يمكن النظر في أربعة متغيرات أساسية في حياتنا اليومية، تتمثل في: المتغيرات الاجتماعية، والمتغيرات الاقتصادية، والمتغيرات السياسية، والمتغيرات الثقافية، وهي المتغيرات التي تتداخل فيما بينها لتغيير مسارات هذه الحياة، وهي المتغيرات التي تقاس عليها الحالة النوعية لأي شعب من الشعوب، وفقا لنوعية الواقع الذي يعيشه (حالة حرب أو سلم، حالة فقر أو غنى؛ حالة علم أو جهل، حالة حرية، أو احتلال، حالة إخصاب أو شح في الإنجاب) وبناء على أي هذه الحالات الغالبة، يمكن الحكم على مجمل الاهتمامات عند هذا المجتمع أو ذاك، كما يمكن التنبؤ بما سيكون عليه الحال بعد فترة زمنية قياسية، ويقبل الحكم هنا: كميا، أو نوعيا، هذا مع الأخذ في الاعتبار الحالات الفجائية التي قد تحدث، والتي من شأنها أن تقوض الحكم المطلق، فللزمن حساباته غير المتوقعة في كثير من الأحيان، حيث إن كل ما يجري في الحياة هو يتحرك ويكون بمشيئة الله قبل كل شيء، ولكن تبقى هناك رؤى نقيس من خلالها- نحن البشر- جس النبض لما سوف تؤول إليه الأمور في الغالب، وتبقى الاستثناءات محل تقدير على كل حال، ومن خلال النتائج التي نتوصل إليها نستطيع بعدها أن نحدّث برامجنا، وخططنا.
في الغالب ينظر إلى المتغير الاجتماعي على أنه جس نبض لمجمل التفاعلات التي تقوم وسط مجتمع ما لأنه الحاضنة الكبرى، ويمكن القياس على هذا المتغير بقية مستوى المتغيرات التي يمكن أن تكون، فالمتغير الاجتماعي؛ كما هو واقع متغير محوري، وديناميكي، ونتيجة لهذه الدينامكية لا يستسلم للحتميات لا الجغرافية، ولا الثقافية، ويستند الجزم بهذا الحكم المطلق، لأن المتغير الاجتماعي تحكمه حركة الأفراد في المجتمع، أكثر مما تنظمه مجموعة البرامج والتعليمات، والنظم المكتوبة لكونه خاضعا لقناعة الناس أكثر من الإلزام، فالقناعة لا تحكمها مؤسسة، فالفرد حر فيما يقتنع به، وإن ألزمه التشريع على إبداء شيء من القبول لأمر ما، فقد يستسلم لذلك في زمن محدد، ولظرف محدد؛ قياسا؛ على حاجته فقط، ومتى خرج من تموضع الحاجة، أصبح حرا، يقبل بذلك أو لا يقبل، أما بقية المتغيرات فهي خاضعة كثيرا للتنظيم المؤسسي، وبصورة مباشرة لمختلف البرامج والتنظيمات الصادرة من مؤسسة ما، ولذا يحسب للمتغير الاجتماعي الكثير من الأهمية، ولا يجب أن يغيب عن بال صاحب القرار، والالتهاء عنه فيه خطورة كبيرة، وقد يقوض مسارات بقية المتغيرات في لحظات الانشغال عنه، وعدم الاهتمام به.
هذا لا يعني؛ على الإطلاق؛ غض النظر عن المتغير: الاقتصادي، أو السياسي، أو الثقافي، وهي في حالة هدوء، وتسير وفق تراتبية الاهتمام من قبل النظام السياسي؛ على سبيل المثال؛ فكل من هذه المتغيرات أيضا هناك فاعل، ومحرك لإثارة مخاضاتها، وفق كل تخصص، ولذلك تقتضي المصلحة الوطنية في أي نظام سياسي أن تكون هناك عين راصدة لكل هذه المتغيرات، والعمل على تطويرها، ليس فقط بما يتناسب مع الوضع الحالي للزمن، وإنما العمل الجاد على دفع معززات بقائها واستمرارها من خلال استشراف مستقبلها، واستحضار الواقع الذي سوف تؤول إليه بعد فترة من الزمن، وهو الفهم لما يطلق عليه بـ «الخطط الاستراتيجية» بحمولة متكاملة من البرامج، وتنفذ بعد ذلك عبر مراحل زمنية تتابعية. وعودة إلى السؤال الذي يتضمنه العنوان؛ فيمكن القول: أن هناك نسبية في ترجيح متغير على آخر، بناء على الحالة السكانية في كل مجتمع على حدة.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
هل يمكن إعادة انتخاب أردوغان؟
أنقرة (زمان التركية) – أقر زعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي بصحة الادعاءات المثارة بأن دعوته للإفراج عن زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، تتضمن في طياتها “تمرير تعديل دستوري يمهد الطريق لإعادة انتخاب أردوغان”.
