عربي21:
2024-11-22@23:37:15 GMT

الحي يروّح.. أو الابن الشرعي لـثقافة النمط

تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT

تصدير: "شكرا لكل من شتمني وسبّني فقط لأنني أصدرت كتابا.. تمنيت لو أنهم اطّلعوا على الكتاب وحكموا عليه بعد ذلك" (المغنى التونسي نور شيبة)

منذ أيام، صدرت في تونس المجموعة الغنائية الأولى للمطرب المعروف نور شيبة. وقد أثار صدورها جملة من ردود الفعل التي لم يتجاوز أغلبها المستوى الانطباعي، سواء أكان ذلك في وسائل الإعلام التقليدية أم في وسائل التواصل الاجتماعي.

ولأننا لسنا من أنصار الكلام المرسل على مذهب "هذا على الحساب قبل قراءة الكتاب"، فإننا لا نكتب هذا المقال من باب اللطم على وضع الثقافة في تونس والتبرؤ من "نظام التفاهة" أو "زمن الرويبضة"، ولا نكتبه أيضا من باب الانتصار للحق في التعبير وتثمين "المكتوب" في زمن هيمنة الصورة. فـ"كتاب" نور شيبة ليس إلا مناسبة لتفكيك بنية الثقافة التونسية من جهة أسسها ومنطقها ورهاناتها، خاصة بعد الثورة التونسية وما كان لما يسمى بـ"النخب" (بمختلف مرجعياتها الأيديولوجية) من دور مركزي في إفشالها وفي تسفيه مشروعها المواطني.

عندما يصنع سجين حق عام (قضية مخدرات) لا علاقة له بالشعر ولا بالنثر الحدثَ الثقافي الأبرز في تونس، فإننا نستطيع أن نتفهم عودة الكثير من ردود الفعل إلى روح أغراض الشعر العربي التقليدي، خاصة غرضي الهجاء والفخر وإن من مكان خفي. فأغلب الردود لا تنفصل عن معاني الفخر والهجاء سواء أصدرت بدافع شخصي (مقايسة ضمنية بين وضع المتكلم -أي المبدع المقموع- الذي يستبطن الغُبن، وبين وضع "الكاتب" المحتفى به والذي يحتل مكانة غيره من هوامش الثقافة) أم بدافع أيديولوجي (رفض هذا "الدخيل" على أدب السجون المؤدلج بالضرورة، ذلك الأدب الذي لا تليق به إلا تجارب "سجناء الرأي" سواء أكانوا من اليسار أم من الإسلاميين).

لو أردنا اختزال الحالة الثقافية في تونس بعد الثورة، فإننا لن نجد أفضل من تعبير "الكانتونات الثقافية". وهو وضع بائس يعكس حالة التنوع الثقافي غير المتجانس والقائم على منطق التنافي الجذري، أو لنقل إنه وضع التنوع الثقافي -في الثقافتين الشعبية والعالمة- لكن في ظل الصراع الهوياتي وعدم الاعتراف المتبادل بين النخب العلمانية والإسلامية أو اليسارية واليمينية
ورغم تفهمنا لهذا المنطق ولدوافعه الواعية واللاواعية، فإننا نذهب إلى أنّه أبعد ما يكون عن "المعيارية" أو المثالية التي يدعيها، بل إننا نزعم أنه يُمثل مظهرا من مظاهر الأزمة الثقافية -بل المجتمعية العامة- التي تعاني منها تونس منذ بناء ما يُسمّى بالدولة الوطنية أو الدولة-الأمة.

لو أردنا اختزال الحالة الثقافية في تونس بعد الثورة، فإننا لن نجد أفضل من تعبير "الكانتونات الثقافية". وهو وضع بائس يعكس حالة التنوع الثقافي غير المتجانس والقائم على منطق التنافي الجذري، أو لنقل إنه وضع التنوع الثقافي -في الثقافتين الشعبية والعالمة- لكن في ظل الصراع الهوياتي وعدم الاعتراف المتبادل بين النخب العلمانية والإسلامية أو اليسارية واليمينية.

وبحكم هيمنة المنظومة القديمة على المشهد الثقافي، فإنها قد اعتمدت على سياسة ثقافية ذات محورين: أولا تثمين الأشكال الفنية المعادية للإسلاميين، بل للهوية العربية الإسلامية بصفة عامة، وذلك في إطار ما تسميه بمقاومة مشروع "أخونة المجتمع" والدفاع عن "النمط المجتمعي التونسي"، ثانيا منع الإسلاميين -أو حتى المتعاطفين معهم أو غير المعنيين بالصراع الوجودي ضدهم والداعين إلى تجاوز الصراعات الهوياتية- من الظهور في وسائل الإعلام العمومية والخاصة، ومن الاستفادة من الفضاءات الثقافية التي ما زالت تحت هيمنة المنظومة القديمة ووكلائها في اليسار الثقافي.

