ناقدة فنية: «المتحدة» انتصرت لقضايا المرأة في أعمالها مثل «لعبة نيوتن»
تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT
قالت مي جودة، الناقدة الفنية، إنَّ هناك فكرا جديدا في الدراما المصرية بالوقت الحالي، وطرح موضوعات تخص «قضايا المرأة»، مؤكدة أن الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لعبت دورا كبيرا في هذا الشأن، من خلال أعمال درامية مثل «لعبة نيوتن» و«تحت الوصاية».
الشركة المتحدة تهتم بقضايا تلمس الأسرة المصريةوأضافت «جودة»، في حوارها مع الإعلامية هبه ماهر، ببرنامج «8 الصبح»، والمُذاع على شاشة «قناة dmc»، أنَّه قبل تواجد الشركة المتحدة ككيان كبير ينتج أعمالاً درامية فنية مختلفة، كانت موضوعات المسلسلات تنحصر في تجار المخدرات وساكني الكومباوند، مما جعل تلك الأفكار تبتعد عن نبض الشارع المصري.
وأكدت الناقدة الفنية أن الأعمال البعيدة تسببت في عزوف الأسرة المصرية عن متابعة الدراما، وبعدما أبرزت الشركة المتحدة قضايا تهم كل بيت عادت الأسرة لمتابعة الدراما مرة أخرى، ومنها قضايا تتعلق بالمرأة الصعيدية، والمرأة في الأقاليم، مع تواجد منصات رقمية لعرض هذه الأعمال.
وأشارت جودة إلى أن هناك مسلسلات ناقشت قضية الختان وتولي المرأة مناصب قيادية، وجميعها من إنتاج الشركة المتحدة، مؤكدة أن دور الفن هو تسليط الضوء على مشكلات المجتمع وطرح حلول لها.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الشركة المتحدة الأسرة المصرية الدراما المصرية الدراما الرمضانية الشرکة المتحدة
إقرأ أيضاً:
المجتمع.. كيف يكون محفزاً على الإبداع؟
فاطمة عطفة
يشكل الإبداع في مختلف العلوم والفنون والآداب مكانة فكرية وثقافية سامية في حياة البشر على مر العصور. وثمرات الإبداع هي الركن الأساسي للحضارة الإنسانية، وفي هذا التحقيق عدد من وجهات النظر والرؤى حول محفزات وأسس الإبداع، وكيف تساهم العوامل المكتسبة بالقراءة والتعليم والتوجيه والرعاية في تطوير العملية الإبداعية؟ كما نضيء على المحيط الاجتماعي المؤثر في بناء وتطوير الشخصية المبدعة.
بدايةً، تقول الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان، الباحثة الإماراتية في الأمن الاجتماعي والثقافي، أستاذ زائر بكليات التقنية العليا للطالبات، أستاذ زائر بجامعة الإمارات العربية المتحدة: حين ننظر إلى مفهوم الشخصية المبدعة نجد أنها الشخصية القادرة على الخلق وتوليد الأفكار الجديدة والمبتكرة، حيث تتميز بقدرتها على التفكير خارج الصندوق وتحدي القوالب الجاهزة، وأهم صفة فيها هي القدرة على طرح الأسئلة وبناء التساؤلات التي تولد الأفكار المختلفة. وهنا تشير الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد إلى أن الجزء الأكبر من الأفراد في أي مجتمع يرى أن الشخصية المبدعة هي الشخصية المبدعة في مجال الآداب والفنون، ولكن هذه الرؤية قاصرة، فكل مجال يمتلك إبداعه، مهما كان، حتى في مجال الأعمال البسيطة، فالإنسان المبدع قادر على الخلق والابتكار في حل المشكلات ومواجهة التحديات داخل أي مجال، بل وفي طريقة الحياة اليومية ذاتها.
