الشيخ كمال الخطيب يكتب ..ربّنا يعاتب الحبيب وربّهم يحرّض تل أبيب
تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT
#سواليف
ربّنا يعاتب الحبيب وربّهم يحرّض تل أبيب
#الشيخ_كمال_الخطيب
منذ أن بعث الله تعالى رسوله محمدًا ﷺ برسالة #الإسلام فإنه كلّفه برسالة عالمية، وأنها لم تكن رسالة ولا دعوة ولا دينًا للعرب وحدهم، وإنما هي دعوة للناس كافة ورحمة لكل #عباد_الله سواء كانوا عربًا أو عجمًا، ولكل أرض الله شرقًا وغربًا، ولكل الألوان بيضًا وصفرًا وسودًا.
وفي وصف هذه المعاني قال الله تعالى في محكم التنزيل: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} آية 1 سورة الفرقان. {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ*وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} آية 87-88 سورة ص. {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} آية 28 سورة سبأ. {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا…} آية 158 سورة الأعراف. وفي ذلك قال رسول الله ﷺ: “وكان النبي يُبعث إلى قومه خاصة وبُعثت إلى الناس عامة”.
فأمة الإسلام و #المسلمون الذين آمنوا برسالة و #دعوة_محمد ﷺ مكلّفون من بعد رسول الله ﷺ بحمل ونقل وإيصال هذه الدعوة العالمية إلى #العالم كله وإلى الناس كافة، وليس لها أن تحتكر الخير والنور لنفسها، بل عليها بعد أن اهتدت بهدي الله ونوره أن تهدي الآخرين إليه، وبعد أن صلحت بالإيمان والعمل الصالح أن تصلح الأمم وتدعوها إلى الخير الذي أكرمها الله به {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ} آية 110 سورة آل عمران. {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} آية 104 سورة آل عمران.
الله يعاتب رسوله ﷺ
لقد بيّن الله سبحانه أن من أهداف الرسالات السماوية كافة ورسالة الإسلام خاصة، إقامة العدل بين الناس، فقد قال الله سبحانه: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} آية 25 سورة الحديد. {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} آية 58 سورة النساء. {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ} آية 8 سورة المائدة.
وإن من أعظم معاني العدل والقسط والإنسانية في إسلامنا العظيم، أن الله سبحانه وتعالى قد أنزل في القرآن الكريم تسع آيات متتاليات في سورة النساء، فيها يعاتب الله سبحانه الرسول ﷺ حين همّ أن يدافع وأن يحابي أحد أصحابه واسمه طعمة بن أبيرق كان قد سرق درعًا من جار له اسمه النعمان بن قتادة وخبأها عند جار له يهودي اسمه زيد بن السمين. فلمّا بحث أصحاب الدرع عنها وكان ظنهم بل يقينهم وبالأدلة، أن الذي سرق الدرع هو طعمة بن أبيرق، لكن الرجل حلف بالله أنه لم يأخذها وأشار إلى أن السارق هو اليهودي زيد بن السمين. فلمّا دخلوا على زيد وجدوها عنده لكنه قال بأن طعمة خبأها عنده ولم يكن يعلم أنها مسروقة وأنه لم يسرق، فسارع إخوة طعمة إلى رسول الله ﷺ وحدّثوه بما حصل وطلبوا منه أن يحاول ويدافع عن أخيهم وإلا افتضح أمره وبرئ اليهودي، فهمّ النبي ﷺ أن يدافع عن طعمة وأن يعاقب اليهودي، وإذا بوحي السماء ينزل ليظهر الحقيقة وليعاتب رسول الله ﷺ في تسع آيات في سورة النساء: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ۚ وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا*وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا*وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا*يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا*هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا*وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا*وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا*وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا*وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ ۖ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ ۚ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} آية 105-113 سورة النساء. أي وقع أعظم من أن يقول الله لرسوله وحبيبه ومصطفاه: {وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} أي مدافعًا عنهم، وأن يقول له: {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ}، وأن يقول له: {وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}. إنه قد بين سبحانه أن السارق ليس اليهودي وأنه بريء. إنه قرآن يتلى، وإنه كتاب الله الخالد يحكي قصة عظمة هذا الدين وعظمة رسالته، ثم قال بعدها ﷺ: “ألا إنما أنا بشر وإنما أقضي بنحو ما أسمع. ولعلّ أحدكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له، فمن قضيتُ له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو ليذرها”.
