عاطلان ذبحا «قعيدًا» وألقيا الجثة لكلاب مقابر الخليفة
تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT
خرج ومرجعش.. صرخة أطلقتها سيدة ثلاثينية، تعزى نفسها، وتندب شقيقها، الذى عانى طيلة حياته، من مرض السكرى وبتر إحدى قدميه، قصته مأساوية، وآخر سطر فيها، كان جثة مذبوحة وملقاة فى المقابر.
أسرة كبيرة تجمعت فى شقة صغيرة متهالكة بمنطقة السيدة زينب، الجدران المتعبة، تستر أناسا عانوا مثلها، بين تجاعيد وجوههم ترى دهورا من الشقاء، وفى أعينهم حزن عميق، تقف الكلمات عاجزة عن وصفه.
بين أفراد الأسرة سيدة تدعى «داليا»، 35 سنة، لا تكف عن البكاء، ضمتها والدتها لصدرها فى محاولة للتخفيف عنها، فى مصيبتهما الكبيرة، وما هى إلا لحظات حتى اختلطت دموعهما، وتداخل نحيبهما.
تحاملت على نفسها، واعتدلت من حضن والدتها، لتروى لـ«الوفد» تفاصيل الغدر بشقيقها، تقول «داليا»: أخويا هانى 41 عاما، الفرحة لم يكن مقدرا لها أن تزوره، فحياته فصول من المعاناة، ويقف هو كجبل، متقلدا بسلاح الرضا، ورث مرض السكري، من والديه، عاش به وتأقلم معه، تزوج ورزقه الله ببنتين وولد، وانفصل بعدها عن زوجته، وترك عمله بعدما بتر الأطباء قدمه، ليكمل حياته على عكازين، متابعة مصاريف صغاره، ونفقات علاجه، حمل أثقل كاهله، وطول وقت مكوثه فى الشقة، أصابه بحالة اكتئاب، وقبل 6 أشهر اشترينا توك توك بقرض وجمعية، قرر شقيقى «هاني»، أن يعمل على التوك توك، حتى يشتم رائحة الهواء، فجلوسه فى المنزل لفترات طويلة، جعل خروجه منه كعيد.
وأكدت شقيقة المجنى عليه، «أبو حبيبة» لقب محبب لـ«هاني» يناديه به الأهالى فى منطقة السيدة زينب، سلامات الناس عليه فى الشارع، أعادته للحياة بعدما يأس منها، ابتسامته أعادت للبيت روحه، اعتصرت «داليا» عينيها لتسقط ما سكن بداخلهما من دموع، لتروى الصفحة الأخيرة من حكاية هاني: فى الرابعة والنصف فجرا استيقظ شقيقى يرتب ملابسه، يستعد للخروج بالتوك توك، ويجوب شوارع السيدة بحثا عن رزقه، مشيرة إلى أن «هاني» قبل رأس والدته، وودعنى «عايزة حاجة يا داليا»، لتخبره أمى بأن لا يتأخر، فنظر إليها متبسما وقال هجيب فطار لعيالى جايين النهاردة، وهحضرلهم مصاريفهم واحط بنزين للتوكتوك.
واضافت «داليا»، وفى تمام الساعة 9 والنصف صباحا، فوجئنا بطرقات عنيفة على باب شقتنا، فتحنا مفزوعين، فإذا بأفراد شرطة يخبرون شقيقى الأكبر أين «هاني» ليجيبه «أخويا نزل يشتغل»، قال له هى دى بطاقة أخوك، فأجابه اه هي، وبدأ يتسرب القلق لنفوسنا، وانتقلنا رفقة مخبر الشرطة، إلى مستشفى أحمد ماهر، وأساله ماذا حل بشقيقي، هل مكروه أصابه، هل تأذي، أين فلذة كبدي، وهو ينظر إلى عينى الباكيتيت ولا يجيب.
ومن جانبها أشارت «والدة هانى المجنى عليه» سيدة مسنة تجاوزت الـ 65 عاما، ألححت عليهم أن يخبرونى ماذا أصاب «أبو حبيبة»، ليلقى على مسامعها «أن متهمين خطفوه بالتوك توك، ووذبحوه من الخلف وألقوا جثته فى المقابر بمنطقة الخليفة».
سقطت الأم أرضا حينها، وتقطعت أنفاسها، على «هاني» وتذكرت كلماته ووعوده، بأنه سيعودة ليطعم صغاره، ويعطيهم مصاريفهم، وشريط من الذكريات مر أمام عينيها بطله «أبو حبيبة».
القصاص
ارتفعت أصوات الحاضرين فى الشقة، من أشقاء المجنى عليه، وأطفالهم، وصغار هاني، بالقصاص من المتهمين، الذين خطفوا روحه، ولم يراعوا إعاقته، أو فقره، أو حتى أن أقساط التوك توك لم تسدد بعد.
وأضاف أحد شهود العيان: أن المتهمين ركبوا مع هانى ومر بهم من طريق العزبة وبعدما تجاوز الجامع الأبيض، انهالوا عليه بالضرب وذبحوه من الخلف، وهو عاجز، لم يملك غير الصراخ حتى فارق الحياة.
