مفتي الجمهورية: ينبغي الانتباه لخطورة التعامل مع المستريَّحين
تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT
قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن العلماء عندما نظروا إلى حكم العقود والمعاملات لم يكتفوا بإباحتها ومشروعيتها بناءً على الأصل حيث إن الأصل في الأشياء الإباحة، بل أخذوا في الاعتبار المآلات والمفاسد التي قد تترتَّب على هذا العقد أو المعاملة مؤكدين على مبدأ سد الذرائع.
جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج "للفتوى حكاية" مع الإعلامي شريف فؤاد على فضائية قناة الناس مضيفًا أن فقه المآلات وضرورة اعتباره في الاجتهاد والاختيار الفقهي له أهمية قصوى في الشريعة، خاصة في المسائل والوقائع التي جدَّ ما يدعو إلى تغير حكمها، نظرًا لتغير العوائد والأعراف، أو اختلاف الواقع، وبما يرفق بأحوال الناس ويوافق أعرافهم وعاداتهم ويناسب مقتضيات العصر.
معايير الكسب الحلال تغيب عن عمل القائمين على توظيف الأموال بطرق خفيةوشدَّد مفتي الجمهورية على أن معايير الكسب الحلال تغيب عن عمل القائمين على توظيف الأموال بطرق خفية أو ما يُعرف بالمستريَّحين لأنهم يلحقون الضرر بالاقتصاد الرسمي بالإضافة إلى عدم وجود ضمانات عندهم لأصحاب الأموال، فضلًا عن خداع بعضهم لأصحاب الأموال بالتخفي وراء مظلة أو صبغة إسلامية، مؤكدًا على ضرورة الحفاظ على المال باعتباره أحد المقاصد الخمسة التي اتفق عليها العلماء وهي أعمدة أساسية دعا الإسلام للحفاظ عليها.
وذكر أن الداعين لتوظيف الأموال خارج نطاق المؤسسات الاقتصادية المعتمدة من الدولة هم من ضعاف النفوس يستغلون البسطاء وغير البسطاء تحت مبررات كثيرة لتنمية المال لأغراض شخصية وتحت إغراءات كثيرة ليست قائمة على دراسات اقتصادية منضبطة، بخلاف المعاملات المالية الرسمية المختلفة بدءًا من البنك المركزي إلى أصغر مؤسسة معتمدة تقوم على دراسات اقتصادية دقيقة.
وأكد المفتي أن الفتوى مستقرة على منع التعامل مع الأشخاص الذين يطلق عليهم مستريَّحين لأن هذه المعاملات اشتملت على جملة من المحاذير الشرعية والمخالفات القانونية، والتعامل مع هؤلاء الأشخاص الذين يُطلق عليهم لقب "المستريَّح" هو من باب إضاعة المال المأمور بحفظه وصونه.
السحب والإيداع في البنوك هو من باب عقود التمويل المستحدثة لا القروضوعن تبرير بعض الناس حال لجوئهم لتوظيف الأموال بطرق خفية وبعيدة عن البنوك بسبب الاعتقاد بربوية الأعمال البنكية قال: إن الذي استقرت عليه الفتوى في دار الإفتاء المصرية، بعد دراسات مستفيضة، أن السحب والإيداع في البنوك هو من باب عقود التمويل المستحدثة لا القروض التي تجر النفع المحرَّم، ولا علاقة لها بالربا. حيث إن عقود التمويل الاستثمارية بين البنوك والهيئات العامة وبين الأفراد والمؤسسات، التي يتقرر التمويل فيها بناءً على دراسات الجدوى للمشاريع والاستثمارات المختلفة لا تُعد من الربا المحرَّم؛ بل هي عقودٌ جديدةٌ تحقق مصالح أطرافها، مضيفًا أن الذي عليه الفتوى أنه يجوز إحداث عقودٍ جديدةٍ مِن غير المسمَّاة في الفقه الموروث، ما دامت خاليةً من الغرر والضرر، محققةً لمصالح أطرافها.
