فضل الله: ندعو اللبنانيين إلى الوحدة لمواجهة تهديدات العدوّ
تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT
ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:
"عباد الله أوصيكم وأوصي بالدعاء الذي كان يحرص الإمام زين العابدين(ع) أن يدعو به ربه، عندما كان يقول: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِنْ مَظْلُومٍ ظُلِمَ بِحَضْرَتِي فَلَمْ أَنْصُرْهُ، وَمِنْ مَعْرُوفٍ أُسْدِيَ إِلَيَّ فَلَمْ أَشْكُرْهُ، وَمِنْ مُسِيءٍ أعْتَذَرَ إِلَيَّ فَلَمْ أَعْذِرْهُ، وَمِنْ ذِي فَاقَةٍ سَأَلَنِي فَلَمْ أُوثِرْهُ، وَمِنْ حَقِّ ذِي حَقٍّ لَزِمَنِي لِمُؤْمِنٍ فَلَمْ أُوَفِّرْهُ، وَمِنْ عَيْبِ مُؤْمِنٍ ظَهَرَ لِي فَلَمْ أَسْتُرْهُ.
لقد أراد الإمام(ع) أن يشير بذلك الى أن الاعتذار إلى الله والتوبة إليه لا تقف عند ارتكاب الذنوب والآثام، بل تتجاوز ذلك إلى التقصير تجاه العبادة عندما لا تنصر مظلوماً أو تشكر معروفاً أسدي إليك، أو تسد حاجة محتاج أو لا تقبل اعتذار من اعتذر إليك أو تقصر بحقوق من لهم حق عليك، أو لا تستر عيب مؤمن ظهر لك.
فلنحرص أن لا نكون مقصرين في هذه الأمور، لنؤدي مسؤوليتنا، وبذلك نكون قريبين من ربنا وأكثر قدرة على مواجهة التحديات.."
وقال: "البداية من غزة التي ينبغي أن تبقى الأنظار متجهة إلى ما يجري فيها وما قد يحدث لها، بعدما أصبح واضحاً أن كل ما يجري من مواجهات في الجبهات الأخرى سواء في لبنان أو في اليمن أو العراق أو في سوريا، أو ما قد يحصل في مواقع أخرى يأتي انعكاساً لما يجري فيها، فيستمر أو يتوقف بإيقاف العدوان عليها أو استمراره، فهي باتت باب الحرب وباب السلم، حيث يواصل العدو الصهيوني ممارساته العدوانية عليها، وهو ما تشير إليه أعداد الشهداء والجرحى والدمار الذي يستهدف كل مظاهر الحياة فيها والحصار المطبق على أهلها والذي يمنع من وصول الغذاء والدواء والماء وكل سبل الحياة، دون أن يبدي هذا العدو وحتى الآن أي استعداد لإيقاف حربه المجنونة عند الحد الذي وصلت إليه، بل نراه يسعى لتوسعتها إلى رفح من دون أن يكترث لحجم الضحايا الذين قد يسقطون من وراء ذلك أو يستجيب للنداءات أو المبادرات التي تدعوه إلى إيقاف هذا النزيف والتعامل بإيجابية مع المفاوضات التي دعي إليها."
اضاف: "أصبح واضحاً أن ما يشجع العدو على عدوانه هو استمرار الدعم الدولي لهذا الكيان، وإذا كان هناك من حديث عن ضغوط تمارس على هذا الكيان كالذي سمعناه من الإدارة الأميركية أو العديد من الدول الغربية، فهي تبقى من باب ذر الرماد في العيون، وهي ليست لمنع تماديه في عدوانه بل تبقى في إطار التمنيات بأن لا يؤدي أي عدوان يحصل إلى ارتكاب مجازر بشرية بالمستوى الذي يحرج هذه الدول أمام شعوبها وبما يثير حساسية الرأي العالمي، ويزيد من تفاقم الغضب الشعبي الذي يحصل الآن، ويرفع منسوب إدانته أمام محكمة العدل الدولية."
وتابع: "في هذا الوقت لا تزال الدول العربية والإسلامية تلوذ بالصمت العملي إزاء ما يجري، ولا تقوم بالدور المطلوب منها بالوقوف مع هذا الشعب العربي والمسلم وإسناده ودعمه بكل السبل الدعم ومنع العدو الصهيوني من تحقيق أهدافه، والتي لن تكون بمنأى عن تداعياتها ومخاطرها، فقد وجد هذا الكيان ليكون اليد التي تضرب أي قوة في المنطقة تفكر بأن تعيش حريتها وكرامتها أو تسعى لإيجاد توازن معه.
