دمشق-سانا

بمناسبة مرور أربعين يوماً على وفاة الشاعر محمد حسن العلي أقام اتحاد الكتاب العرب بالتعاون مع مديرية الثقافة لقاء تأبينياً ثقافياً، شارك فيه عدد من الشعراء والأدباء وأصدقاء الشاعر وذويه، وذلك في المركز الثقافي في أبو رمانة.

رئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور محمد الحوراني رأى في كلمته أن الشاعر الراحل ستبقى أشعاره وكلماته نوراً يضيء وحافز محبة وتوثيقاً لنضاله وجهاده في ثقافة الانتماء والمواجهة، مبيناً أن الراحل العلي كان جاداً بجانب زملائه وأصدقائه وكان في خندق الوطن، ويمتلك القدرة الثقافية والوجدانية على الحضور وكتابة الشعر الحقيقي الذي خلد مواقفه.

وألقى نائب رئيس الاتحاد الشاعر توفيق أحمد كلمة أشار فيها إلى أن الشاعر الراحل ارتوى من كل مياه سورية خلال عمله الوظيفي وقدم كل ما يستطيعه من خدمة لوطنه، وكان صوته غرداً ممراحاً مؤدباً طالعاً من الأرض ومن كريم الانتماء، مبيناً أن الرثاء موجع والغياب غاشم وحضوره سيبقى بذكراه العطرة.

وبين صديقه اللواء المتقاعد عدنان جباوي أن الراحل كان وفياً لأصدقائه، مخلصاً لعمله محباً لوطنه، ومدافعاً عنه بقوة وكبرياء وكرامة، فيما أوضح العميد المتقاعد أحمد خليل أن الراحل إضافة إلى حضوره الطيب كان صحفياً وشاعراً وأديباً مهماً.

الشاعر عباس حيروقة استعرض ما تركه الراحل من أثر في نفوس من التقى بهم ومعهم، سواء الأدباء والكتاب منهم أو من مرؤوسيه بعد تسريحه وممن خدم في مدنهم وقراهم كمدير ناحية أو قيادة منطقة أو أي مركز قيادي شرطي، فهو رجل محبوب جداً من قبل جميع من التقى بهم ومعهم عدا عن أنه مبدع أصيل وشاعر دفاق.

وفي قصيدته عبر الشاعر أمير سماوي عن محبته للراحل وأن ذكراه ستبقى لما يمتلك من وفاء وإخلاص فقال: قم يا صديقي أبا حسان محتفياً .. بأن روحك تهفو فوقنا علماً.

وبين ابن الراحل حسن العلي في كلمته أن والده كان وفياً لأسرته ولأهله وملبياً لكل من يحتاجه ومحبوباً من الجميع، وكان شعره قادراً على التأثير وزرع المحبة والوفاء، وهناك كثير من قصائده لم تطبع، إضافة إلى كلمة ألقتها شقيقته ربا وابنته لمى عبرتا فيها عن المحبة الوفاء والذكرى الطيبة التي تركها.

رئيس المركز الثقافي عمار بقلة الذي أدار اللقاء بين أن الشاعر الراحل إضافة إلى كونه ضابطاً كان شاعراً مشاركاً في أغلب الأنشطة الثقافية، وكان وطني الانتماء والهوية ومحبوباً بحضوره الثقافي.

حضر اللقاء جهاد خازم رئيس رابطة المحاربين القدماء ومديرة الثقافة بدمشق نعيمة سليمان وأعضاء المكتب التنفيذي في اتحاد الكتاب العرب.

