لماذا نصوم شهر رمضان؟ إمام المسجد النبوي يحدد 5 نفحات ربانية للصائمين
تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT
لماذا نصوم شهر رمضان ؟ شرع الله تعالى لعباده شهر الصيام، وجعله فرضًا من فرائض الإسلام، ذلك الشهر العظيم الذي تضمن أسرارًا عجيبة، وفوائد جليلة، لو تدبرها الإنسان وتأمل في معانيها لأدرك عظيم فضل الله عليه وعلى الناس.
قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالله البعيجان، إن الصوم عبادة من أعظم العبادات وقربة من أزكى القربات وطاعة من أجل الطاعات وحقيقة الإمساك عن المفطرات وترك الشهوات واتقاء المحرمات، وغاية الصوم تقوى الله عز وجل وتهذيب النفس وتزكيتها من النقص والخلل وحصول الأجر والثواب منه سبحانه وتعالى.
وأضاف «البعيجان» في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد النبوي، أن الصوم عبادة من أفضل القربات وأجل الطاعات واعظم المثوبات وهو عبادة الصابرين وزاد المتقين وذخر الفائزين ويكفي أن الله قسم عمل ابن آدم إلى قسمين فجعل الصوم قسما مستقلا إضافة إلى لنفسه وجعل بقية أعماله قسما واحدا، فعن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف.
ولفت إلى أن الصوم جنة ووقاية من النيران وعصمة من اقتراف المعاصي واتباع الشهوات والشيطان وللصائم فرحتان وله في الجنة باب يقال له الريان وأفضل الصيام أداء الركن الواجب بصيام شهر رمضان وأفضل صيام التطوع صيام شهر شعبان.
وفي ختام خطبته حث إمام وخطيب المسجد النبوي المسلمين بالصيام بشهر شعبان قائلا: فصوموا عباد الله من شعبان ما استطعتم واقرضوا الله قرضا حسنا «وَمَا تُقَدِّمُوا لأنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا».
قالت دار الإفتاء المصرية، أولًا: إن الصوم ؛ وسيلة للتحلي بتقوى الله عز وجل، لأن النفس إذا امتنعت عن بعض المباحات الضرورية كالطعام والشراب؛ طمعًا في مرضاة الله، وخوفًا من غضبه وعقابه؛ يسهل حينئذ عليها الامتناع عن الْمُحَرَّمات، والتحلي بتقوى الله تعالى.
وأضاف الدار، في فتوى له، ثانيًا: أن الصوم وسيلة للتحلي بالإخلاص؛ لأن الصائم يعلم أنه لا يطَّلع أحد غير الله تعالى على حقيقة صومه، وأنه إذا شاء أن يترك الصوم دون أن يشعر به أحد لفعل، فلا يمنعه عن الفِطْر إلا اطِّلاعُ الله تعالى عليه، ولا يحثه على الصوم إلا رضاء الله، والنَّفْسُ إذا تعايشت مع هذه الرؤية صارت متحلية بالإخلاص.
وتابعت: ثالثًا: الصوم وسيلة للشكر؛ لأَنَّه بالامتناع في وقت الصوم عمَّا أنعم الله به على الإنسان من الطعام والشراب وسائر الشهوات المباحة يتبيَّن للإنسان مقدار تلك النِّعَم وحاجة الإنسان إليها، ومدى المشقة التي تلحق المحروم من تلك النِّعَم، فتتوق نفسه إلى شكر ذلك الْمُنْعِم العظيم الغنيِّ الذي وهب ومنح دون مُقَابل أو حاجةٍ لِمُقَابل.
وواصلت: رابعًا إن في الصوم من تَخَلُّق النفس بالصبر على الجوع والعطش والشهوة، والحد من نَهْمَتِهَا وانطلاقها الغاشم في الملذَّات، فالنفس المنطلقة في الشهوات اللاهثة وراء الملذات ما أسهل أن تستجيب للشيطان حين يُزَيِّن لها المهالك والموبقات؛ لذا كانت النفس في حاجة إلى الضبط والتنظيم في تنعُّمها بنعم الله تعالى.
وأكملت: خامسًا: أن الله تعالى نسب الصيام إليه، وتولى جزاء الصائمين؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللَّهُ : كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» [رواه البخاري ومسلم]. وفي رواية: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ؛ يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي، الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ».
سادسًا: ومن أسرار الصوم وحكمه أنه فيه صحة للبدن من الأمراض والأسقام؛ فبالصيام يطهر البدن من الفضلات والسموم التي نتجت عن أنواع الطعام الذي يُدخله المرءُ إلى جوفه طيلة العام، ومع الجوع يبدأ الجسم باستهلاك المخزون الجسدي، وطرد ما فيه من السموم والفضلات؛ فمع قلة الطعام الناتج عن صيام النهار ينتظم التنفس، ويقل العبء الملقى على القلب، ويتهيأ للجهاز الهضمي أن يجدد أنسجته التالفة، كما أن قلة الفضلات تسمح بإراحة الكلى وتجدد نشاطها، إلى غير ذلك من الفوائد الصحية العظيمة.
