مناكفات واشنطن وإيران.. هل تعصف بعلاقات بغداد وعمان؟
تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT
العراق – أوضح الأمين العام لمجلس شيوخ عشائر الثورة العراقية يحيى السنبل: “عندما بدأ الاحتلال الأمريكي (في العراق عام 2003)، أصبح هناك خلل في ميزان القوى بالمنطقة، فقد غاب العراق الذي كان صاحب السيادة والقرار المستقل، وأصبحت الأمور بيد إيران”.
وفي 2004، تم تأسيس مجلس العشائر العراقية وكان نواة لمجلس شيوخ العشائر عام 2014، ويضم شيوخا ووجهاء وأعمدة عشائرية ذات قواعد شعبية من مختلف أطياف الشعب العراقي.
السنبل تابع: “واضح أن أمريكا تخادمت مع إيران في ظل غياب النظام الرسمي العربي بشكل كامل وتخليه عن كامل مسؤولياته، فأصبح البديل هو إيران، ودخلت وسيطرت على العراق”.
وأضاف أن “التخادم الأمريكي الإيراني مستمر، وهناك خلاف على ملفات معينة وهناك توافق في ساحات كثيرة، لذلك تتصدر مجموعة من البرلمانيين من أحزاب ترعرعت ونشأت في إيران، وحتى مَن نشأ كأحزاب سُنية في العراق لا يستطيع العمل إلا بالتبعية لها”.
واستطرد: “كحكومة لا تملك إرادة، وكمجلس نواب غير قادر على اتخاذ أي قرار؛ لأنه جاء بتصويت 12 بالمئة (من الشعب)، 6 بالمئة عسكريين مجبورين على التصويت و6 بالمئة من الشعب، هذا ما قالته كل الأحزاب السياسية التي شاركت بالانتخابات”، على حد قوله.
“إيران عندما رأت تخلي النظام العربي بشكل كامل عن العراق قررت هي أن تبتلعه بأكمله، والسيطرة الإيرانية واضحة بعد أن سيطرت على 4 عواصم عربية”، كما زاد السنبل.
واعتبر أن “أمريكا وإيران اتفقوا على جعل الساحة العراقية ساحة تصفية (للحسابات) بينهم، وذلك في ظل غياب الإرادة الوطنية العراقية”.
وتابع: “وعندما لا يعي النظام الرسمي العربي أهمية العراق ودوره في المنطقة، والذي يمكن أن يصد كل عمليات الاختراق للأمة، فنحن نسير نحو مستقبل مجهول حتما”.
ودعا السنبل إلى “عمل جاد من النظام الرسمي العربي بعد أن دُمرت المقاومة الوطنية العراقية منذ البداية وشارك العرب في تدميرها.. نعم النظام العربي اشترك مع أمريكا والحلفاء وكل دول العالم في ذبح المقاومة العراقية، وهذه هي النتيجة”.
واستطرد: “يجب أن يعيدوا حساباتهم، فالولايات المتحدة والتطبيع لن تحمِي الأنظمة العربية وقد رأينا ذلك، من يحمي أرض العرب هم العرب، بعد أن يتفقوا فيما بينهم”.
وتسعى دول المنطقة إلى تجنب تداعيات “المناكفات” بين الولايات المتحدة وإيران، في ظل مواجهات غير مباشرة بين البلدين في دول ومواقع إقليمية عديدة ترى فيها كل من واشنطن وطهران امتدادا لنفوذيهما.
والجاران الأردن والعراق من بين هذه الدول، وهو ما ظهر جليا حين استهدفت جماعة “المقاومة الإسلامية في العراق” (موالية لطهران) قاعدة أمريكية شمال شرق الأردن في 28 يناير/ كانون الثاني الماضي، ما أودى بحياة 3 جنود أمريكيين، وردت واشنطن بشن غارات على أهداف في العراق وسوريا.
إثر ذلك، تحاول عمّان وبغداد احتواء أي تأثير سلبي على مسار العلاقات بين البلدين، وهو ما يعد وفقا لمراقبين امتدادا للتحدي بين واشنطن وطهران.
ورغم نفي عمان مشاركتها في الغارات الأمريكية على العراق في 2 فبراير/ شباط الجاري، إلا أن برلمانيين عراقيين تقدموا بمقترح قانون يلزم وزارة النفط بوقف بيع الخام للأردن وإلغاء الامتيازات الاقتصادية الممنوحة للبلد الجار.