محمد خالد الخضر

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

نقوش على قبر محمد المكي إبراهيم

يصعب تعريف الراحل محمد المكي إبراهيم، فهو دبلوماسي وشاعر وكاتب ومفكر وصوفي، وهو أيضاً عصارة لكل ذلك المزيج. لذا سأحصر حديثي عن محطات بعينها في حياة الراحل تميزت جميعها ببريق الالهام والتفرد والاستثناء. كنا نتحلق حوله بوزارة الخارجية، مجموعة من الصحفيين الدبلوماسيين، وهو يومها مدير الإدارة الأفريقية، وعلى مقربة منه الناقد العالم الفذ، عبد الهادي الصديق، صاحب نقوش على قبر الخليل. ذلك زمان لا يعود، والدبلوماسي يومها مثل الفلاسفة القدماء فهو طبيب وشاعر وفيزيائي وفقيه في اللغة والأدب والحكمة. كان محمد المكي يمنحك الانفراد الصحفي والالهام الشعري والفكرة المبتكرة والمفردة النادرة، هكذا بلا اجتهاد، فتأتي الكلمة سلسة متدفقة معبرة، نافذة الى قلب الحقيقة بلا خشية ولا ريب. أنصفته الإنقاذ التي فارقها في سنتها الأولى بتعيينه مديراً للإدارة الأفريقية وظلمته أيما ظلم بأن حرمته من العمل في محطة خارجية أسوة برفاقه الاخرين وهم أقل منه قامة ووسامة في معايير العمل الدبلوماسي، فقرر الرحيل الى أميركا بعد أن سبقته اسرته وهو يقرأ بعين الحصيف أن الدار لم تعد تحتمله في مقبل أيامها. لم يكن من قلبه يريد الرحيل فقد أسر لي برغبته في كتابة عمل موسوعي يحلل دوافع صنع وانتشار وتصديق الخرافة والشائعة بين السودانيين. وكانت تلك نبوءة مبكرة لما سيؤول اليه حال المجتمع حتى أصبحت الفرية هي الحقيقة وباتت الحقيقة أرملة في وادي الوحوش. والنبوءة الثانية، عند زيارته قبل الأخيرة للسودان مستبشراً بثورة ديسمبر قال: (الخرطوم اليوم مدينة مخيفة، مرعبة، ترى في عيون الناس شيئاً ما يخافونه بشدة، لكن شيئا ما يلجمهم عن الحديث). لقد رأى بعينه الملهمة، عين الزرقاء، ما لم يره الاخرون والذي تفجر اليوم واقعا سرمديا مؤلماً، جعل الناس أقرب أن يفروا من أمهم وأبيهم وصاحبتهم وبنيهم أو قد فروا بالفعل. كان رحيل ود المكي معلناً، فقد ظل يتواصل معي في الفترة الأخيرة السابقة لاشتداد مرضه، حيث نشرت له صحيفة البننسولا مقالات باللغة الإنجليزية، داعبني يومها قائلاً: أصبحت أدبج المقالات بلغة اليانكي البديعة كما كنت أفعل بالعربية، فأكدت له أن رئيس تحرير صحيفة البننسولا معجب بمقالاته وانني قلت له: أنت أمام شاعر سوداني لا يقل براعة عن شاعر الإنجليزية صمويل جونسون صاحب مخطوطة: إذا أحسست بالتعب من لندن فقد أحسست بالتعب من الحياة. لكن شاعرنا ظلمه أهله، ودوما زامر الحي لا يطرب.
عندما همّ طلبة شعبة العلوم السياسية بجامعة الخرطم، بتخليد ذكرى تخرجهم مطلع التسعينات شرفوني بمساعدتهم على إعداد وطباعة كتاب الخريج، وجميعهم من نوابغ البلد الذين كانت لهم بصمات من الإنجازات عقب ذلك، أجمعوا جميعاً بأن يطلقوا على الكتاب إسم: بعض الرحيق... كانت تلك الدفعة، أول دفعة من المحايدين تلحق الهزيمة بالتيار الإسلامي في انتخابات جامعة الخرطوم وأذكر منهم أقرب المقربين الى قلبي قريبي وصديقي الراحل، علي محمد علي، وعثمان ياسين وعبد الله سقدي ومحمد نور الدائم ومحمد علي إبراهيم. وجاء خبر ذلك الاقتباس جميلاً على مسامع الراحل، وسره أن الكلمة الجميلة الموحية ستبقى حية لا تموت أبداً.