فضل صيام شهر رمضان
شهر رمضان فضّله الله على سائر السَّنَة بنزول القرآن الكريم فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ" [البقرة: 185]، وميز الله تعالى هذا الشهر الكريم بأن أمر بصيام نهاره؛ فقال: "فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ" [البقرة: 185].
والصيام من العبادات التي لها أثرٌ عظيمٌ في حياة الفرد والمجتمع؛ فهو يعود الإنسان على الصبر وتحمل المشاق ويرقق المشاعر والأحاسيس، ويربط العبد بربه وخالقه، وفي الصوم خضوعٌ وطاعةٌ وحرمانٌ من ملذات الحياة وشهواتها طيلة النهار إيمانًا واحتسابًا لله، وهو انتصارٌ على النفس والهوى والشيطان، ورمضان هو شهر المغفرة والعتق من النار، ويكفيه فضلًا أن الله سجّل فضله في القرآن الكريم، ليظل يُتلى على مَرِّ الأيام وكَرِّ الأعوام إلى أن يرث اللهُ الأرضَ ومَن عليها؛ فهو الشهر الوحيد الذي ذُكر باسمه في القرآن الكريم.
فضل صيام شهر رمضان
خصَّ الله عز وجل عبادة الصيام من بين العبادات بفضائل وخصائص عديدة، منها: أولًا: أن الصوم لله عز وجل وهو يجزي به، كما ثبت في البخاري (1894)، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي».
ثانيًا: إن للصائم فرحتين يفرحهما، كما ثبت في البخاري ( 1904 ) ، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ».
ثالثًا: إن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، كما ثبت في البخاري (1894) ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله عز وجل يوم القيامة من ريح المسك».
رابعًا: إن الله أعد لأهل الصيام بابا في الجنة لا يدخل منه سواهم، كما ثبت في البخاري (1896)، ومسلم (1152) من حديث سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّة بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ، لاَ يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ؟ فَيقومونَ لاَ يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ».
خامسًا: إن من صام يومًا واحدًا في سبيل الله أبعد الله وجهه عن النار سبعين عامًا، كما ثبت في البخاري (2840)؛ ومسلم (1153) من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ عبدٍ يصومُ يوْمًا في سبِيلِ اللَّهِ إلاَّ بَاعَدَ اللَّه بِذلكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سبْعِين خريفًا»..
سادسًا: إن الصوم جُنة «أي وقاية» من النار، ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصيام جُنة»، وروى أحمد (4/22) ، والنسائي (2231) من حديث عثمان بن أبي العاص قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «الصيام جُنة من النار، كجُنة أحدكم من القتال».
سابعًا: إن الصوم يكفر الخطايا، كما جاء في حديث حذيفة عند البخاري (525)، ومسلم ( 144 ) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
ثامنًا: إن الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة، كما روى الإمام أحمد (6589) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ».
مبطلات الصيام
الأول: الجماع: فمتى جامَع الصائم بطل صومُه، فرضًا كان أو نفلًا، ثم إن كان في نهار رمضان، والصوم واجب عليه لزمه مع القضاء الكفارةُ المغلظة، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين لا يفطر بينهما إلا لعذر شرعي كأيام العيدين والتشريق، أو لعذر حسي كالمرض والسفر لغير قصد الفطر، فإن أفطر لغير عذر ولو يومًا واحدًا لزمه استئنافُ الصيام من جديد ليحصل التتابع، فإن لم يستطع صيام شهرين متتابعين فإطعام ستين مسكينًا لكل مسكين نصف كيلو وعشرة جرامات من البُرِّ الجيد.
وفي الصحيحين أن رجلًا واقع امرأته في نهار رمضان فاستفتى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فعن أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ: مَا لَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لَا، فَقَالَ: فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟..".
مبطلات الصوم
الثاني من مبطلات الصيام : إنزال المني اختيارًا:سواء بتقبيلٍ أو لمسٍ أو استمناء أو غير ذلك في نهار رمضان؛ لأن هذا من الشهوة التي لا يكون الصوم إلا باجتنابها، كما جاء في الحديث القدسي: «يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي».
أما التقبيل واللمس بدون إنزال فلا يفطر لما في الصحيحين من حديث عائشة قالت: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَلَكِنَّهُ أَمْلَكُكُمْ لإِرْبِهِ».وكذا الإنزال بالاحتلام لا يفطر، لأنه بغير اختيار الصائم، والتفكير معفوٌّ عنه لما صح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ».
