منطقة صناعية تركية بمصر.. بماذا تتميز استثمارات الأتراك عن الخليجيين؟
تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT
بعد 11 عاما من علاقات متردية بين مصر وتركيا، بسبب ملفات "جماعة الإخوان المسلمين"، و"شرق المتوسط"، و"جنوب قبرص"، و"ليبيا"؛ نجحت محاولات الجانبين بالسنوات الثلاثة الأخيرة في تضميد ما ألم بعلاقات تاريخية ممتدة لعشرات القرون.
والأربعاء، جمعت العاصمة المصرية القاهرة، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، برئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، بعد غياب امتد نحو 12 عاما من آخر زيارة جرت عام 2012 خلال عام حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، حينما كان أردوغان رئيسا لوزراء أنقرة.
لكن يبدو أن لقاء القاهرة أمس، الذي يعد الأول لأردوغان وهو رئيس لتركيا، كان حاسما لكثير من الخلافات، وسيتبعه زيارة من السيسي إلى أنقرة في نيسان/ أبريل المقبل، كما بدا أن شقه الاقتصادي أكثر نجاحا وأسرع في نتائجه.
"صفحة جديدة"
وبعد استقبال حافل من السيسي وزوجته، لأردوغان وقرينته، باستراحة رئاسة الجمهورية بمطار القاهرة عصر الأربعاء، ومن داخل قصر الاتحادية بشرق القاهرة، وأمام الكاميرات، وقع أردوغان، والسيسي، اتفاقا لرفع مستوى التعاون الاستراتيجي بين البلدين.
الوفد التركي، المرافق لأردوغان، غلب عليه التشكيل الاقتصادي، فإلى جانب وزيري الخارجية هاكان فيدان، والدفاع يشار غولر، حضر للقاهرة وزراء الخزانة والمالية محمد شيمشك، والصناعة والتكنولوجيا محمد فاتح كاجر، والتجارة عمر بولات، والصحة فخر الدين قوجة، بحسب وكالة "الأناضول".
الأجواء بدت جيدة، ومبشرة خاصة مع حديث السيسي، الذي قال مرحبا بضيفه: "لنفتح معا صفحة جديدة بين بلدينا بما يثري علاقتنا الثنائية ويضعها على مسارها الصحيح".
وكذلك قول أردوغان، الذي دعا السيسي لزيارة أنقرة في نيسان/ أبريل المقبل: "لقد وضعنا هدفا مع الرئيس السيسي للوصول إلى التبادل التجاري بين البلدين إلى 15 مليار دولار في أقرب وقت".
وهي التصريحات التي تبشر باتفاقيات اقتصادية تساهم في حل أزمات البلدين الاقتصادية، والمالية، ومواجهة الأوضاع الإقليمية التي تؤثر بشكل كبير على الاقتصادي المصري الذي يتعرض لأكثر أزماته في العصر الحديث مع ديون خارجية تفوق 165 مليار دولار، وهبوط تاريخي لقيمة العملة المحلية وتراجع في كافة المؤشرات الاقتصادية، ونظرة سلبية من مؤسسات التصنيف الدولية.
"الغاز والسلاح"
وبرغم القطيعة السياسية، إلا أن الملف الاقتصادي كان إحدى نقاط التلاقي والتقارب، وبحسب بيانات رسمية للبنك المركزي المصري، تبلغ قيمة الاستثمارات التركية بمصر 2.5 مليار دولار، من خلال 790 شركة تركية تعمل بالبلد العربي الأفريقي صاحبة السوق الكبيرة التي تربو على 106 ملايين نسمة.
وهناك ارتفاع لافت بتدفقات الاستثمارات التركية لأكثر من 118 مليار دولار بالعام المالي (2022- 2023) من نحو 103 مليارات بالعام المالي السابق، فيما بلغ حجم التبادل التجاري عام 2023 نحو 10 مليارات دولار.
وبحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري، وصلت حجم الصادرات المصرية إلى تركيا إلى 3.8 مليار دولار خلال عام 2023، بينما بلغ حجم الواردات المصرية 2.8 مليار دولار خلال نفس العام.
ويرى مراقبون أن الزيارة بداية حقيقية لاستثمارات تركية وعدة في مصر ، خاصة مع دفع أردوغان، والسيسي، بهذا التجاه، ومع محاولة إزالة بعض العقبات، وخاصة في ملف العملات الصعبة التي تعاني البلدين من تراجع مخيف في قيمة عملتيهما الليرة والجنيه بمقابلهما، وخاصة أمام الدولار.
وفي هذا الإطار، وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، اتفق البنك المركزي المصري مع نظيره التركي، على آلية تطبيق التبادل التجاري بين البلدين بالعملات المحلية، بشكل مبدئي في ما يتراوح بين 25 إلى 30 بالمئة، من إجمالي التجارة البينية.
وحول الاتفاقيات المتوقع عقدها، صرح عضو لجنة الأمن بالرئاسة التركية الدكتور مسعود جاشن، لفضائية "القاهرة الإخبارية"، الأربعاء، بأن مباحثات أردوغان والسيسي، تتطرق إلى شراء تركيا الغاز الطبيعي من مصر، وأيضا ملف الأسلحة التي ترسل إلى مصر كطائرات (إف – 16) وغيرها، بالإضافة إلى إبرام شراكة جديدة في الجانب العسكري.
وقبل أيام، أُعلن عن صفقة عسكرية غير مسبوقة بين الجانبين يحصل بموجبها الجيش المصري، على المسيرات التركية، صاحبة الصيت الذائع في عالم التسلح.
"منطقة صناعية تركية"
والثلاثاء الماضي، بحث وزير التجارة والصناعة المصري أحمد سمير، ورئيس الغرفة التجارية الصناعية بمدينة بورصا التركية إبراهيم بوركاي، ونائب رئيس اتحاد الغرف التجارية والصناعية التركية، خطة إنشاء منطقة صناعية تركية بمصر.
ووفق المعلن من الأنباء، تكون تلك المنطقة الصناعية منطلقا لتصدير المنتجات التركية من مصر إلى قارة أفريقيا والخليج العربي وأوروبا وأمريكا، وهي المناطق المرتبطة مع القاهرة باتفاقيات تجارية بينها "الكويز"، إلى جانب انضمام مصر مؤخرا إلى مجموعة "بريكس".
وتسعى الغرفة التجارية الصناعية في مدينة بورصا التركية لإنشاء منطقة صناعية في مصر متخصصة في صناعة "المنسوجات، والسيارات، والألمنيوم، والآلات والمعدات التكنولوجية المتقدمة"، وتركز منها على التصدير إلى أسواق أفريقيا والخليج.
وقبل زيارة أردوغان، وفي 6 شباط/ فبراير الماضي، التقى رئيس اقتصادية قناة السويس وليد جمال الدين، والسفير التركي بالقاهرة صالح موتلو شن، لمناقشة تواجد منطقة صناعية تركية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، التي تمنح ميزات تنافسية عبر 6 موانئ بالبحرين الأحمر والمتوسط، و4 مناطق صناعية تضم 21 قطاعا صناعيا.
وفي بيان لها أعلنت اقتصادية قناة السويس عن استثمارات تركية عديدة بها مثل مصنع "Hayat Egypt" للمنتجات الصحية بمنطقة السخنة، وأنه جاري التباحث حول تواجد كبرى شركات المنسوجات والملابس التركية بمنطقة القنطرة غرب الصناعية، أبرزها "Jade textile"، و"KCG" وغيرها.
المثير هنا أن الاستثمارات التركية قائمة على إقامة مصانع وفتح أسواق وتشغيل عمالة جديدة، وأنها تختلف اختلافا كليا عن استثمارات الخليج في مصر التي تعتمد على الاستحواذ على شركات دون إقامتها، وعلى السيطرة على أعمال قائمة بالفعل دون إنشائها من الأساس، ما دفع إلى حالة من التفاؤل بين المصريين.
