عثر باحثون على الملوثات الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري مختلطة بالشعاب المرجانية في البحر المتوسط للمرة الأولى، مما يوفر للعلماء أداة جديدة محتملة لتتبع تاريخ التلوث في بيئة الشعاب المرجانية في البحر المتوسط.

وفي الدراسة التي نشرت يوم 8 فبراير/شباط الجاري في مجلة "ساينس أوف ذي توتال إنفايرنمنت"، قال معدوها إن العثور على هذا النوع من التلوث -المعروف باسم الرماد المتطاير أو الجسيمات الكربونية الكروية- يعتبر مؤشرا على وجود التأثير البشري على البيئة، وعلامة تاريخية لبداية عصر الأنثروبوسين.

والشعاب المرجانية هي لا فقاريات صغيرة تميل إلى العيش في مستعمرات واسعة، تبتلع ملوثات الكربون الكروية من المياه المحيطة بها، وتدمجها في أثناء نمو هياكلها العظمية من كربونات الكالسيوم.

الشعاب المرجانية استُخدمت إلى حد كبير لقياس الظروف المناخية الماضية مثل درجات حرارة الماء والكيمياء (شترستوك) أرشيف طبيعي

ويفضل بعض الباحثين فصل الحقبة الزمنية التي بدأت مع انطلاق الثورة الصناعية في غرب أوروبا في القرن الثامن عشر وحتى الآن، عن عصر الهولوسين، وتسميتها على أنها "عصر الإنسان" أو "الأنثروبوسين"، في حين يرى آخرون أن هذا التأثير سابق لذلك التاريخ.

وحجتهم في هذا الفصل الذي يثير خلافا عميقا بين المعنيين بتاريخ الأرض، هي أنه منذ ذلك التاريخ أصبح الإنسان هو المتفرد بالتأثير في الكوكب، متسببا بالتغيرات الكبرى مثل الاحترار العالمي وأكسدة المحيطات والتحكم في المناخ ومصادر المياه وحركة الأحياء الأخرى والنباتات.

وتوضح المعدة الرئيسية للدراسة "لوسي روبرتس" الباحثة في التغيرات البيئية في قسم الجغرافيا بجامعة كلية لندن، أن الشعاب المرجانية تعد بمثابة أرشيف طبيعي شائع الاستخدام في دراسات المناخ القديم بسبب معدلات نموها القابلة للقياس. وتضيف أنه "على غرار حلقات الأشجار، فإن عمرها الطويل ونموها البطيء والمنتظم يمكن أن يزود العلماء ببيانات بيئية سنوية أو شهرية أو حتى أسبوعية تعود إلى سنوات مضت".

وتقول روبرتس في تصريحات لـ"الجزيرة نت": إن الشعاب المرجانية استُخدمت إلى حد كبير لقياس الظروف المناخية الماضية مثل درجات حرارة الماء والكيمياء، ولكن الجديد في الدراسة الحديثة هو استخدامها في استعادة جزيئات الملوثات -بخلاف المواد البلاستيكية الدقيقة- من الشعاب المرجانية.

الشعاب المرجانية التي رصدها الباحثون تقع على بعد 60 كيلومترا من الشاطئ وداخل محمية بحرية مما يقلل من احتمالية التلوث المحلي (شترستوك) رصد ملوثات الكربون

جمع الباحثون عينات مرجانية من عدة مواقع على طول الشعاب المرجانية قبالة ساحل كاستيلو بإسبانيا، وجرى دراسة ومراقبة الأنواع المرجانية هناك مدة عقدين من الزمن، ويعتبر الموقع موقعا مميزا للتغير العالمي، وفقا للبيان الصحفي المصاحب للدراسة.

وتقع الشعاب المرجانية التي رصدها الباحثون على بعد نحو 60 كيلومترا من الشاطئ، وداخل محمية بحرية، مما يقلل من احتمالية التلوث المحلي. وهذا النوع هو الشعاب المرجانية الوحيدة في البحر الأبيض المتوسط التي لديها القدرة على تكوين شعاب مرجانية كبيرة، ومن المعروف أنها تنمو بمعدل نحو 0.3 سم سنويا.

