رسالة قوية بمرحلة مهمة.. ما دلالة إقرار واشنطن لقانون مناهضة التطبيع مع نظام الأسد؟
تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT
صادق مجلس النواب في الكونغرس الأمريكي وبإجماع كبير من الحزبين الديمقراطي والجمهوري على مشروع قانون "مناهضة التطبيع مع نظام الأسد".
ويُعتبر هذا الإجراء خطوة حاسمة ومهمة وفقا لتقييم نشطاء من الجالية السورية في الولايات المتحدة ومراقبين، ويرى البعض أنه يأتي في سياق الاعتبارات المتعلقة بالمرحلة الحالية، على الرغم من أن إكمال هذه العملية يتطلب خطوات إضافية.
تم طرح مشروع القانون للمرة الأولى في أيار /مايو 2023، ردا على التطبيع الذي بدأته عدة دول عربية مع نظام الأسد.
وبعد تعثر المسار بسبب التغييرات في رئاسة مجلس النواب، تم إحياء المشروع بجهود من نواب أميركيين، بقيادة جو ويلسون وفرينش هيل.
ولعب نشطاء في منظمات سورية دورا بارزا في دفع القانون إلى الأمام، من خلال سلسلة من اللقاءات والاجتماعات مع أعضاء مجلس النواب، وتعزى هذه المعلومات إلى الإعلان الصادر عن هذه المنظمات في الساعات الأخيرة.
يأتي مشروع القانون ليحظر على الحكومة الفيدرالية الاعتراف بحكومة في سوريا تقودها بشار الأسد أو التطبيع معها.
كما يمنح الرئيس الأمريكي صلاحيات لمعاقبة المشاركين في "سرقة السوريين"، مع فرض إجراءات لزيادة مراقبة التداولات التجارية التي قد تنتهك العقوبات.
القانون أيضا يلزم واشنطن بعدم الاعتراف بأي حكومة أو التطبيع مع النظام السوري، من خلال تطبيق العقوبات المنصوص عليها في "قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا لعام 2019" والأمر التنفيذي رقم 13894، الذي يتضمن حجب ممتلكات ودخول بعض الأفراد المتورطين في سوريا.
وفي إطار إجراءات القانون، يمنع أي مسؤول أو موظف فيدرالي اتخاذ أي إجراء يشكل اعترافا صريحا أو ضمنيا ببشار الأسد أو أية حكومة سورية يرأسها.
كما يتطلب من وزير الخارجية الأمريكي تقديم تقرير سنوي استراتيجي بعد ستة أشهر من إقرار القانون، يوضح الأفعال التي اتخذتها الدول في مجال التطبيع أو الاتصال مع نظام الأسد، ويكشف عن أنشطة النظام في سرقة المساعدات الإنسانية.
"بمرحلة سياسية مهمة"
تأتي هذه الخطوة، التي تستهدف النظام السوري ورئيسه بشار الأسد وحكومته، في إطار مرحلة سياسية مهمة.
ولا تعد هذه الخطوة الأولى من نوعها من قبل الولايات المتحدة، بل سبقتها خطوات أخرى ذات أهمية كبيرة، وتتواصل تداعياتها حتى الآن، حيث اتخذت شكل حظر وعقوبات وتقييدات، ومن بينها "قانون قيصر لحماية المدنيين" لعام 2019.
وأضيف قانون "تعطيل وتفكيك شبكات إنتاج المخدرات والاتجار بها" إلى "قيصر" في عام 2021، ويتعلق بالنظام السوري ورئيسه والأوساط المقربة منهما من تجار ومصنعين ومهربين.
الدكتور بكر غبيس، مدير منظمة "مواطنون من أجل أميركا آمنة"، يصف إقرار مجلس النواب لمشروع قانون "مناهضة التطبيع مع الأسد" بأنه "خطوة كبيرة"، خاصةً في هذه المرحلة السياسية مهمة التي تشهد محاولات لإعادة إدراج بشار الأسد في الساحة السياسية.
ويشير إلى أن استضافة الأسد في اجتماعات القمة العربية وإعادة فتح سفارات دول عربية في دمشق تعتبر صدمة للكثير من السوريين، الذين يعانون ما زالوا من انتهاكات وجرائم حرب تعرضوا لها منذ 2011، حسب تقرير لموقع "الحرة".
غبيس يؤكد أن مشروع القانون يسلط الضوء على قانون "قيصر" ويطلب تمديده لسبع سنوات إضافية، مشيرا إلى ضرورة مراقبة المؤسسات المالية التي قد تعمل في مناطق النظام أو مشاريع إعادة الإعمار، بحسب حديثه لـ "الحرة".
راين بوهل، الباحث الأميركي في شؤون الشرق الأوسط، يرى أن التصويت بالأغلبية على مشروع القانون يشكل رد فعل من السياسيين الأمريكيين على التوجه التطبيعي العربي مع نظام الأسد.