زيارة رئيس #تركيا لـ #مصر هتفتح مجالات كتيرة في التعاون الاقتصادي تحديدًا وبخلاف التحالف الجديد بين أهم دولتين في العالم الإسلامي#أردوغان جي مصر ومعاه حقيبية مليانة ملفات تعاون منها في الطاقة والسياحة والتجارة والدفاع
وكمان اتفاقيات لإنشاء منطقة صناعية تركية ضخمة في مصر تكون… pic.twitter.com/GvFC3zAUgb — ʜᴀɴᴀɴ ʀᴇᴅᴀ (@HananRidaa) February 15, 2024 مصر الشريك التجاري الأول لتركيا ف إفريقيا وتركيا اكبر مستورد للغاز المصري التبادل التجاري خلال2023 بلغ 5,875 مليار$ صادرات سلعية مصرية لتركيا وتم الاتفاق ع رفع التبادل التجاري بين البلدين من حوالي 6.6 مليار$????????15$
والاتفاق ع انشاء منطقه صناعيه تركية فى مصر تصدر منتجاتها للخارج https://t.co/idXgfbtHdE — Nashwa nour ???????? ???????? (@medomee5) February 14, 2024
لكن، تظل المخاوف قائمة من أن يكون المناخ الاستثماري في مصر غير جاهز لاستقبال الاستثمارات التركية في ظل ما يواجهه الاقتصاد المصري من أزمات مع الدولار، ومعوقات بيروقراطية ولوجستية وتشريعية وقانونية والتعامل الأمني وسمعة النظام المصري بملف حقوق الإنسان، سببا في كبح جماح المستثمرين الأتراك وتراجعهم عن قراراتهم.
كما تظل المخاوف قائمة من ألا يتعدى الحديث عن منطقة صناعية تركية مجرد الإعلان وينضم إلى ما تم إعلانه من قبل دون تنفيذ حقيقي أو مردود سريع من إقامة منطقة صناعية صينية في مدينة 6 أكتوبر (غرب القاهرة)، ومنطقة أخرى روسية في بورسعيد (شمال شرق).
"خطوة هامة من اقتصاد تشاركي"
وفي قراءته لأهمية المنطقة الصناعية التركية للاقتصاد المصري خلال الظرف الاقتصادي الصعب الذي يمر به اقتصادها، قال السياسي المصري مجدي حمدان موسى: "بشكل عام زيارة أردوغان للقاهرة، لها مدلول سياسي أكبر من المدلول الاقتصادي".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أوضح أن "الزيارة تقضي على قطيعة 11 عاما، والرئيس أردوغان ناقش ملفات مهمة بينها الاقتصادي، ولكن هناك ملفات خطيرة جرى التحدث بشأنها، مثل ملف غاز المتوسط وترسيم الحدود البحرية بين البلدين وقبرص واليونان وليبيا، بجانب الموقف الموحد تجاه ما يحدث من حرب إبادة دموية في غزة".
القيادي بحزب "المحافظين"، وعضو "الحركة المدنية"، يرى أن "وجود منطقة صناعية تركية في مصر أمر مهم جدا للصناعة المصرية، وخاصة في صناعات كان للمصريين بها باعا، وانمحت من تاريخها الصناعي، كصناعة السيارات التي تفوقنا فيها عبر شركة النصر للسيارات بستينيات القرن الماضي، لكن تم القضاء عليها".
وأشار إلى أن "تركيا متميزة في هذه الصناعة وتصنع ماركات معروفة بمصانعها وأنتجت سيارة (تي 10 إكس) الكهربائية الخاصة بها، وأعتقد أنه ملف مهم جدا خاصة في ظل ندرة الدولار في مصر، والتوقف عن الاستيراد"، مضيفا: "وهنا وجود منطقة صناعية يغني عن كل ذلك وتفتح مجالات كثيرة جدا".
