لماذا نقرأ سورة الكهف يوم الجمعة وفضلها وسر «اللاءات العشر»؟ 3 نفحات ربانية
تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT
ما سبب قراءة سورة الكهف يوم الجمعة؟ لعله من أكثر الأسئلة التي تشغل الأذهان، حيث إن فضل سورة الكهف عظيم ومن قرأها يعصمه الله تعالى من المسيح الدجال، وأضاءَ له من النورِ ما بَينَ الجُمُعتينِ، وثبت في فضل سورة الكهف أحاديث صحيحة ، ومنها قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين قدميه وعنان السماء»، وأكدت أحاديث أخرى أن قراءة الآيات العشر الأواخر من سورة الكهف تحمي المسلم من فتنة الدجال.
لماذا نقرأ سورة الكهف يوم الجمعة
فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة ولقراءة سورة الكهف فضائل وحِكمٌ عديدة، أولًا: نزول السكينة: فقد كان صحابي يقرأ سورة الكهف وفي بيته دابّة؛ فجعلت تضطرب وتتحرّك، فتوجّه بالدعاء إلى ربّه بأن يسلّمه من الدابة، فإذا بسحابة قد غشيته، فروى ذلك لرسول الله، فبيّن له الرسول أنّ القرآن الكريم من أسباب حلول السكينة، أي إن السحابة هي السَّكينة والرحمة، ويقصد بذلك الملائكة، لِذا اضطربت الدابة لرؤيتهم، وهذا دليلٌ على فضل قراءة القرآن وأنه سببٌ لنزول الرحمات والسكينة وحضور الملائكة، روى الإمام مسلم في صحيحه: «قَرَأَ رَجُلٌ الكَهْفَ، وفي الدَّارِ دَابَّةٌ فَجَعَلَتْ تَنْفِرُ، فَنَظَرَ فَإِذَا ضَبَابَةٌ، أَوْ سَحَابَةٌ قدْ غَشِيَتْهُ، قالَ: فَذَكَرَ ذلكَ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: اقْرَأْ فُلَانُ، فإنَّهَا السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ عِنْدَ القُرْآنِ، أَوْ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ».
ثانيًا: من سبب قراءة سورة الكهف يوم الجمعة نيل النور يوم القيامة: فقد ورد أنه قال رسول الله - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ قَرَأَ الْعَشْر الْأَوَاخِر مِنْ سُورَة الْكَهْف عُصِمَ مِنْ فِتْنَة الدَّجَّال»، وقوله -صلى الله عليه وسلّم-: «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين قدميه وعنان السماء»، وعن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: «مَن قَرَأَ سورةَ الكَهفِ يومَ الجُمُعةِ أضاءَ له من النورِ ما بَينَ الجُمُعتينِ».
من سبب قراءة سورة الكهف يوم الجمعة ثالثًا: العصمة من المسيح الدجال: إذ إنّ فتنته عظيمة، وما من نبيٍ إلّا وحذّر قومه منه، وقد قيل إنّ العصمة تتحقّق بقراءة أوائل آيات سورة الكهف دون تحديدٍ، وقيل إنّها بأول ثلاث آياتٍ، وقيل تتحقّق بآخر عشرة آيات، وقيل بأول عشرة، ومع ذلك فمن الأفضل أن تُحفظ السورة كاملة وتُقرأ، فإن تعسّر فعشرة أياتٍ من أولها وعشرة من آخرها، وإلّا فالعشرة الأولى فقط، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «مَن حَفِظَ عَشْرَ آياتٍ مِن أوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ».
وقت قراءة سورة الكهف
وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، فقد ورد أن قراءتها تكون من غروب شمس يوم الخميس إلى غروب شمس يوم الجمعة، وعن وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة بالتحديد ، قال المناوي: فيندب قراءتها يوم الجمعة وكذا ليلتها كما نص عليه الشافعي -رضي الله عنه-.
وقت قراءة سورة الكهف، ذكر العلماء أنها تقرأ في ليلة الجمعة أو في يومها، وتبدأ ليلة الجمعة من غروب شمس يوم الخميس، وينتهي يوم الجمعة بغروب الشمس.
كما قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إنه يستحب للمسلم أن يقرأ سورة الكهف يوم الجمعة لما رود في فضلها من أحاديث صحيحة.
وأضاف «جمعة» خلال أحد المجالس العلمية، أنه ورد في فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة أو ليلتها أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم منها: عن أبي سعيد الخدري، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ في يَوْمَ جُمُعَةٍ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ».
وأوضح المفتي السابق، الوقت الشرعي لقراءة سورة الكهف، بأن قراءتها تبدأ من مغرب يوم الخميس إلى مغرب يوم الجمعة.
حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
وأكد مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، أنه يستحب قراءة سورة الكهف يوم الجمعة؛ لما ورد في فضلها من أحاديث.
واستدل الأزهر عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» بما ورد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ» [رواه: الدارمي]، وعنه أيضًا، قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ».
وأضاف المركز، فى إجابته عن سؤال: «ما حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة؟ ومتى يكون وقت قراءتها؟» أن وقت قراءتها، فإنه تقرأ السورة في ليلة الجمعة أو في يومها، وتبدأ ليلة الجمعة من غروب شمس يوم الخميس، وينتهي يوم الجمعة بغروب الشمس.
وأفاد: فيكون وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة من غروب شمس يوم الخميس إلى غروب شمس يوم الجمعة، قال المناوي: فيندب قراءتها يوم الجمعة وكذا ليلتها كما نص عليه الشافعي -رضي الله عنه-.
سبب نزول سورة الكهف
كانت سورة الكهف دليلًا من الأدلة التي جاءت تصديقًا على نبوة محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم، ونزلت سورة الكهف في الوقت الذي عانى فيه أهل مكة من الظلم والقهر، كما بيّنت السورة ما عانى منه أصحاب الكهف، فكانت كالفرج بعد الشدّة، وورد في سبب نزول سورة الكهف أنّ المشركين أرسلوا رجلين من اليهود إلى الأحبار ليسألوهم عن رأيهم في دعوة محمد، فكان ردّ الأحبار عليهم بأن يسألوا محمدًا عن مجموعةٍ من الفتيان، وعن رجلٍ طاف الأرض ووصل مغربها ومشرقها، فنزل الوحي بالرد عن تلك الأسئلة بنزول سورة الكهف.
القصص الواردة في سورة الكهف
القصص الواردة في سورة الكهف ومقاصدها تضمنت سورة الكهف مجموعة من القصص التي شكّلت بُنية السورة، وهي: قصة أصحاب الكهف، وقصة صاحب الجنتين، وقصة آدم وإبليس، وقصة موسى -عليه السلام- مع الخضر، وقصة ذي القرنين، حيث ترابطت هذه القصص فيما بينها ودلّت كلّ واحدةٍ منها على مجموعةٍ من المقاصد والغايات.
قصة أصحاب الكهف
أهل الكهف هم مجموعة من الفتيان لجأوا إلى كهفٍ خوفًا على أنفسهم من الفتنة في دينهم حين رأوا ما عليه قومهم من عبادة الأصنام والأوثان في يوم عيدٍ لهم، ففتح الله على بصيرة الفتيان، وأيقنوا في قرارة أنفسهم أنّ ما عليه قومهم باطلٌ، فتركوا ما عليه قومهم إلى توحيد الله عزّ وجلّ، ولجأوا إلى دعاء الله -تعالى- قائلين: «رَبَّنا آتِنا مِن لَدُنكَ رَحمَةً وَهَيِّئ لَنا مِن أَمرِنا رَشَدًا» وناموا في الغار ثلاثمئة وتسع سنوات.
