عربي21:
2024-12-26@07:43:13 GMT

هل تندلع الحرب في جنوب لبنان؟

تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT

ما يدور في جنوب لبنان، منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، هو شكل من أشكال الحروب، أو هو حرب محدودة، وهو نمط عملياتي يتجاوز حالة العمليات المتفرقة وأدنى من الحرب الشاملة، وذلك بالنظر لطبيعة استهدافات الطرفين وحدودها ومقدار النيران المستخدمة فيها.

ثمّة إرادة سياسية من الطرفين تتحكم بشكل الصراع ونمطه، إذ ما زالت المستويات السياسية هي التي تدير الصراع، وأدوار المستويات الأمنية تقتصر على التنفيذ وتقييم الموقف، لذا يسود الحذر بدرجة كبيرة بين الطرفين من الانزلاق إلى حرب بمستوى نيران أعلى واستهدافات أكثر عمقا وأكبر تأثيرا.



وقد كشفت تطورات الصراع على جبهة جنوب لبنان، منذ أربع شهور، أن هذا الصراع لا تؤطره استراتيجية واضحة، وأن أحداثه تدور بدرجة كبيرة وفق مبدأ الفعل ورد الفعل ضمن مساحات محددة وفي إطار قواعد اشتباك متفق عليها ضمنا، ليس بين إسرائيل وحزب الله فقط، ولكنها مرعية إلى حد كبير من قبل أطراف إقليمية ودولية، بحيث لا تخترق المعادلات القائمة، والتي يجري التفاوض حولها ضمن العواصم الإقليمية والدولية، في القاهرة وباريس تحديدا.

كشفت تطورات الصراع على جبهة جنوب لبنان، منذ أربع شهور، أن هذا الصراع لا تؤطره استراتيجية واضحة، وأن أحداثه تدور بدرجة كبيرة وفق مبدأ الفعل ورد الفعل ضمن مساحات محددة وفي إطار قواعد اشتباك متفق عليها ضمنا، ليس بين إسرائيل وحزب الله فقط، ولكنها مرعية إلى حد كبير من قبل أطراف إقليمية ودولية
إذا هو صراع يهدف التأثير في مسارات تشكّل مرحلة ما بعد الحرب في غزة، وليس التأثير على الحرب الجارية في غزة، فقد أثبتت الأحداث أن جميع الجبهات المفتوحة، والمحسوبة كردائف للمقاومة في غزة، لم تؤثر بأدنى درجة على تطورات الحرب وحسابات إسرائيل وأمريكا، ولا الوضع العملياتي وخطط إسرائيل في غزة التي بقيت معزولة عن التطورات خارجها، والتي لم تصل مستويات تأثيرها إلى حد الانشغال عن استكمال المخطط الإسرائيلي الذي ظل يشتغل وفق حسابات داخلية صرفة.

بالطبع، ليس المطلوب من حزب الله خوض حرب قد تكون تداعياتها أكبر من قدرته على الاحتمال، في ظل ظروف متغيرة، لكن واضح جدا أن الحرب وحدها هي التي ستجبر إسرائيل على التراجع عن خططها في غزة وتخفيف حدة قتالها، وستضطرها حتما إلى وقف آلتها العسكرية على جبهة غزة، إذا تم بالفعل تطبيق نظرية وحدة الساحات، بغير ذلك فإن إسرائيل قادرة على التكيف مع الحرب المحدودة الجارية على جبهة جنوب لبنان دون أدنى تأثير على الحرب في غزة. وما يعزز هذا الاستنتاج حقيقة أن قدرات إسرائيل العسكرية واللوجستية وتجهيزاتها الميدانية؛ يمكنها التعامل مع المخاطر التي يفرضها إيقاع الحرب المحدودة على جبهة جنوب لبنان.