وأوضح شاهد عيان، أن المتهمين أخدوا التوك توك وهربوا، وتصادف مرور سائق سيارة، فرأى كلابا تجمعت على شيء وسط المقابر، فإذا بجثة قد تجمعت حولها الكلاب، غطاها وبلغ قسم شرطة الخليفة ونقلوا الجثة إلى المستشفى وأهله استلموا الجثة ودفنوها.
وبالانتقال والفحص تبين أن المتوفى موظف مقيم بدائرة قسم شرطة السيدة زينب، به جروح طعنية وآثار حقن بالذراع اليمنى وبتر قديم بالقدم اليمنى، وتبين أن وراء ارتكاب الواقعة عاطلَين «لهما معلومات جنائية»- مقيمان بدائرة قسم شرطة السيدة زينب، وعقب تقنين الإجراءات تم ضبطهما، وبحوزة كل منهما سلاح أبيض مطواة، وبمواجهتهما اعترفا بارتكاب الواقعة باستخدام السلاح المضبوط حوزة أحدهما بقصد سرقة مركبة التوك توك قيادة المجنى عليه وأرشد عن مركبة التوك توك لدى عميلهما سيئ النية، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الجثة مقابر الخليفة عاطلان السیدة زینب المجنى علیه التوک توک توک توک
إقرأ أيضاً:
مقابر للأحياء.. أسرى محررون يروون للجزيرة ما يجري داخل سجون إسرائيل
لم يكن الأسير المحرر خليل البراقعة يعلم أنه من بين المدرجين ضمن صفقة التبادل التي جرى تنفيذها بين المقاومة وإسرائيل، وذلك بسبب العزلة الكاملة المفروضة على الأسرى منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وحتى عندما تم إخراجه إلى سجن عوفر بعد منتصف ليل الجمعة الماضية، تمت معاملته بطريقة سيئة جدا من مصلحة السجون التي أكد في مداخلة مع الجزيرة أنها لا تتوقف عن التنكيل بالأسرى.
وأفرجت إسرائيل أمس السبت عن 200 أسير فلسطيني من أصحاب المؤبدات والأحكام العالية مقابل إفراج المقاومة عن 4 مجندات أسيرات.
ونتيجة لهذا التعذيب والإهمال الطبي الممنهج، لقي 53 أسيرا حتفهم داخل السجون، وفق ما قاله البراقعة الذي أكد انتشار مرض الجرب بين الأسرى بشكل واسع.
عزل تام
الأمر نفسه أكده الأسير المحرر محمد الرجبي بقوله إن الاحتلال منعهم من الزيارة تماما وحظر عليهم حتى مقابلة المحامين وعندما كان يقبل بهذا كان يشترط على المحامين عدم نقل أي خبر عما يدور في الخارج للأسرى.
ولا يحصل الأسرى إلا على كميات قليلة جدا من الطعام والشراب وهم محرومون تماما من الحصول على شيء من الخارج بعد أن تم تجريدهم من كل ما لديهم، وفق الرجبي.
إعلانووفقا للرجبي، فقد كان الأسرى أحيانا يجبرون على السير لمسافات طويلة وهم مكبلو اليدين والرجلين ومعصوبو العينين كنوع من التعذيب.
أما الأسير المحرر زيد بسيسي فوصف الشهور الـ15 الماضية بأنها تعادل 22 عاما لكثرة ما عايشوه من حرمان وتجويع وتعرية، وقال إن المنظمات لو اطلعت على الأسرى في السجون فستكتشف كم كانوا يعاملون بطريقة خالية تماما من الأخلاق.
ولم يكن بإمكان أي أسير التواصل مع أي من المنظمات الحقوقية أو القانونية بسبب الحرمان الكامل للزيارات الذي فرضته مصلحة السجون عليهم، حسب تأكيد بسيس.
مقابر للأحياء
ووصل الأمر بالأسير المحرر أسعد زعرب للقول إن السجون الإسرائيلية تحولت إلى مقابر للأحياء، بعدما فرضوا عزلة كاملة على الأسرى ولم يسمحوا حتى بزيارة المحامين أو الخروج من الزنزانة إلا كل 6 أو 7 أشهر مثلا.
لكن اللافت كما يقول زعرب هو أن عرب الدروز الذين يعملون في مصلحة السجون كانوا يعتدون على الأسرى ويضربونهم بشكل أكبر بكثير مما يفعله الإسرائيليون.
وتعمد سلطات الاحتلال لقطع المياه أسبوعا عن الأسرى، وخلع النوافذ وتركهم يواجهون البرد القارس بعد تجريدهم من الملابس والأغطية، وفق زعرب الذي أكد أنهم يقطعون الكهرباء تماما ويطلقون الغاز بشكل يومي على الأسرى.
لذلك، ناشد زعرب المقاومة بالضغط لحين إطلاق سراح كافة الأسرى لأن السجون تحولت إلى جحيم حسب وصفه بعد الحرب، لدرجة أنه هو شخصيا لم يعد قادرا على الوقوف من شدة الإنهاك.