وفي الوقت نفسه، نجدد دعوتنا للشعوب العربية والإسلامية وكل أحرار العالم إلى رفع صوتهم عالياً وتفعيل دورهم لمساندة الشعب الفلسطيني بكل سبل المساندة وعدم الإفساح في المجال للعدو الصهيوني باستفراده، وتكرار مشاهد النكبة الأولى التي لا نريد لها أن تتكرر في هذا العصر وعلى مرأى منا".
واكد ان "الرهان الاساس يبقى على الشعب الفلسطيني الذي يثبت كل يوم أنه متجذر في أرضه وأنه جدير بالحياة وهو لا يزال يقدم التضحيات ويظهر عنفوانه في مواقع المواجهة مع هذا الكيان، رغم إمكاناته المتواضعة ويقدم أروع صور البطولة والفداء، ما يربك هذا العدو ويكبده المزيد من الخسائر ويجعله غير قادر على الثبات في أي موقع يصل إليه."
وقال: "ونعود إلى لبنان الذي لا تزال مقاومته رغم كل ما يبذل من تضحيات تصر على الوقوف مع الشعب الفلسطيني، إيماناً منها بمظلومية هذا الشعب وشعوراً بالمسؤولية لضرورة نصرته والوقوف معه ومنع استفراده، من منطلق إنساني وإيماني، وببعد وطني لشعورها بخطورة انتصار هذا الكيان في معركته على الشعب الفلسطيني على مستقبل لبنان. في هذا الوقت يستمر العدو الصهيوني باعتداءاته على القرى والمدن اللبنانية والتي لم تعد تقف عند حدود الأهداف العسكرية أسوة بما تفعله المقاومة، بل هو يتوسع في ذلك باستهدافه للمدنيين الآمنين في بيوتهم، والذي شهدناه في المجازر الدموية المتنقلة والتي لم توفر حتى الأطفال والنساء كما حصل في الصوانة والنبطية، ما يظهر همجية العدو وضعفه في الوقت نفسه، بعدما لم يستطع أن يرغم المقاومة في أن تتخلى عن خيارها ومبادئها في دعم غزة وتعزيز مناعة الوطن."
وتابع: "ونحن أمام ما يجري نحيي كل هذه التضحيات اللبنانية التي تقدم والتي نثق بأنها لن تضعف إرادة هذا الشعب ومقاومته في دعم الشعب الفلسطيني، بل نراها تزيد هذا الشعب عزيمة وإرادة على المضي في هذا الطريق الشاق والصعب، وهو بات أكثر وعياً أن هذه اللغة هي التي يعيها هذا العدو، ولكن دائماً بالحكمة التي عهدناها في هذه المقاومة وبكل تنوعاتها، والتي ستبقى تأخذ في الاعتبار مصلحة هذا البلد وظروفه . وفي الوقت نفسه، ندعو اللبنانيين إلى الوحدة لمواجهة تهديدات العدو.. ونقول للبنانيين هنا؛ إذا كان من خلاف موجود حول مساندة الشعب الفلسطيني أو الكيفية التي تحصل فيها، فلا ينبغي أن يكون هناك أي خلاف على ما يضمن سيادة هذا البلد وقوته وقدرته على مواجهة تحديات هذا العدو وتهديداته."
واضاف: "أما على صعيد الأزمات الداخلية، فإننا نعيد التأكيد على معالجة جادة لها وعدم إهمالها بحجة التحديات التي تواجه البلد، بل ينبغي أن نكون أكثر حرصاً على معالجتها لنكون أقوى في مواجهة هذه التحديات، إن على صعيد معالجة الوضع المعيشي الصعب وملء الفراغ على الصعيد الرئاسي. ويبقى أن نؤكد على الدولة أن تتحمل مسؤولياتها حيال أولئك الذي نزحوا من أرضهم والذين تتكاثر أعدادهم بفعل توسع العدوان، وهم بأمس الحاجة إلى أيدٍ تمتد وتخفف من آلامهم مع كل تقديرنا لجهود الهيئات والمؤسسات والجهات التي تعمل للتخفيف عنهم وتقوم بمد يد العون إليهم"، مشددا على ان "على اللبنانيين أن يبادروا لعلاج أزماتهم ومشاكلهم بدل انتظار ما يحدث من تطورات يُخشى أن تكون على حسابهم".