ولا شك عندنا في أن نور شيبة -ومن يقف وراء الآلة التسويقية له- يُقدمون خدمة جليلة للدولة العميقة، بوعي أو بدون وعي، وذلك بتسفيه "أدب السجون" ورموزه وتحويله من القضايا الكبرى إلى القضايا الصغرى، وبالتغطية على سجناء الرأي الحقيقيين والدفع بهم إلى هامش الإعلام. وهو ما يعكس صوابية تلك القاعدة التي جاء بها الفيلسوف الفرنسي روسو؛ من أن كل شيء مرتبط جذريا بالسياسة أو بطبيعة نظام الحكم (بما في ذلك المجال الأدبي).

أما "الإسلاميون" أو القريبون منهم أو حتى أولئك الذين يرفضون النمط الثقافي المهيمن لأسباب لا علاقة لها بالدين، فإنهم قد عجزوا عن فرض أنفسهم بإنشاء منابر إعلامية أو ثقافية بديلة (بل عجزوا عن الخروج من دائرة الذاكرة -هوية الغرباء- وإنتاج أدب مرافق للثورة)، كما ظلوا مسكونين بهاجس "الاعتراف" من لدن النخب التقليدية، مع ما يعنيه ذلك من استبطان الدونية من جهة أولى، والعجز -من جهة ثانية- عن التخلص من "وصاية" تلك النخب التي مثّلت أداة الهيمنة الأيديولوجية للنظام القديم وورثته بعد الثورة.

فالإسلاميون أو النخب "البديلة" التي تتحرك بمرجعية مواطنية بعيدا عن "حروب الهوية القاتلة" كانوا وما زالوا يعانون من تناقض جذري لا يقبل الحل: استبطان مرجعية النخب التقليدية المرتبطة وظيفيا بالمنظومة القديمة، وفي الوقت نفسه الرغبة في "التوافق" مع ذلك "المثقف" وتقاسم المشهد الثقافي معه.

ولا شك في أنّ التفكير بمنطق "التوافق الثقافي" -باعتباره امتدادا لمنطق التوافق السياسي- لن يُنتج إلا إعادة تدوير الثقافة المهيمنة وتقوية قبضتها على مراكز إنتاج المعنى، كما لن يكون محصوله إلا فشل "المثقف البديل" في عملية التجاوز الجدلي للمثقف "الرسمي"، أي تجاوز ذلك المثقف الذي تعترف به "الدولة العميقة" وتعمل على تقوية قيمته الاعتبارية بحكم ما ينتجه من " ثقافة" لا تتعارض مع خياراتها التأسيسية ولا تهدد مصالحها المادية والرمزية.

وإذا كان اليسار حسب قولة نور الدين بن خضر -أحد زعماء حركة آفاق/ برسبكتيف- هو "الابن الشرعي لبورقيبة" (أي لمشروع التحديث باعتماد اللائكية الفرنسية)، فإن "الحي" الحقيقي في المجموعة الغنائية لنور شيبة هو الابن الشرعي لخرافات "النمط المجتمعي التونسي" وللمثقف الذي رعى تلك الخرافات وعمل -بالتواطؤ مع أجهزة الدولة القمعية- على جعلها خارج دائرة النقد والمراجعة، ذلك "المثقف" الذي يحتفي بعلّيسة رغم أننا لا نعرف عنها إلا أسطورة التحايل على سكان البلاد الأصليين، ويتغنى بالكاهنة ويلعن "الفتوحات" العربية الإسلامية، ويهاجم "الاحتلال" العثماني ولا يجد حرجا في اعتبار "الاحتلال الفرنسي" بداية مشروع التنوير. وهو -أي مثقف النمط- يعود (يروّح باللهجة التونسية) ليحتل الموقع الذي يتنافس أصحاب السرديات الكبرى على احتكاره.

بحكم الحركة الانحدارية للزمن الثقافي التونسي، فإن "مثقف النمط " لا يحتاج الآن-وهنا إلى النضال السياسي ليحتل -بقضيته الصغرى- مركز المشهد الثقافي، إنه الأجدر بواجهة المشهد رغم أنف كل السرديات "المعيارية". وهو يفرض نفسه بمنطق الأمر الواقع في تحدّ صريح لتلك السرديات التي ما زالت عاجزة عن القيام بالنقد الذاتي لتناقضاتها الداخلية ولدورها في التمهيد لظهور نور شيبة وأمثاله في الأدب وغيره.