حدثته عن الأبيض ذات يوم وأنا أعلم قدر محبته لها، وذكرته بعمي حسن علي كرار الذي سكن تلك الديار وترك فيها أثراً لا يزول، فقال لي كان مديراً لمدرسة خور طقت الثانوية وكان رجلا مهيباً ومعلما مطبوعاً ومربياً فريدأً.
من أجمل ما قرات ما كتبه في نعيه، المبدع فضيلي جماع حين قال: برحيله انفصل الصندل عن الجمر، وليته قال: برحيله انفصل صندل الشعر عن الجمر. نعم لن يفوح صندل الشعر عنبراً، ولن ترتوي الفراشات من رحيق الورود الزكية، ولن تغرد البلابل على دوح الطبيعة الساحرة ولن يسمع السمار قيثارة الناي تشدو بعباراته المتدفقة سحراً وجمالاً.
ومع ذلك فقد خصني الراحل المقيم بكثير من الثناء والتقدير والنصح ومن ذلك ما قاله في حوار مع الصحفي صلاح الباشا:
لقد هبّ أخي صلاح الباشا لنجدتي فجاء الخير على يديه بلا كثير عناء (نصر من الله وفتح قريب) وجاء يعلن القرار واحد من قبيلة الكرام الكاتبين هو أخونا السفير جمال محمد إبراهيم وهو حاليا الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية وأحد الذين أبلغتهم إعجابي وتقديري لما يكتبون قبل أن يتبوأ منصبه الجديد بأعوام. وهذه سنة اتخذتها لنفسي بعد أن تقدمت بنا السنون وصفت نفوسنا وانفتحت عيوننا على قدرات الآخرين ونفائس ما ينطوون عليه من جمال. ومع ذلك تبقى في النفس أشياء من حتى، فهنالك آخرون يستحقون الإشادة لم تتح لي المناسبات لأذكرهم بالخير منهم صديقي وابن (حتتنا) الأستاذ عاصم عطا صالح خبير الاستراتيجية المعروف (ستفن هادلي بتاعنا)، ومنهم الصحفي اللامع طه النعمان والصحفي المقتدر ضياء الدين بلال والصحفي المغترب الدكتور عبد المطلب صديق والدكتورة آمنة ضرار القيادية في حركات الشرق المطلبية. وآخرون في مجال العمل الخاص والعام يحسنون ما يفعلون. والحال انه لا سبيل لحب الوطن إذا كان الوطن وما فيه ومن فيه مثالب ومعايب لا تتخللها "جهشة ضوء" كما قال الشاعر فالحمد لله كثيرا أن جعل الخير في كرام أبناء شعبنا وبناته.
رحمك الله يا شاعر الشعب وأمثالك لا يموتون، وكما قال طاغور شاعر الهند العظيم: الملهمون يعلمون انهم لا يعيشون إلى الأبد لذلك لا يفجعهم الرحيل أبداَ.

talabmakki@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • طنجة.. وفاة شخص داخل مسجد قبل صلاة الجمعة
  • طارق العلي: جمهور الإمارات متذوق لـ«أبو الفنون»
  • وفاة شخصين في حادث مرور  ببرج بوعريريج 
  • إسماعيل الليثي وزوجته يؤديان مناسك العمرة لنجلهما الراحل
  • قتيلان و4 جرحى في حادث مرور بالعاصمة
  • رئيس الدولة ونائباه يهنئون رئيس غينيا بذكرى الاستقلال ورئيس وزراء اليابان الجديد بمناسبة تعيينه
  • "الأدب من الشفاهية إلى الرقمنة" في مناقشات مؤتمر قصور الثقافة بالمنيا
  • وفاة الشاعر محمد الشحات الرجحى عن عمر يناهز 70 عاما
  • وفاة الشاعر محمد محمد الشحات عن عمر يناهز 70 عاما
  • نقوش على قبر محمد المكي إبراهيم