كل ما تريد معرفته عن مؤتمر ميونخ
تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT
السومرية نيوز – دوليات
سياسيون وخبراء أمنيون وعسكريون من جميع أنحاء العالم يلتقون، الجمعة، في ميونخ بأروقة مؤتمر الأمن الأشهر، لكن قلة يعرفون كيف بدأت الفكرة. ومن المتوقع أن يشارك بمؤتمر هذا العام 50 رئيس دولة وحكومة، وما يقرب من 100 وزير، ومئات الخبراء وموظفي الخدمة المدنية، بالتزامن مع الاحتفاء بمرور ٦٠ عاما على انطلاقه.
"*ليست ذكراه الحقيقية"
لكن لا تحمل مقولة "مؤتمر الأمن الدولي يحتفل بذكرى ميلاده الستين" الدقة الكافية، إذ لم يُعقد أي مؤتمر قبل ستين عاما، أي في فبراير/شباط 1964.
إذ يرجع التاريخ الأصلي إلى ما قبل ذلك بشهرين ونصف، في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 1963، ولا يعقد المؤتمر الحالي في نوفمبر/تشرين الثاني بل في فبراير/ شباط.
وتأسس المؤتمر تحت مسمى "اجتماع دراسات الدفاع الدولي"، قبل أن يصبح مؤتمر ميونخ الأمني، أو "سيكو" للاختصار، أو مؤتمر ميونخ للأمن (MSC)، وغالبًا ما يطلق عليه مؤتمر ميونخ فقط.
كما لم يعقد المؤتمر في عامين فقط على مدى العقود الماضية؛ أولها في 1991، حيث تم إلغاء الحدث بسبب حرب الخليج، وفي عام 1997 لم يكن هناك منظم للمؤتمر، إذ كان المؤسس، إيوالد هاينريش فون كلايست، قد تقاعد، ولم يكن هناك خليفة له.
*لا يرضي المؤسس
الأكثر من ذلك، اعتبرت مجلة "زود دويتشه" الألمانية أن فون كلايست، مؤسس المؤتمر ومديره لمدة 34 عامًا، لم يكن ليستمتع بالمؤتمر الحالي، بعدما نما وانتشر مفهومه للأمن.
إذ أطلقه بناء على تعريف ضيق للأمن يستند إلى مقاومته لأدولف هتلر وثقته العميقة في الأمريكيين (الذين أنقذوه بأنفسهم من النازيين).
فما تمت مناقشته خلال الحرب الباردة من قبل مجموعة من الرجال في الغرف المغلقة حول الحفاظ على السلام والردع، تحول الآن إلى حدث معقد وعلني للغاية، ويتم عرضه مثل مسلسل ضخم عن الحرب والسلام.
وأظهر فون كلايست وجهة نظره الخاصة حول المؤتمر قبل وقت قصير من وفاته في محادثة مؤثرة مع السياسية أنتجي فولمر، قائلا: "بالنسبة لي، الأمر يتعلق بالعلاقة بالحرب"، وأردف "يمكنك أن تقول بالفعل إنه كانت هناك جسور بين المعسكرات المختلفة في العالم".
ويحتوي الاقتباس على الأقل على جوهر الفكرة التي لا تزال تقود المؤتمر الأمني اليوم، الحرب والجسور، ليظهر التساؤل حول إمكانية التوفيق بين الشر والرغبة في السلام.
*التأسيس
عند التأسيس، حاول فون كلايست استخدام وسائل عصره؛ مجلة متخصصة، ومؤتمر، وسلطة المناضل، وأوضحت أطروحة مكتشفة حديثا، لم تسمها المجلة الألمانية، أنه تم تنفيذ الفكرة بدعم من وكالة المخابرات المركزية.
وعندما كانت الحرب الباردة محتدمة، جمع كلايست ثلاثين وربما أربعين شخصية من صناع القرار، كما يطلق عليهم بمصطلحات اليوم، من قلب حلف شمال الأطلسي بقاعة غرفة الحرف في ميونخ؛ وكان من بينهم وزراء ونائبون وجنرالات واستراتيجيون، وكانت هذه هي بداية مؤتمر ميونخ.
والمغزى، أراد كلايست إنشاء منتدى مفتوح للتبادل يتجاوز الأشكال الخاضعة للبروتوكول المنظم بشكل صارم للزيارات الرسمية أو الرحلات الوزارية، ومؤتمن للغاية، تقريبًا مثل المجتمع السري.
لذلك تنبع مشاكل المؤتمر، ومجتمع السياسة الأمنية عموماً، بالنسبة لعامة الناس، وخاصة في ألمانيا، من فترة الغرف الخلفية هذه عندما كانت السياسة الخارجية مشروعاً نخبوياً، واختصاصا لا يتعدى قِلة من الناس.