فـ"الحداثيون" الذين سفّهوا التجارب الإبداعية للإسلاميين (خاصة تلك المنتمية إلى "أدب السجون") لا يجب أن يغضبوا من أن يكون وارث "الحبس كذاب والحي يروّح" (للكاتب اليساري والسجين السياسي السابق فتحي بن الحاج يحي) هو "سجين حق عام"؛ لا علاقة له بالنضال ولا بـ"القضايا الكبرى" ولا بالأدب.

واقعيا، فإن منطق "تسييس" الأدب وتوظيفه في الصراع ضد الإسلاميين لا يمكن أن يستفيد منه أو يتحكم فيه إلا رموز الثقافة بالمعنى الذي استقر لها برعاية "القوى الحداثية": المغنّون، الكرانكة، الانستغرامازات، اليوتيوبرز، التيكتوكرز.. الخ. أما من يقفون على هامش النمط من الإسلاميين ومن أصحاب المشاريع المواطنية، فإن إدارتهم للخلاف مع النخب المهيمنة بمنطق "التوافق" وعجزهم عن التخلص من عقدة الدونية وبحثهم عن الاعتراف من داخل الأطر التقليدية (أي ممن يحتقرونهم في قرارة أنفسهم بحكم ارتباطهم بالثقافة المهيمنة التي كانوا هم أنفسهم "أضحيتها المقدسة") لم يكن ليسمح لهم إلا بتجارب إبداعية لا تخرج -في أغلبها الأعم- عن دائرة ما يكتبه المرء لأهل ملّته، أي تتوجه أساسا لقاعدة قرّاء تتكون من أولئك الذين يشتركون معه في الأيديولوجيا والذين سينتصرون له بصرف النظر عن القيمة "الفنية" لمنتوجه، أي سينتصرون له لأسباب لا علاقة لها في الكثير من الأحيان بالأدب. وهو ما يُمثل ردة فعل طبيعية ضد عملية الإقصاء النسقي التي تمارسها النخب "التقليدية" على كل "الأصوات" التي تشكك في مقدساتها "المُعلمنة" بناءً على معايير أيديولوجية لا علاقة لها هي الأخرى بالأدب.

twitter.com/adel_arabi21

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التونسي السجون الإسلاميين تونس سجون الإسلاميين الانحياز مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التنوع الثقافی لا علاقة له بعد الثورة فی تونس

إقرأ أيضاً:

لؤلؤة أبوظبي.. جوهرة من إرث أبوظبي الثقافي والتاريخي

أثمن مُقتنيات متحف زايد الوطني تجسّد دليلاً على عراقة وقدم الأنشطة البحرية، ويكشف أن الكثير من التاريخ الاقتصادي والثقافي الحديث له جذور عميقة تمتد إلى فجر ما قبل التاريخ، عندما تمّ العثور على لؤلؤة أبوظبي في الموقع الأثري في جزيرة مروح قبالة سواحل أبوظبي عام 2017.
 
بعد عامين من اكتشافها، وخلال معرض «10 آلاف عام من الرفاهية» في متحف اللوفر أبوظبي، استقطبت هذه الجوهرة اللؤلؤية الوردية أنظار العالم مما جعلها تتصدر الأخبار العالمية. كانت تُعد أقدم لؤلؤة طبيعية يتمّ اكتشافها على الإطلاق، حيث تظهر الطبقات التي تغطي اللؤلؤة بأنها تعود إلى العصر الحجري الحديث في الفترة ما بين 5800-5600 قبل الميلاد. ويعد هذا الاكتشاف دليلاً على وجود مهنة صيد اللؤلؤ والمحار في دولة الإمارات منذ ما يقارب 8 آلاف عام، وهو أحد أقدم الدلائل المكتشفة على صيد اللؤلؤ في العالم.

 

في العام الذي اكتُشفت فيه لؤلؤة أبوظبي، أنهت «مي المنصوري» دراستها في مجال الدراسات الإماراتية بجامعة زايد في أبوظبي. ولحسن الحظ كانت تعمل في متحف اللوفر أبوظبي حين تمّ عرض اللؤلؤة، وشاركت في الحماسة التي أثارها هذا الاكتشاف آنذاك. لم تكن «المنصوري» تعلم أنّها بعد بضعة سنوات، ستصبح واحدة بين القائمين على رعاية هذه اللؤلؤة الثمينة عندما ستُعرض قريباً بشكلٍ دائم في متحف زايد الوطني.

