العراق – أوضح الأمين العام لمجلس شيوخ عشائر الثورة العراقية يحيى السنبل: “عندما بدأ الاحتلال الأمريكي (في العراق عام 2003)، أصبح هناك خلل في ميزان القوى بالمنطقة، فقد غاب العراق الذي كان صاحب السيادة والقرار المستقل، وأصبحت الأمور بيد إيران”.

وفي 2004، تم تأسيس مجلس العشائر العراقية وكان نواة لمجلس شيوخ العشائر عام 2014، ويضم شيوخا ووجهاء وأعمدة عشائرية ذات قواعد شعبية من مختلف أطياف الشعب العراقي.

السنبل تابع: “واضح أن أمريكا تخادمت مع إيران في ظل غياب النظام الرسمي العربي بشكل كامل وتخليه عن كامل مسؤولياته، فأصبح البديل هو إيران، ودخلت وسيطرت على العراق”.

وأضاف أن “التخادم الأمريكي الإيراني مستمر، وهناك خلاف على ملفات معينة وهناك توافق في ساحات كثيرة، لذلك تتصدر مجموعة من البرلمانيين من أحزاب ترعرعت ونشأت في إيران، وحتى مَن نشأ كأحزاب سُنية في العراق لا يستطيع العمل إلا بالتبعية لها”.

واستطرد: “كحكومة لا تملك إرادة، وكمجلس نواب غير قادر على اتخاذ أي قرار؛ لأنه جاء بتصويت 12 بالمئة (من الشعب)، 6 بالمئة عسكريين مجبورين على التصويت و6 بالمئة من الشعب، هذا ما قالته كل الأحزاب السياسية التي شاركت بالانتخابات”، على حد قوله.

“إيران عندما رأت تخلي النظام العربي بشكل كامل عن العراق قررت هي أن تبتلعه بأكمله، والسيطرة الإيرانية واضحة بعد أن سيطرت على 4 عواصم عربية”، كما زاد السنبل.

واعتبر أن “أمريكا وإيران اتفقوا على جعل الساحة العراقية ساحة تصفية (للحسابات) بينهم، وذلك في ظل غياب الإرادة الوطنية العراقية”.

وتابع: “وعندما لا يعي النظام الرسمي العربي أهمية العراق ودوره في المنطقة، والذي يمكن أن يصد كل عمليات الاختراق للأمة، فنحن نسير نحو مستقبل مجهول حتما”.

ودعا السنبل إلى “عمل جاد من النظام الرسمي العربي بعد أن دُمرت المقاومة الوطنية العراقية منذ البداية وشارك العرب في تدميرها.. نعم النظام العربي اشترك مع أمريكا والحلفاء وكل دول العالم في ذبح المقاومة العراقية، وهذه هي النتيجة”.

واستطرد: “يجب أن يعيدوا حساباتهم، فالولايات المتحدة والتطبيع لن تحمِي الأنظمة العربية وقد رأينا ذلك، من يحمي أرض العرب هم العرب، بعد أن يتفقوا فيما بينهم”.

وتسعى دول المنطقة إلى تجنب تداعيات “المناكفات” بين الولايات المتحدة وإيران، في ظل مواجهات غير مباشرة بين البلدين في دول ومواقع إقليمية عديدة ترى فيها كل من واشنطن وطهران امتدادا لنفوذيهما.

والجاران الأردن والعراق من بين هذه الدول، وهو ما ظهر جليا حين استهدفت جماعة “المقاومة الإسلامية في العراق” (موالية لطهران) قاعدة أمريكية شمال شرق الأردن في 28 يناير/ كانون الثاني الماضي، ما أودى بحياة 3 جنود أمريكيين، وردت واشنطن بشن غارات على أهداف في العراق وسوريا.

إثر ذلك، تحاول عمّان وبغداد احتواء أي تأثير سلبي على مسار العلاقات بين البلدين، وهو ما يعد وفقا لمراقبين امتدادا للتحدي بين واشنطن وطهران.

ورغم نفي عمان مشاركتها في الغارات الأمريكية على العراق في 2 فبراير/ شباط الجاري، إلا أن برلمانيين عراقيين تقدموا بمقترح قانون يلزم وزارة النفط بوقف بيع الخام للأردن وإلغاء الامتيازات الاقتصادية الممنوحة للبلد الجار.

