كجزء من جولة أفريقية تشمل مصر وأثيوبيا، اتجه الرئيس البرازيلي "لولا دا سيلفا" مساء أمس، إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا للمشاركة كضيف في قمة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الافريقي يومي ١٦ و١٧ فبراير الجاري، وذلك بعد انتهاء جولته في القاهرة ولقائه الرئيس عبدالفتاح السيسي، فهل ستنجح هذه الزيارة في تقريب وجهات النظر بين الجانبين المصري والإثيوبي بشأن أزمة سد النهضة وتغيير مسار التفاوض؟

 

الدكتور عباس شراقي

 

من جانبه، قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة والخبير المائي، نتمنى أن يكون للبرازيل دور في حل أزمة سد النهضة إذا كانت علاقتها طيبة بأثيوبيا، مثلما حدث قبل ذلك وكانت قد أعلنت الجزائر أنها ستتدخل لحل الأزمة، وحدث وأن وزير الخارجية الجزائري قام بعمل زيارات إلى القاهرة وأديس بابا، ولكن توقفت الوساطة نتيجة ما حدث في الجزائر من حرائق.


وأوضح "شراقي" في تصريح خاص لـ "الفجر"، أنه لم يتم الإعلان خلال زيارة الرئيس البرازيلي للقاهرة عن تدخله بشأن حل الأزمة، ولكن موضوع سد النهضة يأتي في كافة لقاءات الرئيس سواء كانت في مصر أو خارج مصر، لافتًا إلى أن الرئيس يوضح للجميع وكافة الدول موقف مصر وأنها ليست ضد التنمية في أثيوبيا، وأن مصر تسعى للوصول إلى اتفاق عادل في صالح جميع الأطراف، وهذا هو المطلب الرئيسي لمصر.

 

وأضاف، نتوقع أن تعود المفاوضات مرة أخرى، إما بهذه الطريقة من خلال وجود أطراف تُمهد عودة المفاوضات، أو أن يكون هناك لقاء مباشر ما بين الرئيس عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء الأثيوبي "آبي أحمد"، في أي مناسبة، ومنها على سبيل المثال اجتماع الاتحاد الإفريقي، أو أن يكون هناك قمة أفريقية سواء أمريكية أو روسية أو غيرها من الدول، وحينها نتوقع في هذا المقابلة التوافق على عودة المفاوضات، مشيرًا إلى أن عودة المفاوضات تحتاج إلى تمهيد بهذا الشكل.


ولفت الدكتور عباس شراقي، إلى أن التفاوض بشأن أزمة سد النهضة متوقف في الوقت الحالي، ولكن نتمنى أن يقوم الرئيس البرازيلي بنقل إرادة مصر في الوصول إلى اتفاق، وأن يمهد إلى اتصالات أخرى وعودة المفاوضات مرة أخرى.

 

الدكتورة نادية حلمي


وفي السياق ذاته، أوضحت الدكتورة نادية حلمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بني سويف، قائلة: يأتي مغزى زيارة الرئيس البرازيلي "لولا دا سيلفا" لمصر ثم أثيوبيا وعلاقتها بأزمة سد النهضة، بمحاولة الرئيس البرازيلى الدخول كحليف موثوق به لدى كافة الأطراف، ولإيصال رسالة خاصة من مصر إلى أثيوبيا، بسبب إستمرار المواقف الأثيوبية الرافضة للأخذ بأى من الحلول الفنية والقانونية الوسط، التى من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث (مصر والسودان وأثيوبيا)، وتمادى أثيوبيا فى الإلتزام عما جرى التوصل له من تفاهمات.

 

وأضافت "حلمي" في تصريح خاص لـ "الفجر"، قائلة، وكذلك لإيصال رسالة مصرية لأثيوبيا عبر البرازيل، مفادها بأن مصر سوف تراقب عملية ملء وتشغيل السد، وتحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومى، فضلًا عن إرسال رسالة مصرية عبر البرازيل للتأكيد على عدم وقوف مصر ضد التنمية فى أثيوبيا، بل إبداء مصر عبر وساطة الطرف البرازيلى عن إستعدادها للمساعدة فى مشروعات التنمية الأثيوبية، وللتأكيد كذلك بأن مصر ليست ضد بناء السد من حيث المبدأ، لكن مصر فى حاجة لضمان حقوق شعبها في مياه نهر النيل، فضلًا عن توصيل رسالة خاصة لأثيوبيا بعدم تشويه الموقف المصري بالتلميح بأن القاهرة غير جادة، لكون ذلك غير منصف.

