دمشق-سانا

يشكل فن رسم الأيقونة انعكاساً للأفكار أو الأحداث الدينية وذلك من خلال تجسيدها بكل تفاصيلها على شكل لوحات تحمل طابعاً روحانياً وتاريخياً، وتتفرد سورية بكونها من أوائل الدول التي أبدعت بهذا المجال الفني الثري وأسهمت بنقله إلى العالم.

وللحديث بإسهاب عن هذا الفن المميز الذي يشكل تاريخاً حياً يتحدث عن نفسه التقت مراسلة سانا الباحثة التاريخية إلهام محفوض التي عرفت الأيقونات بأنها لوحات تنتشر على جدران الكنائس تحكي قصص الأنبياء والقديسين وشكلت عبر الزمن وسيلة لتعليم الناس تعاليم الدين المسيحي، مؤكدة أن الأيقونة مصطلح متعارف عليه بالكنيسة الشرقية للدلالة على الصور المقدسة.

وعن نشأة هذا الفن في سورية بينت محفوض أنه مع ظهور الدولة البيزنطية منذ القرن السادس الميلادي بدأت تظهر تزيينات تصويرية من الفسيفساء والفرسك في المعابد والكنائس ونشأ فن الأيقونات التي تجسد مواضيع دينية مسيحية، حيث كانت في الغالب ترسم على لوحات من الخشب وإطارها نحاسي ومواضيعها تعكس الموروث الشعبي والعقائدي والروحاني لشعوب المنطقة.

وذكرت محفوض أن جذور هذا الفن تعود إلى ما قبل المسيحية في العصرين اليوناني والروماني عندما قام الفنانون برسم الوجوه الإنسانية على لوحات خشبية لكن الكنيسة البيزنطية اعتمدته كأداة إقناع وتأمل وخشوع لقلب مفاهيم المعتقدات الوثنية ليحل مكانها مفهوم الدين المسيحي، موضحة أن هذا الفن ترعرع في بلاد الشام وتأثر بالفن السوري القديم بما فيه الفن التدمري.

ولفتت محفوض إلى أن الأيقونة وسيلة تعليم بالصورة والشكل واللون ولكل واحدة مدلولات عقائدية وتعليمية تنعكس من خلال عناصرها الأساسية مثل الخلفية والوجه والأنف والفم والعيون والأذنين واللحية واليدين والجسد، لافتة إلى أن لكل لون مستخدم مدلول معين، فالأحمر يوحي بالحياة الدنيا لأنه لون الدم والنار التي تذكر بالثواب والعقاب، والبني يشير إلى التقشف والزهد، أما الأخضر فهو لون الطبيعة الذي يشير إلى التجسد الإلهي، بينما يوحي اللون الأزرق بتدرجاته بالمجد والقدرة، والأسود بالموت.

وأشارت محفوض إلى أن أكثر المواضيع تمثيلاً في الأيقونات مراحل حياة السيد المسيح والأحداث الدينية وصور السيدة العذراء والقديسين، ومثال ذلك الرسوم الجدارية في كنائس دورا أوريوس التي تعد من أهم الرسومات الجدارية الموجودة في سورية والتي تشكل الجذور الأولى لفن رسم الأيقونة والرسوم الجدارية في دير مار موسى الحبشي في النبك والمؤرخة في القرن 11 – 13م ورسومات دير مار يعقوب المقطع في قارة والمؤرخة في القرن 11-13م والرسومات الموجودة في دير مار إلياس الحي بمعرة صيدنايا والمؤرخة في القرن 12م، وأيقونة القديسين سرجيوس وباخوس التي تعود إلى القرن السادس الميلادي والمحفوظة في دير سانت كاترين في مصر، وأيقونة سيدة دمشق التي انتقلت إلى مالطا في أواخر القرن 15م وأيقونة العذراء والأمين التي تعود للقرن 13م.

واعتبرت محفوض أن أيقونة نوغرافيا التدمرية بما فيها من تقنيات خلط الألوان والأساسات المكونة من جزء كبير من الجص والرمل والمنغنيزيوم والتراكيب المعدنية كأكسيد الحديد بلونه الأحمر والأسود والمنفذ بدون استخدام رابط عضوي من أهم الرسومات الجدارية في دورا أوربوس.