وأوضح أن "تركيا أيضا، في حاجة كبيرة لمصر كونها البوابة الرئيسية لأفريقيا، حيث أن التجارة التركية تمر عبر البحر المتوسط إلى القارة السمراء، وبالتالي الأراضي المصرية هي بوابة العبور لتجارتها"، مضيفا: "لذا أرى أن منطقة صناعية تركية في مصر خطوة مهمة جدا للبلدين".
وقال إن "أردوغان، رجل يدرك فعلا مآلات إدارة الدولة، وله محددات، وجاء لمصر في توقيت مهم جدا حدده لهذه الزيارة بعد القطيعة، وهذا أمر مهم".
ويرى أنه "على القاهرة أن تستفيد بأكبر قدر ممكن من الاتفاقيات التي تمت، وتبدأ تفعيلها على الفور لأن هذا يخفف الضغط على الجنيه المصري ويفتح مجالات كبيرة للتصدير عبر الأراضي المصرية".
وعن رؤيته لحجم اختلاف الاستثمارات التركية في مصر، عن غيرها الخليجية، أكد أن "الاستثمارات الخليجية عبارة عن اقتصاد استحواذي وتملكي، بخلاف الاستثمار التركي فهو تشاركي، والهدف منه التنمية الصناعة وتنمية البلد التي يستثمر بها".
وأضاف: "لكن الخليج مجموعة استثمارات لدول تمتلك أموالا وتريد ضمانات كافية لهذه الأموال، فتقوم بالاستحواذ على مناطق بأكملها، أو تعمل في قطاع العقارات دون الصناعة، التي ليس لها فيها باعا".
وختم: "والمنطقة العربية كلها ليس لها تاريخ صناعي وليس من أولوياتهم عمل مصانع، لكن أعتقد أن الصناعة المتوطنة في تركيا أمر مهم جدا للاقتصاد المصري الآن".
"بهذا يتميزون"
من جانبه، يرى الكاتب والباحث الاقتصادي محمد نصر الحويطي، أن "فكرة إنشاء منطقة صناعية تتطلب بالأساس بنية تحتية كبيرة، وتستغرق وقتا طويلا، وخاصة أن البنية الصناعية متعلقة باستقطاب أو جذب التكنولوجيا الحديثة، سواء كان لها علاقة بالتصنيع أو استحداث تكنولوجيا".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "ولكن في حال إتمام إنشاء المنطقة الصناعية الجيدة المتعلقة بتصنيع السيارات أو إعادة تصنيع السيارات أو ما إلى ذلك بين تركيا ومصر، بالطبع سيكون لها مردود إيجابي على اقتصاد البلدين".
وتابع: "خاصة؛ وأن مصر دولة مستهلكة بشكل كبير للسيارات، وتستوردها من دول عديدة، وفتحت الاستيراد بشكل كبير مع الصين، ونظرا لموقعها الجغرافي من خلال المنطقة الصناعية التركية تكون مصر منفذا لبيع السيارات تركية الصنع أو ذات تكنولوجيا التصنيع التركية، بدول المنطقة".
وعن اختلاف الاستثمارات التركية على الخليجية في مصر، يرى الحويطي، أن "رجال الأعمال في الخليج لا يُقيموا مناطق صناعية في مصر، ولا توجد مناطق صناعية خليجية في مصر، ولكنها استثمارات فقط، ودائما الخليجي يشتري أصولا وشركات قائمة أو يدخل استثمارات مباشرة".
وألمح إلى أن "مستثمري الخليج ليس لديهم (know how) بمعنى الحرفية والبراعة، ولكن الأتراك لديهم (know how) وعندهم فكرة صناعية ومتميزين بها، وهم فقراء ماليا مثل مصر، وبالتالي يعتمدون علينا في جزء من التكلفة ونحن نعتمد عليهم في جزء من الفنيات، ويقيموا معا المشروعات، أما الخليج أصحاب أموال يشترون أصولا جاهزة، أو استثمارا ويدفعوا أمولا به".
