نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للزميل في معهد رويال يونايتد سيرفيسس ومؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، هشام هيلير، قال فيه إن وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون فاجأ المراقبين مؤخرا بإثارة احتمال اعتراف المملكة المتحدة بدولة فلسطينية قبل نهاية عملية السلام مع إسرائيل.

وأضاف أن في المقال الذي ترجمته "عربي21"، وحمل عنوان "رسالة إلى بايدن"، أن الولايات المتحدة قالت أيضا إنها يمكن أن تعترف بالدولة الفلسطينية بعد الحرب في غزة، ويقال إنها تضع خيارات سياسية على هذا المنوال.

تبدو هذه تطورات ملحوظة وسط مجازر الهجوم الإسرائيلي على غزة. ولكن هل تشكل هذه التطورات اختراقا قد يؤدي إلى نتيجة إيجابية في الشرق الأوسط، أم أنها قد تؤدي إلى إضفاء الطابع الرسمي على الاحتلال الإسرائيلي؟ الشيطان يكمن في التفاصيل. 

وذكر الكاتب أن الاحتلال الإسرائيلي لغزة والضفة الغربية والقدس الشرقية (وكذلك مرتفعات الجولان وسيناء) بدأ في عام 1967، وأعقبه قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 242، الذي حدد الطريق إلى الأمام. ولعقود من الزمن، كان القرار، الذي ارتكز على مبدأ فريد، بمثابة الأساس للمفاوضات بين إسرائيل وجيرانها العرب. وكان المبدأ بسيطا: وهو أن انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في عام 1967 هو شرط مسبق للسلام. وقد أيدت الولايات المتحدة القرار، كما أيدت القرارات اللاحقة نفس الاعتراف بأن الاستيلاء على الأراضي بالقوة العسكرية أمر غير شرعي في عالم اليوم. إنها إحدى ركائز النظام الدولي ومن المفترض أن تميزنا عن سياسات القوى العظمى في فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية. 


وأشار إلى أنه في حال كان التوجه الحالي نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية يرتكز على نفس المبدأ، فإنه سيكون متسقا مع التحركات الأخرى التي تم اتخاذها في هذا الاتجاه، وأبرزها مبادرة السلام العربية لعام 2002 - والتي بموجبها سيكون التطبيع السياسي العربي مع إسرائيل وشيكا، ولكن فقط بموجب الشروط التي حددها قرار مجلس الأمن رقم 242. وقبل جميع أعضاء جامعة الدول العربية هذه المبادرة، وأكدت منظمة التعاون الإسلامي – بما في ذلك إيران – دعمها لها أيضا عدة مرات. وحتى الآن، ترفض إسرائيل هذه المبادرة. ولكن إذا كانت الدولة الفلسطينية التي تنوي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة الاعتراف بها مبنية على نفس الإطار، فقد تكون هذه طريقة للمضي قدما. 

ولكن هناك بديل آخر، والذي يبدو أكثر احتمالا بكثير. لم يكن هناك أي ذكر للقرار 242 من قبل إسرائيل أو الولايات المتحدة لسنوات عديدة، والخطاب الذي نراه يروج له الرئيس بايدن لا يشير إلى دعم دولة فلسطينية على أساس أي تعريف حالي للدولة. وبدلا من ذلك، يبدو أن ما يقترحه بايدن هو نوع من الدويلة، على غرار البانتوستانات في جنوب أفريقيا أثناء الفصل العنصري، أو الدول العميلة لروسيا في شرق أوكرانيا. بمعنى آخر، ليست دولة على الإطلاق، حسب الكاتب. 

ولفت المقال إلى أن القرار 242، في هذا الصدد، له أهمية كبيرة، سواء من حيث وجوده أو غيابه. فأولا، في غياب التركيز على هذه القضية، سوف يجد العالم صعوبة كبيرة في إدانة عمليات الاستحواذ الأخرى على الأراضي عن طريق الحرب، بما في ذلك، في الآونة الأخيرة، غزو روسيا واحتلالها للأراضي الأوكرانية في الشرق وشبه جزيرة القرم. والواقع أن روسيا سوف يكون لديها حجة أقوى (ولو أنها ستظل ضعيفة إلى حد لا يصدق). 

