قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، إن العلماء عندما نظروا إلى حكم العقود والمعاملات لم يكتفوا بإباحتها ومشروعيتها بناءً على الأصل حيث إن الأصل في الأشياء الإباحة، بل أخذوا في الاعتبار المآلات والمفاسد التي قد تترتَّب على هذا العقد أو المعاملة مؤكدين على مبدأ سد الذرائع.

جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج «للفتوى حكاية» مع الإعلامي شريف فؤاد على فضائية قناة الناس مضيفًا فضيلته أن فقه المآلات وضرورة اعتباره في الاجتهاد والاختيار الفقهي له أهمية قصوى في الشريعة، خاصة في المسائل والوقائع التي جدَّ ما يدعو إلى تغير حكمها، نظرًا لتغير العوائد والأعراف، أو اختلاف الواقع، وبما يرفق بأحوال الناس ويوافق أعرافهم وعاداتهم ويناسب مقتضيات العصر.

وشدَّد مفتي الجمهورية على أن معايير الكسب الحلال تغيب عن عمل القائمين على توظيف الأموال بطرق خفية أو ما يُعرف بالمستريَّحين لأنهم يلحقون الضرر بالاقتصاد الرسمي بالإضافة إلى عدم وجود ضمانات عندهم لأصحاب الأموال، فضلًا عن خداع بعضهم لأصحاب الأموال بالتخفي وراء مظلة أو صبغة إسلامية، مؤكدًا على ضرورة الحفاظ على المال باعتباره أحد المقاصد الخمسة التي اتفق عليها العلماء وهي أعمدة أساسية دعا الإسلام للحفاظ عليها.

وذكر أن الداعين لتوظيف الأموال خارج نطاق المؤسسات الاقتصادية المعتمدة من الدولة هم من ضعاف النفوس يستغلون البسطاء وغير البسطاء تحت مبررات كثيرة لتنمية المال لأغراض شخصية وتحت إغراءات كثيرة ليست قائمة على دراسات اقتصادية منضبطة، بخلاف المعاملات المالية الرسمية المختلفة بدءًا من البنك المركزي إلى أصغر مؤسسة معتمدة تقوم على دراسات اقتصادية دقيقة.

وأكد المفتي أن الفتوى مستقرة على منع التعامل مع الأشخاص الذين يطلق عليهم مستريَّحين لأن هذه المعاملات اشتملت على جملة من المحاذير الشرعية والمخالفات القانونية، والتعامل مع هؤلاء الأشخاص الذين يُطلق عليهم لقب "المستريَّح" هو من باب إضاعة المال المأمور بحفظه وصونه.

حكم توظيف الأموال في البنوك

وعن تبرير بعض الناس حال لجوئهم لتوظيف الأموال بطرق خفية وبعيدة عن البنوك بسبب الاعتقاد بربوية الأعمال البنكية قال د.شوقي علام مفتي الجمهورية، إن الذي استقرت عليه الفتوى في دار الإفتاء المصرية، بعد دراسات مستفيضة، أن السحب والإيداع في البنوك هو من باب عقود التمويل المستحدثة لا القروض التي تجر النفع المحرَّم، ولا علاقة لها بالربا. حيث إن عقود التمويل الاستثمارية بين البنوك والهيئات العامة وبين الأفراد والمؤسسات، التي يتقرر التمويل فيها بناءً على دراسات الجدوى للمشاريع والاستثمارات المختلفة لا تُعد من الربا المحرَّم، بل هي عقودٌ جديدةٌ تحقق مصالح أطرافها، مضيفًا أن الذي عليه الفتوى أنه يجوز إحداث عقودٍ جديدةٍ مِن غير المسمَّاة في الفقه الموروث، ما دامت خاليةً من الغرر والضرر، محققةً لمصالح أطرافها.

وأردف المفتي قائلًا: وعلى افتراض عدم قبول هذه المعاملات بحجة أن الأمر فيه خلاف فهو يندرج تحت المختلف فيه وليس تحت المتفق عليه، وحكم الحاكم وهو القانون رافع للخلاف.

وأوضح أن العلماء والفقهاء وضعوا قواعد وضوابط كثيرة، منها قاعدة "لا يُنكر المختلف فيه وإنما يُنكر المتفق عليه".

وأشار المفتي إلى أن المنهجية العلمية للفتوى الرشيدة والتي تتبعها المؤسسات الدينية المصرية كالأزهر الشريف والأوقاف ودار الإفتاء لا تتوافر عند من ينكر المختلف فيه، بل غائبة تمامًا عن هؤلاء الأفراد المؤيدين لعمل توظيف الأموال في الخفاء، فليس لديهم تثبُّت، ولا إدراك للواقع ولا مآلات لما يروجونه من فتاوى.

ودعا المفتي المواطنين إلى ضرورة الانتباه لخطورة هذا النوع من المعاملات، وإلى زيادة الوعي بالعمل تحت سياج المؤسسات والبنوك والشركات المالية الرسميَّة المقنَّنة، التي تحظى برقابة الدولة والحماية المطلوبة للمتعاملين فيها.