ويعتبر أن هؤلاء السياسيين يحاولون إرسال إشارة للدول العربية بأن الولايات المتحدة لن تقبل إلا بتطبيع محدود مع دمشق، مؤكدا على ضرورة إجراء إصلاحات سياسية جوهرية قبل إعادة تأهيل الأسد في إطار الاستراتيجية الأميركية تجاه سوريا.
"رسالة قوية"
بالإضافة إلى النقاط المذكورة سابقا، يشتمل مشروع القانون على طلب إرفاق تقارير مفصلة حول مشاريع إعادة الإعمار في سوريا، ليتم استعراضها بشكل دقيق.
كما يطلب تقارير حول أي مسؤول من أي دولة في العالم يلتقي بكبار المسؤولين في النظام السوري، حسب تصريحات غبيس.
يتناول المشروع أيضا "آلية وكيفية مراقبة وظائف أو مهام الأمم المتحدة ومؤسساتها في سوريا، نظرا لأنها تُعتبر مكانا للاستيلاء من قبل النظام وحلفائه، وذلك باعتبارها مؤسسات مثل (الهلال الأحمر العربي السوري) و(الأمانة السورية للتنمية) التي تتبعان لأسماء الأسد".
من جانبه، يرى مدير المنظمة السورية-الأمريكية أن المشروع يهدف إلى "إغلاق الباب أمام النظام وحلفائه، والدوائر الضيقة المرتبطة بهم، للاستفادة من استمرار الحرب والتدمير في سوريا، ومن المساعدات الدولية".
ويطلب من الحكومة الأمريكية والإدارة المناهضة للتطبيع مع النظام أن تتخذ إجراءات ضد الدول "المذكورة بالاسم في (دول المنطقة)"، كما يوضح غبيس.
من جهته، يشير الكاتب والمحلل السياسي، عمر كوش، إلى أن "مشروع القانون وإقراره في مجلس النواب خطوة ذات أهمية بالغة، حيث جاء بإجماع من الجمهوريين والديمقراطيين".
ويعتبر أن "الأغلبية الساحقة تشكل رسالة قوية للمجتمع الدولي والدول العربية، فضلا عن النظام نفسه، بأنه غير مقبول دوليا، على الأقل في السياق الأمريكي والأوروبي"، وفق حديثه لـ "الحرة".
وعلى الرغم من أن القوانين السابقة التي أقرها المشرعون الأمريكيون خلال السنوات الماضية قد تنوعت، إلا أنه يشير كوش إلى أنها "لا يمكن أن تحدث تحولا في سلوك النظام ومساره".
ويشدد على أن "الانعطافة" المطلوبة لا تظهر في سلوك الدول المؤيدة للأسد، مثل روسيا وإيران، أو الدول العربية التي تواصل تحسين علاقاتها معه، ووفقا لتقديراته: "تلك الدول تسعى للتقرب من الأسد بأي شكل من الأشكال".
تأثير متفاوت على الدول
على مدى الأشهر الماضية، رفضت الولايات المتحدة بشدة تحركات دول المنطقة نحو تطبيع العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد، مشددة على وحشية حكومته خلال النزاع والحاجة إلى تقدم نحو حل سياسي.
الآن، بعد مرور مشروع قانون "مناهضة التطبيع مع الأسد" أولى المراحل في مجلس النواب، تثير التساؤلات حول ما إذا كانت الإجراءات الصارمة ستؤدي إلى فجوة بين الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.
من المتوقع أن يتم إقرار المشروع بعد مروره في مجلس النواب أو نسخة مشابهة منه في مجلس الشيوخ، وبعد ذلك سيتم توقيعه من قبل الرئيس الأمريكي إذا تم اجتياز المحطة الثانية. ويشير غبيس إلى أن "الخطوات التالية قد تحتاج إلى عدة أشهر، ربما تمتد إلى سنة".
يوضح مدير منظمة "مواطنون من أجل أميركا آمنة" أن "قبل اعتماد مشروع القانون، كانت هناك عدة محاولات من قبل بعض الدول (دون ذكرها) لتعديل بنوده أو إلغائه".
ويعد أن "مجرد تقديمه يعد تباطؤا في مسار التطبيع مع النظام"، مؤكدا أن "تبنيه من قبل مجلس الشيوخ وتوقيعه سيكون له تأثير كبير، ولكن بشكل متفاوت بين كل دولة وتوجهاتها واستراتيجياتها وفقا لمراقبتها للموقف الأمريكي".
من جهته، يرى الباحث الأميركي في شؤون الشرق الأوسط، راين بوهل، أن "هذه الخطوة تمثل نهجا منخفض التكلفة نسبيا بالنسبة للولايات المتحدة، خاصة مع العلاقات المحدودة للغاية بين الولايات المتحدة وسوريا".
ويشير إلى أنه "لن يكون هناك تأثير جوهري مالم تتضمن التشريع شرطا لفرض عقوبات ثانوية على الدول التي تبدأ في التعامل مع سوريا".
ويقدم بوهل مثالا حين يقول إن دولة الإمارات قد تكون قادرة على تعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع الأسد، ولكنها لن تكون قادرة "على تقديم الكثير فيما يتعلق بالعلاقات التجارية أو مساعدات إعادة الإعمار".