وبموجب اتفاقية بين البلدين، بدأ الأردن مطلع سبتمبر/أيلول 2021 استيراد النفط العراقي (خام كركوك) لتلبية جزء من احتياجاته السنوية، بما لا يزيد عن 10 آلاف برميل يوميا، بمعدل سعر نفط برنت ناقصا 16 دولارا للبرميل الواحد.

وحتى الآن لم يصدر قرار في مسألة النفط، ما يعني أن بغداد تحاول تهدئة الوضع بما لا يضر مصالح البلدين اللذين أعلنا عقب هذه المطالبات توقيع اتفاقية ربط كهربائي، تقوم المملكة الأردنية عبرها بتزويد العراق بـ40 ميغاواط كهرباء في مرحلة أولى.

وعلق السنبل على المطالبات البرلمانية بشأن وقف تصدير النفط إلى الأردن، حيث قال : “هؤلاء (المطالبون) ينفذون مشروع إيراني بالمنطقة، وطالبوا منذ زمن بذلك”.

وأردف: “بل عملوا محاولات لقطع العلاقات مع الأردن الشقيق. (والهدف هو) ابتزاز الأردن لصالح إيران ومن أجل لي الإرادة الأردنية المستقلة”.

السنبل تابع: “يريدون أن يفتحوا أي ملف جديد تستخدمه إيران كورقة ابتزاز للأردن وكورقة أيضا يمكن أن تملكها تجاه الولايات المتحدة، التي تخلت بشكل كامل عن العراق وسلمت ثرواته ومقدراته لإيران”.

وأكد أن “المكونات العراقية الوطنية ليس في منظورها الإساءة للأردن مطلقا، فهو دولة شقيقة ونحن امتداد لبعضنا وأبناء عمومة، فلا يمكن لعربي أو لعراقي أصيل أن يقف موقفا مضادا للمملكة”.

وزاد بأن “واشنطن لم تنقل المناكفات مع إيران إلى الأردن، ولكن الحكومة العراقية الضعيفة والبرلمانيين الضعاف الذين لا يستندون إلى قواعد شعبية ويستندون إلى أحزابهم، يريدون أن يجعلوا الأردن ورقة مساومة مع النظام الإيراني، ولربما تقوم بمساومة أمريكا عليه حول قضية معينة”.

ومشيدا بالأردن، ختم قائلا: “لن ننسى أن الأردن قطع لقمة العيش من فم أطفاله وأرسل للعراق في الحصار (الأمريكي)، وأعتقد أن الأردن يملك أوراقا كثيرة ويستطيع مجابهة إيران وأدواتها، وإذا اعتمد عليها سيفشل هذه المحاولات البائسة”.

على الجانب الأردني، قال عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأعيان (الغرفة الثانية للبرلمان) محمد المومني للأناضول إن “علاقات الأردن والعراق تاريخية وعميقة، وهناك بعض الجهات تحاول استغلال الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة لتحقيق مكاسب سياسية”.

واستطرد: “البلدان الشقيقان امتداد لبعضهما، ومن غير الممكن أن يلتفتان لادعاءات لا صحة لها في رسم شكل مستقبل العلاقات، فالتماهي في المواقف تجاه أهم وأبرز القضايا يؤكد أن عمّان وبغداد تسيران باتجاه المزيد من التعاضد والتلاحم”.

المومني زاد بأن “الواقع يبرهن على ذلك، فالتحالف الثلاثي بين البلدين مع الشقيقة مصر، والذي يهدف إلى التعاون الاقتصادي، أكبر دليل على ذلك، فضلا عن شاهد جديد يتمثل في توقيع الأردن والعراق اتفاقية ربط كهربائي قبل أيام”.

وحول مسألة المطالبات بإعادة النظر في بيع النفط المدعوم للأردن، قال المومني: “نكن كل احترام للمؤسسة البرلمانية في العراق الشقيق، ولكننا نعلم تماما أنها زوبعة في فنجان تحاول جهات مسيسة أن تستخدمها للتأثير على قرارات البرلمان، والذي أساسا يرتبط بعلاقات قوية مع نظيره بالمملكة”.

