لم يكن كوستا؛ العجوز اليوناني يُكلف زوار مولد القناوي عناء البحث عنه في وسط زحام المولد والتجمعات الكبيرة للباعة والسيرك وغيرها من مظاهر المولد.

 لأن ألعابه الخطيرة التي كان يمارسها وهو في أرذل العمر كانت تستقطب كل الرواد من كافة الأعمار ومن الجنسين، خلال الاحتفالات الشعبية ــالتي تبدا أول شهر شعبان سنويًا.

درج حديدي طويل يأخذك إلى خيمة هي  الأعلى والأكبر ضمن الخيام الموجودة في مركز شباب مدينة العمال مقر الاحتفال الشعبي بمولد قطب قنا.

نيقولاس كوستا دينوس

على الباب المؤدي إلى مدخلها يقف «نيقولاس كوستا دينوس» مبتسمًا ليصافح جمهوره بحفاوة بالغة، مرتديًا ملابس مميزة.. قميصًا أسود وبنطال من نفس اللون على جانبيه حياكة لأشرطة ذهبية تلفت النظر.

البطل اليوناني يؤدي لعبة الموت: 

 بالتزامن يعلن مساعده عبر مكبر الصوت عن قرب أداء «البطل اليوناني» لألعابه الانتحارية وأن متعة المشاهدة لن تكلف الفرد سوي جنيهات معدودة.

بعد أن تكتظ الخيمة بالجمهور ينادي مساعد الخواجا اليوناني عليه، يدخل «كوستا» إلى الخيمة عاقدًا يديه خلف ظهره، ويُحي جمهوره، ليبدأ ألعابه الخطيرة.

يستقل العجوز اليوناني دراجة بخارية عتيقة بسرعة عالية تتجاوز 80 كيلو مترًا، ويتجول بها فوق دائرة حديدية مرتفعة الأرض وتعلو الصيحات من الجمهور إعجابًا بالبطل اليوناني وخاصة بعد أن يقودها من وضع الوقوف !.

بلديات الإسكندر الأكبر! 

هجر «نيقولاس كوستا دينوس» بلاده وأسرته بمدينة تسالونيكى في اليونان، منذ 40 سنة، وجاء إلى مصر مع احد أصدقاءه للعمل في السيرك وعشق مصر.

 يقول «كوستا» في مقابلة سابقة لـ «الوفد» .. شربت من النيل فاستعذبته ومصر بلد لا يمكن أن تموت فيه جوعًا بعكس أوربا القاسية والتي يحدث فيها ذلك، كان كل شيء في مصر يعجب «الخواجا اليوناني» عدا افتقاد الناس للنظام. 

عندما سألته عن مخاطر عمله، قال بلكنة الخواجات في أفلام الأبيض والأسود وهو يضحك ..أنا بلديات الإسكندر الأكبر والقائد مار جرجس لقد ولدوا في نفس مدينتي لذلك فأنا شجاع وخبرتي تمكنني أنا اخرج بلا إصابات أو كسور.

 وهذا لا يمنع تعرضه لحوادث صعبة ومنها اختلال عجلة القيادة وانفصالها عن «الموتوسيكل» ليتوقف العجوز اليوناني الذي يقترب من 80 عامًا عن العمل لمدة سنتين جراء ذلك الحادث. 

وعن الموالد..يقول اذهب إلى كل الموالد إلى كل الموالد ومنها سيدي أبو الحسن الشاذلي ومولد العذراء بدرنكة في أسيوط ومار جرجس بميت دمسيس.

 ويضيف لكن موالد الصعيد تكون أحسن حالا من الوجه البحري حيث لا يرضى الصعيدي لنفسه أن يدخل إلى العرض بالبلطجة ودون أن يدفع مثلما يحدث في موالد بحري، لأن القيم هنا تحكم ذلك  وعندما يتكلم الكبير يسكت الصغير.

يا مرحب يا خـواجة! 