كيف تعامل الإسلام مع مخالفيه
لقد تميزت رسالة الإسلام في تربية أبنائها على حسن المعاشرة ولطف المعاملة ورعاية الجوار والرحمة والإحسان والعدل. هذه السلوكيات التي يحتاجها الإنسان في حياته اليومية. إن الإسلام دين الرحمة يربي أبناءه للعمل والتخلق بهذه الأخلاق حتى مع مخالفيه ولو كانوا على غير دين الإسلام.
️فها هو القرآن الذي أنزل على محمد ﷺ يوصي المسلم أن يحسن إلى والديه حتى لو كانوا كافرين ويريدان أن يخرجاه من الإسلام، كما قال الله سبحانه: {وَوَصَّيْنَا ٱلْإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُۥ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍۢ وَفِصَٰلُهُۥ فِى عَامَيْنِ أَنِ ٱشْكُرْ لِى وَلِوَٰلِدَيْكَ إِلَىَّ ٱلْمَصِيرُ* وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لكَ بِهِۦ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِى ٱلدُّنْيَا مَعْرُوفًا} آية 14-15 سورة لقمان. إنه سبحانه يوصي المسلم بوالديه ويذكّره بتعب أمه التي حملته في أحشائها وأرضعته حتى الفطام، ثم يقول له بوجوب شكرهما ومصاحبتهما بالمعروف. هذه الآية نزلت في سعد بن أبي وقاص الذي حلفت أمه لما أسلم ألا تأكل طعامًا ولا تشرب شرابًا حتى يكفر بدين محمد، وكانت تعلم أنه كان يحبها ويجلّها وأنه حتمًا سيطيعها، لكن جوابه كان: “والله يا أمي لو كان لك مئة نفس فخرجت نفسًا نفسًا ما تركت دين محمد ﷺ”.
وها هو الإسلام يوصي ويربي أبناءه بالإحسان والقسط مع الأعداء من غير المسلمين ما داموا لم يقاتلوا المسلمين ولم يحاربوهم {لَّا يَنْهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَٰتِلُوكُمْ فِى ٱلدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوٓاْ إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ} آية 8 سورة الممتحنة. إنه البر والقسط والإحسان مع أنه غير مسلم، وقد يكون من أهل الكتاب. بينما غيرنا يقولون إنه ليس في قطاع غزة أبرياء، بل إنهم كلهم حيوانات بشرية.
وها هو الإسلام يربي أبناءه بالإحسان إلى الأسير المشرك الذي جاء لقتال المسلمين وسفك دمهم ولكنه وقع في الأسر، فإن له حقوقًا ليس للمسلم أن يتجاوزها {وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} آية 8 سورة الإنسان. لا كما يفعل غيرنا بإهانة الأسير وإذلاله وتعريته وتجويعه والتبول على رأسه وإجباره أن يمشي على أربع وقد رُبط الحبل على رقبته ويُجرّ كما تجرّ البهائم.