"مصلحة مشتركة"
وفي قراءته للأبعاد الاقتصادية لزيارة أردوغان، قال الصحفي جمال سلطان: "مصر بالنسبة للحكومة التركية بوابة أفريقيا الأهم ، وأكبر سوق للصناعات التركية في أفريقيا والعالم العربي، وتركيا بالنسبة لمصر حليف تاريخي، وقوة عسكرية واقتصادية كبيرة ومؤثرة في المنطقة كلها، بما فيها الحزام المحيط بمصر".
وأضاف عبر "فيسبوك": "كما أن تطور الصناعات الدفاعية التركية منخفضة التكاليف تحتاج إليه مصر كثيرا في الفترة المقبلة التي لا تتحمل خزينتها فيها إنفاقا واسعا على السلاح".
وأكد أن "الملف الاقتصادي المباشر الأكبر والمحوري لتلك الزيارة، والذي يرى الطرفان فيه مصلحة مشتركة لا يجوز أن تعطلها أي خلافات سياسية".
ولفت إلى أن "لتركيا استثمارات مباشرة، مصانع وشركات، في مصر تبلغ 2 مليار دولار، تستوعب عشرات الآلاف من العمالة المصرية، كما أن شركات المقاولات التركية لها أعمال بأكثر من مليار دولار في مصر، وهناك اتفاقيات قديمة ومستمرة للتجارة الحرة بين البلدين واتفاقيات لمنع الازدواج الضريبي وغيرها".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصر أردوغان السيسي الاقتصادي تركيا مصر اقتصاد السيسي تركيا أردوغان المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاستثمارات الترکیة منطقة صناعیة ترکیة المنطقة الصناعیة التبادل التجاری بین البلدین ملیار دولار ترکیة فی مهم جدا إلى أن فی مصر
إقرأ أيضاً:
زراعة 300 موقع بالقمح والبقوليات و8 أصناف تتميز بغلتها العالية ومقاومة الأمراض
استهلاك اليمن من القمح 3 ملايين و400 ألف طن منها 97% يتم استيراده
دشنت في محافظة ذمار فعاليات الأيام الحقلية في إقليم المرتفعات الوسطى ذمار والبيضاء والضالع والتي تم فيها زراعة 300 موقع قمح في حقول المزارعين وتحسين الحبوب والبقوليات التي تنفذها محطة بحوث المرتفعات الوسطى التابعة للهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي.. لتسليط الضوء أكثر كان لصحيفة الثورة ان التقت بعدد من المسؤولين الذين تحدثوا في السطور التالية:
الثورة / رشاد الجمالي – ذمار
الأخ / إبراهيم المداني- نائب وزير الزراعة والموارد المائية والثروة السمكية: فرصة كبير ونحن ندشن الأيام الحقلية لمحصول القمح في المرتفعات الوسطى التابعة للهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي .. مؤكدين على ضرورة تكامل الجهود بين كافة الهيئات والمؤسسات الزراعية لتحقيق تنمية زراعية فعالة تسهم في تحقيق الأمن الغذائي وتقليص الفجوة الغذائية وصولاً إلى الحد من استيراد الغذاء من الخارج.
وأضاف نائب الوزير : نعول على القطاع الزراعي الذي يعد من القطاعات الواعدة لتحقيق الاقتصاد الوطني ونحن في الوزارة حريصون على ان يكون قطاع البحوث والإرشاد الزراعي من أولوياتنا الكبيرة وقد تم من خلالها وضع خطوط عريضة لاستراتيجية تنموية مستقبلية في كافة المجالات الزراعية، بما في ذلك تطوير دور البحوث الزراعية والمساهمة في رفد كافة المؤسسات الزراعية بالرؤى العلمية الدقيقة التي تمكّنها من الوصول إلى الهدف المنشود.
وثمن جهود الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي ممثلة بالمحطة الإقليمية لبحوث المرتفعات الوسطى في إقامة هذه الأنشطة الهادفة والتي تأتي في إطار الجهود الرامية للتوسع في إنتاج المحاصيل النقدية، وخاصة القمح والبقوليات.