وبموجب اتفاقية بين البلدين، بدأ الأردن مطلع سبتمبر/أيلول 2021 استيراد النفط العراقي (خام كركوك) لتلبية جزء من احتياجاته السنوية، بما لا يزيد عن 10 آلاف برميل يوميا، بمعدل سعر نفط برنت ناقصا 16 دولارا للبرميل الواحد.
وحتى الآن لم يصدر قرار في مسألة النفط، ما يعني أن بغداد تحاول تهدئة الوضع بما لا يضر مصالح البلدين اللذين أعلنا عقب هذه المطالبات توقيع اتفاقية ربط كهربائي، تقوم المملكة الأردنية عبرها بتزويد العراق بـ40 ميغاواط كهرباء في مرحلة أولى.
وعلق السنبل على المطالبات البرلمانية بشأن وقف تصدير النفط إلى الأردن، حيث قال : “هؤلاء (المطالبون) ينفذون مشروع إيراني بالمنطقة، وطالبوا منذ زمن بذلك”.
وأردف: “بل عملوا محاولات لقطع العلاقات مع الأردن الشقيق. (والهدف هو) ابتزاز الأردن لصالح إيران ومن أجل لي الإرادة الأردنية المستقلة”.
السنبل تابع: “يريدون أن يفتحوا أي ملف جديد تستخدمه إيران كورقة ابتزاز للأردن وكورقة أيضا يمكن أن تملكها تجاه الولايات المتحدة، التي تخلت بشكل كامل عن العراق وسلمت ثرواته ومقدراته لإيران”.
وأكد أن “المكونات العراقية الوطنية ليس في منظورها الإساءة للأردن مطلقا، فهو دولة شقيقة ونحن امتداد لبعضنا وأبناء عمومة، فلا يمكن لعربي أو لعراقي أصيل أن يقف موقفا مضادا للمملكة”.
وزاد بأن “واشنطن لم تنقل المناكفات مع إيران إلى الأردن، ولكن الحكومة العراقية الضعيفة والبرلمانيين الضعاف الذين لا يستندون إلى قواعد شعبية ويستندون إلى أحزابهم، يريدون أن يجعلوا الأردن ورقة مساومة مع النظام الإيراني، ولربما تقوم بمساومة أمريكا عليه حول قضية معينة”.
ومشيدا بالأردن، ختم قائلا: “لن ننسى أن الأردن قطع لقمة العيش من فم أطفاله وأرسل للعراق في الحصار (الأمريكي)، وأعتقد أن الأردن يملك أوراقا كثيرة ويستطيع مجابهة إيران وأدواتها، وإذا اعتمد عليها سيفشل هذه المحاولات البائسة”.
على الجانب الأردني، قال عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأعيان (الغرفة الثانية للبرلمان) محمد المومني للأناضول إن “علاقات الأردن والعراق تاريخية وعميقة، وهناك بعض الجهات تحاول استغلال الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة لتحقيق مكاسب سياسية”.
واستطرد: “البلدان الشقيقان امتداد لبعضهما، ومن غير الممكن أن يلتفتان لادعاءات لا صحة لها في رسم شكل مستقبل العلاقات، فالتماهي في المواقف تجاه أهم وأبرز القضايا يؤكد أن عمّان وبغداد تسيران باتجاه المزيد من التعاضد والتلاحم”.
المومني زاد بأن “الواقع يبرهن على ذلك، فالتحالف الثلاثي بين البلدين مع الشقيقة مصر، والذي يهدف إلى التعاون الاقتصادي، أكبر دليل على ذلك، فضلا عن شاهد جديد يتمثل في توقيع الأردن والعراق اتفاقية ربط كهربائي قبل أيام”.
وحول مسألة المطالبات بإعادة النظر في بيع النفط المدعوم للأردن، قال المومني: “نكن كل احترام للمؤسسة البرلمانية في العراق الشقيق، ولكننا نعلم تماما أنها زوبعة في فنجان تحاول جهات مسيسة أن تستخدمها للتأثير على قرارات البرلمان، والذي أساسا يرتبط بعلاقات قوية مع نظيره بالمملكة”.