وتولّى الله تعالى حفظهم وكان يقلّبهم يمنةً ويسرةً؛ لئلا تأكل الأرض من أجسادهم، وكانوا في مكانٍ واسعٍ في الغار؛ ليصل الهواء إليهم فلا تبلى أجسادهم بانعدامه، وحين أفاقوا من نومهم كان قولهم: «قالَ قائِلٌ مِنهُم كَم لَبِثتُم قالوا لَبِثنا يَومًا أَو بَعضَ يَومٍ قالوا رَبُّكُم أَعلَمُ بِما لَبِثتُم فَابعَثوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُم هـذِهِ إِلَى المَدينَةِ فَليَنظُر أَيُّها أَزكى طَعامًا فَليَأتِكُم بِرِزقٍ مِنهُ وَليَتَلَطَّف» فلم يعلموا حقيقة أمرهم ولا الزمان الذي هم فيه، فبعثوا أحدهم بالدراهم التي كانت معهم لشراء بعض الطعام من المدينة التي كانوا فيها مع حرصه على ألّا يلفت نظر أحدٍ ممّن حوله؛ حتى لا يفتنوهم عن دينهم، لكن أراد الله -تعالى- بأن يعلم الناس بأمرهم لتقوم عليهم الحجة ويعلموا أن أمر الله حق، أمّا عدد الفتية فلا تتحقّق أي أهميةٍ بمعرفته، ولذلك قال سبحانه: «قُل رَبّي أَعلَمُ بِعِدَّتِهِم ما يَعلَمُهُم إِلّا قَليلٌ فَلا تُمارِ فيهِم إِلّا مِراءً ظاهِرًا وَلا تَستَفتِ فيهِم مِنهُم أَحَدًا».
ويتبيّن من قصة أصحاب الكهف الأثر الكبير الذي يعود على الدعوة من باب أمر الشباب بالمعروف ونهيهم عن المنكر، فهم عماد المجتمع، وقد فضّل الله تعالى أمّة محمدٍ وميّزها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: «كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ»، كما أنّ الشباب كانوا أكثر الناس استجابةً لدعوة الله تعالى ورسوله، ولذلك فقد نالوا الاهتمام الكبير من النبي -عليه الصلاة والسلام- والخلفاء الراشدين من بعده -رضي الله عنهم-، فحين جهّز أبو بكر -رضي الله عنه- جيش المسلمين بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- جعل الصحابي الشاب أسامة قائدًا للجيش رغم وجود عددٍ من كبار الصحابة.
قصة صاحب الجنتين
قصة صاحب الجنتين هي القصة الثانية الواردة في سورة الكهف بعد قصة أصحاب الكهف، وقد بيّنت القصة ما حدث بين رجلين أحدهما مؤمنٌ والآخر كافرٌ، وكان الرجل المؤمن قليل الرزق والمال إلّا أنّه كان راضيًا بقضاء الله وقدره، أمّا الكافر فقد منحه الله مزرعتين، وبسط له في الرزق ومتاع الحياة الدنيا، وما ذلك إلّا ابتلاءً واختبارًا من الله له، فأُعجب الكافر بما آتاه الله، وتكبّر على الآخرين، واعتزّ بنفسه وبما يملك، وظنّ أنّ المزرعتين أبديّتان لن تهلكا أبدًا، فما كان من صاحبه المؤمن إلّا أن ذكّره بالله تعالى، ودعاه إلى شُكر الله والإيمان به، فرفض الكافر دعوة صاحبه المؤمن، يقول المؤمن لصاحبه: «أَكَفَرتَ بِالَّذي خَلَقَكَ مِن تُرابٍ ثُمَّ مِن نُطفَةٍ ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلًا*لـكِنّا هُوَ اللَّـهُ رَبّي وَلا أُشرِكُ بِرَبّي أَحَدًا»، فعاقب الله -تعالى- الكافر جزاء تكبّره وعناده بإحراق المزرعتين، وندم بعد ذلك على عدم استجابته لدعوة صاحبه المؤمن.
والمحور الأساسي للقصة العقيدة، فقد بيّنت حقيقة الإنسان حين يتملّك من الدنيا الجاه أو المال أو السلطان دون أن يُرجع الفضل إلى الله تعالى، والواجب على المؤمن في مثل تلك المواقف أن يكون ثابتًا على دينه، عالمًا أنّ الذي خلقه الله، وأنّ مصيره إليه، فلا ينخدع بما يظهر أمامه من مُلكٍ زائلٍ، ويقوم بحق النعمة التي بين يديه، فيشكر الله عليها، كما تظهر في قصة صاحب الجنتين سنّة التقابل، ففيها مشهد النمو والازدهار الذي يقابله الدمار والبوار، فتكبُّر صاحب الجنتين أدّى به إلى الندم، وبيّن الله أنّ مصير الحياة الدنيا إلى زوالٍ، فيقول: «وَاضرِب لَهُم مَثَلَ الحَياةِ الدُّنيا كَماءٍ أَنزَلناهُ مِنَ السَّماءِ فَاختَلَطَ بِهِ نَباتُ الأَرضِ فَأَصبَحَ هَشيمًا تَذروهُ الرِّياحُ وَكانَ اللَّـهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ مُقتَدِرًا»
الفوائد المستفادة من قصة صاحب الجنتين منها:أخذ العظة والعبرة من حال من خدعته الدنيا بما أظهرت له من الملذات، وعدم عصيان الله أو نسيان الآخرة.التكبّر الحاصل عند صاحب الجنتين لا يرجع إلى التحدّث عن نعمة الله؛ وإنّما ذلك من باب الغرور.النعمة التي ينعم الله -تعالى- بها على عباده هي مُلكٌ لله، يؤدي الإنسان حقّها بالشُكر، وإن لم يستخدمها في طاعة الله لا تتحقّق منها أي فائدة، وتكون سببًا في بطلان أعماله.ينعم الله على عباده ليبتليهم وينظر هل يشكرون أم يكفرون. كلّ النعم ما عدا الإسلام والإيمان معرضةٌ للزوال، وهما النعمتان الحقيقيتان وإن كان كلّ ما سواهما قليلًا فكلّه زائل ولا يُفيد يوم القيامة.
قصة آدم وإبليس
قال الله تعالى في سورة الكهف: «وَإِذ قُلنا لِلمَلائِكَةِ اسجُدوا لِآدَمَ فَسَجَدوا إِلّا إِبليسَ كانَ مِنَ الجِنِّ فَفَسَقَ عَن أَمرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَولِياءَ مِن دوني وَهُم لَكُم عَدُوٌّ بِئسَ لِلظّالِمينَ بَدَلًا*ما أَشهَدتُهُم خَلقَ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَلا خَلقَ أَنفُسِهِم وَما كُنتُ مُتَّخِذَ المُضِلّينَ عَضُدًا» فقد حذّر الله -تعالى- عباده من اتّباع أوامر الشيطان وسلوك طريقه وهو الذي تكبّر ورفض أمر الله له بالسجود لآدم -عليه السلام- تشريفًا وتكريمًا له، ثم بيّن الله -تعالى- كمال قدرته وحده في خلق السماوات والأرض.
الفوائد المستفادة من قصة آدم وإبليس منها:عِظم فضل آدم -عليه السلام- وتكريم الله -تعالى- له، فقد أمر الملائكة بالسجود له إظهارًا لفضله وإكرامًا له، وتجدر الإشارة إلى أن سجود الملائكة لآدم كان عبادةً لله تعالى، لأنه هو الآمر لهم في ذلك. استجابة الملائكة لأمر الله تعالى، فقوله تعالى: «فَسَجَدوا» يدلّ على الفورية، لذا ينبغي على المؤمن أن يسارع لامتثال أمر الله -تبارك وتعالى- في حياته دون تردّد.
التكبّر والحسد من الأخلاق السيئة، فقد عصى إبليس ربّه بسبب تكبّره على آدم عليه السلام، وهذا ما أبعده عن رحمة الله تعالى.