الشخصية المبدعة
وترى الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد أن تكوين الشخصية المبدعة يخضع لعدة عوامل متشابكة تعمل على خلق هذا الإنسان المبدع، مبينة أن الأسرة والمدرسة والمحيط المجتمعي يجتمعان في تعزيز قيمة العقل الناقد في أطفالنا منذ تفتح وعيهم على الحياة، وهنا تكون البداية مع الأسرة، فهي الحاضنة لتلك اللحظة الهامة من تكوين الطفل. فحين تنفتح الأسرة على التساؤلات الوجودية الفطرية التي يطرحها الطفل في بدايات تكوينه دون مصادرة حقه في ذلك، يبدأ يترسخ في وعيه شجاعة التساؤل، ولا يرتبط السؤال عنده بالعقاب أو الزجر، فيترسخ في بنيته الواعية أن التساؤل والتفكير مرادف للعقاب، ويتداخل ذلك مع المدرسة التي تعطي الطفل حق التعليم، ولكن هناك حق آخر لا بد للمدرسة أن يكون لها دور رئيسي فيه، وهو التعلم الذاتي لا بد أن يكون هناك آليات واضحة لممارسة الطفل محاولة التعلم والبحث عن الإجابات التي يطرحها بنفسه، وعند هذه المرحلة يأتي دور البيئة المجتمعية الداعمة للقراءة كسلوك يومي للطفل والبيئة المجتمعية الحاضنة. وهنا تشمل المجتمع ككل، فكل بيئة اجتماعية حاضنة للقراءة، كجزء أصيل من مفردات حياتها وسلوكيات أفرادها، تدفع الطفل إلى القراءة والبحث عن الإجابات التي يطرحها بين صفحات الكتب المختلفة ووسائل المعرفة الثقافية، وهنا يشب الطفل على حرية التساؤل والقدرة على التعلم والقراءة، وبالتالي تتكون شخصية مبدعة متفردة في أي مجال.
أما تأثير المحيط الاجتماعي، فتقول عنه الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد: «بالتأكيد الإجابة نعم، البيئة الثقافية ومؤسسات الدولة ومؤسسات النفع العام والحاضنة الاجتماعية للفرد تمارس دوراً كبيراً في تنمية الموهبة الإبداعية وخلق الإنسان المبدع القادر على حل المشكلات بصور مختلفة وخارج القوالب المتعارف عليها. وتلفت إلى أن البيئة الثقافية الإماراتية كنموذج بيئة متنوعة الثقافات وغنية بالتنوع الفكري، مما يسمح بحدوث حالة من التفاعل الثقافي بين الأفراد، ويعطي مساحة كبيرة من التعلم واكتساب الخبرات وتوسيع الآفاق». وهذا يساعد الإنسان على اكتشاف مواهبه الخاصة، وتحفزه على الإبداع، أضف إلى ذلك دور المؤسسات التعليمية كما أشرت سابقاً، والحاضنة الاجتماعية في احتواء الطاقة الإبداعية للفرد وتوفير فرص للابتكار والإبداع، فحين تكون الحاضنة الاجتماعية محفزة على الإبداع ورعاية المواهب، سيكون الإنسان قادراً على استكشاف ذاته وبواطن تفرده وإبداعه ومواهبه الخاصة، وقادر على تطويرها وإظهار شغفه بصورة تثري محيطه وبيئة المجتمعية، ويصبح فاعلاً في مجتمعه. ونحن في مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافية والتعليمية، بصفتنا عضواً في منظومة العمل الاجتماعي والثقافي في دولة الإمارات العربية المتحدة ونتبع خطى قيادتنا الرشيدة في بناء إنسان إماراتي مبدع ومبتكر، نحرص على تنمية العقل الناقد والقدرة على طرح الأسئلة في أطفالنا من خلال المنظومة التعليمية وفعالياتنا المختلفة والمتنوعة، والتي تحرص دائماً على اكتشاف المواهب والابتكار.