وأردف المفتي قائلًا: وعلى افتراض عدم قبول هذه المعاملات بحجة أن الأمر فيه خلاف فهو يندرج تحت المختلف فيه وليس تحت المتفق عليه، وحكم الحاكم وهو القانون رافع للخلاف.
وأوضح مفتي الجمهورية أن العلماء والفقهاء وضعوا قواعد وضوابط كثيرة، منها قاعدة "لا يُنكر المختلف فيه وإنما يُنكر المتفق عليه".
وأشار إلى أن المنهجية العلمية للفتوى الرشيدة والتي تتبعها المؤسسات الدينية المصرية كالأزهر الشريف والأوقاف ودار الإفتاء لا تتوافر عند من ينكر المختلف فيه، بل غائبة تمامًا عن هؤلاء الأفراد المؤيدين لعمل توظيف الأموال في الخفاء، فليس لديهم تثبُّت، ولا إدراك للواقع ولا مآلات لما يروجونه من فتاوى.
ودعا فضيلة المفتي المواطنين إلى ضرورة الانتباه لخطورة هذا النوع من المعاملات، وإلى زيادة الوعي بالعمل تحت سياج المؤسسات والبنوك والشركات المالية الرسميَّة المقنَّنة، التي تحظى برقابة الدولة والحماية المطلوبة للمتعاملين فيها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية الكسب الحلال توظيف الأموال المستريحين مفتی الجمهوریة
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: التصدي للفكر المتشدد والمتطرف مسؤولية الجميع
استضافت جامعة عين شمس برعاية محمد ضياء زين العابدين رئيس الجامعة وغادة فاروق نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة اليوم ندوة حوارية مع فضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد مفتي الديار المصرية تحت عنوان «التطرف وأثره على المجتمع»، وذلك في إطار حرص إدارة جامعة عين شمس على تعزيز القيم الإنسانية والاجتماعية والدينية مما يسهم في بناء شخصية متكاملة للطلاب وتنفيذًا للمبادرة الرئاسية بداية جديدة لبناء الإنسان.
أكد مفتي الجمهورية عياد محمد نظير، أن التصدي للفكر المتشدد والمتطرف مسؤولية الجميع، فعلماء الدين والدعاة والأئمة على وجه الخصوص - لما لديهم من أفق واسع ورؤية تتسم بإدراك حقائق الإسلام ومقاصده وغاياته في إطار المنهج الوسطي الذي يتبناه الدين الصحيح - يجب أن يكون لهم الصدارة في التصدى إلى تلك الأفكار المتطرفة من جذورهاإلى جانب المؤسسات التعليمية و التى يظهر دورها فى إلقاء الضوء على محاسن الدين وكذلك دور الإعلام فى نشر الفكر المستنير و عرض مساحات لنشره.
جهود دار الإفتاء للقضاء على الفكر المتطرفوأوضح أن دار الإفتاء تقوم بدور كبير للقضاء على الفكر المتطرف فى مصر والعالم، و التصدي لظاهرة التطرف الفكري والديني، وتصحيح الصورة والمفاهيم المغلوطة المشوهة التي صدرتها الجماعات المتطرفة عن الإسلام، وذلك من خلال العديد من المبادرات والإصدارات و مواقع التواصل الاجتماعي المتنوعة، التي يشارك فيها عدد كبير من المفتيين ورجال الدين وذلك لتقديم حلول واقعية فعالة للتحديات الإفتائية للمجتمعات المسلمة و محاربة نشر الأفكار المتطرفة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
دعم الانتماء الوطنيشدد المفتي على ضرورة دعم الانتماء الوطني والمشاعر والروابط الفطرية التي تنمو وتكتسب وتجذب الإنسان إلى وطنه الذي استوطنه.
وأجاب فضيلة مفتي الديار المصرية على عدد من تساؤلات الطلاب كما تم عرض فيلم تسجيلى حول مؤسسة دار الإفتاء المصرية منذ نشأتها ودورها في تشكيل الوعي الدينى والفكر المستنير.