قصة موسى مع الخضر
علم موسى -عليه السلام- أنّ هناك رجلًا من عباد الله في مجمع البحرين، آتاه الله من العلم ما لم يؤته لموسى، فأراد موسى -عليه السلام- أن يرحل إليه، وقد اختلفت الروايات في تحديد المكان بعينه، وروى الإمام مسلم أنّ موسى سُئل: «أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقالَ: أَنَا أَعْلَمُ، قالَ فَعَتَبَ اللَّهُ عليه إذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إلَيْهِ، فأوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ: أنَّ عَبْدًا مِن عِبَادِي بمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ هو أَعْلَمُ مِنْكَ».فطلب موسى -عليه السلام- من الله تعالى أن يلقى الخضر، فأجابه الله وأمره أن يأخذ معه حوتًا، وأخبره بأنّ موضع فَقْد الحوت هو مكان الخضر، فانطلق موسى ومعه يوشع بن نون، وطلب موسى من يوشع أن يخبره عن المكان الذي يفارقهم فيه الحوت، فنام موسى -عليه السلام- حينما وصل إلى الصخرة عند مجمع البحرين، وفي الوقت ذاته فارقهم الحوت ولم يوقظ يوشع موسى -عليه السلام-.
ولما أفاق موسى -عليه السلام- نسي يوشع أن يخبره بأمر الحوت، فرجعا باتّباع آثار أقدامهما ليصلا إلى المكان الذي فقدا فيه الحوت، ولقي موسى الخضر فطلب منه أن يصحبه ليتعلّم منه، فردّ عليه الخضر بأنّه لن يملك الصبر على ما سيشاهده منه في القيام بأفعالٍ لا تتفق مع شريعته، فكلٌ من موسى والخضر علّمهما الله علمًا مختلفًا عن علم الآخر، فأخبر الخضر موسى أن يصبر على ما سيشاهده، وعلّق موسى صبره على مشيئة الله تعالى، وما ذلك إلّا لشدّة حرصه على طلب العلم.واشترط الخضر على موسى -عليه السلام- ألّا يسأله عن شيءٍ حتى يُخبره هو بنفسه، فلمّا انطلقا خرق الخضر السفينة فاعترض موسى -عليه السلام- على ذلك، فذكّره الخضر بشرطه، وحين وصلا إلى الساحل قتل الخضر غلامًا، فكان اعتراض موسى على ذلك كبيرًا، فذكّره الخضر بأنّه أخبره من البداية بأنّه لن يستطيع على الصبر، فوعده موسى -عليه السلام- بأن يلتزم بالشرط، وبعد ذلك وصلا إلى قريةٍ وطلبا من أهلها الطعام فرفضوا أن يقدّموا لهما طعامًا، ووجدا في القرية جدارًا على وشك الانهيار فرفعه الخضر، فقال له موسى -عليه السلام- لابدّ أن تحصّل منهم الأجر لشراء الطعام، فكان هذا الاعتراض هو الفراق بين موسى والخضر.
وقبل أن يفارق الخضر، موسى -عليه السلام- أخبره بالحكمة من كلّ فعلٍ قام به، فخرق الخضر السفينة لأنّها كانت لمساكين يعملون عليها وكان هناك مَلكٌ ظالمٌ يستولي على جميع السفن الجيّدة، أمّا الغلام فقتله حتى لا يعذّب والداه؛ لأنّه سيكون كافرًا وأبواه مؤمنين، وأمّا الجدار فكان تحته كنزٌ مدفونٌ لغلامين يتيمين في المدينة، فأقامه لكي يحفظ لهما كنزها ويستخرجانه حين يُحسنا التصرّف فيه، وأخبر الخضر موسى -عليه السلام- أنّ كلّ ما فعله كان بأمرٍ من الله وليس من رأيه.
المستفاد من قصة موسى مع الخضر
لم يكن موسى -عليه السلام- متكبّرًا مع أنّه رسولٌ، وممّا يدل على ذلك مبادرته للقاء الخضر، وتحمّله للعديد من المشاق في سبيل الوصول إليه. بيان فضل وأهمية الرحلة في طلب العلم، فقد رحل الأنبياء والمرسلين في طلب العلم، كما يستحبّ للعالم أن يتعلّم ممّن هو أرفع منه منزلةً في العلم. الاعتراف بأنّ الله -تعالى- الأكثر علمًا. بيان مشروعية خدمة أهل العلم، فقد خدم يوشع موسى أثناء رحلتهما، كما يُشرع التحدّث عن التعب والمشقة دون السخط على أقدار الله تعالى.
الحثّ على قبول عذر الناسي وبيان أنّ ذلك من خصال الصالحين. ينبغي على المعلّم أن يصبر على طالبه، فقد صبر موسى على تلميذه حين نسي أن يخبره عن الحوت، وصبر الخضر على موسى في احتجاجاته على ما كان يفعله.
يستحبّ قول: «إن شاء الله» لمن أراد القيام بفعلٍ معينٍ بدليل قوله تعالى: «وَلا تَقولَنَّ لِشَيءٍ إِنّي فاعِلٌ ذلِكَ غَدًا إِلّا أَن يَشاءَ اللَّـهُ وَاذكُر رَبَّكَ إِذا نَسيتَ وَقُل عَسى أَن يَهدِيَنِ رَبّي لِأَقرَبَ مِن هـذا رَشَدًا». بيان أهمية إنكار المنكَر بالنسبة للمسلم، كما أنكر موسى على الخضر ما يفعله وحسب أنّه مُنكرًا.
قصة ذي القرنين
هذه القصة هي القصة الخامسة من القصص الواردة في سورة الكهف، وفيها أنّ ذا القرنين من الذين مكّنهم الله -تعالى- في الأرض، وأعطاه من الأسباب ما يُعينه على الوصول إلى أقطار الأرض، إلّا أنّ هذه الأسباب لم يذكرها الله في كتابه ولم يذكرها الرسول في سنّته، فقد وصل فيما أعطاه الله إلى موضع غروب الشمس ورآها بأُمّ عينه، ولم يكن بينه وبين الشمس إلّا الماء، ووجد عندها قومًا كافرين؛ وقد خيّره الله بين تعذيبهم والإحسان إليهم، فقال: «قُلنا يا ذَا القَرنَينِ إِمّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمّا أَن تَتَّخِذَ فيهِم حُسنًا»، فقسّمهم ذو القرنين إلى قسمين؛ الكافر منهم ينال عقوبته في الدنيا والآخرة، والمؤمن منهم يُحسن له في الدنيا وتكون له الجنة في الآخرة، ثمّ أراد ذو القرنين العودة إلى موضع شروق الشمس.
فوجد هناك أناسًا لم يكن لهم سترًا من الشمس، وذلك لأن الشمس دائمة عندهم فلا تغرب، أو لعدم وجود مساكن لهم، ثمّ توجّه إلى الشمال فوجد سدّين قد أُقيما بين الناس وبين يأجوج ومأجوج، ووجد من دون السدين قومًا لا يفقهون قوله، ومع ذلك فقد منحه الله القدرة على أن يفقه ما يتكلّمون به، فاشتكوا إليه من فساد يأجوج ومأجوج، وطلبوا منه أن يُقيم سدًا بينهم على أن يعينوه ويدفعوا له الأجر، فأقام لهم سدًّا قويًا مانعًا ورفض الأجر، ثمّ توجّه إلى الله بشكره والثناء عليه وأعاد الفضل له.