واليوم، أصبح مؤتمر العلوم العسكرية السابق حدثًا لا بد منه لخبراء السياسة الخارجية، سواء كانوا مسافرين من أقصى شرق الكرة الأرضية أو غربها.
*براءة الاختراع أم التطوير؟
منذ عام 2008، لعب فولفغانغ إيشنغر، ثالث رئيس لمؤتمر ميونخ للأمن، وعدد قليل من المساعدين في الخلفية، دورًا مهمًا في تطوير المؤتمر لشكله الحالي، وكان واعيًا بما يكفي لإدراك الضعف في تنظيم المؤتمر في الأوقات السابقة.
ففي عهد سلفه تيلتشيك، جاءت الحصة الأكبر من التمويل من ميزانية مكتب الصحافة الفيدرالي، وقامت حكومة ولاية بافاريا والقوات المسلحة الألمانية بضمان الأمن والخدمات اللوجستية، لكن المؤتمر لم يكن له شكل قانوني مسجل ولا براءة اختراع لمسماه.
وقام إيشنغر بتحويل المؤتمر إلى سوق للمعلومات وجهات الاتصال، واستفاد إيشينغر من هذا، إذ كان له الحق في تسجيل اسم المؤتمر باسمه وأصبح للمؤتمر الأمني شركة.
كما فقدت الحكومة الفيدرالية الألمانية، التي كان لها في الواقع مصلحة سياسية كبيرة في تنظيم هذا الاجتماع على الأراضي الألمانية، نفوذها لأن إيشنغر قام بتجنيد مانحين من القطاع الخاص ووسع المؤتمر إلى سوق ضخمة للمعلومات والاتصالات.
وأصبحت المساهمات المالية من برلين أقل أهمية وأصبح المؤتمر يلعب بقواعده الخاصة.
وقام إيشينغر بنقل حقوقه في المؤتمر الأمني في البداية لشركة ذات مسؤولية محدودة غير ربحية وإنشاء هيكل قانوني.
*أهمية المسرح
من جهة أخرى، كان هناك الكثير من الانتقادات لاستراتيجية إيشينغر التوسعية خلال هذه المرحلة، وقالوا إن المؤتمر سيكون كبيرا للغاية وتعسفيا للغاية، خاصة بعدما أصبح دافوس، المنتدى الاقتصادي العالمي في سويسرا، مثالاً تحذيرياً، حيث الازدحام شديد، ومحتوى أقل مما ينبغي.
لكن الرؤساء ورؤساء الحكومات والوزراء الأقوياء استمروا في القدوم إلى ميونخ، وفي أروقة سيكو، تجرى اتصالات لطيفة، ويجمع المؤتمر الخصوم معًا، ويتم تبادل الأوراق، وتقرأ الخطب على المسرح وترفع الرموز.
وألقى الرئيس الألماني السابق يواكيم غاوك وقت وجوده في السلطة، محاضرة على الأمة، وتحدثت أنغيلا ميركل بحرية وقوة عن عمق قناعاتها، وفي عام 2022، اعتلى فولوديمير زيلينسكي المسرح في ميونخ قبل أيام قليلة فقط من بدء الحرب مع روسيا واهتزاز الغرب وسيشارك اليوم أيضا.
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: مؤتمر میونخ لم یکن
إقرأ أيضاً:
“مؤتمر صون أشجار القرم” يسلط الضوء على أولويات المستقبل
أكدت هيئة البيئة – أبوظبي، في ختام فعاليات النسخة الأولى من المؤتمر الدولي لصون أشجار القرم وتنميتها، ضرورة حماية وتنمية أشجار القرم حول العالم، كونها واحدة من أهم الطرق لمواجهة التحديات البيئية والاجتماعية والاقتصادية العالمية.
ودعا المؤتمر إلى ضرورة التعاون وحشد الجهود للحصول على التمويل اللازم على نطاق واسع لتحقيق أهداف الحفاظ على أشجار القرم وتنميتها، لافتا إلى الجهود الناجحة لمبادرة “تنمية القرم” Mangrove Breakthrough، ودورها المحوري في حشد الموارد من الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات الخيرية لسد الفجوات ودفع العمل التحويلي.
وسلط المؤتمر الضوء على الدور الحاسم الذي تلعبه النظم البيئية للقرم في ضمان مرونة السواحل وحماية التنوع البيولوجي والأمن الغذائي، والتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه لاسيما في ظل تعرض أكثر من 50% من هذه النظم في العالم لخطر الانهيار بحلول عام 2050 بسبب الضغوط الناجمة عن الأنشطة البشرية.
