سلط مؤشر الديمقراطية للعام 2023، الصادر عن وحدة الاستخبارات الاقتصادية في مجموعة "الإيكونوميست" البريطانية الخميس، الضوء على اتجاه "مثير للقلق" في حالة الديمقراطية العالمية، حيث تراجع المتوسط العالمي لمؤشر الديموقراطية إلى مستوى 5.23 على سلم من عشر درجات، بالمقارنة مع 5.29 العام السابق، وهو أدنى مستوى يسجل منذ صدور الدراسة الأولى لهذا المؤشر عام 2006.

وانعكس هذا التراجع بصورة رئيسية في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي سجلت بدورها تراجعاً قياسياً غير مسبوق، فيما جاءت معظم الدول العربية في ذيل القائمة مع عدم وجود أي دولة مصنفة ديمقراطية. 

ويقيس المؤشر حالة الديمقراطية في 167 دولة على أساس 5 معايير، ويغطي تقريبًا جميع سكان العالم والغالبية العظمى من دول العالم، باستثناء بعض الدول الصغيرة. ويعطي تقييما لكل دولة بحد أقصى 10 درجات، بناء على المعايير التالية: العملية الانتخابية والتعددية، أداء الحكومة، المشاركة السياسية، الثقافة السياسية الديمقراطية والحريات المدنية. ويصنف الدول بناء على الدرجات إلى: ديمقراطيات كاملة، ديمقراطيات منقوصة، أنظمة هجينة، وأنظمة استبدادية.

 الديمقراطيات الكاملة: درجات أعلى من 8، حيث لا يتم احترام الحريات السياسية والحريات المدنية فحسب، بل توجد أيضًا ثقافة سياسية عامة تؤدي إلى ازدهار الديمقراطية.  الديمقراطيات المنقوصة: درجات أعلى من 6 حتى 8، وتتميز بانتخابات حرة ونزيهة وحريات مدنية أساسية، ولكن مع وجود نقاط ضعف كبيرة في جوانب الديمقراطية.  الأنظمة الهجينة: درجات أعلى من 4 حتى 6، حيث توجد مخالفات كبيرة في الانتخابات ويشيع الضغط الحكومي على أحزاب المعارضة.  الأنظمة الاستبدادية: درجات 4 أو أقل، حيث تغيب التعددية السياسية أو تكون مقيدة بشدة، ويتم تجاهل الحريات المدنية. "عصر الصراع"

وبحسب التقرير الذي جاء بعنوان "عصر الصراع"، يعد الانخفاض المسجل عام 2023، جزءًا من اتجاه طويل المدى من التراجع والركود في الديمقراطية العالمية، نتيجة انتشار الحروب والصراعات، والممارسات الاستبدادية، وتراجع الثقة في الأحزاب السياسية التقليدية.

وقد ساهمت عوامل رئيسية عدة في الانخفاض الملحوظ في درجات الديمقراطية على مستوى العالم. وتشمل هذه العوامل: تآكل الحريات المدنية، وإضعاف العملية الانتخابية والتعددية، والتحديات التي تواجه عمل المؤسسات الحكومية. إضافة إلى ذلك، فإن صعود الاستبداد والأنظمة الهجينة، إلى جانب زيادة الرقابة والقيود على حرية التعبير، أثر بشكل كبير على الروح الديمقراطية في مختلف المناطق.

ومن حرب روسيا في أوكرانيا إلى الحرب بين إسرائيل وحماس، والغزو العسكري الأذربيجاني لقره باخ والأزمة غيانا وفنزويلا والحرب الأهلية في السودان وتنامي الجماعات الإسلامية في منطقة الساحل وفي غرب أفريقيا، يبدو أن العالم غارق في الصراع، وفقاً للتقرير.

ويضيف أن عدد الحروب بين الدول، والتوغلات العسكرية المسجلة عبر الحدود، والحروب الأهلية المندلعة، وحركات التمرد الإسلامية والجهادية الناشطة، والهجمات العنيفة على القواعد العسكرية والشحن التجاري البحري، تشير جميعها إلى أن التهديدات بالحرب تتزايد، "ونتيجة لذلك، رسم الكثيرون الاستنتاج بأننا نعيش في عالم يحركه الصراع بشكل متزايد."