وها هو نبي الإسلام ﷺ وبعد أن فعل به قومه ما فعلوا وآذوه وشتموه واتهموه بالسحر والجنون ثم أرادوا قتله قبل أن يهاجر ﷺ، فكان أن دعى الله على قريش قائلًا: “اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف” أي سنوات وقحط ومحل وجدب، فاستجاب الله دعوة رسوله ﷺ فكان القحط والشدة التي لم تمر بها مكة من قبل حتى أن ألم الجوع وأكل جيف الحيوانات والخوف من الهلاك والفناء، قد أذلّ رقابهم خلال بضعة أشهر، فكيف إذا امتد القحط بسبع سنوات كما دعا عليهم رسول الله ﷺ. فأرسلوا أبا سفيان مندوبًا عنهم إلى رسول الله في المدينة لأن أبا سفيان من عائلة رسول الله ﷺ الكبرى “بني عبد مناف”، وكان صاحب كياسة ولباقة، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: “فآتاه أبو سفيان، فقال: يا محمد إنك جئت تأمر بطاعة الله بالرحم، وإن قومك قد هلكوا فادع الله لهم”. وكان الحوار طويلًا بين رسول الله ﷺ وبين أبي سفيان لكنه انتهى بصاحب القلب الكبير ورحمة الله للعالمين أن رق قلبه كما قال ابن مسعود: “فدعا رسول الله ﷺ فسقوا الغيث فأطبقت عليهم سبعًا أي سبعة أيام ممطرة حتى شكا الناس من كثرة المطر”. فليس أن هؤلاء يخالفونه الرأي فقط وإنما هم كفار قريش بكل ما أساؤوا به إلى رسول الله ﷺ، ولكنه ومع ذلك فلم ينس الرحم ولا الرحمة عاملهم بها وهم الذين أخرجوه من بلده وبيته.
وإنها عظمة الإسلام تجلت في أن رسول الله ﷺ كان يحسن إلى أهل الكتاب وخاصة اليهود في المدينة، فكان يزورهم ويكرمهم ويحسن إليهم ويزور مرضاهم إلى أن كان الذي كان منهم من نقض العهد ونكران الجميل والإساءة، فكان قرار إجلائهم من مدينة رسول الله ﷺ، وتجلّت عظمة الإسلام مع المخالفين له في الرأي حين قدم إليه وفد نصارى نجران إلى المدينة فدخلوا عليه في مسجده حين صلّى العصر وقد حان وقت صلاتهم، فقاموا في مسجد رسول الله ﷺ يصلّون، فأراد بعض المسلمين أن يعترضوهم فقال رسول الله ﷺ: دعوهم. فصلّوا إلى الشرق.
خط مفتوح بين تل أبيب وواشنطن وبين الله جل جلاله
فإذا كان هذا هدي الإسلام دين الإنسانية والعالمية في تعامله ليس فقط مع اليهود والنصارى بما هم عليه، وإنما تجاوز ذلك لتعامله بالإحسان حتى مع الكفار، فكيف يا ترى نفسّر وفي أي قالب يمكن أن نضع من يعلنون الحرب على ديننا ويحرقون قرآننا في الساحات العامة، ويرسمون الرسوم الساخرة لنبينا؟ وكيف لمن يعلنونها اليوم علينا حربًا دينية مما نراه ورأيناه من استشهاد نتنياهو بآيات التوراة من سفر إشعيا وحديثه عن “العماليق” الفلسطينيين القدماء، ووجوب حربهم وقتلهم وإبادتهم “זכור את אשר עשה לך עמלק בדרך בצאתכם ממצרים”. “תמחה את זכר עמלק מתחת השמיים” أي لا تنس ما فعل بكم العماليق الفلسطينيون عند خروجكم من مصر، امحوا ذكر العماليق حتى لا يبقى لهم ذكر تحت السماء. ليسانده في ذلك عضو مجلس الشيوخ الأمريكي ليندسي غراهام مع بدء الحرب على غزه قائلًا: “نحن في حرب دينية، أنا مع إسرائيل، قوموا بتسوية الأرض في غزة” أي امسحوها مسحًا فلا يبقى لغزة وأهلها أثر.
إن هذا الدعم اللامحدود والذي يفوق الخيال من الإدارة الأمريكية لإسرائيل، فإنه يأتي في سياق ديني حيث أنه وفي تقرير موسع لصحيفة هآرتس العبرية يوم 5/1/2024 تبين كيف أن نشوة أصابت الإنجيليين الأصوليين في أمريكا لما حصل في 7 أكتوبر حيث اعتبروا هذا مقدمة لحروب لن تنتهي إلا بعودة المسيح المخلص. حتى أن هؤلاء الإنجيليين يموّلون الهجرة إلى إسرائيل ويموّلون الاستيطان في الضفة وغزة لأنه ضمان لبقاء إسرائيل التي سينزل فيها المسيح.