وبينما "لا يزال من الممكن أن تتعرض كيانات فردية في الدول الخليجية للعقوبات بسبب التعامل التجاري مع سوريا"، لا يعتقد الباحث الأمريكي أن ذلك سيؤثر على العلاقات العامة بين واشنطن وأبو ظبي.
فيما يعتقد الكاتب والمحلل السياسي، عمر كوش، أن "مشروع القانون هام على الصعيدين الأمريكي والدولي، لكنه لن يؤثر بشكل كبير على سلوك النظام ولا على الدول العربية التي تواصل تحسين علاقاتها مع الأسد"، وفقا لـ"الحرة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية التطبيع الأسد النظام السوري دمشق الأسد دمشق النظام السوري التطبيع سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة مشروع القانون النظام السوری مع نظام الأسد مجلس النواب بشار الأسد مع الأسد فی سوریا فی مجلس من قبل إلى أن
إقرأ أيضاً:
مجالس دستورية تنبه البرلمان إلى إشكالات المسطرة الجنائية قبل المرور إلى مرحلة المصادقة
زنقة 20 | الرباط
أعلن مجلس النواب توصله برأي من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، و مذكرة من المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول مشروع قانون رقم 03.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية.
و يرتقب أن يحيل مكتب مجلس النواب رأي مجلس عمارة و مذكرة مجلس بوعياش على لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، التي ستتدارس مشروع القانون المثير للجدل.
و يواجه مشروع المسطرة الجنائية انتقادات حادة من قبل مؤسسات دستورية و أيضا جمعيات مدنية تعنى بحقوق المرأة وحماية المال العام ، خصوصا ما يتعلق بتعديل المادة 3 من القانون، والتي تقيد تحريك المتابعة في حق مختلسي المال العام.
وانتقد المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي، في رأي صادر بشأن مشروع القانون ، أن الصيغة الحالية تثير إشكالات دستورية وقانونية، كما تتعارض مع التزامات المغرب الدولية في مجال مكافحة الفساد وتعزيز الحكامة الجيدة، وتحد من الالتقائية بين السياسة الجنائية والسياسات العمومية ذات الصلة بحماية المال العام.
وأشار المجلس إلى أن تقييد صلاحيات النيابة العامة، وربط تحريك الدعوى العمومية فقط بتقارير إدارية، يفرغ دور العدالة الجنائية من جوهره الوقائي والزجري، ولا ينسجم مع الفلسفة العامة للقانون الجنائي، الذي يُلزم بالتبليغ عن الجرائم، ويعاقب بالمقابل على الوشاية الكاذبة والابتزاز، ما يعني أن القانون يتضمن ضوابط كافية لردع أي استغلال سيء لمسارات التبليغ.
بدوره نبه المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، إلى مجموعة من الإشكالات القانونية في مشروع قانون المسطرة الجنائية ، داعيا الى مراجعة العديد من النصوص القانونية لضمان احترام حقوق الإنسان وحماية المشتبه فيهم من التعسف أو الانتهاكات المحتملة.
وسجل المجلس أن المشروع وسع من السلطة التقديرية لضباط الشرطة القضائية في تقدير مدى توافر الأسباب المبررة لوضع الشخص تحت الحراسة، مما يستدعي تعزيز مراقبة النيابة العامة على هذه الإجراءات، داعيًا إلى تدقيق الحالات المبررة للوضع تحت الحراسة، والتنصيص على حق النيابة العامة في رفع الحراسة النظرية فورًا في حال عدم توفر الشروط القانونية.
كما قدم المجلس توصيات إضافية لتعزيز حقوق المشتبه فيه، منها تقليص مدة الوضع تحت الحراسة في جرائم الإرهاب وأمن الدولة، والنص على تأجيل استنطاق المشتبه فيه في انتظار وصول المحامي، وإمكانية الاتصال بالمحامي مرة ثانية بعد تمديد الوضع تحت الحراسة، وتقليص مدة تأخير الاتصال بالمحامي في جرائم أمن الدولة والإرهاب، والنص على حق المشتبه فيه في الاطلاع على ملف الشرطة القضائية.
من جهتها أعلنت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، مراسلتها الفرق البرلمانية بمجلس النواب حول المخاطر المحدقة بحقوق النساء ومكتسباتهن الدستورية في حال المصادقة على المادة 1-41 من مشروع قانون المسطرة الجنائية بصيغته الحالية.
وفي هذا السياق، أبدت الجمعية، في بيان لها، قلقها البالغ من تداعيات هذه المادة على الحقوق الأساسية للنساء، وعلى وجه الخصوص على حقهن في الإنصاف القضائي وحمايتهن من العنف، مشددة على ضرورة تعديل المادة 1-41 لضمان عدم المساس بحقوق النساء المتعارضة مع مقتضيات القانون 103.13 اﻟﻣﺗﻌﻟق ﺑمحاربة العنف ﺿد النساء.