ووفقاً للتقرير، فإن المصدر الرئيسي للخطر على السلام العالمي يكمن في التوترات الجيوسياسية. ويعتبر أن التحدي الذي تواجهه الهيمنة العالمية للولايات المتحدة من قِبَل القوى الصاعدة مثل الصين يؤدي إلى عدم الاستقرار ويغذي الصراعات في مناطق مختلفة.

وانتقد التقرير فشل القوى الغربية في تكييف النظام العالمي المتعدد الأطراف ليعكس الأهمية الاقتصادية والسياسية المتزايدة للاقتصادات الناشئة، مما يؤدي إلى تفاقم الاستياء وخطر تفاقم التوترات وتحولها إلى صراع.

وتناول بشكل نقدي "نظرية السلام الديمقراطي"، التي تشير إلى أن الديمقراطيات أقل عرضة للانخراط في الحروب، وخاصة مع الديمقراطيات الأخرى. إذ رأى أن التركيز فقط على الطبيعة الاستبدادية للأنظمة كمصدر للصراع يتجاهل تعقيدات العلاقات الدولية والاستفزازات الناجمة عن النظام السياسي القائم.

كما أشار إلى أن القضايا الاقتصادية، مثل التنافس على الموارد، إلى جانب النزاعات على الحدود والسلامة الإقليمية، تشكل دوافع مهمة للصراعات المعاصرة. ومع ذلك، يلفت التقرير إلى أن هذه ليست الأسباب الوحيدة، وأن الانتقال من النزاعات الاقتصادية أو الإقليمية إلى الصراع العنيف هو في الأساس قرار سياسي.

وتساهم الطائفية القائمة على الاختلافات الدينية والعرقية، فضلاً عن قمع الحقوق الديمقراطية والحريات المدنية، في تصعيد الصراعات. ويسلط التقرير الضوء أيضاً على دور الأيديولوجيات السياسية المتطرفة، والجريمة المنظمة، والتحديات التي تفرضها الدول الفاشلة التي لا تستطيع تأمين أراضيها أو حماية مواطنيها.

نصف بنصف

وسلط التقرير الضوء على التوزيع السكاني العالمي عبر أنواع مختلفة من الأنظمة، مشيرًا إلى أن ما يقرب من نصف سكان العالم (45.4%) يعيشون في شكل من أشكال الديمقراطية، على الرغم من أن جزءًا صغيرًا فقط يقيم في ديمقراطيات كاملة.

وكان التراجع أكثر وضوحا في الدول غير الديمقراطية، وتحديدا "الأنظمة الهجينة" و"الأنظمة الاستبدادية"، التي شهدت انخفاضا في متوسط درجاتها بمقدار 0.07 و0.12 نقطة. في المقابل، كان التراجع بين دول "الديمقراطيات الكاملة" و"الديمقراطيات المنقوصة" متواضعاً نسبياً.

وهو ما يشير إلى "تزايد ترسيخ الأنظمة الاستبدادية والهجينة، التي أصبحت أكثر مقاومة لجهود التحول الديمقراطي"، بحسب التقرير.

وبين الدول الـ 74 المصنفة ديموقراطية من أصل 167 دولة تناولتها الدراسة، فإن 24 بلدا فقط تمثل 7.8% من سكان العالم تعتبر "ديمقراطيات كاملة"، بانخفاض من 8.9% في عام 2015.

وجاءت النروج في المرتبة الأولى عالمياً، تليها نيوزيلندا ثم آيسلندا في المرتبة الثالثة، السويد في المرتبة الرابعة، فنلندا في المرتبة الخامسة، ومن بعدها الدنمارك وإيرلندا وسويسرا وهولاندا وتايوان في المرتبة العاشرة.

أما الدول الخمسون الأخرى والتي تضم بلدانا مثل الولايات المتحدة وإسرائيل والبرازيل وتايلاند، فتصنف في فئة "الديمقراطيات المنقوصة". وأُدرجت الباراغواي وبابوا غينيا الجديدة في هذه الفئة لهذا العام.

وتقول الدراسة إن الانخفاض في النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون في ديمقراطيات كاملة، وخاصة بعد خفض رتبة الولايات المتحدة من ديمقراطية كاملة إلى ديمقراطية منقوصة في عام 2016، يسلط الضوء على التحديات التي تواجه الديمقراطية العالمية.