وبيَّن أن “الأردن يحصل من العراق على 10 آلاف برميل نفط يوميا بأسعار تقل عن أسعار السوق؛ لأنه يخصم منها أجور التأمين والنقل بسبب القرب الجغرافي بين البلدين”.

و”تلك الكمية تشكل 10 بالمئة من احتياجات المملكة اليومية، ونحن واثقون بأن العمل بهذا الاتفاق المعمول به منذ عام 2021 سيستمر بين البلدين الشقيقين؛ بحكم قوة العلاقات على المستويين الشعبي والرسمي”، كما أضاف المومني.

وشدد على أن “قيادات البلدين تعمل على قدم وساق للنهوض بمستوى العلاقات على كافة الصعد، وقطعا لا تعتمد في شكل علاقتها وديمومتها على تقارير تنشر هنا أو هناك وتهدف لمحاولة التأثير عليها وتحقيق مآرب مكشوفة للطرفين”.

 

وكالات

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: بین البلدین فی العراق

إقرأ أيضاً:

مسرحية رثة في العراق بطلها المنقذ الكاظمي

آخر تحديث: 4 مارس 2025 - 11:02 صبقلم : فاروق يوسف حين اندلعت الاحتجاجات في العراق عام 2019 سقطت حكومة عادل عبدالمهدي بعد أن تسببت بمقتل أكثر من 700 شاب من بين المحتجين. لم يجد النظام يومها بداً من الرضوخ لوصفة أميركية جاهزة، عنوانها مصطفى الكاظمي. الرجل الذي سبق له أن شغل منصب رئيس جهاز المخابرات العامة وقد اعتبرته الأحزاب والميليشيات متورطا في عملية اغتيال قاسم سليماني وأبومهدي المهندس عام 2020 كما أن اسمه كان مدرجا ضمن المتهمين بما سُمّي بسرقة القرن. كانت الوصفة ناجحة نسبيا بعد أن نجح النظام في الإفلات من المساءلة الدولية بسبب ما ارتكبه من جرائم في حق المتظاهرين السلميين. وعلى الرغم من أن وجود الكاظمي على رأس حكومة جديدة كان أشبه بحبة دواء مهدئة جنبت النظام السقوط أو التورط في ارتكاب مجازر فإن الميليشيات لم تكن تنظر بارتياح إليه بحيث قامت واحدة منها بقصف منزله في المنطقة الخضراء. أما على مستوى الإجراءات الإصلاحية التي كان الكاظمي ينوي القيام بها فقد تم إفشالها، بل وتمّت السخرية منها على نطاق واسع. كان واضحا أن الكاظمي قُدّم باعتباره بضاعة معلبة جاهزة، كانت الخديعة هي الهدف الوحيد لاستعمالها. أما حين استقرت الأمور ولم يعد النظام يشعر بالتهديد الشعبي فقد تم لفظ الكاظمي بعيدا عن العملية السياسية وقد كان يأمل بأن يحصل على ولاية شرعية لأربع سنوات قادمة. غادر الرجل العراق خائفا وقد لاحقته الاتهامات والشبهات التي أطلقت من أجل الاستهلاك المحلي كونها وجبة دعائية مثيرة لتشتيت الأنظار عن عمليات الفساد الكبرى التي هي المادة العضوية الوحيدة التي يستمد النظام منها شعبيته الملتبسة. لقد حاول الكاظمي يوم كان رئيسا للحكومة أن ينهي العمل بالقوانين الاستثنائية التي أصدرها نوري المالكي وقد كان رئيسا للحكومة ما بين 2006 و2014. وهي قوانين صارت من خلالها فئات كثيرة تتمتع بامتيازات مالية من غير أيّ حق وهو ما يعد نوعا من السرقة للمال العام وما يثقل الميزانية العراقية بأعباء غير قانونية. في مقدمة تلك الفئات يقف الهاربون إلى رفحاء السعودية عام 1991 وجهاديو حزب الدعوة ورجال الدين والسجناء السياسيون