ثانيا، إذا اعتبرنا المخططات الإسرائيلية الحالية بشأن غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية بمثابة مؤشر على الإطلاق، فإن مثل هذه الدويلة ستكون غير متصلة إقليميا على أقل تقدير، وستكون استدامتها مشكوكا فيها إلى حد كبير.


علاوة على ذلك، إذا تم إنشاء مثل هذه الدويلة الفلسطينية، فلن ينظر إليها الفلسطينيون والمنطقة المحيطة (وكذلك المجتمع الدولي) على أنها وفاء  من إسرائيل بالالتزامات القانونية الدولية، ولا كاعتراف بتطلعات الفلسطينيين في إقامة دولة. بل سيُنظر إليه على أنه إضفاء الشرعية على الاحتلال تحت غطاء من نوع ما من البنية الرمزية للاعتراف. إذا كانت إسرائيل وحلفاؤها يبحثون عن الدعم داخل المنطقة، فلن يتمكنوا من إضفاء الشرعية على الاحتلال. 

ثلاث ركائز
وقال الكاتب إن هناك طريق للمضي قدما، يقوم على ثلاث ركائز لا غنى عنها. الركيزة الأولى هي بكل بساطة "242 في عام 2024". ولابد أن يظل قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يشكل حجر الأساس ليس فقط لمعالجة القضية الفلسطينية، بل وأيضا للحفاظ على مبدأ بالغ الأهمية في النظام الدولي: رفض القوة كوسيلة للاستيلاء على الأرض. إن المجتمع الدولي يراقب ما يدفع الغرب من أجله في إسرائيل وفلسطين، ويقارنه بما يدفع الغرب من أجله في روسيا وأوكرانيا. ولا يمكننا أن نسمح بأن يكون التناقض هو القاعدة السائدة اليوم. 

وتتلخص الركيزة الثانية، والتي قد تنطلق من اجتماع وزراء الخارجية العرب في الرياض في الثامن من شباط / فبراير، في إجراء إصلاح حقيقي للمجلس الوطني الفلسطيني، الهيئة التشريعية لمنظمة التحرير الفلسطينية؛ لجعلها أكثر عرضة للمساءلة وأكثر ديمقراطية وأكثر تمثيلا، بحيث يمكن إدارة المناطق المحتلة بطريقة تناسب الشعب، حسب الكاتب.  

وأخيرا، قال الكاتب إنه لا بد من الاعتراف بوجوب رفض اليمين الإسرائيلي المتطرف، الممثل في حكومتها. ولا يمكننا أن نذعن، في لندن، أو في واشنطن، أو في أي مكان آخر، لتطبيع هذه القوى السياسية. لا يمكننا أن نجبر الشعب الإسرائيلي على التصويت بطريقة أو بأخرى، ولكن يمكننا، بل وينبغي لنا، أن نضمن أن سلوكنا يعكس قيمنا. ويتعين على الغرب أن يعمل على تهميش وعزل القوى السياسية الإسرائيلية التي تعمل في نهاية المطاف على تقويض سلامة شعب إسرائيل، فضلا عن المصالح العالمية في المنطقة. 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية فلسطينية بايدن غزة الاحتلال امريكا فلسطين غزة الاحتلال بايدن صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

بعد إسقاط الإعدام عن 37 مدانا.. بايدن يثير الجدل قبل تولي ترامب الرئاسة

أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، اليوم الإثنين، 23 ديسمبر 2024، عن قراره بالعفو عن 37 من أصل 40 محكومًا عليهم بالإعدام في قضايا فيدرالية، واستبدال عقوبتهم بالسجن المؤبد دون إمكانية الإفراج، نقلا عن واشنطن بوست.

القرار، الذي أثار الجدل حيث يعد خطوة غير مسبوقة، والذي جاء قبل تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب، المعروف بدعمه لعقوبة الإعدام والمتوقع أن يعيد تنفيذها.

