عبد الباري عطوان لسنا مع اقتحام السفارات وحرقها لما تشكله هذه الخطوة من انتهاك لمعاهدة فيينا الدولية التي تكرس الحماية لها والدبلوماسيين العاملين فيها، لكن السلطات السويدية الحاكمة، واجراءاتها الاستفزازية للعقيدة الإسلامية وأبنائها هي التي تتحمل المسؤولية الأكبر عن حرق سفارتها في العراق. فللمرة الثانية على التوالي، تعطي هذه السلطات تصريحا لشخص عنصري حاقد عراقي الجنسية يدعى سلوان موميكا لحشد مجموعة من أمثاله امام السفارة العراقية في ستوكهولم، وباحراق القرآن الكريم تحت حماية قوات الشرطة، وامام العديد من وسائل الاعلام المرئية والمكتوبة، والذريعة “حرية التعبير”.

نحن نعيش في الغرب منذ عشرات السنين، وندرك جيدا ان حرية التعبير هذه باتت هذه الأيام ” وسيلة”، او ذريعة، للاعتداء على الكثير من المسلمين، وقرآنهم، والسخرية من عاداتهم وتقاليدهم، خاصة في الدول الخاضعة لحكم اليمين المتطرف، وتوظيف بعض الحاقدين او الباحثين عن إقامة او جواز سفر لبذر بذور الفتنة والكراهية والتحريض.

 

***

 

حرية التعبير هذه لا تشمل التشكيك في المحرقة، واعداد ضحاياها، وتجرّم مقاومة الاحتلال وتعتبرها إرهابا، وتتبخر كليا امام الاعدامات الإسرائيلية للأبرياء العزل في فلسطين المحتلة، وتجويع ملايين العرب والمسلمين حتى الموت تحت حصار ظالم في قطاع غزة ولبنان وسورية وقبلها العراق في أبشع الجرائم عنصرية في التاريخ. يتهمون العرب والمسلمين بالتخلف، ولكن هؤلاء “المتخلفين” لم يحرقوا مطلقا أي انجيل او توراة، لا في الغرب ولا في بلدانهم، لانهم يؤمنون بها وبقداستها، ولكن بعض الحكومات الغربية، وفي دول اسكندنافية خاصة، تؤيد مثل هذه الجرائم، في إطار خططها لتضييق الخناق على المهاجرين المسلمين خاصة، والضغط عليهم لمغادرة البلاد طوعا او بالإكراه. احراق السفارة السويدية في بغداد وطرد الحكومة العراقية للسفيرة السويدية، واستدعاء القائم بأعمال سفارتها في ستوكهولم، والتهديد بقطع العلاقات، خطوات تعكس طفحان الكيل، ونفاد الصبر على تجاوزات السلطات السويدية واستفزازاتها، وبما يؤكد ان هذه الإجراءات ليست عملا فرديا وانما سياسة حكومية ايضا. تراجع العصابة العنصرية التي يقودها ذلك “العراقي” الخائن لوطنه، وهويته، وأمته، والحاقد على الإسلام والمسلمين، عن حرق القرآن، لم يأت من منطلق التوبة، والعودة الى الحد الأدنى من الاخلاق والقيم الإنسانية، وانما بإيعاز من الحكومة السويدية، والجهات العنصرية فيها خوفا من تفاقم ردة الفعل العراقية، وانتقال هذه الإجراءات الانتقامية الى دول عربية واسلامية أخرى، مما يؤكد ان هؤلاء لا يفهمون الا هذه اللغة الصارمة في بلاغتها. العراقيون الذين اقتحموا السفارة السويدية، وعلقوا الجرس، أصبحوا “قدوة” للشعوب العربية والاسلامية، ونقلوا احتجاجاتهم من القول والبيانات الانشائية الى الفعل، وفي وقت تأفل فيه نجوم العالم الغربي، ويتراجع نفوذه، وبات اكثر حرصا على علاقات جيدة مع نظيره الإسلامي في ظل حرب الاستنزاف الاوكرانية وتطوراتها، التي تصب في مصلحة روسيا ومحورها. ها هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحظى، وهو المتهم بالدكتاتورية من قبل الغرب، بإحترام الملايين في العالم الإسلامي لإدانته حرق القرآن، وتأكيد هذه الإدانة بالظهور وهو محتضن نسخة منه تقديرا واحتراما، فلماذا لم نر رئيسا غربيا واحدا يقدم على خطوة كهذه ويعلن على الملأ ادانته لهذه الجرائم الاستفزازية التي تهدد بنسف التعايش والسلم الاجتماعي في العالم الغربي، حيث يعيش أكثر من 30 مليون مهاجر؟ ونسأل أيضا: هل سيتراجع الرئيس رجب طيب اردوغان عن قراره برفع “الفيتو” عن دخول السويد الى حلف “الناتو” الذي قدمه لرئيس وزرائها اثناء انعقاد قمة فيلنيوس (ليتوانيا) قبل أسبوع؟ *** ردة الفعل العراقية الشعبية، والرسمية، تجاه جريمة احراق القرآن الكريم في السويد بالإجراءات العملية، وطرد السفيرة، وسحب ترخيص شركة اريكسون السويدية للاتصالات، ومقاطعة البضائع الأخرى، أثارت الإعجاب والتأييد في العالمين العربي والإسلامي، وباتت العديد من الأصوات المؤثرة في الرأي العام في بلدانه تطالب الحكومات بإجراءات قوية مماثلة لوضع حد لهذه الجرائم وبأسرع وقت ممكن. أصدرتم قوانين بين ليلة وضحاها باعتبار “اللاسامية” المزورة والعنصرية الموجهة ضد كل من يدعم الحق العربي الفلسطيني، وجعلتم منها جريمة، ومقاومة الاحتلال إرهابا، يُعرّض من يؤيدها للسجن، ونحن اذ نرفض هذه القوانين ذات الطابع الانتقائي، ونسأل لماذا لا تصدرون قوانين تجرم حرق القرآن، وكل الكتب السماوية الأخرى، حفظا للأمن والسلم الاجتماعي في بلدانكم والعالم، وأنتم من تدعّون الحضارية واحترام حقوق الانسان، والتعايش بين الشعوب والأديان؟