في هذا السياق، يبدو من التسرع القفز إلى تقديرات غير واقعية، من نوع أن الحرب قد تشتعل على الجبهة اللبنانية، انطلاقا من استهداف أكثر عمقا بقليل من نطاق الضربات الجارية بين الطرفين والتي لا تتعدى كيلومترات محدودة، والتي لم تعد تحتوي على بنك أهداف، جراء التحوطات التي أجراها الطرفان في أغلفتهما، بدءا من ترحيل كتل سكانية كبيرة إلى الداخل، في جنوب لبنان وشمال إسرائيل، وكذلك تعمد إخفاء وتمويه تحركات العسكريين، حتى أن الضربات من قبل الطرفين يمكن وصفها بضربات في المناطق الفارغة غالبا.

الملفت في الحرب الدائرة في جنوب لبنان، أن طرفاها مطمئنان، وبدرجة كبيرة، إلى أن هذه الحرب لن تتدحرج إلى حرب شاملة، قد يكون سبب هذا الاطمئنان معرفتهما بقدرات بعضهما، والمؤكد قراءتهما العميقة للمزاج الدولي والبيئة الاستراتيجية الراهنة، والأهم من ذلك، أن قرار هذه الحرب بيد فاعلين خارجيين يتفاوضون في هذه اللحظة على إجراء هندسة إقليمية لمرحلة ما بعد الحرب
الحرب في جنوب لبنان هي حرب سياسية، وإن كانت الحروب عامة هي امتداد للسياسة كما وصفها الاستراتيجي الألماني كلاوزفيتر، إلا أنها في لبنان تسير على وقع السياسة بدرجة كبيرة، بمعنى أنها تعاين ما يحصل في المفاوضات السياسية الجارية وتضبط إيقاعها عليها هبوطا ونزولا، سواء بدرجة كثافة النيران أو اختيار الأهداف. وربما كانت زيادة درجة العمق الأخيرة، وصولا إلى قاعدة عسكرية في صفد، والتي تلت خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، محاولة لدفع المفاوضات السياسية إلى الأخذ بالاعتبار التوازنات الميدانية والتغيرات التي يستطيع الحزب فرضها، كما أن الرد الإسرائيلي يأتي ضمن هذا الإطار والتصور.

الملفت في الحرب الدائرة في جنوب لبنان، أن طرفاها مطمئنان، وبدرجة كبيرة، إلى أن هذه الحرب لن تتدحرج إلى حرب شاملة، قد يكون سبب هذا الاطمئنان معرفتهما بقدرات بعضهما، والمؤكد قراءتهما العميقة للمزاج الدولي والبيئة الاستراتيجية الراهنة، والأهم من ذلك، أن قرار هذه الحرب بيد فاعلين خارجيين يتفاوضون في هذه اللحظة على إجراء هندسة إقليمية لمرحلة ما بعد الحرب، حيث تسعى إيران للحصول على دور أكثر تأثيرا وتلافي الخسائر في ظل محاولة فاعلين آخرين (من الإقليم وخارجه) تحصيل لأدوار ترى إيران إنها ستكون على حساب حصتها في الإقليم.

هي حرب معادلات وتوازنات، على الأرجح ستبقى منضبطة ضمن هذا السياق، وارتفاع مستوى شراستها أو انخفاضه سيبقى محكوما بدرجة كبيرة بالتفاعلات السياسية الجارية وليس بوقائع الميدان في غزة.

twitter.com/ghazidahman1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه لبنان إسرائيل غزة حزب الله لبنان إسرائيل غزة حزب الله مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على جبهة جنوب لبنان فی جنوب لبنان بدرجة کبیرة هذه الحرب الحرب فی فی غزة

إقرأ أيضاً:

حصاد 2024| لبنان يزداد أوجاعه مع اتساع الحرب بين إسرائيل وحزب الله.. الاحتلال يضرب بقوة الضاحية الجنوبية لبيروت.. وتفجيرات أجهزة بيجر واغتيال حسن نصر الله أبرز الأحداث المؤلمة

تفاقم الأزمات في لبنان بعد اتساع الهجمات بين حزب الله وإسرائيلالاحتلال يستهدف معظم قادة الجماعة اللبنانية بقوةالانتهاكات تستمر رغم دخول اتفاق وقف النار حيز التنفيذ في 26 نوفمبر 


مع بداية عام 2024، تلقت جماعة حزب الله اللبنانية إنذارًا إسرائيليًا يهددها بأنها إذا لم تنسحب على الفور من الحدود الإسرائيلية اللبنانية وتوقف هجماتها الصاروخية، فإن حربًا شاملة باتت وشيكة. وكان هذا التهديد هو الذي سبق العاصفة.