لا نحتاج للاستيراد
-المهندس سمير الحناني- وكيل الوزارة لقطاع تنمية الإنتاج بوزارة الزراعة والموارد المائية والثروة السمكية : قمنا اليوم بالتدشين ووضع البداية الأولى للقفزة النوعية التي تسعى الوزارة إلى تحقيقه من الاكتفاء الذاتي من محصول القمح بأيادي يمنية وزراعة يمنية لكي نثبت للعالم اننا لا نحتاج إلى استيراد القمح وسوف نكتفي بزراعته في بلادنا مثلما كان في السابق أيام أبنائنا وأجدادنا وتحتم على الجهات الزراعية التعاون والتكامل بينها وبين المؤسسات الزراعية الأخرى لما من شأنه تحقيق تنمية زراعية قوية تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني وعلى تحقيق الأمن الغذائي ورفع مستوى معيشة المزارعين الشريحة الأكبر في المجتمع .
وشدد الأخ الوكيل على ضرورة وضع برنامج عمل يكون من خلاله تطوير البحوث والإرشاد الزراعي بحيث يكون رافدا خلال المرحلة المقبلة لوزارة الزراعة والتي على أساسها سيتم وضع الخطوط العريضة لاستراتيجية تنموية في كل مجالات الزراعة تقوم على تطوير دور البحوث الزراعية والمساهمة في رفد كل المؤسسات العلمية الدقيقة لتكون قادرة على تحقيق الهدف المنشود للتنمية الزراعية.
النباتي والحيواني
-الدكتور عبدالله العلفي- رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي: تعمل الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي العديد من الأنشطة البحثية في مختلف الدراسات البحوثية والدراسات والتطبيقية ليستفيد منها المزارع بشكل عام وأن أهداف الهيئة تتمثل في تخطيط وتنفيذ البحوث بحسب حاجة القطاع الزراعي في تطوير الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني من خلال البحوث والدراسات العلمية والتطبيقية في المجالات الزراعية المختلفة ودعم وتنسيق الأنشطة البحثية والإرشادية على المستوى الوطني.
وتقوم الهيئة بتطوير تقنيات محسنة وملائمة تساهم في زيادة الإنتاجية الزراعية وتعمل على استدامة قاعدة الموارد التي تدعم الزراعة ودراسة العوامل الاقتصادية والاجتماعية المحددة للإنتاج الزراعي في الأقاليم البيئية الزراعية المختلفة ووضع الحلول المناسبة لها، بالإضافة إلى وضع وتنفيذ السياسات والخطط والبرامج في مجال الأبحاث الزراعية والإرشاد الزراعي بالتنسيق مع الجهات المختصة.
إضافة إلى أن الهيئة تعمل على توثيق ونشر نتائج البحوث والدراسات وتبادلها مع الجهات المعنية محليا وخارجيا .. بالإضافة إلى تنمية العلاقات مع المؤسسات العربية والإقليمية والدولية العاملة في مجال البحوث والإرشاد الزراعي والاستفادة من إمكانياتها وخبراتها.. كما تشارك الهيئة في وضع برامج تنمية المرأة الريفية في الجانب الزراعي بالتنسيق مع مشاريع التنمية والجهات ذات العلاقة وإعداد وتنفيذ الخطط والبرامج الخاصة بتدريب وتأهيل الكادر البحثي والإرشادي وتنمية مهارته وكذا تقديم الخبرات الاستشارية للأفراد والمؤسسات المحلية والأجنبية في جوانب تخصصها.