المستفاد من قصة ذي القرنين
لهذه القصة مجموعة من الحِكم يُذكر منها: لا حرج من قبول التحدي والدعوة إلى الإسلام، إلّا أنّ على الداعي أن يكون عالمًا بالشيء قبل أن يدعو إليه، فقد سأل المشركون الرسول عن خبر ذي القرنين، فقد قال تعالى: «وَيَسأَلونَكَ عَن ذِي القَرنَينِ»، وكان سؤالهم تحدّيًا له، فهذا سؤالٌ لا يجيبه سوا نبي، فأنزل الله -سبحانه- آيات من القرآن الكريم تجيبهم على ما سألوا، قال سبحانه: «قُل سَأَتلو عَلَيكُم مِنهُ ذِكرًا».يجازي الله عباده على ما فعلوه، فمن عمل صالحًا كانت له الجنة والحسنى، ومن عمل سيئًا كان مصيره العذاب في الدنيا والآخرة، قال تعالى: «أَمّا مَن ظَلَمَ فَسَوفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذابًا نُكرًا * وَأَمّا مَن آمَنَ وَعَمِلَ صالِحًا فَلَهُ جَزاءً الحُسنى وَسَنَقولُ لَهُ مِن أَمرِنا يُسرًا». من صفات الملك الصالح أن يقدّم كلّ ما يمكنه لمساعدة الناس، ولا يأخذ أجرًا على ما يقدّمه، مع عزو الفضل إلى الله تعالى.
ومن السور التي تحتاج إلى تدبر سورة الكهف، حيث إن أغلبنا يقرأ نهاية كل أسبوع سورة الكهف، هل لاحظتم كلمات النهي العشر (لا) ستجعلك تتدبر أكثر.
● اللاء الأولى:
﴿فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَآءً ظَٰهِرًا﴾
(الآية ٢٢).
في نقاشك مع الناس لا تدعي إمتلاك الحقيقة ولا تجادل جدالاً عقيماً.
● اللاء الثانية:
﴿وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا﴾
(الآية ٢٢).
فيما يُشكل عليك من أمور لا تطلب الفتوى من شخص غابت عنه حقيقة ذاك الشيء أو يرفض الحق.
● اللاء الثالثة:
﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَىْءٍ إِنِّى فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ﴾
الآيتان (٢٣ / ٢٤).
وأنت تخطط لا توعِدْ نفسك أو غيرك بعمل شيء في المستقبل دون أن تعلق الأمر على مشيئة الله.
● اللاء الرابعة:
﴿وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا﴾
(الآية ٢٨).
وأنت تسير مع الصالحين لا تصرف نظرك عنهم لغيرهم طمعاً بالدنيا.
● اللاء الخامسة:
﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُۥ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُۥ فُرُطًا﴾
(الآية ٢٨).
خفف من كل شيء لا يقربك إلى الله
لأنه يشغلك
لا تُطِعْ من كان غافلا عن ذكر الله
وآثَرَ هواه على طاعة مولاه
وصار أمره في أعماله ضياعًا وهلاكًا.
● اللاء السادسة:
﴿فلَا تَسْـَٔألنى عَن شَىْءٍ حَتَّىٰٓ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا﴾
(الآية ٧٠).
في ممارستك لفضولك المعرفي لا تستعجل بالسؤال قبل أن تُستكمل لك تفاصيله.
● اللاء السابعة:
﴿لَا تُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ﴾
(الآية ٧٣).
تذكر أنهم بشر فلا تحاسبهم على نسيانهم أو ما استُكرهوا عليه.
● اللاء الثامنة:
﴿وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِى عُسْرًا﴾
(الآية ٧٣).
لكل شخص قدرة وطاقة استيعابية فلا تطلب منه ما لا يستطع تحمّله وعمله.
● اللاء التاسعة:
﴿فَلَا تُصاحِبني قَد بَلَغتَ مِن لَدُنّي عُذرًا﴾
(الآية ٧٦).
لا تصاحب من استنفذت معه كل الوسائل..
● بقيت (لاءٌ) أخيرة تُضاف إلى تلك اللاءات التسعة ألا
وهي اللاء العاشرة وهي خاتمة هذه اللاءات
ومِسْكُها في آخر آية من آيات سورة الكهف:
{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)
(110)}
■ فإن كانت اللاءات التسعة تعتني بتربية المؤمن وتوجيهاته الإيمانية مع من حوله من الناس، فإن اللاء العاشرة جاءت وخُصت علاقة عمل المؤمن بمدى إخلاصه لربه، لتشترط قبول العمل الصالح بألا يراد به إلا وجه الله وحده لا شريك له.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سورة الكهف يوم الجمعة فضل سورة الكهف وقت قراءة سورة الكهف قراءة سورة الکهف یوم الجمعة وقت قراءة سورة الکهف صلى الله علیه وسلم صلى الله علیه وسل ى الله علیه وسل رضی الله عنه علیه السلام لیلة الجمعة الله تعالى ه علیه وسل أمر الله إلى الله ال ک ه ف الله له إل ا أن فی یوم فی فضل ما بین على ما ن الله ل الله من قصة ر الله أ سورة
إقرأ أيضاً:
نعيم قاسم: يجب أن تنسحب إسرائيل في 18 شباط بالكامل وعلى الدولة مسؤولية إعادة الإعمار
اعتبر الأمين العام ل"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، في كلمة ألقاها بمناسبة ذكرى "الشهداء القادة"، أنه "عندما يُستشهد القادة فهناك تطوّر من دمائهم وعطاءاتهم لمصلحة المسيرة، فالقادة الشهداء لهم مسيرة واحدة وهي مسيرة المقاومة الاسلامية". وقال: "قبل أيام في 11 شباط ذكرى انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران بقيادة محيي هذا الدين وملهم الأمة، الإمام الخميني قدس الله روحه الشريفة، وبمتابعة الولي الفقيه الإمام الخامنئي دام ظله، مع هذا الشعب الإيراني الأبي، هذه الثورة الإسلامية المباركة هي أنموذج للحياة الحقيقية في طاعة الله تعالى وهي التي قلبت المعادلة في المنطقة في سنة 1979 ودعمت مسيرة المقاومة في لبنان وفي فلسطين والمنطقة ووقفت إلى جانب الشعوب المستضعفة. التهنئة كل التهنئة للقائد الإمام الخامنئي دام ظله على هذا الانتظار العظيم، للشعب الإيراني بكل أطيافه، بحكومته، بحرسه، بجيشه، بكل القوى الموجودة هناك، والحمد لله تعالى الذي متّع هذه الأمة بهذه الثورة الإسلامية المباركة".
أضاف: "في 14 شباط، الذكرى العشرين لشهادة الرئيس رفيق الحريري، نُعزّي عائلته وتياره السياسي والشعب اللبناني ونسأل الله تعالى أن يوفقنا لنستلهم الدروس والعبر في أن نكون دائمًا مُوحّدين متعاونين وأن تتحول دماء الشهادة إلى قوة لمصلحة لبنان ومصلحة مسيرتنا".