فن صناعة الأيقونة حسب محفوض له تقنية خاصة فالمصور يستخدم قطعة من خشب الحور أو الجوز أو السرو ويغلفها بالقماش من الجهة الأمامية وغالباً ما تطلى بطبقة من الجص الممزوج بالغراء ثم يصور على هذا السطح الأبيض بألوان من مواد ترابية ممزوجة بصفار البيض والماء والخل وشمع العسل الذي يحفظها من الرطوبة والتلف ويحفظ اللون.

وتحدثت محفوض عن علاقة فن الأيقونة بفن التصوير والنحت في سورية والعراق وعن الرموز المستخدمة فيها، مثل السفينة والحمامة والسمكة والمرساة والطاووس وغيرها وأثرها في الفن الأيقوني وطريقة تكوين الوجوه وإبراز العيون والنظرة والأنف وحركة اليد وغيرها.

واهتم فن الأيقونات بالميل إلى العمق والروح كما تبين محفوض وذلك من خلال إظهار العيون الباحثة عن عيون المتلقي لتؤثر فيه وتخبره بما تخفيه تلك النظرة من أسرار إيمانية ووجودية تبعث في بصيرة مشاهديها القدرة على التأمل والتبصر، مؤكدة أن لكل أيقونة مظهران خارجي طبيعي تراه العين المجردة، ورمزي يحاكي النفس من خلال الألوان لأن للألوان لغتها الرمزية وللتصوير دلالته المعنوية.

كما تشير إلى أن النزعة الشخصية تقوم على إظهار إطارات الأشخاص والمواضيع وإحاطتها بخطوط ظاهرة والاهتمام بتفاصيلها كالثياب مع الابتعاد عن إظهار النتوءات والاستفادة من تناغم الألوان وتموج الظلال وتعد الواقعية والاخلاص للحقيقة من أهم مميزات رسم الأيقونة.

وتحدثت محفوض عن شخصيات دمشقية مهمة كان لها الأثر الكبير في المحافظة على جمالية الأيقونات مثل حنانيا الدمشقي ويوحنا الدمشقي الذي قال: “عندما تضطرب خواطري وتمنعني عن التركيز الفكري أتجه نحو الكنيسة أتأمل في أبعاد الأيقونات السماوية التي تفتن أنظاري، هذه اللوحات المقدسة تجذبني وتسمو بي وتحثني على تمجيد الخالق فأسترجع السكون والصفاء”.

وأكدت محفوض دور سورية في الحفاظ على هذه الثروة الوطنية التي تعرضت خلال الحروب المستمرة في المنطقة إلى السرقة والخراب والتدمير من خلال توثيق جميع الأيقونات الأثرية الموجودة فيها لدى المديرية العامة للآثار والمتاحف بهدف حمايتها من السرقة أو التهريب، كما أن وزارة السياحة تقيم باستمرار معارض محلية وعالمية للتعريف بهذه الكنوز الأثرية الفريدة.

سكينة محمد

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: هذا الفن من خلال إلى أن

إقرأ أيضاً:

إصدار الـ 100 عام .. رولزرويس تقدم الأيقونة فانتوم بلمسات من الذهب عيار 24

احتفلت شركة رولز رويس البريطانية بمرور مئة عام على إطلاق طرازها الأسطوري فانتوم من خلال الكشف عن إصدار خاص محدود يحمل اسم فانتوم المئوية، يضم 25 نسخة فقط حول العالم.

5 سيارات عائلية في السوق المصري.. بالأسعارأسعار ومواصفات نيسان باترول 2026 في السوق السعوديفيراري SC40.. إصدار فريد من العلامة الإيطالية فما القصة؟مواصفات رينو كليو 2026 الجديدة كليًا .. وسعرها عالميًا

وتعد هذه المجموعة واحدة من أكثر إبداعات العلامة تعقيداً من الناحية التقنية والفنية، إذ تمثل مزيجاً دقيقاً بين الحرفية التقليدية والابتكار الحديث الذي لطالما ميز سيارات رولز رويس على مدار قرن كامل.

