سلط المحلل السياسي، أليكس ويلز، الضوء على مستقبل اتفاقيات إبراهيم لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، واصفا الحرب الدائرة في غزة بأنها التحدي الحقيقي الأول لها.

وذكر ويلز، في تحليل نشره موقع "ناشيونال إنترست" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الاتفاقيات ستوفر إطارا يدمج مزيدا من الدول في دائرة التطبيع مع إسرائيل "إذا أثبتت أنها أكثر من مجرد إنجاز سياسي مؤقت".

أما إذا لم يكن الأمر كذلك، "فإن توازن القوى الإقليمي قد يكون في حالة تغير مستمر أكبر مما نعتقد"، بحسب ويلز، لافتا إلى أن المؤمل في اتفاقيات إبراهيم هو أن تكون جسرا للتطبيع بين إسرائيل والسعودية.

فالفترة الماضية شهدت توافقا في المصالح بين المملكة والدولة العبرية، بحسب ويلز، مشيرا إلى أن "شبح الهلال الشيعي المتوسع بدعم من إيران كان كافياً لذوبان الجليد في علاقات الشريكين غير المتوقعين خلال العقد الماضي".

ويرى أن بقاء اتفاقيات إبراهيم مستمرة رغم الاحتجاجات العامة المتكررة من جميع الدول العربية تقريبًا بشأن ممارسات إسرائيل في قطاع غزة يؤشر إلى أن الوضع الراهن في المنطقة لا يبدو معرضا للخطر، باستثناء لاعب واحد بارز، هو تركيا، التي "اتخذت موقفا قاسيا بشكل استثنائي تجاه إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول"، حسب تعبير ويلز.

وأضاف أن "تركيا، التي تتسم بالغموض كما كانت دائمًا، بمثابة ورقة جامحة في سعيها إلى انتهاج سياسة خارجية مستقلة، وكانت تاريخياً قاعدة لإمبراطورية إسلامية قوية وجمهورية علمانية معلنة، وهو التناقض الذي تجلى اليوم في موقفين غامضين إلى حد ما".

اقرأ أيضاً

تحليل: اتفاقيات إبراهيم تدعم الاستبداد لا السلام

وأوضح ويلز الموقف الأول بقوله: "نسق الأتراك مع الولايات المتحدة لإسقاط تنظيم الدولة الإسلامية، لكنهم ظلوا مصرين على استخدام هذا المجال لضرب الجماعات الكردية في جميع أنحاء المنطقة (والتي أثبتت أنها من شركاء واشنطن الأكثر موثوقية)"، مشيرا إلى أن التوترات تصاعدت عندما أسقطت طائرة أمريكية من طراز F-16 طائرة تركية مسيرة كانت تحلق بالقرب من القوات الأمريكية في شمال شرق سوريا.

أما الموقف الثاني فيتعلق بالحرب في أوكرانيا، إذ أن تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي، وتزود أوكرانيا بالمعدات العسكرية، ومع ذلك ترفض فرض عقوبات على موسكو.

وفي أواخر ديسمبر/كانون الأول، شبه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بالمستشار الألماني السابق، أدولف هتلر، فيما يتعلق بالعدوان على قطاع غزة، في خطاب يتغذى على "محاولة الزعيم التركي إعادة إحياء الطابع الإسلامي لبلاده"، حسبما يرى ويلز.

البحرين والمغرب

أما البحرين، فهي العضو العربي الوحيد في عملية "حارس الرخاء" التي تقودها الولايات المتحدة في البحر الأحمر، وهو تحالف بحري يهدف إلى ردع هجمات الحوثيين ضد السفن المتجهة إلى إسرائيل.

وواجهت سلطات المملكة الخليجية الصغيرة حشود من المتظاهرين البحرينيين بشرطة مكافحة الشغب في الأشهر الأخيرة، وكانت تلك الاحتجاجات من أكبر التجمعات منذ أن هزت ثورة الربيع العربي البلاد قبل ما يقرب من 15 عامًا.

ويواجه المغرب اضطرابات داخلية مماثلة، وتسلط الأيام التي تدفق فيها عشرات الآلاف إلى الشوارع تضامنا مع الفلسطينيين الضوء على الازدراء واسع النطاق تجاه إسرائيل.