وفي اليوم التالي، تحولت النيران الإسرائيلية، التي كانت تقتصر في السابق على تبادل إطلاق النار عبر الحدود منذ 8 أكتوبر 2023، إلى الضاحية الجنوبية لبيروت لأول مرة.

ومن هنا بدأ الاحتلال هجماته، فاستهدفت طائرة بدون طيار إسرائيلية مكتبًا لحماس في حارة حريك، مما أسفر عن استشهاد الرجل الثالث بحزب الله، صالح العاروري. وفي الوقت نفسه، زادت عمليات قتل قادة حزب الله في جنوب لبنان بشكل كبير.

تفاقم الأزمات في لبنان

وحسب موقع "أراب نيوز"، أدت هذه الحرب إلى تفاقم الأزمات القائمة في لبنان، إذ دخل عام 2024 وهو يعاني من تفاقم الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية، بعد أن عانى بالفعل من الانهيار المالي في عام 2019، خاصة مع فشل تعيين رئيس للبلاد بسبب الانقسامات الدائرة، ما أدى إلى شلل الحكومة منذ أكتوبر 2022.

ومع اندلاع الاشتباكات على الحدود في البداية، أدى الأمر إلى نزوح 80 ألف شخص من قراهم، مما زاد من الضغط على اقتصاد البلاد وزاد من الفقر.

وفي منتصف ديسمبر 2023، أبلغت الدول المانحة لبنان بخطط لتقليص المساعدات للحماية الاجتماعية في بداية عام 2024.

لكن تصاعدت المواجهات العسكرية بسرعة، وحافظ حزب الله على استراتيجية "الجبهات المرتبطة"، وأصر على أنه سيواصل هجماته حتى انسحاب الاحتلال من غزة، بينما أصرت إسرائيل على امتثال حزب الله للقرار 1701 وسحب قواته شمال نهر الليطاني.

وبين 8 أكتوبر 2023 وسبتمبر 2024، شن حزب الله 1900 هجوم عسكري عبر الحدود، بينما ردت إسرائيل بـ 8300 هجوم على جنوب لبنان، وقد تسببت هذه الضربات في مقتل المئات ونزوح مجتمعات بأكملها في جنوب لبنان وشمال إسرائيل.

ورغم الجهود الدبلوماسية المكثفة ــ وخاصة من جانب فرنسا والولايات المتحدة ــ لم يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار خلال هذه الفترة.

وتصاعدت حدة المواجهات، حيث وسع الاحتلال نطاق غاراته وأهدافه إلى منطقة بعلبك، في حين كثف حزب الله نطاق ضرباته لتتسع إلى مواقع عسكرية إسرائيلية عميقة.

ولم تسلم قوات اليونيفيل الدولية في المواقع الأمامية من إطلاق النار المتبادل، حيث تصاعدت الهجمات بعد دخول قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى مناطق عمليات القوة الأممية.

وبحلول منتصف يوليو الماضي، كانت السفارات الغربية في لبنان تحث رعاياها على مغادرة البلاد فورًا، مدركة تهديد إسرائيل بتوسيع الصراع إلى حرب شاملة على لبنان.

استهداف قادة حماس

وتكثفت الضربات الإسرائيلية على قيادة حزب الله، وبلغت ذروتها بقتل قائد فرقة الرضوان فؤاد شكر بجنوب بيروت في يوليو.

وفي اليوم التالي، تم استهداف رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران، مما أدى إلى تفاقم التوترات بين إسرائيل وإيران.

وتعمقت الضربات الجوية الإسرائيلية عبر جنوب لبنان ووادي البقاع، في حين وسع حزب الله هجماته إلى مستوطنات كريات شمونة وميرون وضواحي حيفا وصفد.