اقرأ أيضاًمفتي الجمهورية يشهد افتتاح البرنامج التدريبي لمجموعة من علماء الشريعة بإندونيسيا

مفتي الجمهورية: مصر لا تدخر جهدًا في تقديم كافة سبل الدعم والمساندة إلى الشعب الفلسطيني

مفتي الجمهورية: المعاملات البنكية هي من باب عقود التمويل وليس القروض المحرمة

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية مفتی الجمهوریة

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية يلتقي رئيس لجنة الجمعيات الدينية في أذربيجان لتعزيز التعاون المشترك

الْتقى الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، مع رامين محمدوف، رئيس اللجنة الحكومية للجمعيات الدينية في جمهورية أذربيجان، لبحث أوجه التعاون في المجالات الدينية والإفتائية.

يأتي هذا اللقاء ضمن فعاليات الزيارة الرسمية لفضيلة المفتي إلى أذربيجان.

وأعرب المفتي، في بداية اللقاء، عن خالص شكره وتقديره للحكومة الأذربيجانية على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، قائلًا: "نشكر أذربيجان حكومةً وشعبًا على هذا الترحيب الحار. وأود أن أنقل تحيات دار الإفتاء المصرية وكل منسوبيها باعتبارها إحدى المؤسسات الدينية الكبرى".

وأشار إلى عمق العلاقات التي تربط بين مصر وأذربيجان، مؤكدًا على متانة الصداقة بين البلدين وعمق التقدير المتبادل بين القيادتين السياسيتين، معربًا عن تقديره للقاء الذي جمعه والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف خلال زيارته مع شيخ الأزهر الشريف.

وأضاف المفتي قائلًا: "نبارك لكم هذه الخطوات المباركة التي تهدف إلى مناقشة الموضوعات ذات الأهمية العالمية، والتي يمكن أن تساهم في وضع حلول لمشكلات تواجه كوكبنا."

وأعرب مفتي الجمهورية عن تقديره لدَور سماحة شيخ الإسلام الله شكر باشا زاده وجهوده في المنطقة.

وأشاد بالعلاقة التي تربطه به منذ زيارته لمكتبه حين كان أمينًا عامًّا لمجمع البحوث الإسلامية، قائلًا: "نحن سعداء بالتعاون والعمل معًا في القضايا المشتركة بما يصب في صالح البلدين."

وأكَّد المفتي أن دار الإفتاء المصرية على استعداد كامل للتعاون والشراكة مع المؤسسات الدينية في أذربيجان، وتقديم عدد من البرامج التدريبية التي تركز على صناعة الفتوى وإعداد المفتين، معربًا عن ترحيبه بتقديم الدعم في جميع المجالات ذات الصلة.

من جانبه، رحب رامين محمدوف بفضيلة المفتي، وأعرب عن امتنانه لتلبية الدعوة لزيارة أذربيجان، مؤكدًا على العلاقة المتميزة التي تجمع بين مصر وأذربيجان.

وأضاف محمدوف: "نشكركم على الاقتراحات التي قدمتموها لتعزيز التعاون بين مؤسساتنا، ونقدر الجهود المتميزة التي تقوم بها دار الإفتاء المصرية في نشر صحيح الدين وتعزيز الفهم الوسطي."

وأشار محمدوف إلى قوة العلاقات بين الشعبين المصري والأذربيجاني، مؤكدًا حرصهم على الاستفادة من هذه التجارب الغنية، مع توجيه دعوة مفتوحة لفضيلة المفتي لزيارة أذربيجان، قائلًا: "لكم دعوة مفتوحة لبلدكم الثاني، أذربيجان، حيث نطمح إلى تعزيز هذه الروابط التاريخية."

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية: التشييد والبناء وعمارة الأرض أحد أشكال العبادة
  • مفتي الجمهورية يلتقي رئيس لجنة الجمعيات الدينية في أذربيجان لتعزيز التعاون المشترك
  • مفتي الجمهورية يُلقي محاضرةً حول "الإنسان في المنظور الحضاري الإسلامي" بأذربيجان
  • مفتي الجمهورية: المرأة المصرية أثبتت قدرتها على العطاء والتضحية من أجل وطنها
  • مفتي الجمهورية يزور معهد أذربيجان للعلوم الدينية
  • مفتي الجمهورية يهنئ المستشارة أمل عمار بتعيينها رئيسة للمجلس القومي للمرأة
  • مفتي الجمهورية يهنئ أمل عمار لتعيينها رئيسا للمجلس القومي للمرأة
  • مفتي الجمهورية السابق: «أهل الصفة» توافق دعوة الرئيس في بناء الإنسان على غرس القيم  
  • مفتي الجمهورية يهنئ رئيسة المجلس القومي للمرأة
  • مستشار مفتي الجمهورية: مصر الأزهر تمثل نموذجًا للتدين الصحيح