 

وتابعت: وتأتى أهمية الوساطة البرازيلية فى الوقت الحالى، بعد إعلان مصر فى ديسمبر ٢٠٢٣، عن إنتهاء الإجتماع الرابع والأخير من مسار مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وأثيوبيا دون تحقيق أي نتائج إيجابية بين كافة أطرافه، وذلك بعد عدة أشهر من إستئناف المفاوضات بشأن السد، في إطار إتفاق بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الأثيوبى "آبى أحمد"، والتى أعلنا عنها فى يوليو الماضى لعام ٢٠٢٣، لإجراء مفاوضات عاجلة بشأن ملء وتشغيل السد، ثم التوصل لإتفاق فى غضون ٤ أشهر، لكن المدة إنتهت دون تحقيق أى نتيجة مرجوة، وذلك رغم إبداء مصر لحرصها على الإنخراط بقوة فى العملية التفاوضية الخاصة بالسد، على الرغم من إستمرار الممارسات الأحادية الأثيوبية.      

 

وأشارت أستاذ العلوم السياسية، إلى أنه ستكون مهمة الرئيس البرازيلى "لولا دا سيلفا" خلال وجوده فى أديس أبابا بتقريب وجهات النظر المصرية الأثيوبية مع توتر العلاقات بينهما، خاصةً مع تعمد أثيوبيا إلى تشويه موقف مصر فى أزمة السد وأزمات أفريقية أخرى، كمذكرة التفاهم بين مصر وأثيوبيا وأرض الصومال، مؤكدة على أن مصر لجأت لكل سبل التفاوض، وإستعانت بالوساطات الدولية والإقليمية لحل أزمة سد النهضة، بهدف التوصل إلى إتفاق، لكن كل ذلك قد فشل بسبب تعنت أثيوبيا وإصرارها على اتخاذ إجراءات أحادية من طرفها دون إشراك أحد، مما أدى لتوتر العلاقات مع مصر، مع فشل التوصل لتوافق بين الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان) حول مبادئ تخزين وتشغيل السد.    

 

وأكملت، كما ستكون مهمة الرئيس البرازيلى "لولا دا سيلفا" فى أثيوبيا هى التأكيد بأن القاهرة مستعدة للتفاوض، لكن بشرط أن يكون ذلك على أسس وقواعد جديدة تمهد للإتفاق والقبول بالمبادرات والحلول الوسط بما يحقق مصالح الجميع، ولإيصال رسالة مطمئنة إلى أثيوبيا عبر رئيس البرازيل، بأن الخيارات العسكرية وغير السلمية غير مطروحة على الطاولة المصرية، ولن تستخدمها مصر فى حل مشاكلها مع أى دولة أفريقية، لذا ستسعى القاهرة من خلال رئيس البرازيل "سيلفا" لإستمرار مساعيها للضغط على أديس أبابا، لتحكيم صوت العقل وحماية الأمن والسلم فى المنطقة الأفريقية بعيدًا عن أى تدخلات خارجية.    

   

ولفتت الدكتورة نادية حلمي، إلى أن زيارة الرئيس البرازيلى "لولا دا سيلفا" لمصر ثم أثيوبيا تحمل فى مدلولها ردًا من مصر عبر الجانب البرازيلى على أثيوبيا وتصريحات رئيس وزرائها "آبى أحمد" أمام نواب مجلس الشعب الأثيوبى، والتى أكد فيها بأن ملء سد النهضة لن يكون محل نقاش بعد الآن، مع تأكيد "آبى أحمد" في الوقت ذاته إلى إستعداد بلاده للتفاوض حول سد النهضة، وتلبية مطالب الشعب المصري بأقصى ما في وسعه، ثم مطالبته في المقابل للجانب المصرى، بإظهار إستعداده لتلبية مطالب أديس أبابا، ومن هنا ربما تأتى زيارة الرئيس البرازيلي "لولا دا سيلفا" لأثيوبيا فى هذا الظرف الراهن لتقريب وجهات النظر كافة الأطراف وللقيام بدور للوساطة كحليف موثوق به بعيدًا عن حسابات الغرب وأطراف خارجية أخرى.