إبقاء عقوبة الإعدام لثلاثة مدانين بجرائم «الإرهاب والكراهية»

استثنى بايدن ثلاثة محكوم عليهم بالإعدام من قراره «ديلان روف» المتهم بقتل 9 مصليين سود في كنيسة بولاية كارولينا الجنوبية عام 2015، و«روبرت باورز» مرتكب الهجوم الأكثر دموية ضد اليهود في الولايات المتحدة، حيث قتل 11 شخصًا في معبد بيتسبرغ عام 2018، و«جوهر تسارناييف» منفذ تفجير ماراثون بوسطن.

بايدن: لا يمكنني السماح باستئناف الإعدامات

قال بايدن في بيان: “أدين بشدة هؤلاء القتلة وأتعاطف مع ضحايا أعمالهم الشنيعة. لكن بناءً على تجربتي كمدافع عام ورئيس للجنة القضائية ونائب للرئيس، توصلت إلى قناعة بأنه يجب وقف استخدام عقوبة الإعدام على المستوى الفيدرالي”.

الضغوط على بايدن لإنهاء عقوبة الإعدام

حثت العديد من المجموعات، من منظمات الحقوق المدنية إلى أقارب الضحايا، بايدن على استخدام سلطته لتخفيف أحكام الإعدام، أعربت هذه الجهات عن مخاوفها من أن إدارة ترامب القادمة ستعيد تنفيذ أحكام الإعدام التي أوقفها بايدن.

ردود فعل إيجابية ومواقف معارضة

أشاد ناشطون ومجموعات حقوقية بالقرار، واصفين إياه بأنه خطوة نحو إنهاء عقوبة الإعدام في الولايات المتحدة، بينما اعتبر البعض، بمن فيهم عائلات ضحايا الهجمات الإرهابية، أن القرار غير منصف.

مسيرة بايدن المتناقضة مع عقوبة الإعدام

تُظهر هذه الخطوة تحولًا كبيرًا في موقف بايدن، الذي كان داعمًا لعقوبة الإعدام في الماضي. فقد قاد بايدن جهود تمرير قانون عام 1994 الذي وسع نطاق الجرائم المؤهلة للإعدام. إلا أنه خاض انتخابات 2020 كرئيس يعارض الإعدام ويسعى إلى إلغائه.

أبرز المحكومين المشمولين بالعفو

نوريس هولدر: محكوم بالإعدام في قضية سطو مسلح على بنك عام 1997 أسفر عن مقتل حارس أمني.

ريجون تايلور: مدان بجريمة قتل خلال اختطاف سيارة وهو في الثامنة عشرة من عمره، وحكم عليه بالإعدام أمام هيئة محلفين ذات أغلبية بيضاء.

بهذا القرار، يخطو بايدن خطوة كبيرة نحو إنهاء عقوبة الإعدام الفيدرالية، مع ترك الباب مفتوحًا أمام استمرار النقاش حول جدواها وعدالتها في الولايات المتحدة.

اقرأ أيضاًبايدن يعرب عن تضامنه مع ألمانيا بعد هجوم على سوق عيد الميلاد في ماجديبورج

بايدن يوافق على تقديم دعم دفاعي لجزيرة تايوان بقيمة 571 مليون دولار

مقالات مشابهة

  • WP: تحول مواقف الأمريكيين تجاه إسرائيل شهد فورة في عهد بايدن
  • بعد إسقاط الإعدام عن 37 مدانا.. بايدن يثير الجدل قبل تولي ترامب الرئاسة
  • بعد الهجوم عليها.. سلوى محمد علي: «لم أقصد الإساءة إلى عادل إمام»
  • مفاوضات غزة – تفاصيل الملفات التي تم الاتفاق عليها حتى الآن
  • بلال الدوي: مصر الدولة الوحيدة التي أجبرت إسرائيل على السلام
  • بايدن يعرب عن تضامنه مع ألمانيا بعد هجوم على سوق عيد الميلاد في ماجديبورج
  • الصحة الفلسطينية تناشد المجتمع الدولي إدخال الأدوية والطعام لمستشفى كمال عدوان
  • بايدن يقدم تعازيه ويبدي استعداده للتعاون مع ألمانيا بعد عملية الدهس بماجديبورج
  • بعثة الأمم المتحدة تزور مواقع الآليات التشغيلية التي استهدفها العدوان الإسرائيلي بميناء الحديدة
  • زيارة أممية لمواقع الآليات التشغيلية التي استهدفها العدوان الإسرائيلي بميناء الحديدة