وتابع: "أبدأ بالقادة الشهداء، هذه الذكرى اخترناها في 16 شباط ذكرى شهادة الشهيد الشيخ راغب حرب والشهيد السيد عباس الموسوي، وقبلهما في 12 شباط كانت شهادة الحاج عماد مغنية رضوان الله عليه. في ذكرى القادة نتذكر الآية الكريمة "مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا". أين استشهدوا؟ ولماذا استشهدوا؟ أين كانوا في مواقع الجهاد والمواجهة والتضحية؟ الكل يعلم أنّه سنة 1982 حصل اجتياح إسرائيلي للبنان وكان الهدف اقتلاع المقاومة الفلسطينية من لبنان وذهب المسلحون الفلسطينيون المقاومون مع قيادتهم إلى تونس وأصبح لبنان بلا مقاومة على قاعدة أن تُنهى المقاومة كليًا من لبنان وبالتالي من المنطقة من فلسطين. في هذه الفترة الزمنية بالذات نشأ حزب الله، وخلال سنتين تقريبًا، في فترة 16 شباط سنة 1984 جاء العملاء إلى بلدة جبشيت وقتلوا الشهيد الشيخ راغب حرب، ماذا كان يفعل هذا الشهيد؟ الشهيد الشيخ راغب كان شعبيًا، جماهيريًا، يصلي صلاة الجمعة في المسجد، يجتمع الناس من حوله من كل القرى المحيطة، يقف بشجاعة أثناء الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، كانت جبشيت في قلب الاحتلال الإسرائيلي وكل المحيط الجنوبي، لم يكن يخشاهم وكان يتحدث ضدّهم وكان يُعبئ الناس بمواجهة العدو الإسرائيلي، وفي هذه المرحلة كانت المقاومة في بداياتها، المقاومة الإسلامية، بالتعاون مع المقاومة الوطنية، وهذه المقاومة التي كانت في بدايتها كانت تُقلق العدو وتعتبر أنّ حركة الشهيد الشيخ راغب حرب هي حركة مؤذية لهم لأنها تفضحهم. برز الشيخ راغب كإنسان شعبي، جماهيري، ودود، خلوق، إنسان ترابي، هو بعمّته يقف أمام العدو الإسرائيلي ويُرعب هذا العدو، قتلوه ظنًّا منهم أنهم سيتخلصوا منه. الشهيد الشيخ راغب مواليد العام 1952 واستشهد سنة 1984، أي عند شهادته كان عمره 32 سنة، هو صاحب الكلمة المشهورة "المصافحة اعتراف والموقف سلاح"، رفض أن يُصافح الإسرائيلي عندما أتى إليه، وهو القائل: "لن تطفئوا شعلتنا ولن تسقطوا رايتنا"، هذا عنوان من عناوين الجهاد.
الشهيد الثاني، هو سماحة السيد عباس الموسوي رضوان الله تعالى عليه، الأمين العام لحزب الله، تسلم الأمانة سنة 1991 وبعد عدة أشهر في 16 شباط سنة 1992 استشهد بطائرة إسرائيلية ألقت عليه صاروخًا في قرية تفاحتا، هذا الشهيد كان نموذجًا للمجاهدين، كان معهم دائمًا، كان يحضر في مراسم توديعهم للذهاب إلى الخطوط الأمامية وللمقاومة ويأكل معهم، ينام معهم، كُنّا نُسمّيه السيد الذي يبقى في سيارته دائمًا، ينام ويأكل ويتنقل لأنّه يكون تارة في البقاع وأخرى في الضاحية وثالثة في الجنوب في يوم واحد من أجل أن يبقى إلى جانب المجاهدين. حتى مع الناس قال لهم سنخدمكم بأشفار عيوننا، وبالحقيقة هو كان من هذا النموذج الذي يُحب الناس ويتعاطى مع الناس.
برز كأمين عام مُؤثّر، فاعل، شخصية صلبة، كانت دائمًا الكلمات منه تخرج بصيغة الانتصار، لم تُغادر لغة الوعد بالانتصار شفتاه ولسانه لحظة واحدة على الإطلاق، أي كل خطبة كان يخطبها كان يقول نحن منتصرون، اقتلونا فإنّ شعبنا سيعي أكثر فأكثر، وكان دائمًا في حالة واثقة، مؤمنة، قابلة لأن تصنع المستقبل. من كلماته، "الوصية هي حفظ المقاومة الإسلامية"، من كلماته "سنخدم الناس بأشفار عيوننا"، هذا الإنسان العظيم هو من ولادة سنة 1952 واستشهد في سنة 1992 أي استشهد وكان عمره 40 سنة. لاحظوا الفرق بين شهادة الشهيد الشيخ راغب حرب سنة 1984 والشهيد السيد عباس الموسوي سنة 1992، الفترة الزمنية كانت ثماني سنوات، لكن المقاومة تقدّمت بشكل كبير وأصبح لها مكانة مهمة، كانت في البداية مجموعات صغيرة مُنتشرة هنا وهناك، لكن أصبح للمقاومة دور وموقع وحضور سياسي مؤثر من خلال حزب الله.
الشهيد الثالث هو الحاج عماد مغنية رضوان الله تعالى عليه (الحاج رضوان)، الحاج عماد هو أمني، عسكري، مُبدع، هو مُربّي للكثير من المجاهدين والقادة، وأنتم تسمعون منهم كيف يذكرون ذلك، هو في الظل، لأنّ العمل الأمني والعمل العسكري ليس عملًا إعلاميًا، لكن في جلساته، في لقاءاته مع القادة، مع المسؤولين، مع الشباب، مع المجاهدين، كانت دائمًا الروحية الإيمانية طاغية في عملية التوجيه، لأنّه يعلم أنّ الإيمان أولًا وهذا هو الذي يصنع المجاهدين ويصنع الشهداء ويصنع العطاءات المختلفة. هو من عائله مجاهدة بحق، استشهد ولده جهاد بعده واستشهد أخواه جهاد وفؤاد قبله، والعائلة جميعها عائلة مجاهدة، وعلى كل حال ترك الحاج عماد آثارًا عظيمة في الوضع الأمني والسياسي والعسكري. من كلماته، "إنّ هدفنا الأساس الحفاظ على هذا الوجود"، أي على الوجود المقاوم، وهو حسب ما عرّفه سيد شهداء الأمه السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه، كان يقول عنه: "هو قائد الانتصارين"، أي انتصار سنة 2000 بالانسحاب الإسرائيلي، وانتصار عدوان تموز سنة 2006. هذا الشهيد كان من مواليد سنة 1962، استشهد في سنة 2008، أي كان عمره 46 سنة. بين شهادة السيد عباس 1992 وشهاده الحاج عماد 2008، هناك 16 سنة، 16 سنة تقدّم الحزب كثيرًا وأصبح قوة حقيقية وأصبح بموقع مختلف، هذا يدل أنّه عندما يُستشهد القادة، عندما يُقتل القادة فهناك تطور من دمائهم، من عطاءاتهم، لمصلحة المسيرة ولمصلحة الأمة، يعني الذي يظن أنّه إذا قُتل القائد معنى ذلك أنّ المسيرة اندحرت أو انكسرت أو لا أدري ماذا حصل لها، لا، لا، المسيرة تتقدّم بدماء القيادة لأنّه تصبح المسؤولية أعظم، وأيضًا القيادة ربّت معها من يعمل من أجل هذا المستقبل.
هذه المسيرة مسيرة واحدة، مسيرة القادة الشهداء واحدة، هي مسيرة حزب الله، مسيرة المقاومة الإسلامية. أذكر ثلاثة أمور مشتركة:
أولًا، لهم خط حياة واحد، هو الإسلام المحمدي الأصيل، وهم ملتزمون بقيادة الإمام الخميني قدس سره والإمام الخامنئي دام ظله كجزء لا يتجزّأ من منظومة الإيمان بالإسلام المحمدي الأصيل، أي الهدف هو إقامة الحق، الهدف هو عودة الإنسان إلى طاعة الله تعالى، الهدف هو أن نبني مسيرتنا ونُربّي أطفالنا بعزة وكرامة، أن نمنع أعداءنا من أن يتحكموا بمسارنا، أن نمنع من أن يُخطّط لنا أحد حياتنا وأن يحرفنا عن مسيرة الحق.