وختم: "وأخيراً، فإننا نتوقف في شكل خاص عند ما يحصل من حوادث قتل وسرقة في المناطق اللبنانية، والتي كان آخرها ما حدث في حارة حريك، لنطالب القوى الأمنية وكل القوى المعنية والفاعلة أن تتحمل مسؤوليتها بالسهر على أمن أهلنا، وحيث لا يجوز إرباكهم بالمزيد من المعاناة الداخلية في الوقت الذي يكفيهم ما يبذلونه في مواجهة الكيان الصهيوني".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الشعب الفلسطینی هذا الکیان هذا العدو هذا الشعب فی الوقت ما یجری فی هذا
إقرأ أيضاً:
آلاف اللبنانيين يحيون الذكرى العشرين لاغتيال رفيق الحريري على وقع تغيرات سياسية
بيروت - تجمّع الآلاف من مناصري رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في وسط بيروت الجمعة 14فبراير2025، إحياء للذكرى العشرين لاغتيال والده رفيق الحريري، ومطالبين اياه باستئناف نشاطه السياسي، على وقع التغيرات السياسية الداخلية والإقليمية التي أضعفت حزب الله وداعميه.
وقتل رفيق الحريري الذي تولى رئاسة الوزراء لفترات طويلة اعتبارا من العام 1992 وحتى استقالته في تشرين الأول/أكتوبر 2004، في 14 شباط/فبراير 2005 بتفجير استهدف موكبه في بيروت، ما خلّف 22 قتيلا و226 جريحا.
وحكمت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في العام 2022 على اثنين من أعضاء حزب الله غيابيا بالسجن مدى الحياة بجرم "التآمر لارتكاب عمل إرهابي والتواطؤ في القتل المتعمد".
ويأتي إحياء ذكرى اغتيال الحريري، قبل أيام من انتهاء مهلة لتطبيق وقف إطلاق نار بين حزب الله واسرائيل، أعقب مواجهة مدمرة بينهما، وكذلك غداة تبلّغ لبنان من الأميركيين الخميس عزم إسرائيل إبقاء قواتها في خمس نقاط في جنوب البلاد، بعد انتهاء مهلة انسحابها في 18 شباط/فبراير، وهو ما يرفضه المسؤولون اللبنانيون بالمطلق.
وغداة اتهام اسرائيل حزب الله وحليفته طهران بنقل أموال عبر رحلات مدنية الى مطار بيروت، قطع العشرات من مناصري الحزب ليل الخميس طريق المطار احتجاجا على رفض لبنان منح طائرة ايرانية اذنا للهبوط.
على وقع التصفيق والهتافات المؤيدة، استقبل آلاف اللبنانيين الذين رفعوا الأعلام اللبنانية ورايات تيار المستقبل الزرقاء، رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لدى وصوله الى وسط بيروت، حيث ضريح والده ورفاقه، وفق ما شاهد مصور فرانس برس.
ورددت الحشود التي توافدت من مناطق عدة "بالروح، بالدم، نفديك يا سعد"، بينما كان يلوّح من على منصة لمناصريه ويصافح عددا منهم برفقة أفراد من عائلة الحريري.
وقالت ديانا المصري (52 عاما) وهي ربة منزل لفرانس برس "لأول مرة منذ عشرين عاما تكون فرحتنا فرحتين، أولا بسقوط النظام السوري وتحقق عدالة الأرض، وثانيا بوجود الشيخ سعد بيننا".
وعلى بعد امتار، وسط الحشود، قال معين الدسوقي (25 عاما) الذي جاء من البقاع (شرق) "جئنا لنقف الى جانب الرئيس سعد الحريري في ذكرى استشهاد والده"، مضيفا "سنبقى معه الى آخر نفس ونريد عودته الى الساحة السياسية لأنه رمز وطني".
ووصل الحريري المقيم في الإمارات العربية المتحدة، مساء الثلاثاء الى بيروت، بعد أسابيع من انتخاب جوزاف عون رئيسا ومن ثم تشكيل حكومة برئاسة نواف سلام، بضغط دولي خصوصا من الولايات المتحدة والسعودية، على وقع تغيّر موازين القوى في الداخل بعد نكسات مني بها حزب الله في مواجهته الأخيرة مع اسرائيل وسقوط حليفه بشار الأسد في سوريا المجاورة.
وقال مصدر مقرب من الحريري لفرانس برس إن الحريري "سيقارب في كلمته المتغيرات التي حصلت في لبنان والمنطقة" موضحا أن مناصريه "يطالبونه بالعودة الى العمل السياسي".
- "فرصة جديدة" -
حتى مطلع 2022، كان الحريري الزعيم السني الأبرز في لبنان حيث يقوم النظام السياسي على المحاصصة الطائفية.
