عصفور أسوان.. طفل مفتون بصناعة الجلود يفقد حلمه (صور)
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
صبي في عمر الزهور، يطالعك بابتسامة رائقة على وجهه تكشف عن صفين من اللؤلؤ المكنون. له شعر أكّرت وملامح حادة، وكأن طمي النيل العظيم شكل لونه، ونحتت شمس أسوان ملامحه.
يتجول حولك في هدوء يحمل كيسًا بلاستيكيا به حلوى يبيعها للأطفال، مر بجانبي مبتسمًا، في بداية الأمر ظننته أحد أطفال مشروع أهل مصر لدمج أطفال المناطق الحدودية، الذين يقيمون في محافظة أسوان منذ الأحد الماضي، ظننته أحدهم، فالعمر واحد، والملامح واحدة، والأرض ذاتها لا تطرح إلا الخير، أو هكذا أعتقد.
تحدثت إليه فقال أن أسمه رأفت، طالب بالصف الأول الإعدادي بإحدى مدارس أسوان، يعمل بعد المدرسة ببيع الحلوى للأطفال والمارة على كورنيش أسوان، وبينما يتجول بالأرجاء وجد ضالته، حيث وقعت عيناه على تجمع كبير للأطفال في مسرح فوزي فوزي بأسوان، وهو ذات المسرح الذي يقام به الأسبوع الثقافي للأطفال.
دخل رأفت وكله أمل أن يبتاع منه الأطفال جزء من الحلوى، ولكنه فوجيء هناك أن الحياة أرحب من بيع وشراء الحلوى بكثير، وجد أحلامه تتجسد أمام عينيه، أقرانه يقفون على المسرح لتنفيذ ورشتهم، وأخرون في ورشة الموسيقى، ومثلهم في ورشة الجلود، وغيرهم في ورشة الخزف، ومثلهم في ورشة صناعة الكتاب، وآخرين في ورشة الخيامية.
طاف رأفت ورآى، وفجأة ترك حلواه ومصدر رزقه وتفاعل مع أقرانه فأصبح واحد منهم، أصبح يطوف بين الورش المختلفة كفراشة تتهادى بين الحقول وغيطان الأزهار، شغلته الألوان وسحرته الموسيقى واستحوذ عليه المسرح وسيطرت عليه صناعة الجلود.
الصبي الصغير وجد ضالته في هذا الأسبوع الثقافي لأطفال أهل مصر على أرض أسوان، دخل رأفت دون إذن من أحد، فالحياة لا تحتاج لإذن لنحياها، دخل طلبا للرزق فرزق ما يحيي روحه وعقله ويوقظ حواسه، وكأن هذا الملتقى كان منحة ربانية ليرتاح ولو قليلا من الطواف بالشوارع وقطع الأرصفة والطرقات سعيا وراء ما لا يناسب عمره وسنواته القليلة.
رست سفينة رأفت في ورشة صناعة الجلود، رحب به مدرب الورشة حينما رأى شغفه ولمعة عينيه، ولم يفكر لحظة واحدة في معاملته كأطفال ورشته، بل أولاه مزيدًا من الاهتمام، تقديرا لظروفه الخاصة.
بدأ رأفت بالعمل مع زملائه في الورشة، وكانت السعادة التي على وجهه تخبر عن حاله، وما يشعر به في هذا المكان. وهنا حدث موقف صغير ولكنّه عظيم، كشف عن معدن هذا الطفل.
فخلال عملهم بالورشة وجد المدرب أنهم بحاجة إلى نوعيات معينة من إبر الخياطة، وبعض الأدوات المستخدمة في الجلود، وقال للأطفال أنه سيرسل في طلبها، وإذا برأفت يخبره أنه سيحضر له غدا ما يحتاج إليه، شكره المدرّب ولم يأخذ الأمر على محمل الجد وأرسل في طلب ما يحتاجه لإتمام الورشة، وكانت مفاجأته في اليوم الثاني حينما حضر إلى مدربه ومعه ما كان يحتاج إليه.
سيطرت الدهشة على المدرب، فما أحضره الصبي من أدوات أقل في السعر وأعلى في الجودة، وبالكاد استطاع أن يعطي رأفت ثمن ما أحضره، فقد رفض الصبي أن يحصل على المال، وأخبره ما أحضره على سبيل الهدية البسيطة، ولكن المدرب أصر، وأعطاه المال وشكره على صنيعه.
مررت بالورشة، فإذا بالمدرب يخبرني بما حدث، وإذا بالصبي يقف بين أقرانه، يعمل وينتج مثلهم، وعلى وجهه ذات الابتسامة التي التقيته بها أول مرة.
جلست أكتب هذه القصة، وبعد قليل مررت بهم فإذا بالمدرب يخبرني أن الولد تم منعه من الحضور ومواصلة الورشة، وطُرد من المسرح، فسألت من أخرجه عن السبب، فقال لي أنه بائع متجول، ولا يمكن فتح هذا المكان أمام البائعين، وذهب رأفت من حيث أتى، ومعه حلم لم يكتمل.