الأمر الثاني، جهاد العدو الإسرائيلي كان لهم أولوية كتطبيق عملي في سبيل الله تعالى، لأنّه لا تستطيع أن تعمل في طاعة الله ويتركوك الأعداء خاصة عندما يحتلون الأرض وعندما يأتي المستبد، هذا كله يحتاج لمواجهة حتى تقدر أن تحمي وتحصن وطنك وجماعتك، هذا أمر طبيعي في هذه الحياة، دائمًا الصراع بين الحق والباطل. إذًا كيف نُواجه الباطل؟ لا بدّ من الجهاد حتى نتمكن من أن نكسره، لأنّ الباطل عادة يستعمل القوة حتى يُلزمنا، حتى نستسلم، نحن لا نستسلم، نحن لا نُلزم، نحن لا نقبل بأن يكون الباطل فوق رؤوسنا، لا، نحن سنواجه التحدي بشكل مباشر. قال تعالى في كتابه العزيز "الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا"، لا أحد يظن أنّ الشيطان وأولياؤه هم قادرون على تغيير المعادلة، لا، يكون لهم جولة، يكون لهم جولتان، لكن بالنهاية الحق كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى.
الأمر الثالث، ميزة هؤلاء القادة، ميزة هذه المسيرة أنها تمزج بشكل كبير بين البُعد المعنوي الإيماني والبُعد الجهادي العملي، أي نحن ليس عندنا قتال من أجل القتال، مع أنّ القتال من أجل الوطن ومن أجل الأرض بمعزل عن الارتباط الله تعالى والإيمان بالله تعالى، يعني الإيمان بالله تعالى أولًا، الإيمان بالحق أولًا، الإيمان بمسيرة محمد وآل محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين أولًا، هم الذين علّمونا وربّونا كيف نكون مقاومين، كيف نكون مجاهدين، كيف نُغيّر المعادلة لمصلحة الحق، كيف نحمي وطننا، كيف نسترجع أرضنا، كيف نواجه عدونا، هذا كلّه من مصدر الإيمان، لذلك المقاومة فرع الإيمان وهي نتيجة لهذا الإيمان.
نحن نُعزّي عوائل الشهداء القادة، نُعزّي بالسيدة الجليلة أم ياسر التي استشهدت مع سماحة السيد عباس، الأمين العام رضوان الله تعالى عليه، واستشهد معهما طفلهما، حسين، نُعزّي العائلة الكريمة لكل القادة الشهداء ولكل الشهداء الذين ساروا على الخط من القادة والمجاهدين وكلهم قادة لأنّه في الحقيقة هم يربّوننا و يعلموننا كيف نصنع المستقبل".
التطورات السياسية
في التطورات السياسية قال: "سأتحدث عن ثلاثة أمور، أولًا مواقف ترامب من القضية الفلسطينية ومن فلسطين، هي مواقف خطيرة جدًا، هي مواقف تريد إنهاء فلسطين والشعب الفلسطيني، هي عملية إبادة سياسية بعد أن عجز نتنياهو وعجزت أمريكا من أن تُحقّق الإبادة البشرية المباشرة من خلال العدوان الإسرائيلي الأخير في مواجهة طوفان الأقصى والذي أدى إلى 160 ألف شهيد وجريح وشهيدة وجريحة وعدد كبير من الأسرى إضافة إلى الدمار الهائل الذي حصل في قطاع غزة. ترامب يُحاول أن يتحكّم بالعالم وليس فقط في فلسطين، لكن ما يهمّنا أنّ هذه الإبادة السياسية التي يريدها ترامب بالتعاون مع نتنياهو الذي كان يريد الإبادة البشرية ولم يتمكن من ذلك ليس لها قابلية للتطبيق أبدًا مع هذا الشعب الفلسطيني الأبي الصامد الأسطوري الذي قدّم كل هذه التضحيات، هي أحلام بالنسبة إليه، لكن هذا يُبيّن الموقف الدولي السيء والمهين الذي تتّخذه أمريكا. اليوم ثبت أكثر من أي وقت آخر أنّ كل ما تفعله إسرائيل هو بإدارة أمريكية وتوجيه أمريكي ودعم أمريكي وتسليح أمريكي وإعلام أمريكي وقيادة أمريكية، وأنّ إسرائيل لها وظيفة في هذه المنطقة، وظيفتها أن تُخرّب علينا، وظيفتها أن تنتشر في المنطقة، وظيفتها أن تزيد من احتلالها، أن تُحقّق أهداف أمريكا التوسعية، وهذا لن يحصل إن شاء الله تعالى. هذا المشروع الأمريكي خطر، خطر على الجميع، خطر على الدول العربية، خطر على الدول الإسلامية. لا تقولوا أنّه عندنا مشكلة اسمها قضية فلسطين، عندنا مشكلة اسمها الاحتلال الإسرائيلي بإدارة أمريكية لاقتلاع فلسطين والمنطقة العربية والتحكم بكل العالم، صار لازمًا أن نرى بهذا المنظار، ليس بالمنظار الضيق".
أضاف: "الصمت العربي والدولي الذي حصل خلال العدوان في مواجهة طوفان الأقصى هو الذي ساعد للوصول إلى هذا الموقف الأميركي، ماذا كانت تخسر بعض الدول العربية لو قاطعت يا أخي على الأقل، لو منعت أن تُستخدم موانئها أو أن تُستخدم طرقها أو طائراتها، على الأقل لو كل واحد عمل منع بحدود معينة، تصريحات، لم نكن نسمع تصريحات قوية، شديدة، بالتأكيد كانت تغيرت المعادلة، لكن ها أنتم تشاهدون، كُنّا بحال أنهم يواجهون فلسطين الآن ترامب يواجه كل المنطقة، يريد أن يُهجّر الفلسطينيين إلى مصر والأردن والسعودية وبلدان أخرى.
نحن ندين ونرفض بشدة أي تهجير للفلسطينيين إلى أي مكان، ونرفض التهجير إلى مصر والأردن وإلى السعودية، كل هذه البلدان يجب أن تكون محمية وحاضرة ومتعاونة وترفض هذا الأمر كرمى لفلسطين أولًا وكرمى لها ولشعوبها. كما أيضًا نرفض التهجير إلى لبنان وإلى غيره. نحن نعتبر أنّ فلسطين هي من البحر إلى النهر، صرّحوا بهذا حتى تصلوا إلى حل معين، هذه الدولة أو الكيان الإسرائيلي واضح أنّه كيان طارئ خطير وهذا الشعب الفلسطيني لن يترك أرضه إن شاء الله تعالى. نحن ندعو إلى التعامل مع هذا الشعب، إلى دعم هذا الشعب بكل أشكال الدعم، يا أخي لا تريدون أن تدعموه عسكريًا، ادعموه بالإعمار، بالبناء، بالإغاثة، حتى يثبت في أرضه، هو حاضر أن يثبت في أرضه، ولكن أدنى مُقوّمات الحياة يجب أن تحضر، يجب أن تكون الدول العربية والإسلامية حاضرة لمنع التهجير. وأنا أقترح عليكم اقتراحًا، إذا يخرج معكم في اجتماعات محدودة أو واسعه للدول العربية والإسلامية أن تكون هناك خطط وبرامج تُوزّع عليكم أنا أقول لكم باسم حزب الله حاضرين أن نكون جزءًا من خططكم في منع التهجير، إذا مطلوب منا شيء نحن حاضرون أن نُساهم وأعتقد كل فصائل المقاومة وكل الدول حاضرة أن تساعد، لكن تحتاج إلى جرأة أن ضع أحد مشاريع يكون فيها تعاون بين الجميع. لا تعتبروا أنّ لبنان ليس في دائرة الخطر، أريد أن أذكركم أنّه عندما إسرائيل بقيت سنة 1982 لسنة 2000، 18 سنة وأنشأت جيش لحد وعملت هذه الخصوصية أنّه في لبنان الجنوبي وهناك تركيبة معينة، كانت تستهدف أن تقتطع جزء من الأرض اللبنانية من أجل أن تكون مستوطنات إسرائيلية، لكن لم تنجح لأنّه كان هناك مقاومة إسلامية، كان هناك حزب الله، كان هناك مقاومة وطنية، كان هناك حزب الله وحركة أمل في كل المقاومين الذين واجهوا، كان هناك تكامل بين الجيش والشعب والمقاومة، لذلك لم تستطع إسرائيل، أتظنون أنّ إسرائيل أقلعت عن المشروع؟ لا، لم تُقلع، لكن لم تستطع وكل مرة تقدر ستحاول من أجل أن تصل إلى نتيجة".