لكنّ توتّر علاقته مع السعودية، داعمته الرئيسية، شكّل منعطفا في مسيرته السياسية. فأعلن في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 استقالته من رئاسة الحكومة من الرياض، منددا بتدخل حزب الله في النزاعات الإقليمية.
واعتبر خصومه حينها قرار استقالته "سعوديا"، قبل أن يعود الى لبنان بعد أيام بوساطة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ويتراجع عن الاستقالة.
في تشرين الاول/أكتوبر 2019، قدّم الحريري استقالته من رئاسة الحكومة إثر اندلاع احتجاجات شعبية طالبت برحيل الطبقة السياسية المتهمة بالفساد والتي شكل أحد أركانها.
وعزا البعض تراجع شعبيته الى تنازلات سياسية قدمها لحزب الله، لكنه قال لاحقا إن هدفه كان الحفاظ على السلم الأهلي.
ومطلع 2022، أعلن "تعليق" نشاطه السياسي مع تيار المستقبل الذي يتزعمه، لاقتناعه بأن "لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الايراني والتخبط الدولي والانقسام الوطني".
وجاء ابتعاده من العمل السياسي بعدما مُني بانتكاسات، ماليا وسياسيا.
ورأى المصدر المقرب من الحريري أن الأسباب التي دفعته الى تعليق نشاطه السياسي "قد انتفت الآن". وقال "ثمة فرصة جديدة في لبنان، بعدما تراجع النفوذ الإيراني، وعاد المجتمع الدولي يهتم بلبنان.. ودخل البلد في مرحلة جديدة".
وعادت السعودية في الآونة الأخيرة إلى المشهد السياسي في لبنان، بعد انكفاء طويل اعتراضا على تحكّم حزب الله بالقرار اللبناني.
ويعرب أستاذ العلوم السياسية عماد سلامة عن اعتقاده بأن السعودية "تسعى إلى قيادة سنية قوية ومنظمة، وإذا تمكن الحريري من تقديم نفسه بهذه الصورة، فمن شأن عودته أن تخدم مصالحه ومصالحها".
وتشكل ذكرى الاغتيال، وفق سلامة، "فرصة لتقييم قدرة الحريري على حشد مناصريه وإعادة تأكيد زعامته"، مضيفا "نظرا لقدرته غير المسبوقة على توحيد الناخبين السنة، فإنه يبقى الزعيم الوحيد القادر على تأمين كتلة برلمانية قوية" في الانتخابات المقررة العام المقبل.
برز الحريري سياسيا بعد جريمة اغتيال والده التي أغرقت لبنان في أزمة كبرى، مع اتهام حزب الله وحليفته سوريا بالوقوف خلفها.
وكان رفيق الحريري الملياردير الذي ربطته علاقات وثيقة بدول الخليج والغرب، بمثابة مهندس إعادة الاعمار في فترة ما بعد الحرب في لبنان (1975- 1990). وتسلم رئاسة الوزراء لمرتين، قبل ان ينتقل عام 2004 الى صفوف المعارضة إثر اعتراضه على تمديد ولاية الرئيس السابق اميل لحود بضغط سوري.
- قطع طرق -
ويأتي احياء ذكرى اغتياله فيما خرج حزب الله من مواجهته الأخيرة مع إسرائيل، أضعف في الداخل بعدما كان القوة السياسية والعسكرية الأبرز التي تحكمت بمفاصل الحياة السياسية.
لكن الحزب ما زال يحظى بشعبية واسعة بين مناصريه الذين قطع العشرات منهم ليل الخميس الطريق المؤدي الى المطار، احتجاجا على امتناع السلطات عن منح إذن بالهبوط لرحلتين تابعتين لخطوط ماهان الإيرانية، ما حال دون عودة عشرات المسافرين اللبنانيين من طهران.
وجاء القرار اللبناني غداة تحذير اسرائيل من استخدام الحزب الرحلات المدنية لنقل أموال من داعمته طهران.
وقال مصدر في طيران الشرق الأوسط الجمعة لفرانس برس إن طهران لم تمنح طائرتين تابعتين للشركة اللبنانية إذنا للهبوط من أجل نقل المسافرين العالقين هناك.
ونفى حزب الله ومسؤولون لبنانيون مرارا اتهامات باستخدام الحزب المطار من أجل نقل وتخزين سلاح من طهران. وعززت الأجهزة الأمنية بإشراف الجيش اللبناني خلال المواجهة الأخيرة بين الحزب وإسرائيل إجراءات الرقابة والتفتيش في المطار لضمان عدم استهدافه.
Your browser does not support the video tag.