٢٠٢٤٠٢١٦_١٩٣٤٠٣ ٢٠٢٤٠٢١٦_١٩٣٤٠١ ٢٠٢٤٠٢١٦_١٩٣٣٥٩ ٢٠٢٤٠٢١٦_١٩٣٣٥٧ ٢٠٢٤٠٢١٦_١٩٣٣٣٦ ٢٠٢٤٠٢١٦_١٩٣١٥٥ ٢٠٢٤٠٢١٦_١٩٣١٥٣ ٢٠٢٤٠٢١٦_١٩٣١٣٣المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: اسوان مشروع أهل مصر أطفال المناطق الحدودية ورشة الجلود فی ورشة
إقرأ أيضاً:
الإمارات تحتفل بيوم الطفل الإماراتي غداً
هالة الخياط (أبوظبي)
أخبار ذات صلةتحتفل الإمارات غداً السبت، بـ«يوم الطفل الإماراتي»، الذي بات مناسبة وطنية سنوية تجسّد الالتزام العميق ببناء مستقبل مشرِق لأطفال الإمارات، وتوفير كل متطلبات نموهم في بيئة صحية وآمنة، وتعزيز الرفاهية النفسية والجسدية لهم.
وتنطلق احتفالات الدولة بيوم الطفل الإماراتي 2025 تحت شعار: «الحق في الهوية والثقافة الوطنية»، حيث تركّز ضمن مبادراتها على حماية حقوق الأطفال الشاملة، بما فيها الحقوق الثقافية إلى جانب ضمان دوره في المجتمع، مع التركيز على دور الأسرة الأساسي في تنمية الطفل ورفاهيته، وتعزيز وحماية حقوقه الثقافية.
ويهدف شعار يوم الطفل الإماراتي للعام الحالي إلى تعزيز الربط بين الأجيال، من خلال إشراك كبار المواطنين والأطفال في أنشطة مشتركة، وتوثيق وتدوين الممارسات المحلية بأسلوب مبسط وصديق للأطفال، لضمان تخليدها للأجيال القادمة، والتشجيع على القراءة باللغة العربية، لتعزيز ارتباط الأطفال بلغتهم الأم، إلى جانب دعم التبادل الثقافي المحلي والمعرفي بين فئات المجتمع المختلفة، والمحافظة على الموروث الشعبي، بما يشمله من أشعار، وحكم، وأمثال، وفنون تقليدية، وتراث إماراتي.
ومن الآثار الإيجابية لاحترام حق الطفل في الهوية والثقافة الوطنية، تعزيز احترام الذات والثقة، وتقوية الروابط الأسرية، وتحسين المهارات الاجتماعية لدى الأطفال، والمرونة والقدرة على التكيف، إلى جانب تحقيق رؤية عالمية أوسع وأكثر شمولاً.
وتواصل الإمارات تعزيز المكتسبات التي من شأنها حماية الأطفال وضمان حقوقهم في الجوانب كافة، حيث نجحت خلال السنوات الماضية في تأسيس منظومة متكاملة من القوانين والإجراءات المرتبطة بحماية الأطفال والتوعية بحقوقهم والتحفيز على تنفيذ خطط الرعاية، والمحاسبة في حالات التجاوز أو التقصير.
ومن أبرز جهود الدولة في حماية الأطفال، التشريعات والقوانين حيث أصدرت الإمارات عدة قوانين لحماية الأطفال، مثل قانون حقوق الطفل «وديمة» الذي يهدف إلى حماية حقوق الأطفال وضمان سلامتهم في المجتمع، كما أصدرت قانون «مكافحة جرائم الإتجار بالبشر» لحماية الأطفال من الاستغلال.
وأطلقت الإمارات العديد من البرامج، التي تهدف إلى توفير رعاية شاملة للأطفال، مثل برنامج «التربية الخاصة» للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وبرامج الدعم النفسي للأطفال في المراحل العمرية المبكرة.
وفي جانب التعليم والصحة، تلتزم دولة الإمارات بتوفير التعليم المجاني والجودة للأطفال في مختلف أنحاء الدولة. كما توفر برامج صحية متكاملة للأطفال لضمان حصولهم على الرعاية الطبية اللازمة.
وفي الدولة العديد من المؤسسات الاتحادية والمحلية التي تعني بالأطفال كوزارة الأسرة، ووزارة تنمية المجتمع، والمجلس الأعلى للأمومة والطفولة، وهيئة أبوظبي لتنمية الطفولة المبكرة.
وأطلقت الإمارات خطاً ساخناً للإبلاغ عن حالات الإساءة للأطفال، وتعمل مع الجمعيات والمنظمات المحلية والدولية لتقديم المساعدة للأطفال الذين يتعرضون للعنف أو الإهمال.
وتتعاون الدولة مع المنظمات الدولية في تعزيز التعاون مع منظمات الأمم المتحدة مثل اليونيسيف في مجال حماية حقوق الأطفال، وتشارك في المبادرات العالمية المتعلقة بحقوق الأطفال ورعايتهم.
وتتجسّد جهود الإمارات في حماية الأطفال من خلال هذا التنوع في السياسات، مما يعكس التزام الدولة بتحقيق بيئة آمنة ومستدامة للأطفال.