جوتيريش: الأمم المتحدة تعمل على خلق نظام عالمي أكثر شمولا
تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT
قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، إنَّ الأمم المتحدة تعمل على خلق نظام عالمي أكثر شمولاً، وفقًا لقواعد القانون الدولي، مشيراً إلى أهمية تقوية الأمن والسلم العالميين لمجابهة التهديات الخاصة بالتوترات والحروب، بالإضافة إلى مشكلة المناخ والأسلحة السيبرانية.
مؤتمر ميونخ للأمنوأضاف «جوتيريش»، في كلمته بمؤتمر ميونخ للأمن، الذي نقلته «القاهرة الإخبارية»، أنَّ العديد من القضايا ستناقش في سبتمبر المقبل: «ستعمل أنظمتنا الأمنية وفقا لالتزامنا بالقضاء على الأسلحة النووية والتنمية المستدامة ومنع الصراعات، ويتضمن ذلك السياسات الهادفة لتعزيز التجارة العالمية والتكنولوجيا الجديدة».
وتابع الأمين العام للأمم المتحدة: «ننبذ التنافس على الصعيد العالمي وكذلك المجتمعات التي تعزز الكراهية في وقت عصيب ونشاهد إنفجاراً لمعاداة السامية وكراهية وعنصرية غير مبررة».
واستطرد: «المجتمع المنقسم ضعيف يسيطر فيه العنف ويتم تقويض القيم الديمقراطية، وعلى الشركات التكنولوجية مواصلة أهدافها في محاربة المحتوى السام، مع تعزيز التضافر الاجتماعي بناءاً على العدالة وحقوق الإنسان وهو ما سيتم مناقشته في قمة العام المقبل».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الأمم المتحدة حرب غزة مجلس الأمن السلم العالمي النظام العالمي
إقرأ أيضاً:
على أعتاب نظام عالمي جديد !
ألقى الرئيس الأميركي دونالد ترمب بظلال كثيفة من الشك حول مستقبل النظام الدولي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية. في خطابات وعمليات تصويت حديثة في الأمم المتحدة، انحازت إدارته إلى جانب روسيا، المعتدية التي شنت حرب غزو ضد جارتها المسالمة، أوكرانيا. وأثارت تهديداته بشأن الرسوم الجمركية تساؤلات حول تحالفات قائمة منذ أمد بعيد ومستقبل النظام التجاري العالمي، وتسبب انسحابه من اتفاقية باريس للمناخ ومنظمة الصحة العالمية في تقويض التعاون في مواجهة التهديدات العابرة للحدود.
إن احتمال تحول الولايات المتحدة إلى دولة منعزلة كليا ومنشغلة بذاتها له تداعيات مقلقة على النظام العالمي. من السهل أن نتخيل استغلال روسيا هذا الوضع لمحاولة الهيمنة على أوروبا من خلال ممارسة القوة أو التهديد بممارستها. سوف يكون لزاما على أوروبا أن تُـظـهِـر قدرا أكبر من الوحدة وأن تنهض بأعباء الدفاع عن نفسها، حتى وإن كان الدعم الأميركي سيظل مهما. على نحو مماثل، من السهل أن نتخيل الصين وقد فرضت نفسها بدرجة أكبر على آسيا، حيث تسعى علنا إلى الهيمنة على جيرانها. ومن المؤكد أن هؤلاء الجيران أحاطوا علما بذلك. في الواقع، سوف تتأثر جميع الدول، لأن العلاقات مترابطة بين الدول وغيرها من القوى الفاعلة الرئيسية العابرة للحدود الوطنية. يقوم النظام الدولي على توزيع مستقر للقوة بين الدول؛ وعلى معايير تؤثر على السلوك وتضفي الشرعية عليه؛ وعلى المؤسسات المشتركة.
قد يتطور نظام دولي بعينه بشكل تدريجي دون أن يؤدي إلى تحول نمطي واضح. ولكن إذا تغيرت السياسة الداخلية لقوة مهيمنة بدرجة شديدة التطرف، فلا أحد يستطيع أن يتكهن بالنتائج. وبما أن العلاقات بين الدول تختلف بشكل طبيعي بمرور الوقت، فإن النظام مسألة مقدار. فقبل نظام الدولة الحديثة، كان النظام يُفرض غالبا بالقوة والإخضاع، فيتخذ هيئة إمبراطوريات إقليمية مثل الصين وروما (بين إمبراطوريات عديدة أخرى). وكانت التباينات في الحرب والسلام بين الإمبراطوريات القوية مسألة جغرافية أكثر من كونها مسألة أعراف ومؤسسات. فبسبب تجاور روما وبارثيا (المنطقة المحيطة بإيران الحالية) كانت الحروب تنشب بينهما أحيانا، بينما لم تنشب حروب بين الإمبراطوريات الرومانية والصينية وإمبراطوريات أميركا الوسطى.