نتائج مبهرة
الدكتور عبدالالة مجلي- مدير عام محطة بحوث المرتفعات الوسطى : جاء التدشين اليوم تنفيذا لتوجيهات القيادة الثورية والسياسية بالتوسع في زراعة الحبوب بهدف الوصول إلى الاكتفاء الذاتي حيث تم زراعة 300 موقع قمح في حقول المزارعين بهدف نشر وتقييم أصناف القمح المحسنة وهي 8 أصناف تتميز بغلتها العالية ومقاومة الأمراض وملائمة البيئة المحلية في اقليم المرتفعات الوسطى والشمالية وأشار انه تم توزيع بذور الأصناف والسماد في ست مديريات موزعة على 40 موقعاً في مديرية الحدأ و40 موقعاً مديرية جهران و34 مديرية مكيراس و36 مديرية صباح 30 مديرية الطفة 120 مديرية دمت.. وسوف نشاهد نتائج مبهرة وكما لوحظ تفاعل المزارعين في المناطق المستهدفة الذين أبدوا حرصهم على الحصول على بذور الأصناف المزروعة ونتطلع إلى أن يكون المزارعون المشاركون نواةً لنشر تلك الأصناف لغيرهم من المزارعين في إطار المناطق المجاورة .
أعلى عائد للمزارعين
-الدكتور / حسان الخولاني – مدير عام قطاع البحوث : تأتي أهمية الأيام الحقلية للوصول إلى شريحة المزارعين بشكل واسع بتعريفهم بأصناف الحبوب والبقوليات المحسنة من خلال تعريفهم بمميزات الأصناف المحسنة والخصائص الإنتاجية لها وإنتاجها العالي من الحبوب في وحدة المساحة والتي تحقق للمزارعين اعلى عائد من خلال تبني هذه الأصناف، لذلك فان الأيام الحقلية تؤدي الى اقناع اكبر قدر من المزارعين بهذه الأصناف وبالتالي تبني اكبر شريحة منهم لزراعة تلك الأصناف واستحداث مساحات جديدة في زراعتها بما يلبي رغباتهم وبالتالي زيادة المساحة المزروعة والتوسع في زراعة أصناف القمح للوصول إلى الاكتفاء الذاتي من خلال تزويدهم بالخبرات والمهارات الحديثة حول صيانة وإكثار بذور الأصناف لإنتاج بذور محسنة يتم استخدامها في المواسم اللاحقة والاعتماد الذاتي لإنتاج البذور وتوسيع المساحة الزراعية بأصناف تعطي غلة عالية.
المحصول الأول
-المهندس/ احمد عبدالحبيب مالك العبسي -المدير الفني في محطة بحوث المرتفعات الوسطى : محصول القمح يُعتبر المحصول الأول بين محاصيل الحبوب من حيث الأهمية العالمية وتكمن أهميته في كونه يوفر أكثر من 25 % من احتياجات الإنسان من البروتين والسعرات الحرارية كما يمثل مصدراً رئيسياً لتأمين الغذاء لأكثر من 35 % من سكان العالم Bushuk (1998).
قُدرت المساحة المزروعة بمحصول القمح على المستوى العالمي بحوالي (266.0) مليون هكتار، وقُدر الإنتاج المُحقق من هذه المساحة بـ(734.0) مليون طن. FAOSTAT (2019) وفي الوطن العربي يُقدر أنتاج محصول القمح بحوالي 3.9 % من إجمالي الإنتاج العالمي، المنظمة العربية (2019).
وعلى مستوى الجمهورية اليمنية يحتل القمح المركز الأول من حيث الاستهلاك والذي بلغ ما يقرب من ثلاثة وأربعمائة ألف طن منها 97 % يتم استيراده، والمركز الثالث من حيث المساحة المزروعة والتي بلغت عام 2021م 60955 هكتاراً وهي تمثل 10.6 % من مساحة زراعة الحبوب، وإنتاج 138027 طناً وهذا يمثل ما نسبته 15.7 % من الإنتاج الكلي للحبوب في الجمهورية ومعدل الإنتاج 2.3 طن/هكتار (الإحصاء الزراعي 2021)، حيث تجدر الإشارة إلى أن زراعة القمح تتركز في مناطق المرتفعات الجبلية (الجنوبية ، والوسطى ، والشمالية) حيث تغطي 77.6 % من مساحة القمح 72 % من الإنتاج وذلك خلال موسمين زراعيين في السنة احديهما في الشتاء تحت ظروف الري والآخر صيفي تحت ظروف الأمطار أو الري التكميلي..