بينما يستعدّ المتحف الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة لفتح أبوابه أمام الزوار في قلب المنطقة الثقافية في السعديات، سيحتفي متحف زايد الوطني بتاريخ الدولة العریق وثقافتها وقصصها الملهمة منذ العصور القدیمة إلى العصر الحدیث. ویسرد المتحف سيرة الوالد المؤسس، المغفور له الشیخ زاید بن سلطان آل نھیان، طیب لله ثراه. يكرّم متحف زايد الوطني هذا الإرث من خلال تسليط الضوء على الموضوعات التي كانت قريبة من قلب الشيخ زايد.

 

مي المنصوري

 

تشغل «مي المنصوري» منصب أمين متحف معاون في المتحف، وهي تتطلع لمشاركة تاريخ أبوظبي العريق مع الزوار، وقالت في إطار حديثها: «لؤلؤة أبوظبي لها قيمة تاريخية لا تُقدر بثمن، ليس فقط كجوهرة، بل في تقديم نظرة حقيقية على حياة ومعيشة أقدم مجتمعاتنا. وهي تمثّل أيضاً اتصال المنطقة بالبحر، خاصةً من خلال ممارسة الغوص لصيد اللؤلؤ، وهو تقليدٌ يتطلب العمل الجاد والمهارة والصبر».
وقالت المنصوري: «ستُعرض لؤلؤة أبوظبي في صالة عرض «إلى أسلافنا» بالطابق الثاني من متحف زايد الوطني، حيث سيتعرّف الزوار على الأنشطة البشرية القديمة في دولة الإمارات. إلى جانب قطعٍ أخرى، ستُقدم هذه الجوهرة لمحةً عن حياة المجتمعات الصناعية والتجارية في المنطقة قبل آلاف السنين».

وأضافت المنصوري: «ستُجسد قصصهم من خلال العروض التفاعليّة، جنباً إلى جنب مع العروض على جدران صالة العرض، للمساهمة في تعزيز تجربة الزوار». وتضيف: «ستكمّل هذه التقنيات نهج السرد التاريخي التقليدي، مما يوفّر فهماً تفاعلياً أكثر وضوحاً لدور اللؤلؤ في التاريخ البحريّ القديم للمنطقة».

هذه اللؤلؤة هي بالتأكيد ليست أقدم المقتنيات في صالة عرض «إلى أسلافنا». وتعود تلك المكانة إلى «أداة القطع من العصر الحجري القديم» التي تمّ اكتشافها في العين ويعود تاريخها إلى أكثر من 300,000 سنة. يقدّم هذا الأثر القيّم دليلاً على إحدى الهجرات البشرية الأولى إلى دولة الإمارات العربية المتحدة من القارة الأفريقية. لقد انجذب البشر الأوائل نحو الموارد الغنيّة من الأنهار والبحيرات والأراضي الرطبة. وتشرح المنصوري: «كان يُعتقد في الأصل أنّ الهجرة البشرية القديمة حدثت عبر مصر، ولكننا نعلم الآن أنّ الناس أتوا أيضاً من أفريقيا عبر جنوب شبه الجزيرة العربية واتجهوا نحو دولة الإمارات». أمّا بالنسبة لاستخدامها، فقد كانت الفأس أداة متعددة الأغراض: «كانت تُستخدم لاختراق الأشياء، وقطع اللحم وجلد الحيوانات».

أخبار ذات صلة لطيفة بنت محمد: تسخير التكنولوجيا لتطوير مسارات التعليم باحثو متحف زايد الوطني يظهرون نصاً قرآنياً على صفحة من «المصحف الأزرق»

    
بعد ذلك بكثير، ظهرت مجتمعات العصر الحجري الحديث في الإمارات العربية المتحدة. زوّدت هذه المواقع علماء الآثار بالعديد من الرؤى، بما في ذلك التجارة التي شملت الفخاريات، لحم وأنياب الأطوم (بقرة البحر) العاجيّة، وبالطبع اللؤلؤ. وأضافت المنصوري: «لقد كانت اللآلئ كنوزاً في حدّ ذاتها كأحجارٍ كريمة ثمينة، مع وجود أدلّة على دفن الناس في «جبل البحيص» بالشارقة مع لآلئهم الخاصة».

