تتعزز أهمية السلامة السيبرانية والأمن الرقمي يوماً بعد يوم باعتبارهما درع حماية في عالم الفضاء الإلكتروني، من الأخطار المصاحبة للإنترنت والتطورات التكنولوجية في مجال الرقمنة والذكاء الاصطناعي وثورة البيانات، وبما يعزز الاستخدام الآمن والإيجابي للتكنولوجيا لدعم مفاهيم جودة الحياة الرقمية.

ويسهم الأمن السيبراني في حماية عالمنا المتصل بالإنترنت مع تداخل حياة البشر مع الشبكة العنكبوتية، وهو ما يجعله أمراً حيوياً للحفاظ على الخصوصية وأمان البيانات وضمان استمرارية العمليات الأساسية للحكومات والشركات، وذلك عبر إرشاد مستخدمي الإنترنت حول أهم الطرق التي تضمن حفظ الخصوصية وتشرح الأساليب المثالية لاستخدام المصطلحات والمنشورات عبر المواقع الإلكترونية.

ويشمل الأمن السيبراني مجموعة من السياسات والإجراءات والتقنيات التي تستهدف حماية ووقاية الأنظمة الإلكترونية والبيانات من الهجمات والتهديدات السيبرانية، بما في ذلك الحفاظ على سلامة الأنظمة الرقمية وبناء حواجز ضد التهديدات السيبرانية المتزايدة، من خلال استخدام برامج مكافحة الفيروسات، وجدران الحماية، وتحديثات البرمجيات، وحماية البيانات الشخصية والمعلومات السرية الأخرى من السرقة أو التخريب عبر الفيروسات وبرامج الفدية.

وتأتي أهمية “اليوم العالمي للإنترنت الآمن” باعتباره حدثاً بارزاً في التقويم السنوي في مجال الإنترنت ويحتفل به حوالي 180 دولة حول العالم، من خلال تنفيذ حملات توعية وتعليمية وفعاليات أخرى تجمع المهتمين والمتخصصين لبحث آفاق التعاون وتبادل الخبرات حول أحدث الإستراتيجيات والتقنيات في مجال أمن المعلومات وضمان إنشاء إنترنت أفضل.

ولا شك أن التعاون الدولي في مجال الأمن السيبراني أصبح أمراً حيوياً في عصر العولمة الرقمية، مع سعي مختلف دول العالم لبناء شراكات استراتيجية لتطوير حلول مبتكرة تسهم في تعزيز الأمن السيبراني على المستوى العالمي، في الوقت الذي تقوم فيه دولة الإمارات بدور ريادي في هذا المجال على الساحة الإقليمية والدولية، مع التزامها الدائم والمستمر بتعزيز الوعي حول الأمن السيبراني الذى يمثل جزءاً أساسياً من الإستراتيجية الوطنية للابتكار والتطوير التكنولوجي لضمان بيئة رقمية آمنة ومستقرة للجميع.

وتتضمن الرؤى الإستراتيجية في مجال الأمن السيبراني، أهمية توسيع الأمان ليشمل الفضاء الخارجي والاعتماد على الذكاء الاصطناعي التوليدي في تعزيز أمن المعلومات، بالإضافة إلى كيفية تأمين المدن الذكية في الوقت الذي يشهد تزايداً ملحوظاً للتحديات الأمنية والهجمات السيبرانية، إذ تشير دراسات المنتدى الاقتصاد العالمي إلى أن الخسائر الناجمة عن الجرائم الالكترونية تكلف الاقتصاد العالمي قرابة 6 ترليونات دولار.

ويقدر حجم سوق الأمن السيبراني العالمي بنحو 270 مليار دولار فيما يتوقع أن يصل إلى قرابة 600 مليار في عام 2030، وذلك في ظل التطور الذي يشهده هذا القطاع مع تزايد التهديدات والمخاطر الأمنية على الساحة المعلوماتية، بالإضافة إلى الإستراتيجيات التي تطلقها الدول لمواجهة تحديات الأمن السيبراني على المستويات الوطنية، فضلا عن الاستعداد والجاهزية بفاعلية للحوادث الأمنية المعلوماتية، وإيجاد التدابير الوقائية لتجنب التعرض لها وتقليل نطاق تأثيراتها.

وتواصل دولة الإمارات العربية المتحدة دورها الرائد وجهودها المتواصلة في تعزيز الأمن السيبراني على المستوى الدولي، وإسهامها الفعال في تشكيل مستقبل الأمن الرقمي على جميع الصعد، مع إدراكها مبكراً وبتوجيهات القيادة الرشيدة أهمية الأمن السيبراني في حماية مسيرتها التنموية نحو المستقبل، من خلال مواصلة الابتكار والتطوير وإنشاء البنية التحتية الإلكترونية المتقدمة القادرة على حماية المنجزات والمكتسبات الوطنية في بيئة رقمية آمنة.