وأوضح بهجلي في اجتماع الكتلة البرلمانية للحزب أنه متمسك بدعوته بشأن أوجلان، كما طالب بتعديل الدستور لإعادة انتخاب أردوغان لفترة رئاسية أخرى، قائلا: “إن تم توجيه ضربة قاسية لوحش التضخم وبلوغ الاستقرار السياسي والاقتصادي لتركيا ذروته ألن يكون الخيار الصائب والطبيعي إعادة انتخاب أردوغان؟ هل سنبحث عن مرشح ضمن صفوف الشعب الجمهوري مع تبقي أربعة سنوات؟”
من جانبها اعتبرت المعارضة أن تصريح بهجلي هذا كشف عما يسعى لتحقيقه، وأن السبب الأساسي للانفتاح على أوجلان هو إطالة عمر أردوغان السياسي.
ويعد طلب بهجلي فتح المجال أمام إعادة انتخاب أردوغان لفترة رئاسية إضافية ليس بالأمر الجديد، فقد كشف بهجلي موقفه بهذا الصدد التي وجها قبل 20 يوما من الانتخابات المحلية عبر الدعوة التي وجها خلال اجتماع الحزب في السابع عشر من مارس/ آذار الماضي لأردوغان الذي أعلن أن “تلك الانتخابات ستكون الأخيرة له بموجب الصلاحية القانونية” بقوله: “لا يمكنك الرحيل وتركنا بمفردنا. تحالف الجمهور يساندك”.
وانتخب أردوغان رئيسا لأول مرة في عام 2014 خلال تصويت شعبي بموجب دستور النظام البرلماني، وعلى الرغم من اعتراضات بعض المحامين وأحزاب المعارضة، ترشح أردوغان مرة أخرى في انتخابات عام 2023 على أساس أن الأحكام الدستورية السابقة لا يمكن أن تكون صالحة في النظام الرئاسي، وتم انتخاب للمرة الثانية وفقًا لنظام الحكومة الرئاسية والثالثة مجملا.
وسيواصل أردوغان مهامه كرئيس للجمهورية التركية حتى عام 2028 إن لم يتم اتخاذ قرار بعقد انتخابات مبكرة.
ماذا يقول الدستور؟
تنص الأحكام الدستورية المتعلقة بالنظام الرئاسي للحكم، والتي دخلت حيز التنفيذ في عام 2018، على أنه لا يمكن انتخاب أي شخص رئيسًا أكثر من مرتين.
والطريقة الأولى لترشح الرئيس أردوغان مرة أخرى هي إلغاء “شرط الفترتين” في المادة 101 من الدستور، العدد الحالي لمقاعد حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية بالبرلمان لا يكفي لإجراء تعديل دستوري.
ويتطلب قبول التعديلات الدستورية عبر استفتاء موافقة 360 نائبا، في حين يستوجب قبول التعديلات الدستورية بشكل مباشر موافقة 400 نائبا على الأقل.
لا يزال عدد نواب حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية وحزب الشعب الديمقراطي وحزب الوحدة والديمقراطية أعضاء تحالف الشعب عند 321 نائباً بالأخذ في عين الاعتبار أن رئيس البرلمان عن حزب العدالة والتنمية، نعمان قورتولموش، ليس له الحق في التصويت.
وفي المشهد الحالي، لا يُتوقع أن تدعم أحزاب المعارضة تعديلاً يمهد الطريق للرئيس أردوغان للترشح مرة أخرى.
خيار الانتخابات المبكرة
الطريقة الثانية لإعادة ترشيح أردوغان هي “الانتخابات المبكرة”، وهي أسهل وأكثر إمكانية من التعديل الدستوري.
ويفتح البند 116 من الدستور التركي المتعلق “بتجديد انتخاب البرلمان ورئيس الجمهورية” الطريق أمام إعادة انتخاب الرئيس الذي أكمل دورتين “إذا قرر البرلمان تجديد الانتخابات في الولاية الثانية للرئيس”. وهذا هو السبب الذي يكمن في دعوة رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزجور أوزال، للرئيس أردوغان بأن “نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2025 هو الموعد النهائي لإجراء انتخابات مبكرة”.
ويزعم حزب الشعب الجمهوري أن الانتخابات التي ستجرى قبل بضعة أشهر من انتخابات 2028 ستعني “تمديد الحياة السياسية للرئيس أردوغان” وأنه يجب إجراء انتخابات مبكرة في غضون 1.5 عام.
لا يوجد رأي مشترك بين أحزاب المعارضة في البرلمان بشأن هذه الدعوة لحزب الشعب الجمهوري حتى الآن، بينما لا ترحب الجبهة الحاكمة بدعوة الحزب.
هذا ويُعتقد أنه قد يتم تقديم موعد انتخابات عام 2028 لبضعة أشهر مما قد يفتح المجال أمام إعادة انتخاب أردوغان ولن تستطيع المعارضة حينها من التهرب من عقد انتخابات مبكرة.
Tags: الانتخابات الرئاسية التركيةالانتخابات المبكرة في تركياالتعديلات الدستورية في تركياالدستور التركيحزب الشعب الجمهوريدولت بهجليرجب طيب أردوغان