ورغم أن مستر «كوستا»  مسيحي الديانة فأنه يحرص في نهاية كل موسم أن يزور ضريح سيدي عبد الرحيم القناوي ويهبه ربع إيراده في  الموسم لأنه يراه سلطان كبير!  

كان الخواجا اليوناني يقيم في فندق صغير يجاور مقر الاحتفال الشعبي بمدينة قنا، لمدة 15 يومًا بداية من أول شهر شعبان حتي منتصفه وهو الذي يحتفل فيه بالليلة الختامية للمولد ويحضره المسئولين.

  وعندما كان «كوستا»  يترجل في الشوارع كان يلقي بالتحية على المارة وأصحاب المتاجر والباعة في الأسواق وكانوا يردون عليه التحية باسمه «مرحب يا خواجا».

 منذ قيام ثورة 25 يناير 2011 بدأ عدم انتظام الرجل عن مولد «الأسد القناوي»، تارة يحضر، وتارة لا، إلى أن انقطع عن  المولد فى السنوات الأخيرة.

وعام وراء العام لم تكن تساؤلات رواد المولد تنقطع عن الخواجا البشوش .. ربما يعود ليصفق له الجمهور مجددًا.  

كوستا أمام خيمته فى المولد 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مولد كوستا مظاهر المولد الموالد السيرك الجالية اليونانية العلاقات المصرية ـ اليونانية

إقرأ أيضاً:

يقظة القارة العجوز.. نهاية «عائد السلام» في أوروبا وتكاليف إعادة التسليح.. الدول ذات شبكات الأمان الاجتماعي الواسعة تواجه صعوبات في مجالات الرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استفادت الدول الأوروبية لعقود مما يُعرف بـ«عائد السلام» - وهى فترة انخفاض الإنفاق الدفاعى التى أتاحت للحكومات توجيه مواردها نحو برامج الرعاية الاجتماعية، والنمو الاقتصادي، وتطوير البنية التحتية. ومع ذلك، يبدو أن حقبة ما بعد الحرب الباردة التى شهدت ضبط الإنفاق العسكرى تقترب من نهايتها. فمع تزايد التهديدات الجيوسياسية التى تواجهها أوروبا، لا سيما من روسيا، تجد القارة نفسها عند مفترق طرق، مُجبرة على التفكير فى إعادة التسليح فى وقت تعانى فيه أنظمة الضمان الاجتماعى من ضغوط شديدة.

نهاية حقبة

فترة انخفاض الإنفاق الدفاعى فى أوروبا، والتى كانت سمة مميزة لحقبة ما بعد الحرب، تتلاشى بسرعة. فالدول الأوروبية، التى تمتعت طويلًا بالأمن تحت حماية الولايات المتحدة، تجد نفسها الآن فى خضم تحول استراتيجى مدفوع بتهديدات الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب بتقليص دعم حلف شمال الأطلسى (الناتو). ردًا على ذلك، يناقش القادة الأوروبيون علنًا زيادة ميزانيات الدفاع إلى مستويات غير مسبوقة منذ الحرب الباردة، حيث دعا البعض إلى إنفاق يصل إلى ٣.٥٪ من الناتج المحلى الإجمالى فى العقد المقبل.

ووفقًا لحسابات صحيفة فاينانشال تايمز، فإن الحفاظ على الإنفاق الدفاعى عند هذه المستويات من عام ١٩٩٥ إلى عام ٢٠٢٣ كان سيتطلب من دول الاتحاد الأوروبى تخصيص ٣٨٧ مليار دولار إضافية سنويًا للدفاع. على سبيل المثال، كانت المملكة المتحدة ستحتاج إلى ٣٥ مليار دولار إضافية سنويًا، وهو ما يعادل تقريبًا الإنفاق العام السنوى للبلاد على الإسكان والمرافق المحلية.