أما الدول المتبقية (93)، فتصنف ما بين "نظام هجين" و"نظام استبدادي". ويعزى تراجع درجات الديمقراطية في هذه المناطق إلى مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك النفوذ العسكري على السياسة، وعدم الاستقرار الاقتصادي، وتآكل ثقة الجمهور في الحكومة، وزيادة الممارسات القمعية.

ويؤكد التقرير أن ارتفاع نسبة سكان العالم الذين يعيشون تحت الحكم الاستبدادي (39.4%)، يشير إلى اتجاه مثير للقلق نحو تزايد الاستبداد الذي بات يحكم أكثر من ثلث سكان العالم.

الشرق الأوسط في أدنى التصنيفات

 وكانت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأدنى تصنيفاً في التقرير، مع عدم وجود "ديمقراطيات كاملة" بين دولها.

حيث انخفضت درجة المؤشر إلى 3.23 في عام 2023، بعدما كانت 3.34 في عام 2022، وهو التصنيف الأدنى للمنطقة منذ إطلاق المؤشر عام 2006.

واعتبر التقرير أن انحدار المنطقة إلى حرب وصراع أوسع نطاقاً في عام 2023، في أعقاب هجمات حماس في 7 أكتوبر، هو ما أدى إلى انخفاض درجة المنطقة إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق في مؤشر الديمقراطية.

ومن أصل 20 دولة 8 دول سجلت تراجعاً هذا العام، وكان السودان الذي مزقته الحرب هو الأكثر معاناةً، واحتفظت 11 دولة بنفس النتيجة التي كانت عليها في عام 2022. بينما تحسنت درجات دولة واحدة فقط، هي الإمارات.

وبحسب المؤشر إسرائيل هي الدولة الوحيدة في المنطقة المصنفة كـ"ديمقراطية منقوصة". وباستثناء تونس والمغرب، اللتين صُنفتا كـ"أنظمة هجينة"، فإن جميع الدول الأخرى في المنطقة صنفت كـ"أنظمة استبدادية".

وجاءت نتائج الدول العربية على الشكل التالي:

الأنظمة الهجينة: تونس (5.51) في المرتبة 82 عالمياً، والأولى عربياً، والمغرب (5.04) في المرتبة 93 عالمياً والثانية عربياً.

الأنظمة الاستبدادية. جاء ترتيبها على التوالي:

الجزائر (3.66) في المرتبة 110 عالمياً، قطر (3.65) في المرتبة 111، لبنان (3.56) بترتيب 112، الكويت (3.50) 114 عالمياً، فلسطين (3.47) 115، عمان (3.12) 119، الأردن (3.04) 122، الإمارات ((3.01 125، مصر (2.93) 127، العراق (2.88) 128، دجيبوتي (2.70) 134، البحرين (2.52) 139، السعودية (2.08) 150، اليمن (1.95) 154، ليبيا (1.78) 157، السودان (1.76) 158، وفي آخر القائمة سوريا (1.43) 163 عالمياً.

وأشار التقرير إلى أن الصراعات المستمرة وعدم الاستقرار السياسي قوضا آفاق الديمقراطية في المنطقة، وأن الاستقطاب السياسي والانقسامات العميقة داخل المجتمعات وبين الأطراف السياسية تعيق التقدم نحو الديمقراطية.

كما أن الفشل في تحقيق التقدم الاقتصادي وتحسين رفاهية المواطنين يؤدي، بحسب التقرير، إلى تآكل الدعم للديمقراطية.

وتابع أن القيود المفروضة على الحريات المدنية والسياسية، بما في ذلك قمع المعارضة والإعلام في المنطقة، تعزز الأنظمة الاستبدادية.

 بينما يعكس ضعف المشاركة السياسية، وانخفاض معدلات المشاركة في الانتخابات، تناقص الثقة في العمليات الديمقراطية، ويشير إلى خيبة أمل عميقة إزاء إمكانية إحداث تغيير في السياقات التي تهيمن عليها الأنظمة الاستبدادية والصراعات.

