سرايا - لأسابيع، كان مصطفى أبو طه (47 عاما) يتجول في قاعات أحد المستشفيات القليلة العاملة في غزة ويملأ أيامه بالتطوع للقيام بكل ما هو مطلوب، من كنس الأرضيات وطهي الخبز وتضميد المرضى المصابين إلى تقديم التمر أو شرائح الطماطم لأولئك الذين لا يستطيعون إطعام أنفسهم، وكل ذلك لتجنب التفكير في ابنه محمد الذي فقده.



بهذه الجملة لخصت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير مشترك بين راشيل أبرامز وآرون بوكسرمان وبن هوبارد قصة أبو طه الذي تعرض منزل عائلته في خان يونس للقصف وهو في زيارة لأحد الجيران، فقتل شقيقه وأصيب 3 من أبنائه الخمسة، وتم العثور على ابنه محمد (18 عاما) بلا حراك.

بعد فترة وجيزة من الغارة فر أبو طه وعائلته إلى مجمع ناصر الطبي في خان يونس، لكن القوات الإسرائيلية داهمت المستشفى أمس الخميس وأجلت آلاف المدنيين الذين لجؤوا إليه في وقت سابق من هذا الأسبوع، وكان المئات من المرضى والموظفين والفلسطينيين النازحين قد فروا بالفعل، ومن بينهم أبو طه.

ومنذ أن لجأ أبو طه أستاذ اللغة الإنجليزية إلى المستشفى وهو يسجل يوميا حياته هناك، وقد أرسل منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي عشرات الرسائل الصوتية والمرئية إلى "نيويورك تايمز"، مما يوفر نافذة مباشرة غير عادية على الكفاح من أجل البقاء داخل مستشفى غزة المحاصر.

ومع عدم وجود مكان يذهب إليه بعد الغارة على منزله تطوع أبو طه في المستشفى، حيث استفاد من شبكة الإنترنت الموثوقة نسبيا للتواصل مع الصحيفة، وربط المراسلين بموظفي المستشفى والمرضى وشارك مقاطع الفيديو والمذكرات الصوتية والنصوص التي توضح الظروف القاتمة، حيث الأطباء يعانون من نقص الإمدادات، والنازحون ينامون في الممرات، والجوع ينخر مع ندرة الغذاء، والجرحى يتدفقون إلى أجنحة المستشفى.

وتتهم إسرائيل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) باستخدام المستشفيات في عملياتها العسكرية، وهو ما تنفيه "حماس" ومديرو المستشفيات، ولم تقدم إسرائيل -كما تؤكد "نيويورك تايمز"- ما يرقى إلى مستوى إثبات ادعاءاتها.

وفي رسائله العديدة من مستشفى ناصر أدان أبو طه إسرائيل بسبب عدوانها على غزة، حيث دمرت الحرب حياته كما فعلت مع كثيرين آخرين في قطاع غزة، وقال "وضعنا لا يطاق، لا يمكننا التحمل بعد الآن".

وأوضح أبو طه أن زوجته تمكنت من نقل أطفاله الباقين على قيد الحياة إلى مصر لتلقي العلاج الطبي، ولكنه لا يعرف هل سيتعافون تماما، كما أن ابنه الخامس والأكبر غادر البلاد قبل الحرب، وهو لا يعلم متى سيراهم مرة أخرى رغم أنه حاول الانضمام إليهم ولكن إسرائيل ومصر جعلتا من الصعب المغادرة.

وكان أبو طه يقول "إذا أرسل لي شخص ما صورته (محمد) فإنني أصرخ عليه وأقول من فضلك لا تذكرني بابني، لقد مات بالفعل، من فضلك لا أريد استعادة الذكريات، النسيان نعمة من الله".

وروى أبو طه كيف كان يدخر المال لسنوات لبناء منزله المكون من 4 طوابق في خان يونس، وكيف استضاف الغربيين الذين جاؤوا إلى غزة في مهام إنسانية، مضيفا أن المنزل الآن عبارة عن ركام.

وفي كل مرة يتحدث أبو طه مع زوجته في مصر تتوسل إليه أن يأتي لمساعدتها في رعاية أطفالهما، ويقول لها إنه يحاول، وفي الشهر الماضي وخوفا على سلامته مع اقتراب الجيش الإسرائيلي من المستشفى فر مع مجموعة من الأطباء، وهو يعيش الآن بخيمة في المواصي، وهي منطقة ذات بنية تحتية ضعيفة وأصبحت مكتظة بالنازحين من سكان غزة.

أصيب أبو طه بسعال شديد، وقد لجأ إلى السباحة في البحر وفرك جسده بالرمال للحصول على النظافة، وقال إنه لا يزال يحاول أن يظل مشغولا، ولكنه لا يجد الكثير مما يقوم به، وبالتالي فإن الذكريات تستمر في العودة إليه، ويصف ذلك بقوله "لا أستطيع أن أنسى".