إن الهوس الديني الأمريكي الذي يقف وراء هذا الدعم بالمال والسلاح الذي قتل ثلاثين ألفًا من أبناء شعبنا في غزة، قد وصل إلى حد أن يقول رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون: “إنّ هناك خطًا مفتوحًا بين مكتب رئيس الكونجرس -يقصد شخصه- وبين مقرّ وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب -הקריה- وبين الله”. وقال في جملة أخرى: “أنا لا أريد أن أخيفكم، ولكن الله قال لي بشكل صريح يجب أن تستعدوا”.
أي مقارنة يمكن أن تكون بين دين الله يعاتب فيه رسوله ﷺ في آيات قرآنه لأنه حابى مسلمًا على حساب يهودي وقال له” استغفر الله”، وبين من يرفضون ولا يقبلون أن ينتقدهم أحد، ولا أن يعاتبهم أحد، ولا أن يحاسبهم أحد بما يفعلونه بأبناء شعبنا في غزة. إنهم لم يحتملوا أن يحاكموا وأن يحاسبوا أمام محكمة العدل الدولية، ولكنهم شاءوا أم أبوا فإنهم سيحاكمون أمام محكمة العدل الإلهية، وهناك سيتبرأ منهم موسى وعيسى عليهما السلام من أفعال فعلوها باسمهما وهما من أفعالهم براء.
فأن يصل الهوس وجنون العظمة بهؤلاء إلى أن يعتبروا أن سلوكهم وتصرفاتهم بل وجرائمهم هي بوحي إلهي، وأن توقيعًا ربانيًا يصدّق جرائمهم، فإن هذا معناه أن هؤلاء إنما يتقربون إلى إلٰههم بقتل وسفك ودماء أبناء شعبنا.
إننا نعبد الإله الذي قال لأحب الخلق إليه: {وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا*وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ}. ولا نعبد بل ونكفر بالإله الذي قال: “امسحوا غزة مسحًا فلا تبقوا لها أثرًا، واقتلوا العماليق الفلسطينيين حتى لا يبقى لهم تحت السماء ذكر لأنهم حيوانات بشرية”.
إننا نعبد الإله الذي أنزل وحيًا يوقف حبيبه ﷺ فلا يتجاوز في ظلم وقع على يهودي. ولا نعبد بل ونكفر بالإله الذي لم يشبع بعد قتل ثلاثين ألف طفل وامرأة وشيخ من المسلمين، وما يزال يقول هل من مزيد؟
إننا نعبد الإله والرب الذي يعاتب الحبيب، ونكفر بالإله الذي يجامل ويداهن ويحرض تل أبيب.
إرفع رأسك فأنت مسلم.
نحن إلى الفرج أقرب فأبشروا.
رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف الشيخ كمال الخطيب الإسلام عباد الله المسلمون دعوة محمد العالم رسول الله ﷺ سورة النساء الله سبحانه تل أبیب أن یقول ن الله
إقرأ أيضاً:
أنا له يا رسول الله.. تتكرّر للمرة الثانية
منصور البكالي
من أي مكان في هذا العالم الفسيح، ومن أية جهة دينية أَو ثقافية، أَو مذهبية، وبأية لغة كنت تتحدث، إذَا ما استمعت لخطابات السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي “يحفظه الله”، تجد فيها إجابات سليمة على الأسئلة التي تدور في ذهنك عن الأنبياء والرسل والقادة الأعلام في كُـلّ زمان ومكان، وكيف كانوا يتعاملون مع طواغيت عصرهم وأزمنتهم، وكيف استطاعوا تغيير واقع الأمم والحضارات، رغم محدودية المكانيات والقدرات!، وكيف حافظوا على الكثير من نواميس وقيم المجتمع البشري التي وصلت إلينا اليوم؟ وكيف انتصروا للمستضعفين آنذاك؟، وأنقذوا أقوامهم من شرار الخلق الذين ادعى البعض منهم الربوبية لنفسه! والقدرة على كُـلّ شيء، وامتلكوا الكثير من أساليب القوة المفرطة والبطش والإجرام، كفرعون، ومن سبقه، ومن لحق به من قتلة الأنبياء، المظلين والمتجبرين، كما هو شر وهيمنة الإمبريالية العالمية بقيادة رأس الشر أمريكا وإسرائيل اليوم.