البيئة المحفزة
من جانبه يقول د. محمد البشاري، أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة: «إن الإبداع هو المحرك الأساسي لنهضة المجتمعات وتقدم الأمم، وهو ليس مجرد موهبة فطرية يولد بها الإنسان، بل هو نتاج بيئة محفزة، وتعليم داعم، ومجتمع يتقبل الأفكار الجديدة». ومن منظور إسلامي، فإن التفكير الإبداعي هو أحد أشكال التفكر والتدبر في آيات الله، حيث يقول تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُوْلِي الألْبَابِ﴾
ويرى د. البشاري عدة عوامل للإبداع، أولها أن الأسرة تلعب دوراً حاسماً في تنمية الموهبة الإبداعية لدى الأطفال، حيث تعد المؤسسة الأولى التي تغرس فيهم حب المعرفة، والاستكشاف، والتفكير النقدي. فكلما كانت البيئة الأسرية داعمة للإبداع، زادت فرصة الطفل ليصبح مفكراً أو مبدعاً في المستقبل. ويقتبس سعادته من الجاحظ قوله: «الأبوان هما النافذتان اللتان يطل منهما الإنسان على العالم»، وهذا يعكس أهمية تأثير الأسرة في تشكيل الفكر والإبداع لدى الأبناء. فالطفل الذي ينشأ في بيئة تشجع الحوار، وتتيح له مساحة للتعبير عن آرائه بحرية، يكون أكثر قدرة على التفكير النقدي والإبداعي من الطفل الذي ينشأ في بيئة تفرض عليه الامتثال والتقليد. الدور الثاني للتعليم، فهو أحد المحركات الأساسية للإبداع، فالنظام التعليمي القائم على التلقين والحفظ لا يمكن أن ينتج مبدعين، بل على العكس، يقتل روح الابتكار ويخرج أجيالاً تابعة لا تفكر خارج الإطار التقليدي. بينما التعليم القائم على الاستكشاف، والبحث، وحل المشكلات، يعزز التفكير الإبداعي لدى الطلاب، وهذا ما تؤكده منظمة اليونسكو.
ويشير د. محمد البشاري إلى أن الحضارة الإسلامية بلغت أوج ازدهارها عندما كان العلماء لا يكتفون بتلقي المعرفة فقط، بل كانوا يضيفون إليها ويطورونها، مثل ابن سينا، والرازي، والخوارزمي. وهذا يؤكد أن التعليم الذي يحرر العقول هو الذي يقود الأمم نحو النهضة والإبداع. ثالثاً: تأثير المجتمع والثقافة، فالمجتمع يمكن أن يكون عاملاً محفزاً للإبداع، أو عائقاً أمامه، تبعاً لما يقدمه من دعم للأفكار الجديدة. فالمجتمعات التي تقدر الإبداع، وتوفر بيئة مناسبة للمبدعين، تكون قادرة على إنتاج المعرفة والابتكار، بينما المجتمعات التي ترفض التغيير وتتمسك بالجمود الفكري تؤدي إلى انحدار الإبداع وتهميش الموهوبين. رابعاً: المطالعة وتأثير الشخصيات الملهمة، والمطالعة ليست مجرد وسيلة لاكتساب المعرفة، بل هي محرك أساسي للإبداع، فكل المبدعين في التاريخ كانوا قراء نهمين، لأن القراءة تزود العقل بالمواد الخام التي تساعده على الابتكار. وقد قال عباس محمود العقاد: «القراءة تضيف أعماراً إلى عمر الإنسان»، مما يعني أن اطلاع الفرد على تجارب الآخرين يمنحه آفاقاً جديدة للتفكير والإبداع. كما أن التأثر بالشخصيات العظيمة يساعد المبدعين على تحديد مساراتهم وأهدافهم، فمن يتابع مسيرة ابن سينا في الطب، أو المتنبي في الشعر، يجد في حياتهما مصادر إلهام تدفعه إلى تحقيق ذاته. خامساً: دور الدولة والمؤسسات في دعم المبدعين، فلا يمكن أن يزدهر الإبداع في مجتمع دون دعم حكومي ومؤسسي حقيقي. فالدول التي تستثمر في التعليم، والثقافة، والبحث العلمي، تحقق نهضة سريعة، مقارنة بالدول التي تهمل هذه الجوانب.
ويختتم د. محمد البشاري، قائلاً: الإبداع قوة دافعة نحو مجتمع متماسك ومزدهر، وليس رفاهية، بل ضرورة حضارية تسهم في بناء مجتمعات متقدمة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة والتفوق العلمي والفكري. فالمجتمعات التي تحتضن المبدعين، وتوفر لهم بيئة محفزة على التفكير والابتكار، هي التي تصنع المستقبل وتحقق الريادة. ولذلك، يجب أن يكون دعم الإبداع مسؤولية وطنية ومجتمعية مشتركة، تتكامل فيها أدوار الأسرة، والتعليم، والثقافة، والمؤسسات الرسمية، والمجتمع بأسره.