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: نیویورک تایمز أبو طه

إقرأ أيضاً:

3 مرضى في سرير واحد.. عمران يزور مستشفى كساب في السودان

وفي حلقة 2025/3/22 من برنامج "عمران" الذي يقدمه الإعلامي سوار الذهب، استعرضت البرنامج قصة مستشفى كساب، الذي يعد رمزا للتضامن والإصرار في منطقة نائية بالسودان.

وتناولت الحلقة التحديات التي تواجه القطاع الصحي في البلاد، خاصة في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها السودان بسبب الحرب والأزمات الاقتصادية.

وبدأ مقدم الحلقة الإعلامي سوار الذهب بالحديث عن قصة مستشفى كساب، الذي تم بناؤه بجهود أهالي المنطقة، حيث اقتطعوا من أرزاقهم وأرزاق أطفالهم لإنشاء هذا الصرح الصحي.

وأصبح المستشفى، الذي يخدم أكثر من 200 ألف نسمة، رمزا للتضامن المجتمعي، حيث ساهم الجميع في بنائه من خلال التبرعات والعمل التطوعي.

وتحدث رئيس محكمة كساب الشعبية، الدكتور حسن البكر، للحلقة عن الجهود التي بذلها الأهالي لإنشاء المستشفى، وكيف تنازلوا عن الكثير من أجل خدمة المجتمع.

ورغم الجهود الكبيرة، يواجه المستشفى تحديات جسيمة، حيث إن البنية التحتية للمستشفى آيلة للانهيار، والأدوية والإمدادات الطبية شحيحة.

وأوضح الدكتور البكر أن المستشفى يعاني من نقص حاد في الكوادر الطبية، حيث يعمل طبيب واحد فقط لخدمة آلاف المرضى.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الأمطار الغزيرة في المنطقة تزيد من معاناة المستشفى، إذ تتسرب المياه إلى الغرف وتؤثر على الأجهزة الكهربائية. وبسبب قلة الإمكانيات فإنه بات من الطبيعي أن ترى 3 مرضى على سرير واحد، وأحيانا يلجأ البعض للنوم على الأرض بسبب نقص الأسرة.

إعلان

كما أن الأمراض المعدية تنتشر بسرعة بسبب الازدحام وعدم وجود أماكن عزل مناسبة، وتحدث الدكتور البكر عن كيفية تعامل الكوادر الطبية مع هذه التحديات، إذ إنهم يعملون لساعات طويلة من دون كلل، ويقدمون الخدمات الطبية في ظل ظروف صعبة.

وسلط البرنامج الضوء على الدور البطولي للكوادر الطبية، خاصة الدكتور البكر، الذي يبلغ من العمر 84 عاما، ويعمل منذ سنوات في المستشفى.

ورغم الظروف الصعبة، فإن الدكتور البكر وزملاءه يواصلون العمل بروح عالية، ويقدمون الخدمات الطبية للمرضى في أي وقت من اليوم.

وتناول البرنامج تأثير الحرب على القطاع الصحي في السودان، حيث أصبح هناك طبيب واحد لكل 8500 نسمة، بينما المعدل الطبيعي هو طبيب لكل ألف نسمة.

كما أن 70% من المستشفيات في السودان خرجت من الخدمة بسبب الحرب، وهذا زاد من معاناة المواطنين، وبحسب ما أوضح البرنامج فإن أفضل المستشفيات في السودان تعمل بنسبة 25% فقط من طاقتها بسبب نقص الإمدادات الطبية.

الصادق البديري23/3/2025

مقالات مشابهة

  • بالأسماء: أبرز قادة حماس الذين قتلتهم إسرائيل في تصعيد الحرب الأخير
  • بالفيديو | الإمارات تُخصص 64.5 مليون دولار لمستشفى المقاصد في القدس الشرقية
  • الإمارات تُخصص 64.5 مليون دولار لمستشفى المقاصد في القدس الشرقية
  • البابا فرنسيس يظهر لأول مرة من مستشفى في روما بعد أسابيع من المرض
  • 3 مرضى في سرير واحد.. عمران يزور مستشفى كساب في السودان
  • عاجل.. الرئيس اليمني يكشف أدلة وحقائق عن الحوثيين وإيران وعلاقتهم مع القاعدة ومن أين تأتي الأسلحة المتطورة؟ وما الهدف الذي يسعى إليه عبدالملك بعد مقتل نصر الله؟
  • غبية ومحتالة.. ترامب يهاجم مراسلة نيويورك تايمز لهذا السبب
  • نيويورك تايمز: محاولات باكستان دمج أخطر مكان في العالم تبوء بالفشل
  • محافظ الإسكندرية يقيل مدير مستشفى شرق المدينة بعد رصد عدد من التجاوزات
  • الجيش الإسرائيلي يفجر مستشفى لعلاج السرطان في غزة