وتابع: "الأمر الثاني، نحن سعينا من أجل أن تنتظم المؤسسات، والكل يعلم ويشهد بأنّ الثنائي الشيعي الوطني هو الذي كمّل انتخاب الرئاسة، فاختير العماد فخامة الرئيس جوزيف عون إلى رئاسة الجمهورية، وبالتالي أكملنا الوفاق الوطني، أي كنّا جزء لا يتجزأ من صناعة الوفاق الوطني، من إطلاق المؤسسات، وكُنّا نقول دائمًا 9 كانون الثاني يجب أن يكون يوم الانتخاب، أما بعض الغير كان يقول لا ونريد أن نجي نقاشات، نحن رجّحنا التوافق والحمد لله كانت هذه النتيجة. اختيرت الحكومة اللبنانية ونحن كُنّا جزءًا مُسهّلًا، وأنا قلت من فترة عندما كانوا يقولون أنّ الثنائي عنده مشكلة وأنه هو الذي يُعيق وعندما كانوا يركبون أفلامًا علينا ويقولون أنه لن ندعهم يشاركون وليكونوا خارج الحكومة ونريد أن نعزل، كان عندهم أحلام يحاولون العمل عليها، وأنا وقتها قلت: يا جماعة نحن متفاهمون على خطوات الحكومة لكن تحتاج بعض التفاصيل، والحمد لله الآن الحكومة أُنجزت، نحن مرتاحون لإنجاز الحكومة لأنه استحقاق دستوري ضروري ولأنه هو الذي يساعد في تقليعة البلد والتعيينات والقيام بالمهمّات المختلفة.
أهنئ اللبنانيين بتشكيل الحكومة ودور حزب الله وحركة أمل كان دور أساسي في عملية التسهيل، أنا سأقول لكم أنه كل محطّة من المحطات سوف تسمعون تشويش من بعض الفئات اللبنانيّة التي تريد وضع المشكلة عندنا، يعني تقول دائمًا أنّ هؤلاء هم الذين يعطّلون ويخرّبون ولكن نحن حققنا أبرز إنجازين في وقت تعرف فيه كل العالم من كان يعطّل ومن كان يضع عراقيل، حتى لاحقًا سيضعون لنا مشكلة تحت عنوان البيان الوزاري وماذا سيتضمّن. لماذا تعتبرون أنّه ليس من الممكن الوصول إلى حلول أو إلى نتيجة، بالنهاية هناك حق للشعب اللبناني أن يدافع وأن يواجه العدو الإسرائيلي ولا أحد يستطيع منع هذا الحق وهذا حقٌّ مُكرّس بالدستور والبيانات الوزاريّة والطائف وحتى بالأمم المتحدة هذا مكرّس. إن شاء الله نصل إلى نتيجة في هذا الأمر، وبالتالي المفروض الدولة تقلّع وتعمل بالطريقة التي تُراعي وتحاسب أو تحاكم المُفسدين والفاسدين وتنتقل إلى العمل الحيوي".
ورأى "اننا اليوم أمام استحقاق، هذا الاستحقاق بوجه الحكومة اللبنانية، في 18 شباط يجب أن تنسحب إسرائيل من كامل الأراضي اللبنانيّة التي احتلّتها أثناء عدوانها، والجيش اللبناني بالمقابل انتشر وينتشر وهو حاضر، يجب أن تنسحب إسرائيل في 18 شباط بالكامل، ليس لها ذريعة، لا نقاط خمسة ولا تفاصيل أخرى تحت أي ذريعة وتحت أي عنوان، هذا هو الاتفاق. مسؤوليّة الدولة اللبنانيّة أساسًا وحصرًا في هذه المرحلة أن تعمل بكل جهد، بالضغوطات السياسيّة، بعلاقاتها، بأيّ عمل من الأعمال من أجل أن تجعل إسرائيل تنسحب في 18 شباط وأن لا تقبل هذه الدولة مع الكيان الإسرائيلي ولا مع أمريكا أن تعطي فرصة لا لنقاط ولا لقطعة أرض ولا نقطة واحدة، فلتتخذ الدولة اللبنانيّة هذا الموقف وتقول لا، عندها إذا بقي الإسرائيلي في مكان ما هو مُحتل في هذا المكان الذي بقي فيه بعد أن لم يُنفّذ الاتفاق. الآن كيف يتم التعامل مع المُحتل فلا يجب أن نقول له كيف سنتعامل معك كاحتلال، لكن الكل يعلم كيف يتم التعامل مع الاحتلال، الدولة اللبنانيّة تحتاج ألا تتجاوب ويكون عندها موقف صلب وتستطيع أن تقف بشكل مباشر، فهذا استحقاق مهم جدًا".
وقال: "من الاستحقاقات التي من المتوجّب أن تقوم بها الحكومة بعد تأمين هذا الانسحاب الإسرائيلي كنقطة أولى، والنقطة الثانية هي موضوع إعادة الإعمار، فواجب الدولة أن تعمل على إعادة الإعمار، تأتي بتبرّعات أو تدعو لمؤتمرات أو تستعين بدول، فنحن حاضرين أنّ نتعاون نحن والدولة كي نستطيع تحقيق عمليّة الإعمار التي هي مسؤوليّة الدولة. ما هدمته إسرائيل هدمته في الدولة اللبنانيّة وعلى الدولة اللبنانيّة أن تتحمّل مسؤوليّة ما هُدم لمواطنيها يعني هذه هي المعادلة، نحن الآن نجري مساعدة بالإيواء وبترميم يعني نحل المشكلة بشكل مُؤقّت إلى أن يبدأ الإعمار الذي هو مسؤولية الدولة ونحن نتعاون مع مسؤوليّة الدولة، فنحن لا نتنصّل أبدًا، بل نحن نساعد ونتصدّى لشيء قبل ما تتصدّى الدولة كي لا نجعل الناس في حالة صعبة رغم كل الضغوطات وكل الصعوبات. نحن مع الناس ومع الإعمار وسنبقى معهم لآخر لحظة مهما كان هناك من صعوبات وتعقيدات، لن نترك الناس لا بالإيواء ولا بالترميم ولا بالإعمار وإن شاء الله سوف تعود البيوت أحسن ممّا كانت فهذه مسؤوليّة ونحن ملتزمين فيها، نريد التعاون نحن والناس وأيضًا مع الدولة والدولة هي تتحمّل هذه المسؤوليّة.
أيضًا نحن في النقطة الثالثة في موضوع الحكومة نحن أصلًا من بُنات الدولة، راقبوا تجربتنا كلّها عندما كُنّا بالحكومة من سنة 2005 حتى الآن، نحن دائمًا كنّا الطرف الذي يُعطي ويُقدّم، الطرف الذي يعمل بكف نظيف، الطرف الذي يساعد في بناء الدولة، ونحن الآن سوف نعمل مع حركة أمل وكل القوى السياسيّة الفاعلة التي لديها همّة للنهوض بالبلد سنكون شركاء وسنمد يدنا لبعضنا لأنّ البلد لا يتعمّر ويبنى ويصبح بلد عنده قدرة اقتصاديّة واجتماعيّة وسياسيّة إلّا بتعاون الأطراف، فنحن حاضرين للتعاون مع الجميع ونُقر الإصلاحات الضروريّة ونعمل على رد أموال المودعين ونحارب الفساد ويعمل الجسم القضائي من أجل العدالة في البلد وتُحسم القضايا العالقة ويصير هناك تعيينات إداريّة.