والشهداء وأصحاب الرواتب المتعددة والفضائيون الذين لا وجود واقعيا لهم. وكلها عناوين للفساد الذي صنع مجد دولة المالكي الذي كاد بريقه يأفل حين احتل تنظيم داعش ثلثي الأراضي العراقية عام 2014 لولا تدخل إيران لحمايته. كان متوقعا أن يقف مقتدى الصدر إلى جانب مصطفى الكاظمي في انتخابات عام 2021. ذلك لم يحصل. فالصدر هو جزء من النظام الذي اضطر لجلب الكاظمي منقذا غير أنه لم يعد في حاجة إليه بعد أن استعاد شرعيته من خلال الانتخابات. صحيح أن الأحزاب التي رفضها الشعب حين قامت الاحتجاجات كانت قد هُزمت في تلك الانتخابات غير أن الصحيح أيضا أن ما خسرته تلك الأحزاب كانت قد استعادته حين تخلّى الصدر لحسابها عن انتصاره ووهبها أصوات الشعب. لم يتعرض الكاظمي وحده للخديعة إذ كان معه الشعب ضحية. ولكن الكاظمي ليس ضحية. فالرجل الذي عمل في صفوف المعارضة العراقية صحافيا يوم كان نظام صدام حسين قائما لم يكن يطمح إلى أن يكون رئيسا للحكومة وقبله رئيسا لجهاز المخابرات العامة غير أنه كان أفضل من أتباع إيران الحزبيين الذين كان الفساد ولا يزال هو برنامجهم الوحيد في الحكم. قد لا يكون الرجل فاسدا غير أن ما هو مؤكد أنه جزء من النظام. فهو مؤمن بالاحتلال وكل ما نتج عن ذلك الاحتلال من تجليات وتداعيات. لم ينقذ الكاظمي النظام إلا بسبب ارتباطه به. وقد يكون ذلك أسوأ أدواره. لقد أحبط لحظة تاريخية كان بإمكانها أن تغير تاريخ العراق المعاصر. اليوم تتجدد حاجة النظام السياسي في العراق إلى الكاظمي. حاجة تنطوي على خديعة من نوع مختلف. لا أدري هل سيكون لقب “رجل أميركا في العراق” صالحا لوصف الكاظمي غير أن الأحزاب والميليشيات الحاكمة في العراق تتعامل مع ذلك اللقب كما لو أنه حقيقة مطلقة. لقد تم استدعاء الكاظمي من الولايات المتحدة ليمنع وجوده ضربة إسرائيلية محتملة بعد أن أخذت إسرائيل الضوء الأخضر من مجلس الأمن. قيل الكثير عن علاقات الكاظمي المتشعبة بإدارة الرئيس ترامب. ولكنني لا أظن أن ما قيل كان صحيحا.هناك مسرحية تُدار بطريقة رثة في العراق، الغرض منها الهرب من دفع ثمن مستحق. فهل يستطيع الكاظمي أن يلعب هذه المرة دور المنقذ ثانية؟ أعتقد أنه أقل من أن يقوم بذلك.

مقالات مشابهة

  • هههههه..مصدر حشدوي: الحشد لن يتفكك والمقاومة مستمرة بأمر من الإمام “الغايب”
  • مسرحية رثة في العراق بطلها المنقذ الكاظمي
  • خلال 10 أشهر.. إيران تصدر 294 ألف طن من المنتجات الزراعية إلى العراق
  • صمت الفصائل العراقية.. تكتيك سياسي أم موقف دائم؟
  • هل تعيد سياسة أمريكا غير المعترفة بالقانون تشكيل النظام العالمي؟
  • تكليف مدير جديد لإدارة المطارات العراقية بالوكالة (وثيقة)
  • العراق ومصر يؤكدان على تعزيز التعاون بين البلدين
  • البحرية العراقية تنفذ تمريناً مشتركاً مع نظيرتها الفرنسية
  • الطاقة النيابية: لا كهرباء للعراق بدون إيران!
  • توقعات بحدوث انفراجة في العلاقات بين واشنطن وطهران.. ترامب يسعى لاحتواء الأزمة النووية.. وإيران تبقي على استراتيجية الردع الكامن