العوامل والاتجاهات المساهمة

ويشير التقرير إلى أن عدم الاستقرار السياسي، يجعل من الصعب على المعايير الديمقراطية أن تترسخ أو تستمر. ويلفت إلى إنه في العديد من الحالات، استغل القادة الاستبداديون هذه الصراعات لتعزيز سلطتهم، وغالبا على حساب الحريات الديمقراطية وسيادة القانون.

كما أن هناك عامل مهم آخر، بحسب التقرير، يساهم في تراجع الديمقراطية وهو تآكل الحريات المدنية. فالحكومات في العديد من البلدان استخدمت الأزمات الأمنية أو الاقتصادية أو الحاجة إلى الحفاظ على السلامة الوطنية كذرائع لتقييد حريات التعبير والتجمع والصحافة. ولم تؤد هذه القيود إلى خفض جودة الديمقراطية فحسب، بل أعاقت أيضًا قدرة المجتمع المدني على مساءلة الحكومات.

ولوحظ التدهور الأبرز في فئة الحريات المدنية، التي لم تتعاف بشكل كامل من التراجع الحاد خلال جائحة كوفيد-19. وقال التقرير إن هذا التراجع هو "جزء من اتجاه طويل، يسلط الضوء على التحديات العالمية التي تواجه الحريات المدنية، مما يمثل أحد التهديدات الأكثر إلحاحًا للديمقراطية في جميع أنحاء العالم."

وتلعب العوامل الاقتصادية، بما في ذلك عدم المساواة والفساد، دورا حاسما في تراجع الديمقراطية، حيث تؤدي إلى خيبة الأمل في الأنظمة الديمقراطية، وهو ما تستغله الشخصيات الشعبوية والاستبدادية. وكثيراً ما يؤدي عدم الاستقرار الاقتصادي إلى اضطرابات اجتماعية، وهو ما تستغله الأنظمة الاستبدادية كفرصة لقمع المعارضة وتعزيز قبضتها على السلطة.

ويناقش التقرير أيضًا كيف أثرت القوى الكبرى على الساحة العالمية، لا سيما من خلال سياساتها الخارجية وممارساتها الاقتصادية، على حالة الديمقراطية في مختلف المناطق. وغالباً ما تعطي المصالح الاستراتيجية لهذه القوى الأولوية للاستقرار أو السيطرة على تعزيز القيم الديمقراطية، وأحياناً دعم الأنظمة الاستبدادية أو تقويض الحركات الديمقراطية.

ويشير التقرير إلى انخفاض في المتوسط العالمي للعملية الانتخابية والتعددية، ما يسلط الضوء على التحديات الكبيرة التي تواجه الحفاظ على انتخابات حرة ونزيهة، وهي حجر الزاوية في الحكم الديمقراطي.

وسجل أداء الفئة الحكومية أيضًا انخفاضًا، وإن كان أقل، مما يعكس التحديات المستمرة في مجال الحوكمة في جميع أنحاء العالم. وتم تسليط الضوء على الفساد وانعدام الشفافية وعدم كفاية المساءلة باعتبارها قضايا رئيسية تقوض الثقة في الحكومة والأحزاب السياسية.

ومن المثير للاهتمام أن متوسط النتيجة العالمية للمشاركة السياسية، على الرغم من انخفاضها الطفيف في عام 2023، أظهرت تحسنا عاما من عام 2008 إلى عام 2023. ويعكس هذا التحسن تصاعدا في المشاركة الشعبية في السياسة، وخاصة في الديمقراطيات المتقدمة، فضلاً عن الانخراط المتزايد في موجة الاحتجاجات السياسية في الاقتصادات النامية.

وتشير النتائج التي توصل إليها التقرير إلى الحاجة الملحة إلى بذل جهود متضافرة لمعالجة الأسباب الجذرية لتراجع الديمقراطية، بما في ذلك تعزيز المؤسسات، وتعزيز الشفافية، وتعزيز الحكم الشامل.