اعتمدت الإمبراطوريات ذاتها على كل من القوة الصلبة والقوة الناعمة. كانت الصين متماسكة بفضل معايير مشتركة قوية، فضلا عن المؤسسات السياسية الشديدة التطور، والمنفعة الاقتصادية المتبادلة. وكذا كانت روما، وخاصة الجمهورية. وكانت أوروبا ما بعد الإمبراطورية الرومانية تتمتع بمؤسسات وأعراف في هيئة بابوية وأنظمة مَـلَـكية سُـلالية، وكان هذا يعني أن حكم الأقاليم كان يتغير غالبا من خلال الزواج والتحالفات العائلية، بصرف النظر عن رغبات الشعوب الخاضعة. وكانت الحروب مدفوعة غالبا باعتبارات سلالية، وإن كان القرنان السادس عشر والسابع عشر جلبا حروبا تولدت عن الحماسة الدينية والطموح الجيوسياسي، بسبب صعود البروتستانتية، والانقسامات داخل الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، والمنافسة المتزايدة بين الدول.
ثم جاءت الحرب العالمية الأولى، التي أعقبتها معاهدة فرساي وعصبة الأمم، التي مهد فشلها الطريق للحرب العالمية الثانية. وقد شكل إنشاء الأمم المتحدة ومؤسسات بريتون وودز (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وسلف منظمة التجارة العالمية) في وقت لاحق أكثر الحلقات أهمية في بناء المؤسسات في القرن العشرين. وبما أن الولايات المتحدة كانت اللاعب المهيمن، أصبحت حقبة ما بعد عام 1945 تُعرف بمسمى "القرن الأميركي". ثم أنتجت نهاية الحرب الباردة في عام 1991 توزيعا أحادي القطب للقوة، الأمر الذي سمح بإنشاء أو تعزيز مؤسسات مثل منظمة التجارة العالمية، والمحكمة الجنائية الدولية، واتفاقية باريس للمناخ.
وحتى قبل ترمب، كان بعض المحللين يعتقدون أن هذا النظام الأميركي كان على وشك الانتهاء. فقد جلب القرن الحادي والعشرون تحولا آخر في توزيع القوة، والذي يوصف عادة بأنه صعود (أو بعبارة أكثر دقة، تعافي) آسيا. ففي حين كانت آسيا تستحوذ على الحصة الأكبر من الاقتصاد العالمي في عام 1800، فإنها تراجعت بعد الثورة الصناعية في الغرب. وكغيرها من المناطق الأخرى، عانت آسيا من الإمبريالية الجديدة التي عملت على تمكينها التكنولوجيات العسكرية وتكنولوجيات الاتصالات الغربية. الآن، تعود آسيا إلى مكانتها كمصدر رئيسي للناتج الاقتصادي العالمي. لكن مكاسبها الأخيرة جاءت على حساب أوروبا أكثر من الولايات المتحدة. فبدلا من أن تتراجع، لا تزال الولايات المتحدة تمثل ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي، كما كانت في سبعينيات القرن العشرين. وفي حين عمل صعود الصين على تقليص الصدارة الأميركية إلى حد كبير، فإنها لم تتفوق على الولايات المتحدة اقتصاديا، أو عسكريا، أو فيما يتصل بتحالفاتها. إذا كان النظام الدولي آخذا في التآكل، فإن السياسة الداخلية الأميركية هي السبب وراء ذلك بقدر صعود الصين. السؤال هو ما إذا كنا ندخل فترة جديدة تماما من التراجع الأميركي، أو ما إذا كانت هجمات إدارة ترمب الثانية على مؤسسات القرن الأميركي وتحالفاته ستثبت كونها انحدارا دوريا آخر. قد لا نعرف قبل عام 2029.
جوزيف س. ني أستاذ فخري في جامعة هارفارد، ومساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق
المصدر : خدمة "بروجيكت سندكيت"