عوامل متكاملة
يقول د. محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات: الإبداع ليس حكراً على فئة معينة من الناس، بل هو كامن في كل فرد منا، ينتظر فقط من يكتشفه ويصقله وينميه. ولكي يتحقق ذلك، يرى د. العلي أنه لا بد من توافر مجموعة من العوامل المتكاملة، التي تتضافر فيما بينها لتشكيل الشخصية المبدعة. وأول هذه العوامل الأسرة، حيث إن البيت هو المدرسة الأولى للإبداع، لأن الأجواء الأسرية التي تشجع على التساؤل والاستكشاف والتفكير النقدي، وتوفر الدعم النفسي والمادي للأبناء، وتنمي فيهم الثقة بأنفسهم وقدراتهم، هي الأساس الذي تبنى عليه الشخصية المبدعة.
أما العامل الثاني في رأيه، فهو التعليم لأن المدرسة والمدرسين يؤدون دوراً حاسماً في تنمية الإبداع لدى الطلبة، وهنا يشير إلى أن المناهج التي تعتمد على التفكير النقدي وحل المشكلات، وتشجع على البحث والاستكشاف، وتتيح للطلاب حرية التعبير عن أفكارهم، هي التي تخرج لنا أجيالاً مبدعة.
أما العامل الثالث فهو اجتماعي، حيث يشجع المحيط الاجتماعي الغني بالثقافة والمعرفة، على التفاعل وتبادل الأفكار، والإبداع، ويشكل بيئة خصبة لنمو الشخصية المبدعة. ويؤكد في حديثه على الحاضنة الاجتماعية التي تتكون من الأهل والأصدقاء والزملاء، حيث تلعب دوراً حيوياً في احتضان المبدعين وتوفير الدعم المعنوي والنفسي لهم، وتساعدهم في تجاوز الصعوبات والتحديات.
أما العامل الرابع فهو شخصي، حيث تشكل القراءة مفتاح الإبداع وتغذي العقل بالمعلومات والأفكار، وتوسع المدارك، وتساعد في توليد الأفكار الجديدة. ولا شك في أن القدوة تشكل عاملاً أساسياً لأن التأثر والاقتداء بشخصيات متميزة، في العلوم أو الآداب أو الفنون، يلهم الأفراد ويحفزهم على السعي نحو التميز والإبداع.
ويختم الباحث د. محمد عبدالله العلي مشدداً على أن تنمية الموهبة الإبداعية هي مسؤولية مشتركة، تقع على عاتق الأسرة والمدرسة والمجتمع، بالإضافة إلى المبدع نفسه. فإذا تضافرت هذه الجهود، وتم توفير البيئة المناسبة والمشجعة، فإننا سنتمكن من إخراج أجيال مبدعة، قادرة على إثراء حياتنا وخدمة مجتمعنا.
عوامل مساعدة
من جهته، يقول الروائي الكبير علي أبو الريش: أتصور أن الإبداع يبدأ من ملكة قبل أي شيء، والعوامل الأخرى هي مساعدة وتعتبر فرعية، سواء كانت الأسرة أو المجتمع، وحتى القراءة. لكن بالأساس هي ملكة الإنسان ومسألة تدخل في الجينات الوراثية لدى المبدع، وقيل إن العقاد كان لديه مكتبة كبيرة، وقيل إنه كان مدمن قراءة، لكن هذا لا يمنع ولا يمكن أن نستثني أن للملكة دوراً كبيراً في تكوين المبدع، واستثنائيته في عمله.
وأشار أبو الريش إلى أن هناك الكثير من المؤسسات تعمل على إقامة ورشات لتدريب الكتاب على عمل أو إنتاج روايات، وهو ضد هذه الفكرة ليس لأنها غير نافعة، بل لأنها يمكن تأخذ نخباً غير صالحة أساساً، لأن بعض الناس لديها طموحات لكن الطموح شيء والقدرات الإبداعية شيء آخر. ويوضح أن الأهداف شيء والإمكانيات شيء آخر. لذلك قبل أن ننشئ ورشات لأعمال إبداعية، يجب أن تكون هناك مدارس لدراسة القدرات النفسية لدى الكتاب، لأن أي كاتب أو شاعر يمكن أن يعمل ورشة.