ويخلص التقرير إلى أن مستقبل الديمقراطية العالمية يبدو محفوفًا بالتحديات، ولكنه مشبع بالمسارات المحتملة للتجديد والمرونة. وفي ظل دخول العالم مرحلة الصراع وعدم الليقين، يرى التقرير أن القيم والمبادئ الديمقراطية تتعرض للاختبار، مضيفاً أنه في المقابل توفر هذه الفترة فرصة للتأمل والإصلاح وإعادة تنشيط الالتزامات الديمقراطية في مختلف أنحاء العالم.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الدیمقراطیة العالمیة الأنظمة الاستبدادیة الدیمقراطیة فی التقریر إلى أن عدم الاستقرار سکان العالم التی تواجه الضوء على عام 2023

إقرأ أيضاً:

حرب القيامة التي يُراد بها تغيير خارطة الوطن العربي 

 

لا يؤمنون بيوم القيامة، لكنهم حين يتحدثون إلى الأمة العربية والإسلامية يحاولون أن يوصلوا رسالتهم بذات المصطلحات التي رسخوها في أذهانهم ومن ذلك حرب القيامة التي روج لها اليهود والنصارى وتداولتها بعض المراجع الدينية الإسلامية؛ وهي لا تعني القيامة التي نؤمن بها، لكنها تعني القيامة التي يريدونها لهزيمة الإسلام والمسلمين والتي استعدوا لها بأسلحة ذات قدرات تدميرية عالية من أجل بث الرعب والخوف والهزيمة النفسية لدى المرجفين والمنافقين والمجتمع الإسلامي بشكل عام.

الله سبحانه وتعالى حذرنا في القرآن الكريم من خشية الكفار والمشركين مهما كانت قوتهم حيث قال تعالى ((الا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا باخراج الرسول وهم بدأوكم أول مرة أتخشونهم فالله احق ان تخشوه ان كنتم مؤمنين)) التوبة- 13- وفي آية أخرى ((واعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم))الانفال-60-، حديث الشهيد القائد حسين بن بدر الدين الحوثي -رحمه الله- في شرح الآيات أن العذاب الذي تتوعدنا به أمريكا أو غيرها لا يساوي شيئا أمام عذاب الله، فعلينا أن نخشى الله ولا نخشى أمريكا أو غيرها.

مجرم الحرب “نتن ياهو” صرح بأنه يسميها حرب القيامة (هرمجدون)- حسب تصريحه- ستكون بمثابة حرب الأيام الست التي هزمت فيها جيوش ثلاث دول عربية واستولى الكيان المحتل على ثلاثة أضعاف مساحة فلسطين؛ (حربنا ليست في غزة فقط وسنغير خريطة الشرق الأوسط، كما غيرت تلك القرارات وجه الشرق الأوسط، فبشجاعة جنودنا وبالعمل الوثيق مع ترامب سنعيد رسم الخريطة).

ما يتحدث عنه –مجرم حرب الإبادة يعني استكمال تفتيت الدول العربية وزيادة مساحة الكيان المحتل وصولا إلى إسرائيل الكبرى.

وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد نشرت تسريبات لخريطة الشرق الأوسط الجديد في 28/9/ 2013م، حيث تم تقسيم سوريا والعراق إلى (دولة سنية ودولة شيعية ودولة كردية ودولة علوية ودولة درزية) وتقسيم السعودية إلى دويلات في الشرق والغرب والشمال والجنوب وفي الوسط دولة سنّية خاصة بالمذهب الوهابي؛ واليمن إلى شمال وجنوب.

الملاحظ أن هذه النشوة المفرطة جاءت بعد زيارة “نتن ياهو” لأمريكا وتزويده بالأسلحة الحديثة والمتطورة من “الشيطان الأكبر” بالإضافة إلى التمويلات التي تعهد بها صهاينة العرب (قرن الشيطان ووكيله) وغيرها من الأنظمة، حتى المغرب رغم ظروفها الاقتصادية الصعبة اشترت قمرا تجسسيا من إسرائيل بمليار دولار دعما وتأييدا لليهود.

دول أوروبا -النادي المسيحي المغلق -داعم أساسي في حرب القيامة المزعومة ودورها لا يقل عن دور أمريكا، رغم تزايد وتصاعد المعارضة للإجرام الصهيوني هناك، لذلك قد تقدم الدعم الفعلي مع إتاحة المجال أمام الاعتراضات مهما كانت، فمن المستحيل التفريط بالكيان المحتل، لكن من السهل تجاوز كل قرارات الأمتين العربية والإسلامية.