وتعمل البحوث الزراعية على تحسين محصول القمح من حيث زيادة الغلة في وحدة المساحة ومقاومة الأمراض إضافة إلى الاهتمام بالصفات الإنتاجية للمحصول وتحسين عناصر الغلة لمحصول القمح، حيث اطلقت الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعية عدد من الأصناف التي تتميز بصفات إنتاجية عالية وتحملها للضغوطات البيئية المختلفة على مدى واسع من البلاد فمنها المتحمل لظروف الجفاف وأخرى مقاومة للأمراض وأصناف لديها القدرة عل الاستجابة للمدخلات الزراعية لتعطي إنتاجية عالية في وحدة المساحة ومن هذه الأصناف: (بكيل وبحوث13 وبحوث3 وبحوث37 وبراقش واوسان وسهيل ….الخ).
وتعتبر نقل التقنيات الحديثة (نشر الأصناف وحزم التقنيات) إلى حقول المزارعين هي نهاية الحلقة بالنسبة للبحوث وبداية العملية بالنسبة للمزارع ولذلك تنشأ أهمية توصيل الصنف المحسن أو العملية المحسنة إلى حقول المزارعين وذلك بتنفيذ حقل إيضاحي في حقول المزارعين مع إكساب المزارعين المهارة والمعرفة والتدريب على التعامل مع التقنية الحديثة ومنها نشر صنف جديد من القمح مع تعريف المزارعين عن عملية انتخاب الأفضل والملائم للبيئة المحلية السائدة لديهم بما يحقق نجاح الصنف والوصول إلى أعلى غلة ممكنة منه بتطبيق العمليات الزراعية المحسنة وذلك خلال موسم تنفيذ الحقل الإيضاحي لديهم.. من خلال تنفيذ الحقل الإيضاحي في حقول المزارعين ومتابعة الباحثين والمرشدين الزراعيين بمعية المزارعين خلال موسم النمو، تبقى هناك حاجة لتعريف المزارعين الآخرين غير المشاركين بالنشاط وإكسابهم نفس المهارات التي عند المزارعين المشاركين (المتبنين الأوائل).
لذلك تأتي الخطوة الأهم وهي تنفيذ الأيام الحقلية التي يتم فيها دعوة أكبر عدد من المزارعين بحضور عدد من قيادات المجالس المحلية شركاء التنمية وصانعي القرار لتقييم التقنية أو الصنف الجديد من القمح ومعرفة رأيهم حول الصنف الجديد، وهذه الأيام الحقلية تهدف إلى:
– اطلاع المزارعين على نتائج زراعة الصنف الجديد ومعرفة خصائصه الإنتاجية في إطار المناطق المستهدفة.
– تعريف المزارعين والمرشدين على أفضل العمليات الزراعية ومقارنة الأصناف في المنطقة.
– تعريف شريحة عريضة من المزارعين وإكسابهم المهارات اللازمة لتبني الأصناف الجديدة من القمح.
– يعتبر اليوم الحقلي هو تدريب للمزارعين والمرشدين حيث يقوم الباحث بنقل احدث المهارات والخبرات اليهم عن طريق اللقاء المباشر بهم.
– توصيل الرسائل الخاصة من خلال معطيات اليوم الحقلي الى شركاء التنمية وصانعي القرار.
– مناقشة المزارعين عن مشاكلهم والتغذية الراجعة للمعلومات ووضع حلول مقترحة لها بمشاركة المزارعين ووضع برامج وخطط مستقبلية لها.
– معرفة الصفات الإنتاجية المرغوبة لدى المزارعين عند تقييم الأصناف والاهتمام بتلك الصفات وتوجيه نظر الباحث اليها.
– عملية المشاركة بين الباحث والمرشد والمزارع في تقييم وانتخاب الأصناف الجيدة .