يسلّط المتحف الضّوء أيضاً على أصول صناعة اللؤلؤ في صالة عرض «في سواحلنا»، حيث سيتمّ تعريف الزوار ليس فقط بتفاصيل صناعة اللؤلؤ، بل أيضاً بالأدوات والأشياء اللازمة للحياة اليومية، بالإضافة إلى العمل الفعليّ على متن سفينة الغوص الخاصة بصيد اللؤلؤ.

تقول المنصوري إنّ أكثر الحقائق إثارةً التي تعلّمتها من هذا المعرض، تتعلّق بحياة النساء اللاتي تُركنَ، بينما كان الرجال يبحرون لأشهرٍ في مهمات الغوص عن اللؤلؤ: «مع غياب الرجال، تولّت النساء الأعمال الشاقة، حيث كنّ يعتنين بمحاصيل التمر ويحفرن الآبار وينزلن بأنفسهنّ لتدعيم الجدران. كانت هذه الأعمال خطيرة، حيث يمكن أن تنهار الجدران في أيّ لحظة، لكن النساء كنّ يفعلن كل شيء لضمان استمرار نمط حياتهن».

تمّ جمع هذه المعلومات عن مجتمع الغوص وصيد اللؤلؤ في تسجيل من ثمانينيات القرن الماضي، قام به أحد أفراد عائلة إماراتية تعمل في مجال الغوص وصيد اللؤلؤ، وهو الآن جزءٌ من التاريخ الشفوي للمتحف. تمّ تناقل هذه القصص عبر القرون، مما ساعد في الحفاظ على الهوية الثقافية وفهم تلك الحقبة عبر الأجيال.

 

 

 

 

يمثّل التاريخ الشفوي جزءاً مهماً من رواية المتحف، حيث يتمّ نقل الروايات التاريخية عبر شاشات الوسائط المتعددة والفيديوهات، ومن خلال المعروضات. تعبّر المنصوري عن شكرها الكبير للعائلات التي ساهمت في هذا الجهد: «نواصل البحث في هذا الجزء من تراثنا من خلال التواصل مع كبار السن وأولئك الذين أُتيحت لهم فرصة سماع القصص من أقاربهم الأكبر سناً. نأمل باستضافة هؤلاء الأشخاص الذين ساعدونا في بناء مجموعتنا».

في الحقيقة، الناس هم جوهر متحف زايد الوطني. إنّهم الأجداد الذين خلقوا تاريخ الإمارات الغني وتركوا أدلّة مثل لؤلؤة أبوظبي للأجيال القادمة، وأولئك مثل الشيخ زايد -طيّب الله ثراه- الذي سُمّي المتحف باسمه، والذين كانوا مصممين على الحفاظ على قصصهم الثقافية حيّة على مرّ الأيام، وتلك الأجيال التي تحمل الأمة نحو المستقبل.

وختمت المنصوري بأن كلّ شيء يتعلّق بالتواصل بين الأجيال، وقالت: «إن إدراج لؤلؤة أبوظبي في متحف زايد الوطني يربط بشكلٍ وثيقٍ بين الإماراتيين اليوم وبين ماضينا. لا تزال قِيمُ أجدادنا البحّارة التي تمثّلت بالمثابرة والقدرة على التكيّف والابتكار حاضرةً في شعبنا اليوم، وكذلك الفخر بالحفاظ على تراثنا في مجتمعٍ يتّجه بسرعةٍ نحو الحداثة».

 

«مادة إعلانية»

المصدر: الاتحاد - أبوظبي

مقالات مشابهة

  • “كتيبة جنين” تتصدى لقوات العدو الصهيوني في الحي الشرقي للمدينة ومحور النسيم
  • غير ملزمة بخدمة الأهل.. ضوابط التعامل مع زوجة الابن في الإسلام
  • الشارقة تحتفل بالمحافظة على التراث الثقافي
  • حكم من مات وعليه ديون وماله محجوز عليه.. الإفتاء توضح التصرف الشرعي
  • مراكز البحوث والدكتور النور حمد والإنسانية التاريخية
  • حكم إخراج الصدقة بنية تحقيق شيء معين.. اعرف الموقف الشرعي
  • بينصب على المشاهير ورجال الأعمال.. القبض على مستريح الحي الراقي ووالده
  • اتأجر فيلا و5 سيارات.. التحريات تكشف مفاجآت عن مستريح الحي الراقي ووالده
  • لؤلؤة أبوظبي.. جوهرة من إرث أبوظبي الثقافي والتاريخي
  • في يومهم العالمي.. اليونيسيف: احتفال أممي لمنع تعرض الأطفال لأى استغلال .. ورئيس القومى لثقافة الطفل : تعزيز مكانتهم في المجتمع