تحول فى الأولويات: أشار مارك زاندي، كبير الاقتصاديين فى موديز أناليتيكس، إلى أن "عوائد السلام" سمحت لأوروبا بتحرير موارد اقتصادية يمكن استخدامها لاحقًا للاستثمار الخاص وتوسيع شبكات الأمان الاجتماعي. ونتيجة لذلك، شهدت أوروبا نموًا ملحوظًا فى الحماية الاجتماعية، حيث ارتفعت حصة الإنفاق الحكومى على الخدمات الاجتماعية من ٣٦.٦٪ عام ١٩٩٥ إلى ٤١.٤٪ بحلول وقت الجائحة. كان هذا التحول جليًا بشكل خاص فى دول مثل ألمانيا وفرنسا، حيث تجاوز إنفاق الرعاية الاجتماعية بكثير إنفاق الولايات المتحدة.

ومع ذلك، فإن التحول نحو زيادة الإنفاق الدفاعى يطرح خيارات صعبة على الحكومات الأوروبية. فعكس مسار عقود من ضبط الإنفاق العسكرى يتطلب إما تخفيضات فى الإنفاق الاجتماعى أو زيادة فى الاقتراض، وكلاهما ينطوى على تحديات سياسية واقتصادية كبيرة. وكما يتضح من الاحتجاجات فى فرنسا على إصلاحات المعاشات التقاعدية، غالبًا ما قوبلت محاولات كبح الإنفاق الاجتماعى بمقاومة شعبية كبيرة.

تصاعد التوترات الجيوسياسية والحاجة إلى إعادة التسليح: إن العامل المحفز لهذا التحول هو بيئة أمنية عالمية متغيرة. فمع تزايد حزم روسيا فى عهد الرئيس فلاديمير بوتين، تواجه أوروبا تهديدات أمنية جديدة تتطلب ردًا عسكريًا أقوى. وقد دفع تحول تركيز الرئيس الأمريكى السابق بعيدًا عن أوروبا القارة إلى إعادة النظر فى استراتيجياتها الدفاعية والاضطلاع بدور أكثر استقلالية فى أمنها.ومع ذلك، يحذر اقتصاديون مثل كلاوس فيستيسن، من بانثيون ماكرو إيكونوميكس، من أن القدرات الدفاعية الأوروبية ليست على مستوى المهمة. على مر السنين، تضاءل عدد الأفراد العسكريين، حيث انخفض عدد القوات المسلحة البريطانية إلى النصف بين عامى ١٩٨٥ و٢٠٢٠. كما انخفض الإنفاق الدفاعى للاتحاد الأوروبى نسبةً إلى الناتج المحلى الإجمالى على مدى العقود القليلة الماضية. وعلى الرغم من الزيادات الأخيرة فى الإنفاق، فإن الوصول إلى المستويات اللازمة لمواجهة التهديدات المتزايدة سيتطلب التزامًا ماليًا كبيرًا.

التحدى المالي

فى عام ٢٠٢٤، بلغ الإنفاق الدفاعى للاتحاد الأوروبى ما يُقدر بـ ٣٢٦ مليار يورو، أى حوالى ١.٩٪ من الناتج المحلى الإجمالي، ارتفاعًا من ٢١٤ مليار يورو فى عام ٢٠٢١. تُعد هذه الزيادة علامة إيجابية، لكن تقديرات الزيادة اللازمة فى الإنفاق الدفاعى لا تزال كبيرة. تتوقع جولدمان ساكس زيادة قدرها ١٦٠ مليار يورو سنويًا، بينما تشير بانثيون ماكرو إيكونوميكس إلى نطاق يتراوح بين ٢٣٠ مليار يورو و٤٦٠ مليار يورو سنويًا.