الأوروبيون لن يكتفوا بما يقوم به التحالف الصهيوني المسيحي “إسرائيل وأمريكا” هم من أوجدو”إسرائيل” ومكنوها حتى في ظل انقسام دول الاتحاد الأوروبي بين تأييد القضية الفلسطينية وحل الدولتين وإدانة جرائم الإبادة والتطهير العرقي؛ والأخرى التي تؤيد العصابات الإجرامية الصهيونية؛ وهي الدول الفاعلة والمؤثرة ولها إرث استعماري ومنها خرجت الحروب الصليبية للاستيلاء على بيت المقدس واسترجاعها من أيدي المسلمين .

اتحاد الدول العربية (جامعة الدول العربية) وغيرها من التجمعات التي أنشأتها الدول الاستعمارية بموجب اتفاقيات (سايكس بيكو) وما تلتها من معاهدات مع تلك الدول، لن تخرج عن قرارتها المعلنة التمسك بحل الدولتين، أما إيقاف جرائم التهجير والإبادة، فلن تستطيع لأنه تمت مصادرة قراراتها السيادية وثرواتها وجيوشها وأقصى شيء يمكنها القيام به هي تنفيذ الأوامر والتوجيهات الاستعمارية في تدمير بعضها البعض لاستمرار التفرق والاختلاف.

التحالف الصهيوني الصليبي، يهدد بحرب القيامة ويبيد غزة وفلسطين ويقصف اليمن وسوريا ولبنان وإيران، لأنه يريد الخلاص منها وبقية الدول العربية معظمها مشاركة في دعم الإجرام بتمويلاتها وقدراتها العسكرية والاقتصادية وغير ذلك؛ وبعضها تشاهد منتظرة استكمال جرائم التطهير والإبادة لتنفيذ بقية السيناريو لمن بقي على قيد الحياة ونجا من الموت، وفي تصريح لأمين عام الأمم المتحدة بعد زيارته لغزة (المدنيون في غزة يعيشون في دوامة موت لا تنتهي) .

سيعملون على تدمير غزة والضفة الغربية وتهجير الفلسطينيين إلى الأردن ومصر إن قبلوا؛ فقد تكفل الاتحاد الأوروبي بدفع ثمن ذلك بقرض للأردن بنصف مليار يورو، ومصر بأربعة مليارات يورو؛ مما يعني أن تصريحات ترامب سيتم تنفيذها كأمر واقع فالثمن قد دفع وقيمة (غزة) تساوي 36مليار دولار.

حرب القيامة التي يسعى إليها التحالف الصهيوني الصليبي تهدف إلى قيام إسرائيل الكبرى باستغلال التفوق التكنولوجي والعسكري وكما صرح مجرم الحرب “نتن”بقوله “نسعى لتحقيق إنجاز مماثل لما حققناه في حرب 1967م التي غيرت خريطة الشرق الأوسط” مستفيدا من علاقاته مع “ترامب” برسم خريطة أكبر لإسرائيل بشكل أكبر وأفضل.

ما تم تقديمه كقروض لمصر والأردن، قد يكون ثمن سكوت، لا ثمن توطين، لكن (ترامب ونتن ياهو) لديهما رؤية متطابقة، وفي حال رفضهما، فالسعودية لديها مساحة واسعة يمكن تهجيرهم اليها خاصة والوطن العربي لديه مساحة واسعة ولكن إسرائيل مساحتها قليلة بالمقارنة .

خطة “ترامب ونتن” تعتمد على استغلال الميزات الاستراتيجية التي يتمتع بها العالم العربي والإسلامي خاصة وقد تهيأت لهم الظروف ليفعلوا ما يشاؤون سواء بالحرب أو بالمفاوضات، فالدول العربية منفردة ومجتمعة لا تريد الحرب وليست لديها الإمكانية للمواجهة، وحسب تصريحه (مكتبي هو الشرق الأوسط وقلمي يحمل علم إسرائيل).

أما عن أهمية إسرائيل لأمريكا فيقول سيناتور أمريكي – إنها القاعدة المتقدمة لأمريكا من أجل التحكم في الشرق الأوسط ومواجهة الصين وروسيا وضمان بقاء الأمتين العربية والإسلامية تحت السيطرة والهيمنة وفائدتها تتعاظم وتتضاعف مع استمرار التفوق الصيني والتوسع الروسي؛ فلابد من زيادة مساحة إسرائيل بضم الأراضي المجاورة لها -غزة والضفة الغربية- بتهجير أهلها وضم سيناء لها (فسيناء جزء لا يتجزأ من أرض إسرائيل وهي مقدسة بقدسية ارض إسرائيل) وفقا للمعتقدات اليهودية.

