أحمد ياسر يكتب: مباراة العودة بين ترامب وبايدن
تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT
مع اقتراب دونالد ترامب من الحصول على ترشيح الحزب الجمهوري لمنصب الرئيس بعد انتصاراته الكبرى في المؤتمر الحزبي في ولاية أيوا والانتخابات التمهيدية في نيو هامبشاير، أصبحت احتمالية مواجهته مرة أخرى للرئيس جو بايدن في نوفمبر هي السؤال المركزي اليوم في السياسة الأمريكية؟؟؟ ومع ذلك، تجري الآن مناقشة سيناريوهات مختلفة لتقييم احتمال عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
وبينما يُنظر إلى ترامب على أنه المرشح المفترض للحزب الجمهوري، ويتمتع بقبضة قوية على القواعد الجمهورية، هناك تكهنات بأنه لن يفوز بما يكفي من الأصوات بين المستقلين وعامة السكان لضمان الفوز على بايدن، إن أغلب الأمريكيين لا يريدون إعادة الانتخابات التي أجريت قبل أربع سنوات في نوفمبر، يعتقد معظم الناخبين أنه ليس لديهم سبب وجيه لاختيار أي من المرشحين…. لكن كلا من بايدن وترامب يحاولان إقناع الناخبين الأمريكيين بأنهما الاختيار الصحيح.
ترى حملة بايدن أكبر ميزة لها في كونه مرشحًا مناقضًا لشخصية ترامب نفسه...إنهم يصورون الرئيس السابق للشعب الأمريكي على أنه شخص ضعيف للغاية، لأنه إذا أدين بارتكاب جريمة كمجرم، فإن دعمه سينخفض بشكل كبير.
لا يمكن إنكار أن بايدن لا يواجه أي معارضة في سباق الحزب الديمقراطي، لقد فاز بايدن بالانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في نيو هامبشاير الشهر الماضي بقوة، حيث حصل على 64% من الأصوات في حملة كتابية…. وحصل أقرب منافسيه، النائب دين فيليبس من ولاية مينيسوتا، على 20 % فقط، بينما جاءت الكاتبة ماريان ويليامسون في المركز الثالث بنسبة 4 %. وتغلب بايدن الأسبوع الماضي على منافسيه في ساوث كارولينا، حيث حصل على أكثر من 96 % من الأصوات.
ومع ذلك، من المهم أيضًا تقييم قوة ترامب السياسية…. اكتسح ترامب المؤتمر الانتخابي في ولاية أيوا في 15يناير بهامش انتصار كبير…. حصل على 56260 صوتًا، أي 51 %من الإجمالي، وضمن له الحصول على 20 مندوبًا.
من ناحية أخرى، حصل حاكم فلوريدا رون ديسانتيس على نسبة 21.2% و23420 صوتًا، مما أكسبه تسعة مندوبين….. وحصلت نيكي هيلي، الحاكمة السابقة لولاية ساوث كارولينا، على 19.1 % من الأصوات، أو 21085 صوتا، وحصلت على ثمانية مندوبين….و حصل حاكم أركنساس السابق آسا هاتشينسون، الذي صنف حملته على أنه أشد منتقدي ترامب، على 191 صوتًا فقط، أو 0.2% من الناخبين الجمهوريين في ولاية أيوا.
وفي الانتخابات التمهيدية في نيو هامبشاير، حصل ترامب على 54.3 %من الأصوات، حيث حصل على 176392 صوتًا و12 مندوبًا…. وحصلت هيلي على 43.2% من الأصوات أو 140288 بطاقة اقتراع، وفازت بمندوبيها التسعة.
ومن الأهمية بمكان أن نشير إلى أن ترامب هو الأوفر حظا للفوز في يوم الثلاثاء الكبير، المقرر إجراؤه في الخامس من مارس….. وبالإضافة إلى ذلك، فهو متقدم بفارق كبير في استطلاعات الرأي في ولاية كارولينا الجنوبية، حيث كانت منافسته الوحيدة الآن، هيلي، حاكمة في السابق.
علاوة على ذلك، فهو يتمتع بقدر كبير من الدعم بين المسيحيين الإنجيليين… ويعتبر أنصار "MAGA" منظمون جيدًا ويقفون معه في كل معركة سياسية يدخل فيها…. ويعتقد العديد من الناخبين الجمهوريين أن المؤسسة الليبرالية المتحيزة ضده هي المسؤولة عن افتعال مشاكله القانونية…. وتعتقد شريحة أكبر من الجمهوريين أن فوز بايدن عام 2020 كان غير شرعي.
ومع ذلك، فإن لدى ترامب نقاط ضعفه…. وعلى الرغم من تفوقه بنسبة ثلاثة إلى واحد تقريبًا بين الجمهوريين المسجلين في ولاية أيوا، إلا أن هيلي تفوز بالمزيد من الأصوات بين الناخبين غير المعلنين أو المستقلين…. وقد يكون عزل ترامب من قبل ملايين الناخبين المستقلين هو العامل الأكثر أهمية الذي قد يمنعه من الفوز على بايدن.