كما سلط الضوء على نهج شامل للحفاظ على أشجار القرم وتنميتها، مع تأكيد الحاجة إلى الربط بين هذه الأشجار والنظم البيئية المجاورة مثل الأعشاب البحرية والشعاب المرجانية ومنابع الأنهار، حيث يوفر هذا النهج فوائد بيئية واجتماعية واقتصادية، مما يوفر إستراتيجية متوازنة لتحقيق هذا الهدف.
وركزت النقاشات على ضرورة مشاركة المجتمع المحلي كقوة داعمة لنجاح جهود الحفاظ على أشجار القرم، حيث لا تدعم أشجار القرم المعاد تأهيلها سبل العيش فحسب، بل تقلل أيضًا من الضغوط على النظم البيئية من خلال المشاركة المجتمعية وبناء القدرات، مما يضمن قدرتها على الاستفادة بشكل مستدام.
وتم استعراض نماذج ناجحة لمشاريع مجتمعية لإعادة تأهيل أشجار القرم في دول مثل إندونيسيا وغينيا بيساو وكينيا والمكسيك والولايات المتحدة الأمريكية، إذ أظهرت هذه المشاريع أساليب قابلة للتطوير وأفضل الممارسات التي يمكن تطبيقها على مستوى العالم، ومع تزايد الوعي بأهمية أشجار القرم سلط المؤتمر الضوء على الحاجة إلى الاستفادة من هذا الزخم من خلال تبادل المعرفة العلمية، وتعزيز أفضل الممارسات وتنفيذها على نطاق واسع ودعمها وتمويلها.
وقال أحمد الهاشمي، المدير التنفيذي لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري في هيئة البيئة – أبوظبي، في كلمته خلال الختام، إن المؤتمر الدولي الأول من نوعه لصون أشجار القرم وتنميتها، أظهر قوة التعاون والابتكار في معالجة التحديات الحرجة التي تواجهها أنظمة أشجار القرم على مستوى العالم، ووفر منصة لسد الفجوة بين البحث العلمي المتطور وجهود إعادة تأهيل أشجار القرم العملية على أرض الواقع، إضافة إلى دوره في إبراز الحاجة إلى تطوير الأساليب التقليدية في إعادة التأهيل، وتعزيز الإستراتيجيات القائمة على العلم، والمشاركة المجتمعية، والفهم الشامل لترابط النظم البيئية .
وأضاف أن المؤتمر سلط الضوء على مبادرة القرم – أبوظبي، التي تعد من أهم جهود الهيئة الرامية إلى ترسيخ مكانة أبوظبي العالمية الرائدة في مجال حماية أشجار القرم والمحافظة عليها، إذ تمثل هذه المبادرة، التي أطلقها سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، مثالاً واضحاً على اهتمام القيادة الرشيدة وتشجيعها على البحث العلمي المستمر والعمل لمعالجة تغير المناخ وتعزيز التنوع البيولوجي .
وأوضح أن المؤتمر الذي جمع ممثلين من الحكومات والمنظمات غير الحكومية والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص، أكد الالتزام بتوسيع نطاق مشاريع إعادة التأهيل المؤثرة، والاستثمار في حلول موثوقة، وبناء أنظمة بيئية مرنة تعود بالنفع على الطبيعة والمجتمعات والمناخ .
وأكد أن هذا العمل المشترك المدعوم بالمعرفة، بداية رحلة تحويلية نحو إحداث تأثير إيجابي ودائم على جهود صون أشجار القرم وتنميتها محليًا وعالميًا .
وجمعت النسخة الأولى من المؤتمر أكثر من 500 خبير وصانع سياسات ومتخصص في مجال الحفاظ على البيئة، لمعالجة أحد أكثر التحديات البيئية أهمية في العالم، لتكون نتائج هذا الحدث التاريخي بمثابة نقطة الانطلاق نحو تعزيز الجهود العالمية لحماية وتنمية أشجار القرم، وضمان صحة هذه النظم البيئية الحيوية للأجيال القادمة.
وأشرف على تنظيم المؤتمر بجانب هيئة البيئة – أبوظبي، مجموعة من الجهاتِ العالميةِ المعنيةِ بحمايةِ البيئة تضمُّ أكثر من عشرة شركاء عالميين من المنظمات البيئية والجهات العلمية مثل، مكتب الأمم المتحدة لاستعادة النظم الإيكولوجية، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، والتحالف العالمي لأشجار القرم، وجامعة سانت أندروز، والمجموعة المتخصِّصة لأشجار القرم التابعة للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، وجمعية علم الحيوان في لندن، والمنظمة الدولية للأراضي الرطبة، وجمعية الإمارات للطبيعة.وام