وحافظت دولة الإمارات على مكانتها في المركز الخامس عالميا بمؤشر الأمن السيبراني الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة الذي يرصد التحسن في مستويات الوعي بأهمية الأمن السيبراني في 193 دولة حول العالم، ما يعكس مستويات الوعي المتقدمة بأهمية الأمن السيبراني في الإمارات واتخاذ كافة الطرق اللازمة لحمايته وهو ما أهلها لتحقيق هذه المكانة العالمية.

وتمتلك دولة الإمارات سجلاً حافلاً بالإنجازات في مجال الأمن السيبراني حيث تم إنشاء مجلس الأمن السيبراني وتنفيذ شبكة إلكترونية اتحادية وإنشاء السحابة الوطنية وإطلاق مبادرات في السلامة الإلكترونية وشهادة المواطنة الرقمية وإطلاق إستراتيجيات الأمن السيبراني والإلكتروني، بما يتماشى مع محددات رؤية “نحن الإمارات 2031” بأن تكون الإمارات مركزا عالميا للأمن السيبراني تنفيذا لرؤية القيادة الرشيدة، إلى جانب الخطوات التي أخذتها حكومة الإمارات في هذا الصدد وذلك من خلال تطوير منظومة التشريعات وإطلاق مبادرات وبرامج مبتكرة وشركات دولية.

وتتوفر لدى دولة الإمارات بنية تحتية رقمية فائقة التطور وكفاءات وطنية مؤهلة وجاهزية عالية المستوى ووسائل متقدمة للتصدي للهجمات الإلكترونية الخبيثة المحتملة، التي تستهدف القطاعات والمؤسسات الحكومية وهو ما جعلها تتصدر المؤشرات العالمية في مجال الأمن السيبراني. وام


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

الإمارات.. بدء الاستعدادات النهائية لإطلاق «محمد بن زايد سات»