وأمام آخر الأحداث التي هيمنت على الساحة العالمية اليوم، والرأي العام العالمي، كحديث ومزاعم الرئيس الأمريكي المعتوه ترامب، ووحشية الإدارة الأمريكية والصهيونية العالمية ومخطّطاتها في السيطرة على الأُمَّــة العربية والإسلامية، والبداية من إبادة الشعب الفلسطيني، وتهجيره، والخطاب المتعالي على الأنظمة والشعوب العربية، ومصادرة حقوقها وقدراتها وسيادتها الوطنية على أراضيها ومقدساتها، ونهب ثوراتها، واحتلال أراضيها.. يبرز إلى الواجهة شخص واحد بشعبه وجيشه، للرد على ذلك، بأفعال وأقوال جدية لا تخضع للمقاييس والمعايير السياسية ومعادلاتها المعقدة، بل تتغلب عليها وتصنع معادلات ومتغيرات جديدة، تعجز أمامها كُـلّ الحسابات ومراكز الدراسات والأبحاث، وكأن هناك طاقة غيبية تتدخل في الأمر وتفاصيله الدقيقة، وأقرب ما يمكن وصفها بالمعجزات الخارقة، أَو المعادلات الصفرية.
فعلى مستوى سردية الخطاب الديني والعقائد الدينية، وكل ما ورد في صحاح الكتب السماوية قبل تزييفها، باستثناء القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تجد في شخص السيد القائد من يمثل نقطة إجماع عن القائد الرباني، القادر على تغيير واقع البشرية، وإفشال مخطّطات ومساعي الماسونية الشيطانية العالمية التي تحَرّك الطواغيت والمجرمين لتمثيلها في عالم اليوم، وتمنحهم كُـلّ وسائل التأثير والنفوذ العسكرية والاقتصادية والإعلامية، إلا أن المتأمل الدقيق، يلمس ضعفها وهزيمتها وتراجعها، وانكشافها ووهنها، أمام هذا القائد العظيم الذي يبين ويشرح في خطاباته المتتالية كُـلّ ما ينفع البشرية، هنا في الدنيا وفي الآخرة أَيْـضاً، ولا يمكن للعالم أجمع أن يجد بديلاً عنه، أَو مشابهاً له لمواجهة أُولئك، وإنقاذ البشرية من خبثهم وإجرامهم الذي انتهك وخالف كُـلّ القوانين والمعاهدات الإنسانية والحقوقية الدولية المجمع عليها.
وإذا ما حاولنا الوقوف مع عنصر الزمن القريب وإذابة مراحله التاريخية، في فكر الأُمَّــة العربية والإسلامية منذ ما قبل 1400 عام هجرية، سيعود إلى ذاكرتنا، ونحن نقف أماما شاشات التلفزيون، والهواتف الذكية، وهي تبث خطاباته، موقف الإمام علي -عليه السلام- يوم غزوة الخندق وهو يرد على عمرو بن ود العامري، حين تخاذل وصمت وخنع كُـلّ من كان بجوار رسول الله، ولن يقف غير علي قائلاً ثلاث مرات “أنا له يا رسول الله”، وكأن الله اصطفى هذه المواقف، واختارها برعاية ليربط الأُمَّــة بمن هم أعلام هدى، لا دعاة مناصب وسلطة ونفوذ، وشد الأُمَّــة إليهم وإلى مواقفهم الشجاعة المليئة بالثقة بالله والإيمان بوعده.