ومع ذلك، فإن الرسالة السياسية للانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2024 مربكة لملايين الأمريكيين. لا يتمتع بايدن ولا ترامب بشعبية. كلاهما يُنظر إليهما على أنهما قديمان جدًا.
الشعب الأمريكي حريص على إنهاء هذه الانتخابات…. ويشعر الناخبون بالاستياء من العداء الشرس الذي يحمله كل مرشح تجاه الآخر…. لغة الحملة قاسية للغاية….
ويتنافس المرشحان ضد بعضهما البعض بدافع الغطرسة والغرور…. إنهم متهمون بالبحث عن مصالحهم الخاصة، وليس المصالح المشتركة للشعب الأمريكي…. الطرفان عدوانيان تجاه بعضهما البعض…. يرى معظم الأمريكيين أن مسار الحملة الانتخابية للرئاسة في عام 2024 يُظهر علامات غير صحية بالنسبة للديمقراطية.
وهيمنت فترة ولاية بايدن في البيت الأبيض على ارتفاع معدلات التضخم والحروب في أفغانستان وأوكرانيا وغزة، ويخشى كثيرون أن تكون رئاسة ترامب الأخرى بمثابة ممارسة للاستبداد، لذلك، فإن الانتخابات في عام 2024 ستكون أقل من مجرد مسابقة شعبية بقدر ما ستكون بمثابة عملية إدلاء بأصوات المرشح الذي يعتبره الشعب الأمريكي الخيار الأقل سوءًا.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: احمد ياسر فلسطين اخبار فلسطين غزة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الاحتلال الاسرائيلي نتنياهو حماس الحزب الجمهوري الحزب الديمقراطي واشنطن الحوثيين اليمن ايران روسيا سوريا دونالد ترامب انتخابات 2024 أخبار مصر هدنة غزة القصف الاسرائيلى الانتخابات الأمريكية 2024 فی ولایة أیوا من الأصوات ومع ذلک على أنه حصل على
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شعبان يكتب: قراءة في عقل ترامب
عرف الرأي العام الأمريكي دونالد ترامب قبل قرابة 35 عاما بالضبط، بعد كتابه الشهير "فن الصفقة"، باعتباره ملك العقارات في نيويورك القادر على إنهاء صفقات ضخمة في وقت قياسي، حتى بدون دراسات وأبحاث مكلفة تستهلك وقتا كبيرا.
فهو يتحرك نحو الصفقة وفق ما نقله الصحفي الأمريكي الأشهر بوب وودورد عنه بدافع الغريزة، وكما قال له نصا في كتابه الجديد "حرب" الذي صدرت له نسخة مترجمة في القاهرة:"أنا أذهب مع اللكمات مثل أي ملاكم في حلبة القتال" مضيفا:"إذا علم الناس أنك شخصا ضعيفا.. سيلاحقونك"!
ونقل عنه بوب وودورد فلسفة حياته عندما التقاه للمرة الأولى بقوله: "عليك أن تعرف جمهورك.. بالنسبة لبعض الناس كن قاتلا، وبالنسبة لبعض الناس كن كالحلوى.. وبالنسبة لآخرين كن كليهما".. واختصر وودورد قائلا:" قاتل أو لطيف أو كليهما .. هذا هو دونالد ترامب".
وانطلاقا من كتابه فن الصفقة، الذي أصدره في بدايات حياته، وانتهاء لصفقة الفوز بالرئاسة الأمريكية للمرة الثانية، فإن ترامب يتحرك بغرائزه وجمع معه في كلتا ولايتيه رجال يعرفهم جيدا عليهم في ميدان العقارات وهو ميدان عمله طوال حياته، وليس مهما أن يكونوا قد اشتغلوا بالسياسة من قبل، ومنهم مبعوثه للشرق الأوسط ويتسكوف، وهو أحد أبرز رجالات إدارته الجديدة والذي أنهى صفقة غزة.
وخلال الأيام الأولى الماضية منذ بدء فترته الرئاسية، هز ترامب العالم انطلاقا من طريقة تفكيره في كل القضايا السياسية داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها انطلاقا من فن الصفقة، فهو يقيس كل قضاياه بمنطق المكسب والخسارة، هل تكسب الولايات المتحدة من وجودها في منظمة الصحة العالمية؟ .. لا؟ إذن ننسحب منها، هل تكسب الولايات المتحدة من اتفاقية تغير المناخ؟ .. لا اذن ننسحب منها، وحتى حلف الناتو.. فالولايات المتحدة تدفع أضعاف ما يدفعه الآخرون لذلك هدد سابقا بالانسحاب من الناتو وترك أوروبا عارية أمام بوتين والجميع ينتظرون.
ترامب الذي أصدر عددا من الأوامر التنفيذية المهولة خلال الأيام القليلة التي قضاها في البيت الأبيض، اصطدم بالجميع تقريبا، لكنه يعلم يقينا ما يفعله انطلاقا كما قلنا من غريزته نحو الأشياء.
