والتفوق والاهتمام بتنمية كل ما هو جديد ومفيد للنهوض بهذا المجتمع وهذا المواطن وصولًا به لتحقيق السعادة وجودة الحياة له. وبكل تأكيد إن الجهات المعنية بالتعليم لدينا سعت وتسعى للتطور، وقد حصدت أعلى الشهادات والاعترافات الدولية لعل من أبرزها شهادة الآيزو العالمية التي لا تُمنح إلّا لمن حقق التفوق في أنظمة الآيزو العالمية ووصلت مستوى جودة الخدمات به لمرحلة الريادة والرفاهية. ولكن هناك بعض اللمسات كالبلسم التي إن تم ضبطها لأضافت للتعليم رونقًا ووسامًا خالصًا، مع الاهتمام النوعي بالجانب النفسي والبيئي والظرفي للطلبة وعدم الإغفال عنه في مجتمعنا؛ فهذا هو الواقع، وصولًا للتطلعات والمأمول لدرجة أقل ما نصفها بالكمال وهي النقطة الصعبة البعيدة التي يحلم بها الجميع.

إنَّنا على ثقة ويقين بقدرة مؤشرات التعليم لدينا بالوصول إلى بر الأمان، وإلى ذلك المستوى من الرقي والازدهار في عُمان المجد وعُمان المستقبل، ولن ننسى ما حيينا تلك المقولة الرنانة التي ترددت على ذهن كل عُماني "سنُعلِّم أبناءنا ولو تحت ظل شجرة".     

** خبير الجودة والتميز المؤسسي والتخطيط الاستراتيجي

مقالات مشابهة

  • أسامينا
  • تحديات المنهج التعليمي العُماني.. ما بين الواقع والتطلعات!
  • أبو عبيدة: سنفرج غدا عن 6 محتجزين “إسرائيليين” (الأسماء)
  • محمود فارس يطمئن جمهوره بعد سقوطه خلال التصوير
  • اصيبت بورم .. و اتمني التمثيل امام تايسون .. اسرار فى حياة اجلال ذكي
  • الشخصيات الاجتماعية في تعز تبارك مبادرة فتح طريق جولة القصر ـ الكمب
  • الفوضى وأثرها على الأمم
  • محمود فارس يتعرض لحادث أثناء التصوير
  • ترامب.. معتوه يرسم خريطة!!
  • وحدة الكنيسة بين الواقع والمرتجى