الدول العربية ملتزمة بحل الدولتين وتحقيق السلام، لكن الحلف الصهيوني الصليبي يريد الحرب ويفرض الواقع الذي يريده، (لن نسمح بإقامة دولة فلسطينية ولا بوجود منظمة تريد تدميرنا)، ولأول مرة في التاريخ تصدر دولة قانونا بعدم السماح بقيام دولة أخرى وقانوناً بتشريع حق العودة لليهود ومنع الفلسطينيين .

حرب القيامة بدأت والإجرام يستعرض إمكانياته وقدراته في غزة والضفة واليمن ولبنان وسوريا وإيران والصمت والخذلان بلغ ذروته والإعانة والإمداد أيضا، وصرخات الاستغاثة والنجدة تتعالى من الأطفال والنساء والشيوخ ولا مجيب.

علماء الإسلام أوجبوا الجهاد بكل أشكاله وأنواعه طالما أن الإجرام لا يُراعي في مؤمن إلاَّ ولا ذمة؛ كان يزعم أنه يريد القضاء على الحركات الجهادية واليوم استولى على الضفة الغربية وأنهى دور السلطة الفلسطينية.

القيادي الفلسطيني د. مصطفي البرغوثي وجه نداء استغاثة للدول العربية والإسلامية الـ (57) ودعاها لتجاوز الصمت والتآمر الرهيب على ما يجري من جرائم الإبادة والتهجير والجرائم ضد الإنسانية (لماذا لا تقولون لإسرائيل كفى وتكسروا الحصار المفروض على غزة والضفة؛ إسرائيل تستهدف سوريا ولبنان وغزة وغدا مصر والأردن وتتصرف كألازعر؟ لماذا لا ترسلون قافلة تضم ممثلين عن مجموع الدول العربية والإسلامية؟ هل تخافون أن تقصفهم إسرائيل؟ لماذا لا تجلبون صحفيين من بقاع العالم ليوثقوا صورا للمساعدات المكدسة أمام معبر رفح وتفضحون جرائمهم وتوقفون الإجرام الذي تتعرض له غزة )، البرغوثي لم يطالب الأنظمة بتحريك الجيوش أو التهديد بها، لأنه يدرك جيدا أن الإجرام يمتلك كل المعلومات عنها ويستطيع تدميرها في ساعات معدودة، كما حدث في حرب النكسة، والتي يتبجح “نتن ياهو” أنها غيرت خريطة الشرق الأوسط، فخلال ستة أيام فقط دُمرت جيوش ثلاث دول عربية، هي الجيش المصري واستولى جيش الاحتلال على سيناء وغزة التي كانت تحت إدارته والجيش السوري واستولى على هضبة الجولان والجيش الأردني واستولى على الضفة الغربية واستولى على مزارع شبعا من الجيش اللبناني حيث استولى الكيان على مساحة من الأراضي تساوي ثلاثة أضعاف ارض فلسطين كاملة.

 

 

مقالات مشابهة

  • حرب القيامة التي يُراد بها تغيير خارطة الوطن العربي
  • الاتحاد الأوروبي يُعلن | 7 دول آمنة لعودة اللاجئين فورًا.. ومصر ضمن القائمة
  • تباين أداء أسواق المال العربية ختام تعاملات اليوم الأربعاء
  • بنكيران: الديمقراطية لي كاينة فالبيجيدي ماكايناش فسويسرا
  • أمير القصيم يطّلع على التقرير السنوي لفرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لعام 2024
  • حرب القيامة التي يُراد بها تغيير خارطة الوطن العربي 
  • التغيرات المناخية وراء ارتفاع الأسعار عالميًا.. 80 ألف طن استهلاك المصريين من البن سنويًا
  • السعودية ثالث أسعد دولة عربية في مؤشر2025
  • أكثر من 98% لإمدادات العالم في زيت الزيتون تواجه تهديدا بيئيا غير مسبوق.. مصر تمتلك فرصة ذهبية
  • سفير الاتحاد الأوروبي: ناقشت مع المنفي العملية السياسية التي تُيسّرها الأمم المتحدة