وطوال الفترة الماضية، فإن تصريحاته لا تمت للسياسة والدبلوماسية بصلة، ولكن صفقة يبحث من وراءها عن المكسب، وهو يرفع شعار عودة الولايات المتحدة الأمريكية عظمي مرة أخرى، ويتخذ قرارات صادمة.. فمن سيزورهم عليهم أن يستثمروا في الولايات المتحدة بمئات المليارات من الدولارات، ومن لا يستجيب سيعاقب على الفور بعقوبات اقتصادية يعلن يقينا أنها مؤلمة انطلاقا من قوة الولايات المتحدة الأمريكية، القوة الأعظم في العالم، والتي تسيطر وحدها على ربع اقتصاد العالم، ويهدد بفرض رسوم جمركية عنيفة سيظهر الكثير منها بداية فبراير المقبل.
وعندنا في منطقة الشرق الأوسط، جاءت تصريحات ترامب حول رغبته في نقل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى كل من مصر والأردن، لتثير اعتراضات حادة داخل الأوساط المصرية والأردنية والعربية، ليس فقط لأنها قرارات تطهير عنصري لنحو 2 مليون فلسطيني داخل القطاع، ولا أحد يعلم كيف يمكنه أن ينفذ ذلك، دون أن يصطدم بدول ذات سيادة في مقدمتها مصر، التي أعلنت مرارا وتكرارا أنها ضد تهجير الفلسطينيين طوال 15 شهرا من الحرب على غزة، رغم إلحاج نتنياهو وتصرفات حكومته المتطرفة والدفع لتهجيرهم خارج القطاع بعد جعله غير قابلا للحياة.
إن ما يقوله ترامب خط أحمر ومرفوض جملة وتفصيلا من القيادة السياسية المصرية ومن الشعب المصري، وقنبلة حارقة تكاد تقلتع شعبا من أرضه.
المثير أن، تهجير الفلسطينيين وتداول هذه السيناريوهات الجهنمية بخصوصهم، لم يقف عند تصوراته بنقلهم لمصر والأردن، لقد قال ترامب أنه يفكر في نقل 100 ألف منهم إلى دولة ألبانيا في أوروبا، وجزء منهم إلى أندونيسيا!
أفكار ترامب التصادمية، ظهرت منذ لحظة دخوله البيت الأبيض، لم تترك أحد سواء ما يتعلق بحرب أوكرانيا عندما توجه إلى بوتين بالأمر أن ينهي الحرب، وإلا فإنه سيجد نفسه مضطرا لفرض عقوبات اقتصادية قاسية تضر اقتصاده المنهك، وفي الوقت نفسه لم يلتفت لأوكرانيا بأي مساعدات أو يعد بشىء منها على عكس إدارة بايدن تماما.
ترامب، اصطدم بدول الجوار المكسيك وكولومبيا بخصوص إعادة المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة، إلى دولهم الأصلية وتغيير اسم خليج المكسيك ليصبح خليج أمريكا، واصطدم بكندا جارته في أمريكا الشمالية.
الخلاصة.. ترامب الذي يتحرك بسرعة كبيرة ويصدر عشرات من القرارات التنفيذية في مجالات عدة، يبدوا واعيا تماما بما يفعله، حتى لو داس بقدميه على ثوابت دولية وإقليمية، وأمام هذه الإدارة، لابد تماما من اليقظة والتحرك معها ونحوها بخطوات تنفيذية، فالرجل مؤمن تماما بفن الصفقات حتى في مجال السياسية والعلاقات الدولية، ومن سيتعامل مع ادارته وعناصرها بهذا المنطق سيفوز كثيرا، صفقة أمام صفقة.. هو مؤمن تماما بذلك.
وكلمة أخيرة.. بخصوص الوضع في غزة، فإن ما يطرحة ترامب خطير للغاية على الأمن القومي المصري أولا وعلى القضية الفلسطينية، ولا يمكن لاحد أن يقبله، وعلى الفلسطينيين أن يوحدوا صفوفهم حتى يساعدوا من يريد مساعدتهم، فالفرقة الفلسطينية الموجودة حتى اللحظة، والخلاف العلني بين ما جرى في 7 أكتوبر وتبعاته الكارثية على الشعب الفلسطيني وعلى المنطقة برمتها كبيرا للغاية.
كما أن تحركات ترامب وإدارته منذ اللحظة الأولى، لا توحي بأنه سيتحرك في إطار حل الدولتين وما طرح سابقا وعلى مدى عقود.
عقل ترامب يحمل الكثير، والمؤكد أنه مختلف ومخيف للكثير من دول العالم، وصدق رئيس الوزراء الفرنسي فرانسو بايرو، الذي قال:"إن أوروبا قد تسحق اذا لم تفعل شىء أمام ترامب والسياسة المعلنة لإدارته".