ويشير ويلز، في هذا الصدد، إلى استطلاع للرأي أجري مؤخرا، أظهر أن 75% من المغاربة يعتبرون عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بمثابة "مقاومة مشروعة".

اقرأ أيضاً

تحليل: المأزق الفلسطيني لا يزال عائقا أمام توسيع اتفاقيات إبراهيم

مصر والأردن

ويضيف أن مصر والأردن هما الشريكين الأكثر طلبًا لإسرائيل من زاوية التعاون بشأن القضية الفلسطينية، ورغم التحذيرات الحادة لإسرائيل على الساحة الدولية، فإن أياً منهما ليس على استعداد للتدخل نيابة عن سكان غزة.

 فانتقاد إسرائيل يعد "صمام أمان للأنظمة العربية المريضة، ويصرف انتباه الناس عن عدم كفاءة حكوماتهم الصارخة وافتقارها إلى سبل المشاركة السياسية"، بحسب ويلز، الذي أشار إلى أن مصر تحديدا لديها مخاوف أمنية في شبه جزيرة سيناء، فضلاً عن تاريخ عنيف في مواجهة جماعة الإخوان المسلمين، التي تعد حماس فرعها الفلسطيني.

وينوه ويلز إلى أن الحصار المدمر، المفروض على قطاع غزة، والذي يُنسب في كثير من الأحيان إلى إسرائيل فقط، تشارك مصر في الحفاظ عليه.

وفي عام 2015، شرعت مصر في هجوم شامل لتدمير الأنفاق التي تربط سيناء بغزة، وإغراقها بمياه الصرف الصحي، باستخدام المتفجرات الجوية والأرضية.

أما الأردن فيحكمه نظام ملكي حساس، ويشكل الفلسطينيون الآن أغلبية من سكانه، وقد حاولوا دون جدوى الإطاحة بالملك في عام 1970.

استجابة السعودية

ويلى ويلز أن التطبيع السعودي الإسرائيلي لا يبدو بعيد المنال، مشيرا إلى أن السفير السعودي لدى المملكة المتحدة، الأمير خالد بن بندر بن سلطان بن عبد العزيز، قال، في 9 يناير/كانون الثاني الماضي، بأن "هناك اهتمامًا بالتأكيد (بالتطبيع) لقد كنا في هذا الأمر لفترة طويلة، و[كنا] على استعداد لقبول إسرائيل لفترة طويلة، إنها حقيقة موجودة. يجب أن نتعايش معها".

ومن شأن هذه الاستجابة السعودية أن تكون كافية لإثارة الدهشة في بيئة عادية، فضلا عن تكون على خلفية الأزمة الحالية، بحسب ويلز، مشيرا إلى أن صحيفة "نيويورك تايمز" أوردت استطلاعات رأي عامة متعددة، أجريت في أواخر ديسمبر/كانون الأول، أفادت بأن 40% من السعوديين يعبرون عن مواقف إيجابية تجاه حركة حماس، ارتفاعا من 10% منذ ما قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول، في حين يعتقد 96% أن الدول العربية يجب أن تقطع العلاقات مع إسرائيل احتجاجا على الحرب في غزة.

ويسلط ذلك الضوء على الموقف المحرج للغاية الذي يجد الزعماء العرب أنفسهم فيه، إذ يتعين عليهم أن ينضموا إلى "جوقة الغضب ضد إسرائيل لتهدئة الشارع"، على حد تعبير ويلز.

 ولا يزال العالم العربي متشككاً إلى حد كبير في حكوماته وكثيراً ما يشتبه في أنها تعمل كدمى عاجزة في يد الغرب، ولذا يرى ويلز أن القادة المعتدلين أمام عملية دقيقة للغاية من أجل الحصول على المساعدة الأمريكية الأساسية دون إثارة غضب الجمهور إلى ما هو أبعد من نقطة الانهيار.