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: حرق القرآن

إقرأ أيضاً:

مدير الجامع الأزهر يتفقد اختبارات مركز إعداد وتطوير معلمي القرآن الكريم بالإسكندرية

تفقد اليوم الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر، اختبارات المرحلة الرابعة التي ينظمها مركز إعداد وتطوير معلمي القرآن الكريم، والتي تُعقد بمحافظة الإسكندرية، جاء ذلك في إطار حرص الجامع الأزهر على تطوير وتأهيل معلمي القرآن الكريم بما يتناسب ومكانة الأزهر الشريف.

برتوكول تعاون بين فرع جامعة الأزهر للوجه القبلي ومؤسسة مصر الخير بأسيوط رئيس جامعة الأزهر ومستشارة الإمام الأكبر يكرمان المشاركين في دورة تصحيح الفكر

وخلال جولته، التي رافقه فيها فضيلة الشيخ حسن عبد النبي، وكيل لجنة مراجعة المصحف الشريف، ود. عبد العزيز أبوخزيمة، رئيس الإدارة المركزية لمنطقة الإسكندرية الأزهرية، ود. أيمن جاويش، مدير عام المواد الثقافية ورعاية الطلاب، ود. مصطفى شيشي، مدير إداة شئون الأروقة بالجامع الأزهر، والشيخ أحمد عبد العظيم الطباخ، مدير المكتب الفني بالجامع الأزهر، أشاد د. هاني عودة بمستوى الحفظ لدى المحفظين المتقدمين للاختبارات، حيث لاحظ التقدم الملحوظ في قدراتهم على تلاوة وتجويد القرآن الكريم والوقوف على أحكام تلاوته وفهم مقاصده ومعانيه، كما أثنى على التنظيم الجيد للاختبارات، الذي ساهم في خلق بيئة مريحة للممتحنين، مما يعكس الجهود الكبيرة التي بذلها المشاركون في تنظيم هذه الفاعلية، مقدمًا مجموعة من التوصيات التي من شأنها تعزيز الاهتمام بتحفيظ كتاب الله تعالى، كما دعا إلى تبني أساليب حديثة في طرق التحفيظ، تتناسب مع احتياجات العصر وتساعد في جذب المزيد من الطلاب إلى الرواق الأزهري.

من جانبهم أبدى عدد من المحفظين سعادتهم الكبيرة بكونهم جزءًا من الرواق الأزهري، حيث اعتبروا أن العمل في هذا المجال ليس فقط واجبًا دينيًا، بل هو شرف عظيم ورسالة سامية، وأكدوا على أهمية البرامج التدريبية التي يقدمها المركز، والتي ساهمت في تطوير مهاراتهم وتعزيز قدراتهم.

وفي ختام الزيارة، أعرب د. هاني عودة عن تقديره لجميع الجهود المبذولة وأكد على استمرار الدعم من قبل الرواق الأزهري لضمان تحقيق الأهداف المرجوة في تطوير معلمي القرآن الكريم، بما يسهم في نشر قيم القرآن وتعاليمه السامية في المجتمع.

مدير الجامع الأزهر يتفقد اختبارات مركز إعداد وتطوير معلمي القرآن الكريم بالإسكندريةمدير الجامع الأزهر يتفقد  اختبارات مركز إعداد وتطوير معلمي القرآن الكريم بالإسكندريةمدير الجامع الأزهر يتفقد  اختبارات مركز إعداد وتطوير معلمي القرآن الكريم بالإسكندريةمدير الجامع الأزهر يتفقد  اختبارات مركز إعداد وتطوير معلمي القرآن الكريم بالإسكندريةمدير الجامع الأزهر يتفقد  اختبارات مركز إعداد وتطوير معلمي القرآن الكريم بالإسكندريةمدير الجامع الأزهر يتفقد  اختبارات مركز إعداد وتطوير معلمي القرآن الكريم بالإسكندرية

مقالات مشابهة

  • انطلاق تصفيات مسابقة القرآن الكريم والثقافة الإسلامية بكفر الشيخ
  • مدير الجامع الأزهر يتفقد اختبارات مركز إعداد وتطوير معلمي القرآن الكريم بالإسكندرية
  • علماء الأزهر يكتشفون خطأً في «ميتا» متعلق «بالقرآن الكريم»
  • مثلما انتقل الجيش في ولايات الوسط من الدفاع للهجوم دارفور الآن تشهد نفس التحول
  • مراتب الحزن في القرآن الكريم
  • تكريم الفائزين بمسابقة إبراء لحفظ القرآن الكريم
  • السفارة العراقية في لبنان تكشف لـ بغداد اليوم أوضاع العراقيين القادمين من دمشق الى بيروت
  • السفارة العراقية في لبنان تكشف لـ بغداد اليوم أوضاع العراقيين القادمين من دمشق الى بيروت- عاجل
  • تحذيرات من تحريف القرآن الكريم في أداة الذكاء الاصطناعي الجديدة بماسنجر
  • وزارة الشباب تُنظم التصفيات النهائية لمسابقة حفظ القرآن الكريم والابتهالات بأسـيوط