دبي - وام
أعلن مركز محمد بن راشد للفضاء، الخميس، بدء الاستعدادات النهائية لإطلاق «محمد بن زايد سات» القمر الاصطناعي الأكثر تطوراً في المنطقة.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقد في مقر مركز محمد بن راشد للفضاء، في دبي، بحضور سالم حميد المري، مدير عام المركز، وعامر الصايغ الغافري، مدير مشروع «محمد بن زايد سات»، وحصة علي حسين، نائب مدير المشروع، بالإضافة إلى فريق العمل المسؤول عن القمر الاصطناعي وعدد كبير من ممثلي وسائل الإعلام العالمية والمحلية.
ونقل «محمد بن زايد سات» القمر الاصطناعي الأكثر تطوراً في المنطقة بعد تطويره في دولة الإمارات إلى المعهد الكوري لأبحاث الفضاء في كوريا الجنوبية، وتم الانتهاء من الاختبارات البيئية بنجاح.
وشملت الاختبارات الصارمة التي تهدف إلى ضمان تحمل القمر الاصطناعي لظروف الفضاء القاسية، اختبارات الفراغ الحراري، واختبارات الاهتزاز، واختبارات الصوتيات، واختبارات خصائص الكتلة، وتم بعد ذلك نقله إلى موقع الإطلاق في الولايات المتحدة الأمريكية، استعدادا للتحضيرات النهائية.
وقال سالم حميد المري، إن القمر الاصطناعي «محمد بن زايد سات» يمتلك أهمية خاصة في مسيرة دولة الإمارات؛ إذ يعكس التزامها الثابت بالتقدم والابتكار بفضل رؤية قيادتها الرشيدة.
ولفت إلى أن «محمد بن زايد سات» ليس مجرد إنجاز تكنولوجي، بل هو تجسيد لإرادة دولة الإمارات في الريادة بمجال علوم الفضاء وسعيها المتواصل للإسهام الفاعل في مجتمع الفضاء العالمي، وقال: «مع كل خطوة نخطوها نحو المستقبل نؤكد دورنا على تمكين الأجيال القادمة وتحقيق طموحاتهم للاستفادة من إمكانيات علوم الفضاء لدعم الإنسانية وتعزيز التنمية المستدامة على كوكب الأرض».
ونوه بإن القمر الاصطناعي «محمد بن زايد سات» الذي تم تطويره بالكامل بواسطة فريق من المهندسين الإماراتيين في مركز محمد بن راشد للفضاء، يمثل خطوة محورية في مسيرة دولة الإمارات نحو الريادة في مجال استكشاف الفضاء إذ يجسد هذا القمر الاصطناعي التزام الدولة بالاستفادة من تقنيات الفضاء المتقدمة لدعم التنمية المستدامة وتعزيز التعاون العالمي.
وأوضح أن «محمد بن زايد سات» يتميز بإمكانيات متطورة تضع معيارا جديدا في مجال رصد الأرض؛ إذ يوفر دقة في التقاط الصور تفوق سابقيه بمعدل الضعف وسيكون قادرًا على التقاط صور أكثر بـ 10أضعاف من الأقمار الاصطناعية التقليدية، كما ستتم معالجة هذه الصور وتسليمها في أقل من ساعتين ما يتيح تطبيقات حيوية في مجالات متنوعة مثل مراقبة البيئة والإغاثة من الكوارث وإدارة البنية التحتية، الأمر الذي يساعد صناع القرار على اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة.
وأفاد المري، بأن «محمد بن زايد سات» يوفر دقة غير مسبوقة في تحديد مواقع التصوير؛ إذ تعزز الكاميرا عالية الدقة وسرعات نقل البيانات المحسنة، التي تتفوق أربع مرات على القدرات الحالية، مكانته كأداة مبتكرة في مجال رصد الأرض.
من جانبه ذكر عامر الصايغ الغافري، أن القمر الاصطناعي «محمد بن زايد سات» يعد خطوة مهمة في مجال الابتكار التكنولوجي والهندسة الدقيقة، مشيرا إلى تزويده بأحدث أنظمة التصوير ليقدم بيانات عالية الدقة وبسرعة غير مسبوقة، وليمثل تقدما كبيرا في مجال رصد الأرض ويتيح تطبيقات تدعم مجموعة واسعة من القطاعات بدءا من مراقبة البيئة وصولا إلى التخطيط الحضري وإدارة الكوارث.
وبين الغافري أن «محمد بن زايد سات» سينضم بمجرد إطلاقه إلى أسطول الأقمار الاصطناعية النشط لدولة الإمارات، ما يعزز بشكل كبير قدرات مركز محمد بن راشد للفضاء في هذا المجال، ويوفر تبادلا سريعا للبيانات على مدار الساعة عبر نظام متقدم، في حين تتمتع حلول التصوير التي يتميز بها القمر الاصطناعي بتطبيقات متنوعة تشمل رسم الخرائط ومراقبة البيئة والملاحة وإدارة البنية التحتية والإغاثة في حالات الكوارث.
بدورها قالت حصة علي حسين، إن “محمد بن زايد سات” أسهم في تعزيز اقتصاد الفضاء في دولة الإمارات، من خلال مساهمة الشركات المحلية في تصنيع 90% من هيكله الميكانيكي ومعظم وحداته الإلكترونية وذلك عبر التعاون مع شركات إماراتية رائدة مثل ستراتا والإمارات العالمية للألومنيوم وهالكن وفالكون وEPI وركفورد زيليركس، موضحة أن هذه الشراكات لا تعمل على تعزيز قدرات دولة الإمارات في تكنولوجيا الفضاء فحسب، بل تسهم أيضا في نقل المعرفة والمهارات المتقدمة إلى المواهب الإماراتية، ما يعزز قدرة الدولة التنافسية في مجال استكشاف الفضاء على الساحة العالمية.
تجدر الإشارة إلى أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، كان قد أعلن عن المهمة في عام 2020؛ حيث تمت تسمية القمر الاصطناعي تيمنا باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله.
وكان سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، ورئيس مركز محمد بن راشد للفضاء، قد اعتمد إطلاق القمر الاصطناعي رسميا في وقت سابق خلال عام 2024.

مقالات مشابهة

  • أكاديميون: الإمارات نموذج رائد في دعم صناعة المحتوى الرقمي الهادف
  • المغرب يطلق أسبوع حماية المعطيات الشخصية تزامنًا مع اليوم العالمي للخصوصية
  • محمد بن راشد للفضاء يبدأ الاستعدادات النهائية لإطلاق محمد بن زايد سات
  • «الأمن السيبراني»:3 خطوات تعزز أمان كلمات المرور
  • الإمارات.. بدء الاستعدادات النهائية لإطلاق «محمد بن زايد سات»
  • "محمد بن زايد سات" يفتح آفاقاً جديدة في علوم الفضاء برؤية إماراتية
  • افتتاح مركز الأمن السيبراني التابع لوزارة الداخلية
  • جامعة نيويورك أبوظبي تطلق برنامج الدكتوراه في الفيزياء الفلكية وأنظمة الفضاء لإعداد كوادر المستقبل في مجال استكشاف الفضاء
  • جمعية الإمارات لرعاية وبر الوالدين تكرم ضاحي خلفان
  • دراسة بحثية لـ”تريندز”: الذكاء الاصطناعي يحول وجه الأمن السيبراني: فرص وتحديات