الثالث من مبطلات الصيام : الأكل أو الشرب عمدًا:
إذا أكل الصائم أو شرب عامدًا مختارًا فسد صومه؛ لقوله تعالى: «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ» (البقرة: 187).
الرابع من مبطلات الصيام: ما كان بمعنى الأكل أو الشرب:مثل الإبر المغذية التي يُكتفى بها عن الأكل والشرب؛ لأنها إن لم تكن أكلًا وشربًا حقيقة؛ فإنها بمعناهما، فتثبت لها حكمهما، ورأى بعض الفقهاء أنها لا تفطر، وذكرت دار الإفتاء المصرية، في حكم الحقن والمحلول الملحي والجلوكوز والمانيتول، أنها جميعًا لا تفسد الصوم؛ لعدم دخولها في منفذٍ مفتوح؛ لأنها تدخل عن طريق الجلد، فهي كأنها تَشَرَّبَها الجِلدُ، ولا فرق بين أن يتشربها الجلد وبين حقنها.
الخامس من مبطلات الصيام : التقيؤ عمدًا:لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ»
السادس من مبطلات الصيام : خروج دم الحيض والنفاس:
لقول النبي صلى الله عليه وسلم في المرأة: «أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ»
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: خطبة الجمعة المسجد النبوي الصوم فضل صيام شهر رمضان قال رسول الله صلى الله علیه وسلم النبی صلى الله علیه وسلم صلى الله علیه وسلم ق ی صلى الله علیه وسلم ه صلى الله علیه وسلم المسجد النبوی الله عز وجل الله تعالى شهر رمضان صیام شهر ة أن الن
إقرأ أيضاً:
حكم وجود طريق فاصل بين مصلى الرجال والنساء
قالت دار الإفتاء المصرية إن الأصل في المأموم أن يقتدي بإمامه، وأن يتبعه في أعمال الصلاة؛ إذ ورد عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا» متفق عليه.
وأضافت الإفتاء أن من شروط صِحَّةِ الاقتداء التي اشترطها العلماء ألَّا يكون بين المقتدي والإمام فاصل كبير، وهو محل اتفاق بين الفقهاء أصحاب المذاهب في الجملة على اختلافٍ وتفصيلٍ بينهم فيما يتعلَّقُ بالمسافة بين المأموم والإمام، وفي التفرقة بين المسجد وغير المسجد، وفي التفرقة بين ما إذا كانت الصلاة في فضاءٍ يلي المسجد، أو في حجرة خارج المسجد الذي به الإمام بحيثُ يكون بين الإمام والمأموم حائطٌ أو سُترةٌ.
الإفتاء توضح حكم وجود طريق فاصل بين مصلى الرجال والنساءواوضحت أن جماعة من العلماء سلفًا وخلفًا أجازوا صلاة المأموم خلف الإمام إن كان بينهما حائطٌ أو ساتر أو ممر أو طريق، سواء أكان في المسجد أم خارج المسجد.
وقالت الإفتاء : بوَّب الإمام البخاري في "الصحيح" بابًا أسماه: (باب إذا كان بين الإمام وبين القوم حائط أو سُترة)، وقال عقبه:
قال الحسن: "لا بأس أن تُصلي وبينك وبينه نهر"، وقال أبو مِجْلَزٍ: "يَأْتَمُّ بالإمام وإن كان بينهما طريقٌ أو جدارٌ؛ إذا سمع تكبير الإمام".
ثُمَّ ساق حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُصلي من الليل في حجرته، وجدار الحجرة قصير، فرأى الناس شخص النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقام أناس يصلون بصلاته، فأصبحوا فتحدثوا بذلك، فقام الليلة الثانية، فقام معه أناسٌ يصلون بصلاته، صنعوا ذلك ليلتين أو ثلاثًا، حتى إذا كان بعد ذلك جلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يخرج، فلما أصبح ذكر ذلك الناس، فقال: «إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْكُمْ صَلَاةُ اللَّيْلِ».
وروى الإمام أحمد في "المُسند"، ومسلم في "الصحيح"، وأبو داود والنسائي في "سننهما"، وأبو عوانة في "المستخرج"، وابن حبَّان في "الصحيح"، والطبراني في "المعجم الكبير"، والبيهقي في "السنن الصغرى" و"الكبرى" و"شعب الإيمان" عن زيد بن ثابت رضي الله عنه: "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم احتجر حجرةً، وكان يُصلي فيها، ففطن أصحابه، فكانوا يصلون بصلاته".
وروى عبد الرزاق في "المصنف" عن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها: "أنها كانت تصلي بصلاة الإمام في بيتها وهو في المسجد".
وروى عبد الرزاق وابن أبي شيبة في "مصنفيهما" عن هشام بن عروة قال: "جئت أنا وأبي مرة، فوجدنا المسجد قد امتلأ، فصلينا بصلاة الإمام في دارٍ عند المسجد بينهما طريق".