ووجد الفريق أن الشعاب المرجانية أظهرت زيادة كبيرة في الملوثات الكربونية في الفترة بين عامي 1969 و1992 تقريبا، ويتوافق هذا مع الوقت الذي كانت فيه أوروبا تتحول إلى التصنيع بسرعة، وزاد استهلاك الفحم في البلاد بشكل كبير.

وتتوافق هذه النتائج مع قياسات أخرى للتلوث رُصدت في البحيرات الجبلية بإسبانيا، والتي تدعم فكرة أن الشعاب المرجانية يمكن أن تكون بمثابة أرشيفات طبيعية لقياس مستويات التلوث المتغيرة على مر السنين.

ووفقا للمعدة الرئيسية للدراسة فإن "اكتشاف هذه الملوثات الموجودة في الهياكل العظمية المرجانية يمتد على مدى عقود ويرسم صورة واضحة عن مدى تأثير الإنسان في البيئة. إنها المرة الأولى التي تمكّنا فيها من رؤية هذا النوع من الملوثات في الشعاب المرجانية، وظهوره في هذه الرواسب يوازي المعدل التاريخي لاحتراق الوقود الأحفوري في المنطقة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الشعاب المرجانیة

إقرأ أيضاً:

مناقشة التقييم البيئي بمدينة محاس الصناعية

عُقد اللقاء الأول لإدارة مدينة محاس الصناعية لهذا العام مع إدارات المصانع والشركات العاملة في المدينة برئاسة مبارك بن سالم بن جويد الغيلاني، المكلف بأعمال مدير عام مدينة محاس الصناعية، وبحضور المختصين من إدارة البيئة بمحافظة مسندم.

وشهد اللقاء مناقشة أبرز المستجدات والملاحظات المتعلقة بالمدينة الصناعية، إلى جانب تقديم عرض مرئي حول دراسة التقييم البيئي الصادرة عن هيئة البيئة، كما تناول اللقاء عددا من المحاور الرئيسة من بينها جاهزية واستكمال الأعمال والخدمات المرتبطة بمشروع إنشاء الطرق والبنى الأساسية، وتعزيز قدرة المدينة الصناعية على استقطاب الاستثمارات والمشاريع الجديدة.

كما تم توجيه المصانع والشركات إلى استكمال أعمال تحسين المظهر العام، والاهتمام بالبيئة الداخلية والمحيطة، مع التأكيد على الالتزام بمعايير الأمن والسلامة، والنظافة، والتشجير، وناقش الحضور المبادرات والحلول المقترحة لإدارة مخلفات المنشآت الصناعية، وأهمية تضافر الجهود لضمان حلول مستدامة لهذا التحدي.

واختُتم اللقاء بتقديم عرض مرئي وشرح تفصيلي حول دراسة التقييم البيئي، حيث تمت مناقشة الجوانب الإيجابية والتحديات المطروحة، مع طرح الحلول المناسبة لمعالجتها.

مقالات مشابهة

  • فقرات استعراضية ومحاضرات تثقيفية تضيء ليالي رمضان بالبحر الأحمر
  • إسبانيا تعزز علاقاتها التجارية مع المغرب بفتح خط بحري جديد بين طنجة المتوسط وهويلفا
  • الهيئة اللبنانية للعقارات تناشد وزيرة البيئة: لعدم التساهل!
  • مناقشة التقييم البيئي بمدينة محاس الصناعية
  • الأحمر والأزرق.. علاج جديد لحب الشباب بالضوء
  • سلطنة عُمان الأولى عربيًا والـ22 عالميًا في مؤشر الدول الأقل تلوثًا
  • مديرية الزراعة بالبحر الأحمر تطرح لحومًا حمراء بأسعار مخفضة اليوم
  • خط جديد لنقل البضائع يربط بين طنجة المتوسط وميناء هويلبا
  • عاجل: الحوثي يهدد بعودة العمليات العسكرية بالبحر الأحمر ويمهل إسرائيل 4 أيام
  • "الفجيرة الوطنية" تناقش بوليصة التأمين ضد التلوث في القطاع النفطي