كما خبر العالم أجمع محطات ومواقف عدة عن هذا القائد الفذ منذ الحروب الأولى على محافظة صعدة، وخلال 9 أعوام من العدوان السعوديّ الأمريكي، على اليمن، وموقفه الأخير المساند للشعب الفلسطيني، الذي أدهش العالم، بجرأته وشجاعته، وإيمانه وثقته المطلقة بنصر الله، وما حقّقه من انتصار على أكبر إمبراطوريات العصر، في ميدان المواجهة العسكرية البحرية والجوية.
هذه المحطات والمواقف المهمة التي سطرها هذا القائد العظيم، تنبئ عن شخصية قيادية تقدم للعالم أجمع مشروعاً سماوياً صافياً، يلبي ما يحتاج له المجتمع البشري، وينقذه من مستنقع قوى الشر والإجرام في هذه العالم، ويحظى اليوم بإعجاب الكثير من أحراره المفكرين والسياسيين والباحثين والدارسين، والمتابعين لمجريات الأحداث، قبل حملته الشرفاء من أبناء شعب الإيمان والحكمة الذين خصهم الله بهذا الشرف العظيم مجدّدًا.
كما أن هذه المرحلة رغم خطورتها وحساسيتها الشديدة، تؤسس لبروز نقطة تحول تاريخية، فارقة في إعادة رسم وتشكيل المنطقة، وتغيير وجه العالم كخطوة أولى، ومستقبل المجتمع البشري، كخطوة ثانية، تستوجب على كُـلّ أحرار العالم، بمختلف توجّـهاتهم ومشاربهم الدينية أن ينهضوا بمسؤولياتهم المساندة لقيادة دفة التغيير على مختلف الأصعدة، وكبح جماح قوى الشر والظلم التي هي أضعف من بيت العنكبوت هذه الفترة، حين قوبلت بمن يتصدى لها، وفق مشروع سماوي، إنساني أخلاقي، قيمي، مبدئي بالدرجة الأولى، لا مصالح دنيوية سياسية أَو أيَّا كان نوعها، ينطلق؛ مِن أجلِ الحصول عليها.
وأمام هذا القائد واهتماماته ومشروعه المتصدر للمشهد العالمي، والمثير للجدل في الأوساط المعادية، يلحظ العالم تراجع وتقهقر قوى الاستكبار، وصراخها من حجم الخطر الذي يشكله اليمن اليوم عليها، وعلى مستقبل هيمنتها، واعترافها بذلك علناً، وما تصريحات ترامب والتسريع في تنفيذ المزاعم التوراتية حسب وصفهم، لتنفيذ دولة إسرائيل الكبرى، سوى محاولات لإحراق مراحل تاريخية كانت مؤجلة، وفق مخطّطاتهم التوسعية، خشية من نفوذ وتمدد المشروع القرآني وظهوره، وزيادة مريديه من أبناء الأُمَّــة وشعوبها، وهو الذي يشكل خطراً وجوديًّا بالفعل على كُـلّ ما دونه من المشاريع ذات المعتقدات الزائفة، ومع ذلك تقود الدراسات والاستبيانات الإعلامية إلى أن المشروع اليمني ومواقفه وأثرها، تتوسع وتنتشر بسرعة عالية لا يمكن للترسانات الإعلامية والدعائية والأجهزة الاستخباراتية المضللة، مواجهتها والتصدي لها، والتأثير عليها محدود جِـدًّا في وعي الجماهير.
فها هو عمرو بن ود العامري يبحث عمن يبارزه؛ وإن كان ترامب الصهيوني في مقام التشبيه، أقل شأناً وشرفاً ونسباً من ذلك الفارس العربي المشهود له، وها هو علي بن أبي طالب اليوم متجسداً في حفيده وحفيد رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، السيد المجاهد عبد الملك بدر الدين الحوثي الحسني العلوي، الفاطمي المحمدي، الهاشمي نسباً، يردّدها منذ عقدين أنا له يا رسول الله، وها هو الميدان والنزال يبدأ، وجيشي الحق والباطل، والشر والخير يتواجهان، والعالم يترقب مصرع الأول وفوز الأخير، وحسم المعركة، وزوال دولة الطغيان مرة أُخرى، وصمت المرجفين والمنافقين في المدينة، والتاريخ يشهد، ودون يا قلم.