أنا هنا أقترح على الحكومة لماذا لا تجرون التعيينات الإداريّة وفق مباراة، هكذا ننتهي من المُحاصصة وبنفس الوقت بالمباراة يأتي الأكفأ، وتكونون تعبّرون بشكل مباشر عن اختيار الشخص الأفضل للإدارة، لأنّه لدينا حملة كبيرة في هذا الأمر وعندنا مواقع كثيرة بحاجة تعيينات، فأنا أنصح بهذا يوم من الأيّام الحكومة أخذت بقرار الأخ الوزير الحاج محمد فنيش وقتها وأجرت مباراة كانت تختار ثلاثة الأوائل بالمباراة والحكومة تختار واحد من الثلاثة، هذه طريقة يمكن تكون هي ويمكن أن تكون غيرها لكن أجروا مباراة أحسن من اختيار واحد من 1000 وضمن الحسابات الطائفيّة والسياسيّة والمعادلات الموجودة في البلد، دعوا صاحب الكفاءة يأتي وبالتالي هكذا يكون عدالة بالتوظيف ونستطيع الحفاظ على البلد بشكل أفضل".
وتطرق الى "موضوع طارئ هو في الحقيقة موضوع الطيران الإيراني أن يحط في مطار بيروت مطار رفيق الحريري الدولي، ما هي المبرّرات؟ دعونا الآن نتحدث معلومات لا نريد كلام مُنمّق، حصل اتصال برئاسة الحكومة بإعلام هذه الرئاسة أن إسرائيل ستضرب مدرج مطار بيروت إذا نزلت الطائرة الإيرانيّة في مطار رفيق الحريري الدولي، اتخذ رئيس الحكومة القرار بأن يمنع تحت عنوان سلامة الطيران وسلامة المدنيّين، هي المشكلة ليس أن شخص يؤمّن سلامة مدنيّين في وقت صعب، المشكلة أنّ هذا التنفيذ لأمر إسرائيلي. نحن في مشكلة حقيقيّة أين السيادة الوطنيّة؟ فلتنزل الطائرة ونرى ماذا ستفعل إسرائيل، لا يصح أن نسمع، الآن صارت إسرائيل ممكن أن تقول لكل شيء ممنوع أن تصل هذه الباخرة وممنوع أن تصل هذه الطائرة وممنوع أن تبنوا هذه العمارة، وممنوع أن تقيموا هذه المظاهرة ممنوع أن يمشي أحد بمنطقة الحدود، وبهذه الحلة نكون نحن موظفين عند إسرائيل ونكون نحن نطبّق الاستماع إلى مطالب الاحتلال".
ودعا "الحكومة اللبنانية الى أن تعيد النظر بهذا القرار وأن تعبّر عن موقفها السيادي، هي حُرّة الحكومة اللبنانية أن تقبل أي طيران في العالم، وليس لها علاقة إسرائيل أن تتحكم وبالتالي هناك مصالح بين إيران وبين لبنان كثيرة سواء من الشعب اللبناني أو الشعب الإيراني. والآن عندنا تشييع سماحة السيدين (رضوان الله تعالى عليهما) يعني هذا كلّه يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار. حصلت تظاهرة بالأمس يوم السبت، تظاهرة دعا إليها حزب الله وتظاهرة سلمية هو اعتصام فجأةً تُلقى القنابل المسيّلة للدموع، طيب لماذا؟ إذا كان هناك أي إشكال، التظاهرة أو الاعتصام عنده لجنة منظّمة يستطيع الواحد أن يتعاطى مع اللجنة المنظمة ويحل المشكلة، ليس هناك لزوم أن نعمل إشكال داخلي أو أحد يدخل على الخط بطريقة مُعيّنة يورّطنا بمشاكل بين الجيش والشعب ليس هناك لزوم أبدًا. نحن والجيش إخوة وأحبّة، نحن بالحكومة ونعتبر أننا نعمل حتّى تتكامل الأمور مع بعض، ليس هناك لزوم لهذه الأعمال، قبل بيوم صار هناك اعتداء على اليونيفيل فنحن ضد الاعتداء على اليونيفيل ولم يكن هناك جهة داعية له، فإذًا أنا أدعو إلى أن نتعامل بحكمة مع هذه الأمور وأن نعيد الطيران الإيراني إلى لبنان كجزء من سيادة البلد وأيضًا خدمات الناس الذين يعيشون فيه".
23 شباط
وعن تشييع الأمينين العامين ل"حزب الله" الشهيدين السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين، قال: "في 23 شباط عندنا التشييع الكبير العظيم لسيّد شهداء المقاومة السيّد حسن نصر الله (رضوان الله تعالى عليه) والسيّد الهاشمي (رضوان الله تعالى عليه)، سنشيّع أمينين عامين، هذا التشييع هو في الحقيقة استثنائي بسبب استثنائيّة الرجلين وبسبب الخصوصيّة التي يتميّز بها سيّد شهداء الأمّة وطنيًا وقوميًا وعالميًا وإسلاميًا وعلى مستوى البشريّة. أنتم مدعوّون للتعبير عن الحزن والوفاء يعني نحن لسنا فقط حزينين لا بل نحن نريد تجديد البيعة، نحن نقول إنّا على العهد نريد تحويل هذا التشييع إلى مظهر تأييد وتأكيد على الخط والمنهج ونحن مرفوعو الرأس، هذا هو التشييع الذي نريده وطبعًا سوف يشارك ناس من دول عربية وإسلاميّة وعالميّة من المحبّين من طوائف مختلفة، من جهات مختلفة كذلك في لبنان كل الأحبّة، أنا دائمًا أقول أنّ جمهور المقاومة هو ليس فقط المنتسبين من البيئة لا بل هم كل واحد يحب المقاومة ويؤيّد المقاومة، ويدعم سياستها العامة من كل الطوائف ومن كل اللبنانيين من سياسيّين و رسميّين وإلى آخره. طبعًا أنا أدعو جماهيرنا بشكل مباشر إلى أوسع مشاركة، دعوا أن تكون الصورة والمشهد والعنوان هو أن حزب الله والمقاومة الإسلاميّة حاضرون في الساحة أقوياء لهم امتداد، من يفكّر أن يضغط عليهم أو أن يأخذهم إلى مؤامرات من أجل إضعافهم لن يتمكّن من ذلك، لأنّه عندنا شعب أبي ومضحّي وأسطوري، هذا الشعب لا يوجد مع جماعة أو في مكان إلا وتكون له الغلبة والوصول إلى الحقيقة".
وختم قاسم: "هذه المسيرة التي يدعمها الشهداء وقادتها شهداء وجهادها شهداء وجرحى وأسرى لا يمكن إلا أن تبقى مرفوعة الرأس وعالية إن شاء الله، أنا أدعو إلى أوسع مشاركة وأدعو في الوقت نفسه إلى أعلى درجات الانضباط في المسيرة لأنّ سوف تكون مسيرة ضخمة جدًا، وأتمنّى على المشاركين أن يلتفتوا لتوجيهات المنظّمين في المسيرة وغني عن القول ممنوع إطلاق النار وممنوع القيام بأي أعمال يمكن أن تؤثّر على رصانة وهيبة الموقف وقوّة المسيرة وقوّة المشهد فنحن معوّدين عليكم. أيّها الشعب الطيب الذي كان يحبّه سماحة السيّد الأمين العام (قدّس الله روحه الشريفة)، أيّها الشعب الطيّب، أيّها المشاركون دعونا نرى هذا المشهد الذي يرفع الرأس، أنتم دائمًا ترفعون الرأس أنا متأكّد أنكم سوف ترفعون رأسنا وتكون رؤوسكم مرفوعة بتأييد ودعم ومشاركة هذا التشييع المهيب للأمينين العامّين".