ويخلص ويلز إلى أن مشروع التطبيع العربي مع إسرائيل سيكون "تدريجيًا ومتعدد الأجيال"، وحتى ذلك الحين، "فلا بد من إطلاق مبادرات عدائية بين الحين والآخر على الدولة اليهودية لاسترضاء المعارضة الصاخبة في القاهرة وأسواق الدار البيضاء وأودية عمان"، حسب تعبيره، زاعما أن "إسرائيل ليست منزعجة من الافتقار إلى المجاملات الدبلوماسية، وتظل على أتم الاستعداد لتحمل التصريحات العدائية طالما أنها بلغت بغيتها في تطورات جيوسياسية جوهرية".

فمع استمرار إيران في مفاقمة الانقسامات بمختلف أنحاء المنطقة، "تخلى الزعماء العرب المعتدلون عن أي أوهام عظمة تستبعد إسرائيل من الحل. وهذا لا يقلل من العداء الحقيقي الذي تولده إسرائيل حتى بين النخب العربية، لكن إيران ووكلائها يظلون يشكلون التهديد الأكثر إلحاحا"، على حد زعمه.

اقرأ أيضاً

3 سنوات على اتفاقيات إبراهيم.. ماذا تحقق من أهداف التطبيع؟

المصدر | أليكس ويلز/ناشيونال إنترست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: اتفاقيات إبراهيم إسرائيل السعودية البحرين الإمارات مصر الأردن تركيا أردوغان نتنياهو اتفاقیات إبراهیم مشیرا إلى أن

إقرأ أيضاً:

الخارجية الألمانية: سفارتنا في كييف لا تزال مفتوحة بشكل محدود

عرضت قناة القاهرة الإخبارية خبرا عاجلا يفيد بأن الخارجية الألمانية، قالت إن سفارتنا في كييف لا تزال مفتوحة بشكل محدود.

أفادت قناة "القاهرة الإخبارية" في نبأ عاجل بهجوم بالصواريخ الباليستية يستهدف العاصمة الأوكرانية كييف.

وأغلقت السفارة الإيطالية في كييف أبوابها، اليوم الأربعاء، وسط تقارير أوكرانية - أمريكية رسمية حول احتمال قيام روسيا بشن "هجوم جوي عنيف" اليوم، حسبما ذكرت وكالة نوفا الإيطالية للأنباء.

وذكرت السفارة، في بيان: "كإجراء احترازي، ستبقى السفارة الإيطالية في كييف مغلقة أمام الجمهور اليوم. ومع ذلك، تظل السفارة عاملة".

وأوصت السفارة الإيطالية "جميع المواطنين الإيطاليين الموجودين في البلاد بالامتثال لأكثر إجراءات تخفيف المخاطر صرامة والتوجه فورًا إلى أقرب ملجأ"، "في حالة حدوث إنذار جوي".

وصباح اليوم، حذرت السفارة الأمريكية في كييف من "هجوم جوي كبير محتمل" من المتوقع أن يحدث اليوم، بعدما "تلقت معلومات دقيقة عن هجوم جوي كبير محتمل في 20 نوفمبر".

 

مقالات مشابهة

  • محافظ بيروت: قلب العاصمة اللبنانية تعرض لسلسلة مدمرة من الغارات الإسرائيلية |فيديو
  •  ”البيئة“ تستضيف الملتقى الدولي الأول لريف السعودية  بالأحساء.. منتصف ديسمبر  
  • أمير المنطقة الشرقية يرعى الملتقى الدولي الأول لـ”ريف السعودية” منتصف ديسمبر المقبل بالأحساء
  • برعاية أمير الشرقية.. انطلاق الملتقى الدولي الأول لـ”ريف السعودية” منتصف ديسمبر المقبل بالأحساء
  • مدير "بداية للشطرنج": البطولة شهدت مشاركة 150 لاعبا من 5 جنسيات
  • شيرين تُصدر بياناً رسمياً عن حفلاتها في السعودية
  • منتدى المحتوى المحلي في يومه الأول يشهد اتفاقيات مليارية
  • هل تؤثر السعودية على إدارة ترامب بشأن إسرائيل؟
  • «الخارجية الألمانية»: سفارتنا في كييف لا تزال مفتوحة بشكل محدود
  • الخارجية الألمانية: سفارتنا في كييف لا تزال مفتوحة بشكل محدود