يكمن التحدى الرئيسى فى تمويل هذه الزيادات الهائلة. ففى حين أن الدول التى تتمتع بمرونة مالية أكبر، مثل ألمانيا، قد تتمكن من اقتراض المزيد، فإن دولًا أخرى مثل إيطاليا، التى تبلغ نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى ١٣٧٪، ستواجه صعوبات هائلة. قد تُحمّل دافعى الضرائب فى نهاية المطاف تكلفة إعادة التسلح، مع احتمال مواجهة أنظمة الضمان الاجتماعى تخفيضات لإفساح المجال للإنفاق الدفاعي.

الإنفاق الاجتماعي

يتجلى بوضوح التوتر المتزايد بين الإنفاق الدفاعى والاجتماعي. يجادل غونترام وولف، الزميل البارز فى معهد بروغل، بأن الواقع الجديد سيشبه مستويات الإنفاق العسكرى فى ثمانينيات القرن الماضي، مما يعنى تنازلات صعبة فى الميزانيات العامة. فى المملكة المتحدة، أُعلن بالفعل عن تخفيضات فى المساعدات الخارجية كجزء من جهود لزيادة الإنفاق الدفاعى إلى ٢.٥٪ من الناتج المحلى الإجمالى بحلول عام ٢٠٢٧، مع زيادات إضافية مخطط لها بعد ذلك. أما بولندا، استجابةً للضغوط الأمريكية، فقد تجاوزت بالفعل هدف حلف شمال الأطلسى (الناتو) بتخصيص ٤.٧٪ من ناتجها المحلى الإجمالى للدفاع.

ستواجه الدول ذات شبكات الأمان الاجتماعى الواسعة، مثل فرنسا وألمانيا، قرارات صعبة للغاية. فمع شيخوخة السكان وتزايد الطلب على الرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية، سيكون خفض الإنفاق الاجتماعى لصالح الدفاع محل جدل سياسي.

بينما تتطلع أوروبا إلى مستقبلها الدفاعي، سيتعين اتخاذ قرارات بشأن الاقتراض وخفض الإنفاق والضرائب. وقد اقترحت بعض الحكومات، مثل حكومة ألمانيا، رفع حدود الاقتراض للإنفاق الدفاعي. بل واقترحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إعفاء بعض أشكال الاقتراض من قواعد الديون الصارمة للاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، وكما يوضح جاك ألين رينولدز، الخبير الاقتصادى فى كابيتال إيكونوميكس، تواجه الحكومات معضلة صعبة: إما زيادة الاقتراض، والمخاطرة باستياء مستثمرى السندات، أو خفض الخدمات العامة، مما قد يثير ردود فعل عنيفة من الناخبين.

★فاينانشيال تايمز

مقالات مشابهة

  • تياترو الحكايات| عبد الرحيم الزرقاني.. من بنك التسليف إلى خشبة المسرح
  • أحمد هارون: الانتظار الطويل لشخص غائب يترك أثرًا نفسيًا عميقًا
  • اعتبارًا من مساء اليوم.. هذا ما سيشهده نفق الـ كوستا برافا
  • ترامب × بوتين| صفقة تثير العاصفة الأوروبية.. التقارب الأمريكي الروسي يقلق أوروبا وتدرس تأثيره المحتمل على أمن القارة العجوز
  • يقظة القارة العجوز.. نهاية «عائد السلام» في أوروبا وتكاليف إعادة التسليح.. الدول ذات شبكات الأمان الاجتماعي الواسعة تواجه صعوبات في مجالات الرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية
  • استجابة فورية.. محافظ الغربية يوجه بتطوير مقام سيدي العارف بالله بسمنود
  • محافظ قنا يشهد احتفال الأوقاف بذكرى غزوة بدر الكبرى بمسجد سيدي عبد الرحيم القنائي
  • ما حكم القتل الرحيم للمريض بمنع العلاج عنه؟.. علي جمعة يجيب
  • تدريب طلاب آثار ولغات مرسى مطروح بـ المتحف اليوناني الروماني
  • راشد عبد الرحيم يكتب: خطاب الهزيمة