وبيَّن أن “الأردن يحصل من العراق على 10 آلاف برميل نفط يوميا بأسعار تقل عن أسعار السوق؛ لأنه يخصم منها أجور التأمين والنقل بسبب القرب الجغرافي بين البلدين”.
و”تلك الكمية تشكل 10 بالمئة من احتياجات المملكة اليومية، ونحن واثقون بأن العمل بهذا الاتفاق المعمول به منذ عام 2021 سيستمر بين البلدين الشقيقين؛ بحكم قوة العلاقات على المستويين الشعبي والرسمي”، كما أضاف المومني.
وشدد على أن “قيادات البلدين تعمل على قدم وساق للنهوض بمستوى العلاقات على كافة الصعد، وقطعا لا تعتمد في شكل علاقتها وديمومتها على تقارير تنشر هنا أو هناك وتهدف لمحاولة التأثير عليها وتحقيق مآرب مكشوفة للطرفين”.
وكالات
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: بین البلدین فی العراق
إقرأ أيضاً:
واشنطن بوست: مسيحيو سوريا بين فرحة سقوط الأسد وقلق المستقبل
تناولت صحف عالمية عدة قضايا مهمة في المنطقة، أبرزها أوضاع المسيحيين في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، والتحديات الاستخباراتية الإسرائيلية في مواجهة أنصار الله (الحوثيين)، إضافة إلى اكتشاف مقابر جماعية قرب دمشق.
فقد نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، في تقرير لها، أن المسيحيين السوريين يعيشون حالة من المشاعر المتناقضة في أول احتفال لهم بعيد الميلاد بعد سقوط نظام الأسد، حيث تمتزج مشاعر الفرح بزوال النظام القمعي مع القلق من المستقبل المجهول.
وأشارت الصحيفة إلى أن مظاهر الاحتفال بدت واضحة في شوارع العاصمة دمشق، حتى أن الاحتجاجات المطالبة بحماية جميع السوريين لم تواجه بالقمع المعتاد في عهد النظام السابق.
وفي سياق متصل، كشفت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية عن اكتشاف مقبرة جماعية جديدة على مسافة قصيرة من العاصمة دمشق، معتبرة أن هذا الاكتشاف يسلط الضوء على أحد أكثر جوانب المأساة السورية إيلاما.
ونقلت الصحيفة عن ناشط في مجال البحث عن المفقودين والمعتقلين قوله إن تحديد هويات الضحايا يمثل تحديا أكبر من عملية اكتشاف المقابر التي أخفاها النظام السابق لسنوات.
وفي السياق الأميركي، حذرت مجلة "ناشونال إنترست" من تصريحات الرئيس المنتخب دونالد ترامب حول عدم وجود مصالح مهمة للولايات المتحدة في سوريا.
إعلانواعتبرت المجلة أن هذا التوجه قد يشكل خطأ إستراتيجيا كارثيا، داعية من وصفتهم بـ"أنصار السياسة الخارجية ضيقي الأفق" إلى إدراك أن المكاسب قصيرة المدى لا تبرر الأضرار طويلة الأجل التي قد تلحق بسمعة الولايات المتحدة.
وفي الشأن الإسرائيلي، كشفت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن التهديد المتزايد للحوثيين يضع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أمام تحديات غير مسبوقة، خاصة شعبة الاستخبارات التي تفتقر إلى الأدوات الكافية للتعامل مع هذه الجبهة الجديدة.
تصاعد الاستيطانورغم تهديدات وزير الدفاع الإسرائيلي بتصفية قيادات الجماعة اليمنية، فإن الواقع يشير إلى عدم جاهزية الاستخبارات لتنفيذ مثل هذا التهديد، خاصة مع فشل الضربات الإسرائيلية في ردع الحوثيين.
وفي موضوع الاستيطان، سلطت صحيفة "هآرتس" الضوء على تصاعد نشاط المستوطنين في الضفة الغربية، محذرة من أن شهيتهم باتت مفتوحة على مصراعيها للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية.
وأشارت الصحيفة إلى أن المستوطنين يتوسعون من منطقة إلى أخرى، مستغلين حقيقة أن الاتفاقيات والمعاهدات تقيد الفلسطينيين فقط.
وحذرت الصحيفة من أن المشروع الاستيطاني يدفع إسرائيل بشكل متسارع نحو نظام فصل عنصري.