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: أزمة سد النهضة سد النهضة الأثيوبي مفاوضات سد النهضة أثيوبيا مصر الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا زيارة رئيس البرازيل لمصر الرئیس البرازیلی أزمة سد النهضة رئیس البرازیل لولا دا سیلفا زیارة الرئیس أدیس أبابا أن یکون مصر فى إلى أن أن مصر

إقرأ أيضاً:

هجوم إسرائيلي على إقالة رئيس الموساد واستبدال ديرمر به لترؤس طاقم التفاوض

في الوقت الذي ما زال فيه رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، منشغل للغاية بتسويق نفسه باعتباره الوحيد القادر على الصمود في وجه الضغوط الدولية، فإن الإسرائيليين يعربون عن خيبة أملهم من ما يعتبرونه "فقدان استقلالهم". 

نير كيبنيس، وهو كاتب إسرائيلي في موقع "ويللا" العبري، ذكر أن "الحكومة السيئة تقود الدولة إلى قرارات جديدة، آخرها استبدال من يرأسون فريق التفاوض الخاص بصفقة تبادل الأسرى مع حماس، ما تسبّب بقلق كبير بين عائلات المختطفين، وأثار غضباً في المؤسسة الأمنية، وتحوّل على الفور، كالعادة، لوقود للمدافع في حرب لا تنتهي بين أنصار نتنياهو ومعارضيه". 

وأضاف في مقال ترجمته "عربي21"، أنه "قد لا يكون هناك في الواقع العملي أهمية لهذا الخبر لدى الإسرائيليين، ولا أن يشكّل أولوية قصوى لديهم، رغم قناعتهم أن الرئيس الجديد لفريق التفاوض الوزير رون ديرمر ليس أكثر من ختم مطاطي في مفاوضات لا يكون فيها سوى أداة، وبريد إلكتروني، وفاكس، وحمام زاجل". 


وأشار إلى أن "الإقالة القبيحة لرئيس الموساد، ديفيد بارنياع، من قيادة فريق التفاوض، واستبدال ديرمر به، رغم نفيه من مكتب نتنياهو، الذي فقد القدرة على نشر الحقيقة تماماً، فإننا أمام خطوة لإبعاد شخص يرمز للذراع الطويلة لدولة الاحتلال، ويرأس منظمة الاستخبارات الشهيرة، التي تمتد عملياتها من بوينس آيرس في الأرجنتين، حيث اعتقال الضابط النازي أدولف آيخمان، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، واغتيال محمود المبحوح، القائد العسكري في حماس، ومن الانتقام لعملية ميونيخ في ألمانيا، إلى سلسلة الاغتيالات للعلماء النوويين الإيرانيين".  

ولفت الكاتب الإسرائيلي إلى أن "من سيحل محله شخص لم يرتدِ زيا رسميا قط، وتألفت مميزاته عن سواه في المقام الأول أنه من خلفية أمريكية وإنجليزية مصقولة، دون أثر للهجة إسرائيلية".

وأضاف أنه "وبالتالي فإن لغته الأم ليست على المستوى المطلوب، وهو وزير غير معروف تقريبا للجمهور الإسرائيلي، الذي يعتقد أنه غير جدير بتولي مهمة ذات أهمية قصوى، ما يثير حنينا قويا لمن أسّسوا الدولة، ممن تحدثوا بلهجة أوروبية شرقية، أحيانا روسية، وأخرى بولندية، لكنهم أصروا على التحدث بلغتهم العبرية المضحكة". 

مقالات مشابهة

  • هجوم إسرائيلي على إقالة رئيس الموساد واستبدال ديرمر به لترؤس طاقم التفاوض
  • الطيار أحمد عادل رئيسًا لمجلس إدارة مصر للطيران
  • الرئيس الكونغولي يؤكد رفضه التفاوض مع حركة "23 مارس" ويعد بإصلاح الجيش
  • توربين جديد.. خبير يكشف تفاصيل جديدة بشأن سد النهضة
  • رغم النفي الإيراني.. وفد من واشنطن سيصل بغداد قريبا لبدء مفاوضات مع طهران - عاجل
  • نائب رئيس حزب الوعي: زيارة الرئيس لإسبانيا أيدت الموقف المصري الداعم لاستقرار المنطقة
  • الرئيس الإيراني: نرغب في التفاوض لكن ترامب يضع يده على رقابنا
  • رئيس البرازيل يتهم ترامب بتقديم نفسه إمبراطورا للعالم
  • الرئيس الإيراني: نريد التفاوض مع أمريكا ودول المنطقة ولن نخشى إسرائيل
  • رئيس «دفاع النواب»: إعادة إعمار غزة وإنهاء الإحتلال أهم محاور زيارة الرئيس السيسي إلى إسبانيا