ويلتفت الروائي أبو الريش إلى التكنولوجيا، قائلاً: برز عندنا الذكاء الاصطناعي أيضاً، وقبل سنتين تم نقاش بيني وبين أحد المتخصصين بالذكاء الاصطناعي، وقدم الموضوع بكل سهولة وبساطة، حيث قال: إنه ممكن الآن بكبسة على الزر أن تستخرج رواية متكاملة، أو قصيدة، وهذا غير صحيح. أولاً، لأن هذه إساءة لإنسانية الإنسان، مبيناً أن العمل الإبداعي ليس مجرد كتابة وإنما ضرورة وجودية، لأن الكاتب لما ينتج رواية فهي تعبر عن ضرورة وجودية، والإنسان عندما يكتب عملاً ويحجب يعيش كأنه في سجن مغلق.
خصخصة الإبداع
بدوره، يقول د. عمر عبد العزيز، مدير الدراسات والنشر بدائرة الثقافة بالشارقة ورئيس مجلس إدارة النادي الثقافي: الحقيقة هناك عاملان أساسيان، عامل ذاتي وعامل مجتمعي، العمل الذاتي يتعلق بالموهبة أو بالتميمة الخاصة لهذا الإنسان أو ذاك، وهذه مسألة متصلة باللاشعور وباللاوعي ومتصلة بما يسمى المضمر الخفي بطاقة الإنسان والمبدع. ويوضح أن هذه مسألة تميز المبدعين الموهوبين. أما البند الآخر، فهو البند المجتمعي الذي يدخل بالتربية والمتابعات والتعليم الأكاديمي.
ويرى د. عبد العزيز أن العامل الحازم في تكوين الشخصية المبدعة، وهو العامل الأول المرتبط بتلك التميمة أو اللاشعور، ومرتبط بالقراءات. لكن العامل الحازم لتنمية الشخصية وهو العامل المرتبط باللاوعي أو اللاشعور، ومرتبط بتلك التنمية الحسية لقدرة كل إنسان، بوصفها المحرك الأساسي للقدرة على التلقي، والقدرة على التجريب، والقدرة على الحدس في الحياة، وما إلى ذلك. ويبين د. عبد العزيز أن الإبداع، بالمعنى الواسع للكلمة، ليس فقط في حقل الفن والأدب ولكنه في كل حقول المعرفة، وكل الأداء الإنساني والقدرة على التخطي الرشيق، والقدرة على الإلحاق بزمن الإبداع، وهو زمن خاص جداً، وهو زمن مغاير للزمن الفيزيائي المألوف. وتبعا لذلك، يرى أن الاجتهاد يلعب دوراً كبيراً جداً في خصخصة الإبداع، وترميمه وتكملة عناصره، ويؤكد على أن الموهبة هي العامل الرئيسي في تقديره، بما يتوفر من سياقات اجتماعية تساعد الموهوب على التطور. لكن في مرات كثيرة تخبو كثير من الأصوات الإبداعية بسبب أن الوضع الاجتماعي لا يساعد على تنمية تلك الموهبة.
وبما يخص السؤال الثاني عن أهمية المجتمع وتأثيره في تنمية المواهب، يقول: الحقيقة أن المجتمعات البشرية تترنح بين مستوين هما: الوجود الاجتماعي، والوعي الاجتماعي. وفي تقديره أن الوعي الاجتماعي هو العامل المهم جداً، لأنه عامل يتعلق بالمقدمات والمؤهلات والأرضية التي ينطلق منها الإنسان على أن يكون واعياً. ويختم د. عمر عبد العزيز مشبهاً الوجود بانطلاق طير من الطيور، لقدرته على التحليق، ولا يستطيع أحد أن ينزع تلك المنصة. وبنفس الوقت، يرى أن التحليق هو الانطلاق الإبداعي لهذا الطير. أما المنصة فهي المكان والموقف. ولهذا السبب، كلما كان الوجود الاجتماعي عامراً بالقيم المادية والروحية المتشابكة بطريقة إيجابية حميدة، ساعد على نمو الإبداع.