تحفة فنية بتاريخ الفخامة 

جاء تصميم فانتوم المئوية كتجسيد بصري لتاريخ الطراز منذ نشأته في لندن عام 1925، حيث اعتمدت رولز رويس في المقصورة على ثلاث طبقات فنية متداخلة استخدم فيها أكثر من 160 ألف غرزة تطريز، تحكي كل منها مرحلة من مراحل تطور السيارة.

رولز رويس فانتوم 

المقاعد الخلفية استعرضت لمحات من مسيرة فانتوم عبر الزمن وأعمال هنري رويس الإبداعية، بينما تميزت المقاعد الأمامية بنقوش ليزرية دقيقة مستوحاة من الاسم الرمزي Seagull الذي حملته فانتوم الأولى قبل قرن من الزمان.

تفاصيل داخلية مطلية بالذهب 

قدمت رولز رويس في هذه النسخة مزيجاً فريداً من الفخامة الحرفية والتقنيات المتقدمة، حيث استخدمت أخشاباً نادرة تمت معالجتها بتقنيات الحفر بالليزر وطلاءات متعددة الاتجاهات تمنحها عمقاً بصرياً غير مألوف.

رولز رويس فانتوم 

كما أضافت تطعيمات من الذهب عيار 24 على الأبواب والتابلوه، مع وجود مفتاح تشغيل ذهبي وسطح داخلي يلمع بغبار الذهب، ويظهر غطاء المحرك المطلي بالأبيض القطبي مع لمسات ذهبية ناعمة ليعكس شخصية السيارة الاستثنائية التي لا تشبه أي إصدار آخر من فانتوم.

رولز رويس فانتوم 

يحمل الطلاء الخارجي في فانتوم المئوية طابعاً احتفالياً فريداً، حيث يجمع بين الأبيض القطبي والأسود اللامع في مزيج بصري يبرز التفاصيل الدقيقة للهيكل، مع تمثال النشوة الشهير في مقدمة السيارة، فقد صُنع من ذهب عيار 18 قيراط ومطلي بذهب 24 قيراط لمقاومة التآكل.

رولز رويس فانتوم أداء V12 أسطوري يجمع بين القوة والأداء

تحتفظ فانتوم المئوية بالمحرك الأسطوري V12 بسعة 6.75 لتر، الذي يعد من أعمدة هندسة رولز رويس، حيث يولد هذا المحرك قوة تصل إلى 563 حصاناً وعزم دوران يبلغ 900 نيوتن متر، مما يمكن السيارة من التسارع من صفر إلى 100 كم/س خلال نحو 5.3 ثوانٍ، ويتكامل الأداء مع ناقل حركة أوتوماتيكي من ثماني سرعات.

طباعة شارك رولز رويس سيارة رولز رويس رولز رويس فانتوم السيارة رولز رويس فانتوم سيارة رولز رويس فانتوم

مقالات مشابهة

  • كاديلاك CT6 الفاخرة.. ماذا تقدم الأيقونة الأمريكية وكم سعرها؟
  • في عيد ميلادها.. من هي أنجيلا ابنة إليسا التي لم تنجبها؟
  • كم عدد السيارات التي يسمح للمواطن باستيرادها خلال السنة؟.. توضيح من الزكاة والجمارك
  • محفوض يدعو النواب إلى حماية حرية البرلمان
  • بعد غياب 5 سنوات.. ياسر فرج يكشف سر ابتعاده عن الفن
  • إصدار الـ 100 عام .. رولزرويس تقدم الأيقونة فانتوم بلمسات من الذهب عيار 24
  • نوّر مولانا.. تيم حسن يرحب بعودة فارس الحلو للدراما السورية
  • قدم عرضا مسرحيا عن «تاريخ سيناء».. محمد سلام يتألق في احتفالية «وطن السلام»
  • الدردير: قائمة بأفضل 20 ناديا إفريقيا خلال القرن الحادي والعشرين.. شاهد
  • تاريخ مواجهات ريال مدريد وبرشلونة قبل صدام الليلة بالدورى الاسبانى