وفي17 و18 سبتمبر، شن الاحتلال الإسرائيلي هجومًا منسقًا على آلاف أجهزة النداء واللاسلكي التابعة لحزب الله، مما تسبب في انفجارات أسفرت عن مقتل 42 شخصًا وإصابة أكثر من 3500 آخرين، ورغم أن إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها، فإن الهجوم كان بمثابة تصعيد كبير.

وبحلول 27 سبتمبر، كان استشهاد زعيم حزب الله حسن نصر الله وغيره من كبار قادة الجماعة اللبنانية في حارة حريك إيذانًا ببدء حرب أوسع نطاقًا، خاصة مع استخدام قوات الاحتلال صواريخ دقيقة التوجيه لضرب المباني والمخابئ، مما أسفر عن مقتل قادة حزب الله وإجبار الضاحية الجنوبية لبيروت على إخلاء أعداد كبيرة من سكانها.

ورداً على ذلك، أكد حزب الله التزامه بربط أي وقف لإطلاق النار في لبنان بوقف النار في قطاع غزة، ومع ذلك، بحلول الأول من أكتوبر، كثفت الاحتلال الإسرائيلي غاراته، فدمرت المباني السكنية وحتى المواقع الأثرية في صور وبعلبك.

كما بدأ الجيش الإسرائيلي هجومًا بريًا في جنوب لبنان، ودمر قرى حدودية وقطع المعابر البرية مع سوريا لتعطيل خطوط إمداد حزب الله.

التوصل لاتفاق وقف النار

في 26 نوفمبر الماضي، توصل رئيس مجلس النواب نبيه بري، بوساطة أمريكية، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. ومع ذلك، سبق الاتفاق تصعيد إسرائيلي هائل في بيروت.

ودخل القرار حيز التنفيذ، لكن على الرغم من وقف إطلاق النار، استمرت الانتهاكات. وفي الوقت نفسه، أصبحت الخسائر الاقتصادية للحرب واضحة.

وقدر وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام، الخسائر الأولية بنحو 15 إلى 20 مليار دولار، مع فقدان 500 ألف وظيفة، وإغلاق الشركات على نطاق واسع، فيما أثر الدمار الزراعي على 900 ألف دونم من الأراضي الزراعية.

ورغم أن قيادة حزب الله وترسانته القوية قد تقلصت بشكل كبير مع استمرار الحرب في غزة، فإن حقيقة نجاة الجماعة من الصراع منذ العام الماضي تُظهِرها باعتبارها انتصاراً في حد ذاتها.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل قد تبقى في لبنان.. إقرأوا آخر خبر!
  • «القاهرة الإخبارية»: إسرائيل تواصل اعتداءاتها وتوتر متزايد على لبنان وسوريا
  • مباشر. الحرب في يومها الـ445: الأونروا تؤكد مقتل طفل كل ساعة في غزة وانسحاب بطيء لإسرائيل من جنوب لبنان
  • الخطر‎ ‎الحقيقي جنوب‎ ‎الليطاني ‏
  • هذا ما كُشف عن انسحاب إسرائيل من لبنان.. تقريرٌ جديد
  • يونيفيل تطالب إسرائيل بتسريع الانسحاب من جنوب لبنان
  • مجـ.زرة جديدة في جنوب غزة.. والأونروا تؤكد انتهاك إسرائيل لقواعد الحرب
  • لبنان24 يدخل الخيام في الجنوب.. شاهدوا حجم الدمار!
  • حصاد 2024| لبنان يزداد أوجاعه مع اتساع الحرب بين إسرائيل وحزب الله.. الاحتلال يضرب بقوة الضاحية الجنوبية لبيروت.. وتفجيرات أجهزة بيجر واغتيال حسن نصر الله أبرز الأحداث المؤلمة
  • ميقاتي يؤكد: الجيش سيقوم بمهامه كاملة في جنوب لبنان بعد انسحاب إسرائيل